منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - تشريف الإسلام للمرأة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-10-10, 10:25   رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
mahmoudb69
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية mahmoudb69
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

عبودية العرش لله سبحانه
أما عبودية العرش لله تبارك وتعالى فإن عرش الرحمن اهتز لموت سعد بن معاذ الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقد حكمت فيهم بحكم الملك من فوق سبع سموات).
والصحابة لما لمسوا مناديل لينة، قال: (أتعجبون من لين هذه؟ والله لمناديل سعد بن معاذ في الجنة خير من هذه).
وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما مات: (لقد هبط إلى الأرض سبعون ألف ملك ما نزلوا إلى الأرض قبل يومنا هذا، كلهم حملوه معكم).
وتشترك الملائكة في جنازته وحمله، وهذا من عبودية الملائكة لله تبارك وتعالى وطاعته.

(31/10)


عبودية الجبال لله سبحانه
كذلك الجبال تتصدع من خشية الله: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الحشر:21].
ويقول الله تبارك وتعالى: {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [البقرة:74].
فسجود الجبال لله تبارك وتعالى معلوم بنص القرآن الكريم.
وكذلك تشفق الجبال تعظيماً لأمر الله تبارك وتعالى من حمل الأمانة، فإن الله تبارك وتعالى لما عرض الأمانة على السموات والأرض والجبال أبين أن يحملنها، لا عن معصية، وإنما تعظيماً لشأن هذه الأمانة كما قال ابن عباس قال تعالى: {فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب:72].
كذلك الجبال بما فيها من حجارة تخاف من يوم الجمعة، وتسبح الله تبارك وتعالى: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ} [سبأ:10] أي: تسبح الجبال معه لله تبارك وتعالى، كذلك تلبي مع الحاج حين يرفع صوته بالتلبية.

(31/11)


ولاء الجبال للمؤمنين وبراءتها من الكافرين
إن الجبال لها ولاء وبراء، ولاء مع المؤمنين وبراء من الكافرين، والمصطفى صلى الله عليه وسلم لما صعد على أحد قال: (هذا جبل يحبنا ونحبه).
ولما اهتز جبل أحد قال: (اسكن أحد فإن عليك نبي وصديق وشهيدان).
هذا يدل على ولاء الجبل للمؤمنين، وبغضه للكفار، والبراءة منهم، ألم يقل الله تبارك وتعالى: {تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا} [مريم:90 - 91].
فالجبال تأنف من الكفر وأهله، وتفرح بمرور العبد الصالح عليها، كما قال ابن مسعود: ينادي الجبل الجبل باسمه: هل مر بك ذاكر لله تبارك وتعالى، فإن قال: نعم، قال: أبشر.

(31/12)


عبودية البحر لله سبحانه
روى الإمام أحمد في مسنده عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من ليلة إلا والبحر يشرف فيها ثلاث مرات على الأرض، يستأذن الله في أن ينفضح عليهم فيكفه الله تبارك وتعالى).
وفي رواية: (إنه ما من يوم إلا والبحار تستأذن ربها أن تغرق بلاداً والملائكة أن تعاجله فتهلكه، فيقول لهم الله تبارك وتعالى: دعوا لي عبدي).
وفي رواية: (إن كان عبدكم فشأنكم، وإن كان عبدي فمني وإلي).
وقد ورد في الحديث أن الرجل قال لأهله: (إذا أنا مت فذروني ثم ألقوا بنصفي في البحر، ونصفي في البر، فأمر الله تبارك وتعالى البحر أن يجمع ما فيه، والبر أن يجمع ما فيه، ثم أحيا الله تبارك وتعالى هذا الرجل، فقال: لم سألت ما سألت؟ قال: من خشيتك وربي، فغفر الله له).
المهم: أن المولى تبارك وتعالى يأمر البحر أن يجمع ما فيه، فيجيب طاعةً لله تبارك وتعالى.
ويقول الله تبارك وتعالى: {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} [الطور:6] قال ابن عباس: أي: المكفوف يكفه الله تبارك وتعالى أن يغرق بني آدم؛ لأن مياه البحار والمحيطات ثلاثة أرباع الكرة الأرضية، واليابسة ربع الأرض فقط، ومنسوب البحار أعلى من البر، ولكن الله تبارك وتعالى يكف البحر أن يغرق هذه البقعة من الكرة الأرضية، فقوله: {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} [الطور:6] أي: المكفوف عن إغراق بني آدم.

