(1) مصطفى السيوفي ، تاريخ الأدب العربي الحديث ، ص 108 .
(2) ابراهيم خليل ، مدخل لدراسة الشعر العربي الحديث ، ص 303 ، 304 .
شعر الموت و الفناء :
إن موضوع الموت في الشعر الجديد لم يعد يحفل بالرثاء - القصيدة العربية في العصر الجاهلي- من حيث هو بكاء على الميت و تعداد لخصائله و شمائله الكريمة و صفاته الفاضلة ، و إنما أصبح الشاعر الجديد كالشاعر الغربي يتناول فكرة الموت مثلما يتناول فكرة الحب أو الحياة أو التشبث بالوطن و التعلق بالكرامة المنشودة .
فالسياب أثّر فيه موت أمّه صغيرا و ظلّ يذكر هذا في قصائده ، و لكنه لم يكتف بذكر الآخر و إنما واجه في شعره موته الذاتي إذ يقول :
إِنَّ مَا فِي قَبْرِي ، وَ أَنِّي
قَبْرُ مَا فِيَّ
مَوْتٌ يَمُدُّ الحَيَاة الحَزِينَة
أَمْ حَيَاةٌ تَمُدُ الرَدَى بِالدُمُوعِ . (1)
و في صورة المرض يصرخ مستعجلا موته مؤكد أنه بالرحيل يتخلص من عذابه و آلام جسده و أوجاع الروح :
مُنْطَرِحًا أَصِيحُ ، أَنْهَشُ الحِجَارَ
أُرِيدُ أَنْ أَمُوتَ يَا إِلَهِ .
و لنازك الملائكة قصائد كثيرة تعبّر عن موقفها من الموت و حساسيتها إزاءه ، و منها قصيدة ﴿ مرثية كامرأة لا قيمة لها ﴾ معبّرة عن شعورها بالألم إزاء امرأة لم يشكّل موتها إلا نبأ سرعان ما ينساه الآخرون ، كما أنها تشير في قصائد أخرى إلى قدر الإنسان الحتمي ممثلا بملاحقة الموت له من خلال دورة الزمن .