منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - دور البنوك الإسلامية في التنمية الاقتصادية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2007-10-07, 20:39   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
عزالدين
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عزالدين
 

 

 
إحصائية العضو










Hot News1 تـــــــــــــــــــــابـــــــــــــع

أما بالنسبة للمؤسسة المصرفية الإسلامية فإن آلية المشاركة التي تعمل بها تعني أنها ليست مؤسسة وسيطة بين المدخرين كفريق مستقل، والمستثمرين كفريق آخر، كما هو الحال في البنوك التجارية، وإنما هي مؤسسة وسيطة بين أصحاب المدخرات الذين يريدون استثمار أموالهم بالمشاركة ورجال الأعمال الذين يريدون تمويلا لمشروعاتهم الاستثمارية على هذا الأساس. وبينما ينتظر المدخرون من البنوك التجارية "فائدة على أموالهم فإن المدخرين المستثمرين ينتظرون عائدا على أموالهم نتيجة استثمارها. والعائد على الاستثمار "ربح" يتحدد مقداره تبعا لنجاح المشروع الاستثماري، ومن ثم فهو دخل يرتبط ارتباطا مباشرا بالنشاط الإنتاجي، وهناك بالطبع احتمالات تحيط بهذا العائد؛ فقد يكون منخفضا وقد يكون مرتفعا، ومن المنطقي أن أي شخص يريد استثمار مدخراته سوف يجد حافزا أكبر كلما توقع ربحا أكبر، وهذا أمر لا يتحقق في إطار نظام الفائدة حيث إن هناك قيودا عديدة على ارتفاع سعر الفائدة في السوق المصرفية.. قيودا يضعها البنك المركزي لأهداف اقتصادية كلية وقيودا أخرى تمارسها البنوك نفسها لأغراض السياسات الائتمانية والمقدرة الوفائية Solvency ، ومن هنا فإن معدلات الربحية في إطار آليات المشاركة تتغير بمرونة أكبر بكثير من أسعار الفائدة في إطار آليات التمويل بالدين، ومن ثم فإنها أكثر قدرة على جذب المدخرات لأغراض الاستثمار.

وتجد هذه الفرضية تأكيدا منطقيا على سلامتها في إطار النظرية الكلاسيكية التي كانت تؤكد على أن الأرباح المحققة (أو معدلات الربح) هي التي تنمي الادخار لأجل الاستثمار. ونلاحظ أن هذه النظرية الكلاسيكية وقعت في طي الإهمال زمنًا بسبب النظرية النيوكلاسيكية التي أدخلت اعتبارات سعر الفائدة في عملية الادخار ثم النظرية الكينزية التي اعتبرت أن المدخرين يمثلون فريقا مستقلا تماما عن المستثمرين، وأن سلوكهم الادخاري لا يتأثر بتغيرات سعر الفائدة، بينما يتأثر المستثمرون بهذه التغيرات.

ولكن تجارب البلدان النامية ما تزال تؤيد وجود الشخصية المتكاملة "للمدخر/ المستثمر"، كما أن آليات المشاركة لا بد أن تعمل على تأكيد وجود هذه الشخصية التي كلما استطعنا تنميتها بطريق الممارسات الصحيحة، أمكن لنا تنمية المدخرات لأغراض الاستثمار على نحو أفضل بكثير وأكثر فاعلية مما هو قائم في إطار نظام الفائدة.

ولقد أثبتت التجارب الحديثة المصرفية في العالم الغربي أن نظم التمويل التي تعتمد على المال المخاطر أصبحت تلقى رواجا أكثر من النظم المقيدة بسعر الفائدة، كما أثبتت تجارب الأسواق المالية في بلدان العالم المختلفة أن الشركات المساهمة الناجحة بمؤشرات الربحية الموزعة تتمكن عن طريق إصدار الأسهم من جذب ما تريد من مدخرات الأفراد لتغطية احتياطاتها، وفيما كتب عن البنوك الإسلامية سنجد أن أحد وسائل جمع المدخرات لأجل الاستثمار يتمثل في إصدار شهادات إيداع يتم تداولها في أسواق الأوراق المالية، وتحصل في نهاية كل عام على نصيب مما يتحقق من أرباح نتيجة استثمار أرصدتها في أنشطة إنتاجية حقيقية؛ فهل تملك البنوك التي تعمل بالفائدة هذه المقدرة؟ وبالإضافة إلى ما سبق فقد أثبتت التجربة الفعلية للبنوك الإسلامية اهتمامها وقدرتها على تعبئة المدخرات الصغيرة جدا، بالمقارنة بالبنوك التجارية.