(31/13)


عبودية الشمس والقمر لله سبحانه
وانظر إلى عبودية الشمس والقمر، يقول الله تبارك وتعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [يس:38].
روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أتدرون أين تذهب الشمس؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: إنها تذهب فتستأذن فتسجد تحت العرش فيأذن لها فتسجد، ثم تستأذن أن تخرج طالعة فيقول: اطلعي وارجعي من حيث أتيت، فتخرج طالعة من المغرب، حتى إذا كان قبل يوم القيامة تستأذن أن تخرج، فيقال لها: اخرجي طالعة من المغرب، فذاك يوم لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً).

(31/14)


عبودية السماوات والأرض لله سبحانه وتعالى
إن علماء الفلك يقولون: إن حجم الشمس مثل حجم الأرض مليون وثلاثمائة ألف مرة، وعلماء الفلك يقولون إن في السماء مجرات، وإن مجرة درب التبانة التي تقع فيها الأرض فيها ثلاثون مليار نجم، يعني: ثلاثون ألف مليون نجم، وإن منكب الجوزاء حجمه مثل حجم الشمس مائة مليون مرة، قال تعالى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} [الرحمن:6].
يقولون: إن أقرب نجم يبعد عن الأرض مسافة أربع سنوات ضوئية، يعني: ثلاثةً وعشرين مليون مليون ميل، وقالوا: إن النجم الذي يسمى سديم المرأة المسلسلة يبعد عن الأرض مليون سنة ضوئية: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ * وَالأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ} [الذاريات:47 - 48].
فالسماوات بما فيها من نجوم وبما فيها من شمس وبما فيها من قمر، تسبح وتسجد لله تبارك وتعالى.
لما طلب المشركون من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية، أشار إلى القمر فانشق حتى صار فلقتين، فلقة وراء الجبل، وفلقة وراء الجبل من الجهة الأخرى، وهذا من عبودية السموات والأرض لله تبارك وتعالى.
أيضاً السماوات والأرض تبكي لموت العبد الصالح، يقول الله تبارك وتعالى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ} [الدخان:29].
يقول الله تبارك وتعالى للسماوات وللأرض: {اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت:11].
والله تبارك وتعالى يقول: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء:44]، فهذا تسبيح السموات، وعرض الأمانة على السموات والأرض والجبال يدل على عبوديتها لله تبارك وتعالى وتعظيمها لأمر هذه الأمانة.
أما عبودية الأرض لله تبارك وتعالى، فلما ورد في حديث الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً ووفى بالراهب المائة: (فقال الله لأرض السوء: أن تباعدي ولأرض الخير: أن تقاربي) فأطاعتا أمره، وهذا من موالاة الأرض وبغضها.
وقال تعالى: {تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا} [مريم:90 - 91].
وذكر أن رجلاً من بني النجار حفظ سورة البقرة وآل عمران، ثم ارتد ولحق باليهود فعجبوا منه وقالوا: هذا كان يقرأ ويكتب لمحمد صلى الله عليه وسلم، فدق الله عنقه فمات، فلما واروه التراب لفظته الأرض، فواروه ثانياً فلفظته الأرض، وواروه ثالثاً فلفظته الأرض، فتركوه منبوذاً، وهذا يدل على عبودية الأرض لله تبارك وتعالى.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء) فأطاعت أمره عبودية له سبحانه وتعالى.

