الحلقة 5:
مما لا شك فيه أن رحمة الله تبارك وتعالى الواسعة هي من أسباب توبة بعض
العصاة ورجوعهم إلى الله تبارك وتعالى وهي من آثار رحمة الله تبارك وتعالى
في خلقه وفي كونه. إذا نظرنا إلى العصاة والتائبين نجد أن الرحمة هي سبب توبة هؤلاء وسبب قبول توبة هؤلاء بمعنى أن العاصي يعصي الله تبارك وتعالى
ويرتكب السيئة، فمن الذي يهديه إلى التوبة ويوجهه إليها؟ فجأة يفيق بعض العصاة ويعود إلى الحق ويرجع إلى الله تعالى ويستغفر ثم يتوب إلى الله تبارك
وتعالى. هنا نجد أن الرحمة التي هي من أخص خصائص هذا الإله الحق هي التي تهدي العصاة إلى التوبة وهي التي تجعل توبتهم مقبولة عند الله تبارك وتعالى. هذه القضية يجب أن نفهمها بعمق. كيف يعود العاصي إلى الله تبارك
وتعالى؟ يعود برحمة الله تعالى. ولماذا تقبل توبته؟ لأن الله تبارك وتعالى شرّع التوبة. ولكون سبحانه وتعالى يشرّع التوبة التي هي من أخص خصائص الرحمة لله عز وجل.
نعود إلى أول معصية ساعة عصى آدم ربه سبحانه وتعالى وما استطاع أن يتوب وما عرف أن يرجع إلى الله إلى أن هداه الله عز وجل برحمته (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم). إذن الواحد منا يستطيع أن يعصي لكنه لا يعرف أن يتوب إلا بفضل الله تبارك وتعالى. هذا المعنى في آدم يتحقق في كل أبناء آدم ومثال ذلك الثلاثة الذين خُلِفوا (ثم تاب عليهم ليتوبوا). (تاب
عليهم) أي هداهم للتوبة و(ليتوبوا) أي يعلنوها فيتقبلها الله تبارك وتعالى. عندما نعصي الله تبارك وتعالى يغيب عنا حقيقته سبحانه ويُنسينا الشيطان الخوف من الله تبارك وتعالى ويبعدنا عن معرفة الله تعالى لأنه من عرف الله خافه ومن
خافه امتثل أوامره ومن امتثل أوامره اجتنب نواهيه. فإذا هدانا الله تبارك وتعالى برحمته إليه عدنا إلى الله تعالى واستغفرنا ثم تبنا. يهيدينا سبحانه برحمته إلى التوبة (ثم تاب عليهم ليتوبوا) يتقبل الله تعالى هذه التوبة.
من رحمة الله تبارك وتعالى أن يهدي العصاة للتوبة ومن رحمته أن يتقبل توبتهم ويديمهم عليها لأن القضية ليست فقط في مسألة التوبة وإنما في مواصلة التوبة.
إسمع بتدبر هذه الآية
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ 32 الروم ) وهي حالة يجب أن يكون عليها التائب وهي حالة التوبة والإنابة إلى الله تبارك وتعالى باعترافك بالذنب وإقرارك بالمعصية ثم تتوب إليه بإعلان التوبة: أستغفر الله العظيم تبت إلى الله ورجعت إلى الله
وندمت على ما فعلت وعزمت عزماً أكيداً صادقاً أن لا أعصي الله إن شاء الله آمنت بالله العظيم وكفرت بالجبت والطاغوت واستمسكت بالعروة الوثقى لا انفصام لها الله ربي والإسلام ديني ومحمد r نبيي ورسولي وشفيعي. أنت تبت وعليك أن تبقى على هذه التوبة وفي حالة الإنابة وتتقي الله تبارك وتعالى وتقيم الصلاة حتى تداوم على هذه الحالة، حالة الرجوع إليه. أسأله تعالى أن يرحمنا بأن يجنبنا المعاصي وأن يرحمنا بأن يهدينا إلى التوبة وأن يرحمنا بأن نداوم على هذه التوبة.
يتبـــــــــــــــــــــــــع.............