بالنسبة للفرض الثاني (رقم 2):

فإنه يحتاج أيضا إلى شرح لإثبات الضرورة الاقتصادية للبنك الإسلامي. فالشائع والمتوهم بين الناس أن نظام الفائدة يعمل كمصفاة تستبعد المشروعات الأقل كفاءة وتستبقي فقط تلك المشروعات الأعلى عائدا، وهي الأكثر قدرة على دفع الفائدة المطلوبة منها، ومن ثم فإنها تحصل على النصيب الأكبر من قروض البنوك، ويليها المشروعات الأقل عائدا. أما المشروعات ذات العائد المنخفض التي يقل مستوى العائد فيها عن سعر الفائدة، فإنها لن تحصل على شيء من البنوك، والجزء الأخير فقط من هذه المقولة هو الصحيح وفقا لنظرية الكفاءة الحدية للاستثمار، فحينما ينخفض معدل العائد المتوقع على مدى عمر المشروع الاستثماري عن سعر الفائدة السائد يصبح الاقتراض من البنك أمرا غير مرغوب فيه على الإطلاق أو مغامرة فاشلة من بدايتها.

لكن هل صحيح أن المشروعات "الأعلى عائدا" تحصل على أكبر قدر من التمويل المصرفي القائم على الفائدة، وتليها المشروعات الأقل عائدا؟ من الجهة النظرية فإن وجود سعر فائدة سائد في السوق المصرفية يعني أن جميع المشروعات التي تتوقع عائدا فوق هذا السعر ستكون "راغبة" في الاقتراض، وأن المشروعات التي تتوقع عوائد مرتفعة نسبيا قد تكون فعلا "أكثر رغبة في الاقتراض"؛ لأن العائد الصافي المتوقع لديها بعد دفع الفاتورة المستحقة للبنك سيكون أعلى من غيرها، ولكن الأمر ليس أبدا بهذه البساطة، سواء من الناحية النظرية أو الواقعية؛ ذلك لأن الحصول على الائتمان المصرفي لا يتحدد فقط برغبة willingness المشروعات، وإنما أيضا بالقدرة Ability على ذلك..

أما من جهة الرغبة فهناك عوامل تلعب دورها، بغض النظر عن المقارنة بين الكفاءة الحدية للاستثمار وسعر الفائدة، كما بينت الدراسات الاقتصادية، منها مدى رغبة المشروع في التوسع من عدمه، الأمر الذي يتوقف على أهداف المشروع من جهة، والمناخ الاقتصادي العام من جهة أخرى، ومنها وجود مصادر تمويلية بديلة أقل تكلفة أو أقل مخاطرة من الائتمان المصرفي، مثل التمويل الذاتي من الاحتياطيات أو التمويل بالمشاركة عن طريق سوق الأوراق المالية .. لذلك ليس من الضروري أبدا أن تكون المشروعات الأعلى عائدا أكثر رغبة في الاقتراض بالفائدة من البنوك.

أما من جهة القدرةABILITY على الحصول على الائتمان المصرفي فإن المشروعات الأعلى عائدا قد تكون أقل قدرة في الحصول على الائتمان المصرفي إذا كانت ناشئة ولم تكون لنفسها سمعة أو مركزا ماليا قويا، أو إذا كانت صغيرة والبنوك لا ترحب بإقراضها، أو إذا كان هامش المخاطرة مرتفعًا في أعمالها، والبنوك تبتعد بمواردها عن مثل هذه الأعمال قدر الإمكان حتى إن كانت ذات أهمية خاصة للاقتصاد.

والحقيقة أن البنوك التجارية في ظل نظام الفائدة تتخير عملاءها أولاً، وفقا لمعيار الملاءة المالية CREDIT WORTHINESS لأنها تريد أن تضمن استرداد قروضها بالإضافة إلى الفائدة .. هذا هو جوهر النظام الربوي منذ قديم الزمان. ومن ثم فالبنوك التي تعمل بالفائدة لا تعبأ في المقام الأول بمن يحقق العوائد الأعلى أو العوائد الأقل من استثماراته بين من يلجأ إلى الاقتراض منها..