(31/15)


عبودية الرياح والسحاب لله سبحانه
يقول الله تبارك وتعالى: {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ} [الرعد:13].
سأل اليهود النبي صلى الله عليه وسلم عن الرعد، فقال: (ملك من الملائكة معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب).
ولما سألوه عن الصوت الذي فيه، قال: (هذا صوت ملك بالسحاب)، قال تعالى: {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ} [الرعد:13].
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بينا رجل يمشي في فلاة إذ سمع صوتاً في سحابة يقول: اسق حديقة فلان، قال: فسمع الرجل السحابة فأتت إلى حديقة، فلما توسطتها أفرغت ما فيها من ماء، فرأى رجلاً يحثو بمسحاة فقال: ما اسمك؟ فسماه بالاسم الذي سمعه في السحابة، قال: لم تسألني عن اسمي؟ قال: إني سمعت صوتاً في السحاب الذي هذا ماؤه يقول: اسق حديقة فلان باسمك، قال: أما إن قلت ما قلت، فإني كنت أتصدق بثلثها، وآكل أنا وعيالي ثلثها، وأرد الثلث الباقي فيها).

(31/16)


تسبيح الطعام وتسليم الأحجار على رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال عبد الله بن مسعود: لقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل في الظلام، وسجودها لله تبارك وتعالى معلوم بنص كتاب الله تبارك وتعالى.
ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (إني لأعلم حجراً بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث، إني لأعرفه الآن).
ويقول علي رضي الله عنه في الحديث الصحيح: (خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خارج مكة فما استقبله حجر ولا شجر إلا وقال: السلام عليك يا رسول الله!)، وهذا الحديث صححه الشيخ الألباني.

(31/17)


عبودية الملائكة لله سبحانه
يقول ابن عباس رضي الله عنهما: تفكروا في كل شيء، ولا تفكروا في الله، فإن بين السماء السابعة وكرسيه سبعة آلاف سنة نور، والله فوق ذلك.
قال الحافظ ابن حجر: إسناده جيد.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أذن لي أن أحدث عن ديك قد مرقت رجلاه في الأرض السابعة، وعنقه مثنية تحت العرش).
ويقول صلى الله عليه وسلم: (أذن لي أن أحدث عن أحد حملة العرش قد مرقت رجلاه في الأرض السابعة، والعرش على قرنه خفقان الطير ما بين منكبيه سبعة آلاف سنة) فلماذا يكفر الإنسان؟ {قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} [عبس:17].
ومن أعمال الملائكة أنهم يسبحون الله تبارك وتعالى ويصلون: (من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه).
ولقد قال صلى الله عليه وسلم لما سئل عن البيت المعمور: (يصلي إليه كل يوم سبعون ألف ملك، ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم).
والملائكة يحجون ويصلون، ويسبحون الله تبارك وتعالى، ويخافون الله من فوقهم، ويوالون المؤمنين ويستغفرون لهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوة الرجل لأخيه بظهر الغيب مستجابة، كلما دعا وكل الله به ملكاً يقول: آمين ولك بمثل).
وقال تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} [غافر:7].

(31/18)


فضائل الشام وبيت المقدس
للشام فضائل كثيرة، ومناقب جمة وفيرة، ذكرها الله في كتابه، وأخبر بها النبي عليه الصلاة والسلام، فهي الأرض المباركة، وهي أرض الرباط والجهاد، ومقر الطائفة المنصورة، وبها عمود الكتاب والسنة.
ويكفيها من الفضائل أن بها بيت المقدس ثاني مسجد عبد فيه الله على وجه الأرض، وللمسجد الأقصى مناقب كثيرة كذلك.

(32/1)


رثاء شهداء الأقصى
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:102] {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:70 - 71].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، وإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى، وإن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين.
ثم أما بعد: شهداؤنا بين المقابر يهمسون: والله إنا قادمون في الأرض ترتفع الأيادي تنبت الأصوات في صمت السكون تتساقط الأحجار يرتفع الغبار تضيء كالشمس العيون والله إنا راجعون شهداؤنا خرجوا من الأكفان فانطلقوا صفوفاً ثم راحوا يهتفون عار عليكم أيها المستسلمون وطن يباع وأمة تجتاح قطعاناً وأنتم نائمون شهداؤنا فوق المنابر يخطبون قاموا إلى نابلس فصلوا في مساجدها وزاروا المسجد الأقصى وطافوا في رحاب القدس واقتحموا السجون شهداؤنا في كل شبر من ثرى الوطن المكبل ينبتون في كل ركن من ربوع الأمة الثكلى أراهم يخرجون شهداؤنا وسط المجازر يهتفون: الله أكبر منك يا زمن الجنون! شهداؤنا يتقدمون أصواتهم تعلو على أسوار نابلس الحزينة في الشوارع في المفارق يهدرون إني أراهم في الظلام يحاربون رغم انتشار الضوء في الوطن المكبل بالمهانة والدمامة والمجون والله إنا عائدون أكفاننا ستضيء يوماً في رحاب القدس سوف تعود تقتحم المعاقل والحصون شهداؤنا في كل شبر يصرخون.
يا أيها المتنصرون! كيف ارتضيتم أن ينام الذئب في وسط القطيع وتأمنون؟! وطن بعرض الكون يعرض في المزاد وطغمة الجرذان في الوطن الجريح يتاجرون أحياؤنا الموتى على الشاشات في صخب النهاية يسكرون من أجهض الوطن العريق وكبل الأحلام في كل العيون يا أيها المتشرذمون! سنخلص الموتى من الأحياء من سفه الزمان العابث المجنون والله إنا قادمون شهداؤنا في كل شبر في البلاد يزمجرون جاءوا صفوفاً يسألون: يا أيها الأحياء ماذا تفعلون؟! في كل يوم كالقطيع على المذابح تصلبون تتسربون على جناح الليل كالفئران سراً للذئاب تهرولون وأمام أمريكا تقام صلاتكم فتسبحون وتطوف أعينكم على الدولار فوق ربوعه الخضراء يبكي الساجدون صور على الشاشات جرذان تصافح بعضها والناس من ألم الفجيعة يضحكون في صورتين تباع أوطان وتسقط أمة ورءوسكم تحت النعال وتركعون في صورتين تسلم القدس العريقة للذئاب ويسكر المتآمرون شهداؤنا في كل شبر يصرخون: القدس تسبح في الدماء وفوقها الطاغوت يهدر في جنون القدس تسألكم: أليس لعرضها حق عليكم؟ أين فر الراقدون؟! وأين غاب البائعون؟! وأين راح الهاربون الصامتون الغافلون الكاذبون؟! صمتوا جميعاً والرصاص الآن يخترق العيون.
وإذا سألت سمعتهم يتصايحون.
هذا الزمان زمانهم -أي: من يقدر على أمريكا؟ - في كل شيء في الورى يتحكمون.
لا تسرعوا في موكب البيع الرخيص فإنكم في كل شيء خاسرون لن يترك الطوفان شيئاً كلكم في اليم يوماً غارقون.
تجرون خلف الموت والنخاس يجري خلفكم وغداً بأسواق النخاسة تعرضون لن يرحم التاريخ يوماً من يفرط أو يخون كهاننا يترنحون فوق الكراسي هائمون في نشوة السلطان والطغيان راحوا يسكرون وشعوبنا ارتاحت ونامت في غيابات السجون نام الجميع وكلهم يتثاءبون فمتى يفيق النائمون متى يفيق النائمون؟

(32/2)