إن البنك الإسلامي من حيث المبدأ يستطيع أن يحقق ما لم يستطعه البنك الربوي؛ لأنه ببساطة لن يعتمد على قاعدة الملاءة المالية في توزيع موارده النقدية على مشروعات تريد قروضا لتردها بالإضافة إلى فائدتها .. إن البنك الإسلامي يشارك فيما يتحقق من ربح، ومن ثم فإنه لأجل تعظيم أرباحه الحلال لا بد أن يعطي تفضيلا في عمليات التمويل للمشروعات الأعلى عائدا فالتي تليها .. ومن ثم فإن آلية المشاركة من حيث المبدأ تختلف عن آلية سعر الفائدة الجاري في السوق المصرفية في القدرة على توزيع الموارد النقدية تبعا لمعدلات العوائد المتوقعة، وتعتمد هذه النتيجة على الممارسات الكفء لعمليات المشاركة، فكلما ارتبطت هذه العمليات بالمعدلات المتوقعة للأرباح، مقدرةً على أسس سليمة مع أخذ عنصر المخاطرة في الحسبان: أصبحت أكثر كفاءة، واقترب استخدام الموارد النقدية المخصصة للاستثمار في المجتمع إلى وضع الاستخدام الأمثل لها.

إن البنك الإسلامي لن يمتنع عن تمويل مشروع ناشئ أو مشروع صغير إذا تبين من دراسته له أحقيته في التمويل على أساس إنتاجيته وكفاءة القائمين عليه، وذلك على عكس البنك الربوي.

ولا شك أن البنك الإسلامي (وفقا لتعريفه في وضعه الأمثل، وفي ظل ظروف اقتصاد إسلامي) قد يوجه من قبل البنك المركزي لتمويل مشروعات ذات عوائد منخفضة نسبيا لأسباب اجتماعية ...

وقد يقال: إن في هذا انحرافًا عن هدف أفضل توزيع ممكن للموارد التمويلية المتاحة لدى جهاز مصرفي إسلامي، ولكن هذا ليس صحيحا في إطار اعتبارات الربح الاجتماعي (SOCIAL PROFIT) التي يجب أن تؤخذ في الحسبان بدلا من الربح الخاص (PRIVATE PROFIT) كلما كان ذلك ضروريا وفقا للمنهج الإسلامي في أولويات الاستثمار.

الواقع أن النظام المصرفي باعتماده على آلية سعر الفائدة لم ولن ينجح في توجيه الموارد إلى الاستخدامات الأكثر إنتاجية في البلدان النامية.

وقد يعتقد البعض أن إدارة سعر الفائدة يمكن أن تؤدي إلى نتائج أفضل بالنسبة لقدرة الجهاز المصرفي الربوي على توزيع الائتمان على أفضل الاستخدامات الممكنة. لكن على العكس، لقد أدت السياسة الاقتصادية الكلية (MACRO ECONOMICS SCHOOL) التي عمدت إلى إدارة سعر الفائدة إلى نتائج أسوأ، والسبب في ذلك أن سعر الفائدة له دائما آثار متضاربة على الاقتصاد القومي والنشاط المصرفي، ومن ثم لا يمكن تحريكه بمرونة لأعلى أو لأسفل لأغراض توزيع الائتمان المصرفي على نحو أفضل.

فالبنك المركزي كما هو معروف مقيد في تحريكه لسعر الفائدة بأوضاع الدين العام الداخلي وميزان المدفوعات، وهو الأمر الذي يضع قيدا على تغييرات سعر الفائدة لأغراض توزيع الائتمان المصرفي، وحتى بالنسبة للأغراض المصرفية نجد أن سعر الفائدة سلاح ذو حدين، فإذا تم رفعه لأجل تنمية الودائع أدى هذا من الجهة الأخرى إلى آثار غير ملائمة لمن يقترضون للاستثمار؛ فالبنوك لا بد أن تغطي بطريقة أو بأخرى فوائدها التي يستحقها المودعون بفوائدها الدائنة التي تحصل عليها من المقترضين.

وتشير الدراسات الاقتصادية إلى أن سياسات سعر الفائدة خلال الستينيات والسبعينيات والثمانينيات أدت إلى مزيد من التحيز في توزيع الائتمان المصرفي لصالح كبار العملاء (القروض الكبيرة) على حساب صغارهم، وإلى تفضيل شركات القطاع العام على شركات القطاع الخاص، كذلك ذكر أحد تقارير البنك الدولي أن إدارة أسعار الفائدة مع السياسات الائتمانية الانتقائية قد تخدم أغراضا معينة، ولكنها إجمالا كانت ذات تأثير سيئ، سواء على المدخرين أو المستثمرين (المقرضين والمقترضين) .. لقد أدت هذه السياسات إلى خفض كفاءة الاستثمار، إلى خفض المدخرات إلى حد المنع في البلدان ذات معدلات التضخم المرتفعة وإلى إساءة استخدام الموارد التمويلية.