فضائل بلاد الشام في القرآن
بيت المقدس كنز الله من أرضه، وفيه كنزه من عباده، والبركة في بيت المقدس وبلاد الشام ثبتت بآيات من كتاب الله عز وجل، فحين نقول: إقليم الشام، فإنا نعني به الإقليم الذي كان إقليماً موحداً في ظل دولة الخلافة العثمانية حتى اتفاقية سايكس بيكو، فجاء الإنجليز والفرنسيون وقسموا ذلك الإقليم إلى أربع دويلات هي: سورية ولبنان والأردن وفلسطين، فعندما يقال في الشرع: الشام، فإن المقصود بها: سورية ولبنان والأردن وفلسطين.
ولهذه البقاع مكانة في كتاب الله عز وجل وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففيها سيكون تمام دولة الإسلام وملكه في آخر الزمان، وهي حرز المؤمنين عند وقوع الفتن، وإليها يهاجر خيار أولياء الله.
تعالوا معي في رحلة لفضائل الشام وبيت المقدس.
قال تعالى عن إبراهيم عليه السلام: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:71] قال شيخ الإسلام ابن تيمية: معلوم أن إبراهيم إنما نجاه الله ولوطاً إلى أرض الشام من أرض الجزيرة والعراق.
وقال ابن جرير الطبري: لا خلاف بين أهل العلم أن هجرة إبراهيم من العراق كانت إلى الشام.
فهذه الآية تثبت البركة لبلاد الشام وفلسطين.
وقال الله تبارك وتعالى عن موسى ومن معه بعد أن نجاه من فرعون: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} [الأعراف:137].
قال الحسن: هي الشام.
وقال قتادة: هي أرض الشام.
وقال ابن تيمية: معلوم أن بني إسرائيل إنما أورثوا مشارق أرض الشام ومغاربها بعد أن أغرق فرعون في اليم.
وقال الله تبارك وتعالى على لسان موسى لقومه: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} [المائدة:21]، والأرض المقدسة أي المطهرة.
قال قتادة: هي أرض الشام.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: هي أرض الشام.
ومملكة سليمان بارك الله تبارك وتعالى فيها وكانت في بيت المقدس، قال الله تبارك وتعالى: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ} [الأنبياء:81]، قال ابن زيد: هي بلاد الشام.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إنما كانت تجري إلى أرض الشام التي فيها مملكة سليمان وبالذات في بيت المقدس.
وقال تعالى في قصة سبأ: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ} [سبأ:18]، قال مجاهد: القرى التي بارك الله فيها هي الشام.
وقال قتادة: هي أرض الشام.
وقال ابن عباس: هي الأرض المقدسة.
وقال الله تبارك وتعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الإسراء:1]، فأيضاً بارك الله حول بيت المقدس.
قد يفت في عضد الناس أن إسرائيل معها قنابل وصواريخ وتستطيع أن تدك المسجد الأقصى في لحظة، فيسقط في أيدي الناس ويخلدون إلى اليأس وإلى النوم العميق.
نقول لهم: إن هذه الأرض مباركة، ومكان المسجد نفسه مبارك، فالمسجد الأقصى ثاني مسجد بني على وجه الأرض، فبينه وبين بناء الكعبة أربعون عاماً كما سنبين.
واختلف العلماء فيمن بناه أولاً هل هو آدم أم إبراهيم أم إسرائيل؟ ثم جدد بناءه سيدنا سليمان، وحينما دخله النبي صلى الله عليه وسلم كان عبارة عن أطلال وبقايا سور تحيط بالمسجد، فحتى لو أن الإسرائيليين هدموا المسجد الأقصى فإنه يبنى مرة ثانية، فقد جدد بناءه عبد الملك بن مروان، وجدد بناءه أبو جعفر المنصور، وجدد بناءه خلفاء عباسيون وزادوا فيه.
العبرة هي أن الأرض التي أقيم عليها المسجد أرض مباركة فلا يفت في عضد الناس، بل هيكل اليهود نسف مرتين ودمر تدميراً كاملاً ولم يبق فيه أثر لطوبة واحدة، وبرغم ذلك يقولون: الهيكل.
والمسلمون يقولون: إسرائيل هدت الجامع إذاً نحن لا نستطيع أن نعمل شيئاً، وسنبقى قاعدين!! فهذه القشة إنما تقصم ظهر المتغافل.
قال الله تبارك وتعالى: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ} [سبأ:18] أي: بين مملكة سبأ.
{وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} [سبأ:18] التي هي بلاد الشام.
{قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ} [سبأ:18].
وقال الله تبارك وتعالى: {وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [يونس:93]، قال الضحاك: هي بلاد الشام.
وقال قتادة: هي الشام وبيت المقدس.
{مُبَوَّأَ صِدْقٍ} [يونس:93] يعني هذه الأرض أرض صدق أقسم الله تعالى بها.
تكلم الله عن الربوة فقال: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} [المؤمنون:50] هي بيت المقدس.
وأقسم الله عز وجل بمنابت التين والزيتون فقال: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ} [التين:1 - 3] ومنابت التين في بلاد الشام، ومنابت الزيتون في الجبل الذي عليه بيت المقدس.
وأرض الشام وفلسطين هي أرض المحشر، قال الله تبارك وتعالى: {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ} [ق:41].
قال ابن جرير الطبري: واستمع يا محمد -صلى الله عليه وسلم- صيحة القيامة يوم ينادي بها منادينا من موضع قريب، وكأنه ينادي بها من صخرة بيت المقدس، وهذا قول قتادة وكعب قال: ملك قائم على صخرة بيت المقدس.
والسور الذي يضربه الله جل وعلا بين المنافقين والمؤمنين في عرصات القيامة هو السور الشرقي لبيت المقدس، الذي يطل باطنه على المسجد الأقصى ويطل على وادٍ يسمى وادي جهنم، وهذا الوادي في القدس، قال الله تبارك وتعالى: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} [الحديد:13].
قال عبد الله بن عمرو بن العاص عن هذا السور: هو السور الشرقي باطنه المسجد وظاهره وادي جهنم.
فهذه آيات تكلمت عن بركة وطهارة وقدسية هذه الأراضي.

(32/3)


فضائل بلاد الشام على لسان الرسول المصطفى

(32/4)


بسط الملائكة أجنحتها على الشام
أما الفضائل التي ثبتت لبلاد الشام ولبيت المقدس بالسنة فعظيمة، وكل فضيلة ثبتت لبلاد الشام فهي أيضاً ثابتة لبيت المقدس؛ لأنه جزء من بلاد الشام.
أولاً: بسط الملائكة أجنحتها على الشام.
فعن زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يا طوبى للشام، يا طوبى للشام، يا طوبى للشام! قالوا: يا رسول الله! وبم ذاك؟ قال: تلك ملائكة الله باسطو أجنحتها على الشام).
وطوبى تأنيث أطيب، وهو دعاء بطيب العيش والراحة والسعة، قال عز الدين بن عبد السلام: أشار صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه وتعالى وكل الملائكة بالشام يحرسونها ويحفظونها.

(32/5)


الشام صفوة بلاد الله
الفضيلة الثانية لبلاد الشام: أنها صفوة بلاد الله من أرضه يُسكنها عز وجل خيرته من خلقه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالشام، فإنها صفوة بلاد الله يسكنها خيرته من خلقه، فمن أبى فليلحق بيمنه وليسق من غدره فإن الله عز وجل تكفل لي بالشام وأهله).
(فمن أبى) أي: من أبى السكنى بالشام.
(وليسق من غدره) الغدر جمع غدير، والغدير هو الجزء من الماء الذي يتركه السيل بعد انصرافه من الأرض، وهذا معروف في بلاد الشام كثيراً، يعني: لا يتنازع الناس على الماء وليشرب كل من غديره الخاص به.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لـ عبد الله بن حوالة: (عليك بالشام فإنها خيرة الله من أرضه، يجتبي إليها خيرته من عباده، فإما إن أبيتم فعليكم بيمنكم واسقوا من غدركم، فإن الله تكفل لي بالشام وأهله).
وجاء في حديث أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الشام صفوة الله من أرضه، وفيها صفوته من عباده).