إن آليات المشاركة لا تواجه كل هذه الصعوبات، ولا تؤدي إلى كل هذه المشكلات، ولكنها تستلزم شرطا أساسيا وهو أن يعود الناس إلى الحق الذي بينه الإسلام، ولا يطالبوا بعوائد عن رؤوس أموالهم بينما يرفضون تحمل مخاطرة استخدامها في النشاط الإنتاجي. إن العملاء الذين يودعون أموالهم لأجل الاستثمار بالمشاركة يستطيعون أن يحصلوا على عائد أكبر بالاتفاق مع من يقومون بتنفيذ المشروعات الاستثمارية من خلال البنك الإسلامي فليس هناك تناقضات مشابهة لنظام الفائدة، أما حينما تكون معدلات الأرباح المتوقعة منخفضة من بعض المشروعات، فإن أصحاب الودائع الاستثمارية يمكن أن يمتنعوا عن تمويل مثل هذه المشروعات، أو يقبلوا إن لم يكن لديهم بدائل أفضل من هذه المعدلات في أنشطة أخرى.

وهكذا فإن هناك تلقائية ودرجة عالية من المرونة في توزيع الموارد التمويلية من خلال المصرفية الإسلامية، وذلك بسبب الاعتماد على آليات المشاركة.

إن واقع البلدان الإسلامية كبلدان نامية يشير إلى أن اختلالات هيكلية شائعة في اقتصاداتها، فالموارد الاقتصادية موزعة بين الأنشطة الاقتصادية على نحو بعيد عن الواقع الأمثل بسبب الاختلالات الشائعة في آليات السوق والأسعار، وبسبب حصول كبار رجال الأعمال والأثرياء على معظم الموارد التمويلية لدى البنوك، وبسبب أنماط الاستهلاك غير الرشيدة ولا نتوقع أبدا لهذه الاختلالات أن تختفي من خلال أنظمة التمويل القائمة على نظام الفائدة. أما نظام التمويل بالمشاركة فيمكن أن يؤدي دورا مهما في هذا الصدد إذا أتيحت له الفرصة كاملة.

بالنسبة للفرض الثالث (رقم 3):

فإنه لا يخفى على أحد الأهمية المتزايدة التي أصبح التمويل المصرفي يحتلها من بين أنواع التمويل المختلفة، كما لا يخفى على أحد أن من يحصل على التمويل يحصل أيضا على فرصة لزيادة دخله، والعكس صحيح.. من هنا نستطيع تقدير التأثير الهائل الذي يمكن أن يحدثه التوزيع غير العادل للتمويل المصرفي على هيكل توزيع الدخل القومي في أي مجتمع. ولقد تبين من تجارب التمويل المصرفي أن كبار العملاء -سواء كانوا أثرياء أو شركات كبيرة- هم الذين يحصلون على النسبة العظمى من التمويل المصرفي، وهكذا تتاح لهم فرصة الحصول على الشريحة الكبرى من الدخل، فيزدادون ثراء وحجما في المجتمع فتزداد قدراتهم على الحصول على التمويل والدخل، وهكذا لو قلنا: إن كبار العملاء هم الأكثر كفاءة دائما لما كان هناك ضرر من حصولهم على النسبة الأكبر من الموارد التمويلية والشريحة الأكبر من الدخل، ولكن هذا القول لا يؤيده واقع ولا منطق نظري، وقد أشرنا فيما سبق إلى أن البنوك التي تعتمد على نظام الفائدة لا تقرض بالضرورة المشروعات الأكثر كفاءة والأعلى عائدا.

من الجهة الأخرى فإن نظام التمويل بالمشاركة كما ينبغي أن يمارس من خلال نظام مصرفي إسلامي لا يعتمد على الملاءة المالية لأصحاب المشروعات الاستثمارية، وإن جاز أخذ هذه في الاعتبار، وإنما يعتمد أساسا على جدوى المشروع الاقتصادي والثقة في جدية صاحبه وخبرته.