(32/6)


تكفل الله بأهل الشام
المنقبة الثالثة لأهل الشام ومنها أهل فلسطين: أن الله تكفل بأهل الشام: قال سيدنا عبد الله بن حوالة الصحابي الجليل، وسيدنا سعيد بن عبد العزيز إمام أهل الشام: من تكفل الله به فلا ضيعة عليه.
فقد يقول لك قائل: كيف يكون قوله: (فلا ضيعة عليه) وهاهي إسرائيل تدك الأرض دكاً؟! والجواب لمثل هذا: لا تأخذ حقبة معينة من الزمن أو مدة قصيرة من الزمن وتنظر إليها على أنها تاريخ الأمم، وإلا فبالله عليك ماذا تساوي إسرائيل بجانب التتر؟ وماذا تساوي إسرائيل بجانب الحملات الصليبية التي اشتركت فيها كل جيوش الغرب؟ وكلها تحطمت على صخرة بيت المقدس.
سيدنا شيخ الإسلام ابن تيمية كان يعلم أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في بلاد الشام، فلما جاءت معركة مرج الصفر التي شارك فيها بنفسه أمام جيوش المغول والتتر أشار على السلطان محمد بن قلاوون أن يخرج بالجيش المصري لتكون المعركة على أرض الشام، لكي لا يلتقوا بجيش التتر في مصر، وإنما يخرجون من مصر ويجتمعون مع الجيش الشامي، فاجتمعوا وكانت المعركة على أرض الشام في معركة مرج الصفر وكان فيها انتصار عظيم للمسلمين.
وعندما دُمِّر جيش الخلافة وقتل الخليفة واجتاحت جيوش التتر دولة الخلافة تصدى للتتر الجيش المصري المسلم، فخرج قطز من مصر إلى بلاد الشام لتكون المعركة على أرض الشام وهي معركة عين جالوت، وكان بطلها الجيش المصري ومعه الشامي ولكن المعركة كانت في بلاد الشام.
وكذلك معركة حطين، فعندما جاءت الحملات الصليبية التي قتلت من المسلمين سبعين ألف مسلم يوم أخذوا بيت المقدس، وقد قتلوهم في سبعة أيام أو في ثلاثة أيام حتى غاص القائد الصليبي -الذي أخذ بيت المقدس- في جثث المسلمين وفي دمائهم إلى ركبتيه.
ثم أتى صلاح الدين ليدمر جيوش الصليبيين في معركة حطين الفاصلة، التي كانت نهاية الوجود الرومي كله، وكانت في بلاد الشام.
وقد قال هرقل: سلام عليك يا سورية سلام مودع لا يراك بعد هذا أبداً، وذلك حين خرج من الشام وكانت تصفية الإمبراطورية الرومية من أرض الشام.
وهذا لا يعني أن إسرائيل قوة صغيرة.
ومما يذكر أنه في السبعينات هبطت طائرة شراعية فيها سوري وتونسي وفلسطينيان، وفتحوا رشاشاتهم على قاعدة عسكرية من قواعد الجيش الإسرائيلي فقتلوا العشرات بل بالمئات ثم قتلوا، فوقف قائد الكتيبة الإسرائيلي وعظم هؤلاء الأبطال؛ وأدى لهم التحية العسكرية بعد موتهم اعترافاً ببطولتهم.
فالإنسان لا ينظر إلى وقت الضيق، ولكن نقول: إن العاقبة للمتقين، بل انظر إلى رجل مبتدع دوخ إسرائيل، فما ظنك لو جاء رجل من أهل السنة والجماعة.
فهذا خميني العرب حسن نصر الله، مع أنه مبتدع ويتكلم على الصحابة وعلى السيدة عائشة، وكذلك حزب الله، ولكن على الرغم من ابتداعهم فقد أدبوا إسرائيل، فما ظنك إذاً بالملتزمين من أهل السنة؟

(32/7)


عمود الكتاب والإسلام سيكون بالشام
وعمود الكتاب والإسلام سيكون بالشام: قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن حوالة: (رأيت ليلة أسري بي عموداً أبيض كأنه لؤلؤة تحمله الملائكة.
فقلت: ماذا تحملون؟ فقالوا: عمود الإسلام، أمرنا أن نضعه بالشام، وبينا أنا نائم رأيت عمود الكتاب اختلس من تحت رأسي فظننت أن الله تخلى عن أهل الأرض فأتبعته بصري وإذا هو نور ساطع بين يدي حتى وضع بالشام، فقال ابن حوالة: يا رسول الله! خر لي.
قال: عليك بالشام).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي الدرداء: (بينا أنا قائم إذ رأيت عمود الكتاب احتمل من تحت رأسي فظننت أنه مذهوب به فأتبعته بصري فعمد به إلى الشام، ألا وإن الإيمان حين تقع الفتن بالشام) وعمود الكتاب -كما قال عز الدين بن عبد السلام - هو الإيمان.