من هنا فإن المصرفية الإسلامية تفتح بابا جديدا للخروج من مأزق توزيع الموارد التمويلية المتاحة على أصحاب الملاءة المالية فقط، ومن ثم فهي تفتح الطريق أمام توزيع أفضل للدخل القومي، وهذا أمر في غاية الأهمية لعدالة التنمية الاقتصادية. نعم إن التنمية الاقتصادية قد تتحقق في بعض الحالات حينما تقاس بمعدلات نمو الدخل القومي أو بمتوسط الدخل للفرد. لكن حينما نأتي إلى التوزيع الفعلي للدخل القومي نجد أن متوسط الدخل الفردي لفئة كبيرة من السكان لم يرتفع، وربما قد انخفض وذلك بسبب سوء توزيع الدخل.

أما الفرض الرابع (رقم 4):

فقد ثبت أن نظام الفائدة يلعب دورا سيئا في تشجيع السلوك السلبي، ومن ثم في توزيع الدخل على نحو غير عادل بين الكسالى أو النائمين أو السلبيين من جهة، وأولئك الذين يعملون ويواجهون مخاطر ومتاعب النشاط الإنتاجي. لقد تسبب نظام الفائدة منذ إقراره بصفة قانونية في نهاية العصور الوسطى في أوربا في نمو أعداد تلك الفئة الخاملة من الناس التي تعيش على اكتساب دخل من تأجير نقودها دون أن تتكلف مشقة القيام بأعمال منتجة، وهكذا يتم توزيع دخل الأعمال الإنتاجية بشكل بعيد عن العدالة والكفاءة بين من يملكون فوائض نقدية، سواء من مدخرات أو من ثروات مورثة أو مكتسبة بطرق قانونية أو غير قانونية، ومن يعملون وينتجون ويسهمون في زيادة الثروات الحقيقية للمجتمع. هذا ما يرفضه الإسلام، وهذا ما يرفضه النظام المصرفي الإسلامي القائم على المشاركة.

إن البنك الإسلامي ضرورة ماسة لتصحيح الأوضاع، وقيام البنوك الإسلامية واعتمادها على المشاركة لا يعني فقط إسهاما ايجابيا في تحقيق عدالة توزيع الدخل بين من يملكون فوائض نقدية قابلة للاستثمار ومن يستثمرونها، وإنما أيضا في تنمية السلوك الإيجابي للأفراد الذي يلزم حتما لتنمية اقتصادية صحيحة؛ ذلك لأن المشاركة حينما تؤخذ بحقها تعني أن اثنين يفكران معا في القرار ويتحملان معا مسئوليته، وليس واحدا فقط هو الذي يفكر ويتحمل المسئولية. أو بعبارة أخرى إن آليات المشاركة تدفع الجميع للمساهمة في النشاط الاقتصادي، وذلك مقابل آليات النظام الربوي الذي يقبل الغياب الكامل أو النوم لنسبة من أبناء المجتمع، لا لشيء إلا لأنهم ادخروا أموالا أو ورثوا ثروة من الغير أو ربما اكتسبوها بطرق غير شرعية .. وفي أحد التقارير التي صدرت منذ أربعين عاما عن لجنة ملكية في بريطانيا ذكر أن زيادة نسبة عدد الشركاء النائمين sleeping partners يمثل أحد العوامل الخطيرة في الحد من النمو الاقتصادي.

خامسا: آليات التمويل المصرفي الإسلامي وضرورة تطويرها

أظهرت الممارسات العملية للبنوك الإسلامية كما تدل الدراسات والأبحاث التي اهتمت بها، سواء من المدافعين أو العارضين لها أن هذه البنوك تمكنت من اختراق أسوار النشاط المصرفي التقليدي، واستطاعت بآلياتها وأدواتها المستحدثة أن تدخل في دائرة هذا النشاط فئات من المدخرين وأصحاب المشروعات لم يكن لها نصيب فيه قبل ذلك، وهذه هي أولا فئة المدخرين الذين كانوا يرفضون التعامل بالفوائد، ولا يجدون مبررات لفتح حسابات بالبنوك التقليدية لذلك، خاصة إذا كانت مدخراتهم هذه متوسطة الحجم أو صغيرة.. لقد شجع قيام البنوك الإسلامية هذه الفئة التي لم تكن البنوك التقليدية تظن أن لها أهمية أو توليها اهتمامًا. ولا يستطيع أحد أن يماري في هذه الحقيقة أمام النمو المتزايد في الموارد المالية التي تتلقاها البنوك الإسلامية من هذه الفئة.

يتبـــــــــع..............










رد مع اقتباس