(32/8)


دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للشام بالبركة
والنبي صلى الله عليه وسلم دعا بالبركة للشام، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر ثم أقبل على القوم فقال: اللهم بارك لنا في مدينتنا، وبارك لنا في مدنا وصاعنا، اللهم بارك لنا في حرمنا، وبارك لنا في شامنا.
فقال رجل من أهل العراق: وفي العراق؟ فسكت ثم عاد قال الرجل: وفي عراقنا.
فسكت ثم قال: اللهم بارك لنا في مدينتنا، وبارك لنا في مدنا وصاعنا، اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم اجعل مع البركة بركة، والذي نفسي بيده! ما من المدينة شعب ولا نقب إلا عليه ملكان يحرسانها حتى تقدموا عليها).
وفي حديث آخر أن النبي قال: (اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا، قالوا: وفي نجدنا؟ قال: اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا، قالوا: وفي نجدنا؟ قال: هناك الزلازل والفتن، وهناك يطلع قرن الشيطان)، وفي رواية: (وفيها تسعة أعشار الشر).
والصوفية قالوا: إن المقصود الشر الذي أخبر عنه عليه الصلاة والسلام محمد بن عبد الوهاب، إذاً محمد بن عبد الوهاب شيطان الأمة! وقد فهم الحافظ ابن حجر العسقلاني والإمام الخطابي أن المقصود بقوله: (وفي نجدنا) ما نجد من الأرض، أي: ما ارتفع من الأرض، وهي أرض العراق، ولو لم يكن في العراق إلا صدام لكفى، فقد كان سبباً في موت مليون ونصف طفل، وهو ممن تبنوا دعوى العنترية الجاهلية القومية العربية، ومؤسس حزب البعث، وقد دك المسلمين من الأكراد بالنووي وبالصواريخ ودمّر قراهم تدميراً كاملاً، وهو تلميذ نجيب لـ ميشيل عفلق.
والقومية العربية كانت سبباً في كل الهزايم والدمار، وسبباً في التصاق الناس بالأرض وبعدهم عن السماء، وارتباطهم بالوحي انتهى، وأصبح ارتباطهم بالتعاليم الكاذبة؛ تعاليم الأرض المخالفة لتعاليم السماء، ثم بعد ذلك تكون النهاية المؤسفة، فما انتصر الناس في معركة إلا بالإسلام.

(32/9)


الشام ميزان لصلاح الناس
من مناقب الشام: أنها ميزان لصلاح الناس، وميزان للصلاح والفساد في أمة الإسلام: فهي ميزان القسط لأمة الإسلام، وهذا بنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن معاوية بن قرة عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا فسد أهل الشام فلا خير فيك).
وقال: (لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة).
ويوصي النبي صلى الله عليه وسلم بسكنى بلاد الشام ويفضلها على اليمن وعلى غيرها في آخر الزمان فهذا دليل على أفضليتها.

(32/10)


أرض الشام أرض رباط وثغر جهاد
وأرض الشام أرض رباط وثغر وجهاد إلى يوم القيامة كما قال بذلك عز الدين بن عبد السلام، وكما قال بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، وبنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سلمة بن نفيل الكندي رضي الله عنه قال: (كنت جالساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل: يا رسول الله! أهان الناس الخيل، أهان الناس الخيل وامتهنوها وقالوا: لا جهاد) ولنا هنا وقفة، فقد أقسم الله عز وجل بخيل الحرب فقال: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا} [العاديات:1 - 3] فهل خيلنا خيل حرب؟! والله ما هي بالعاديات ضبحاً، ولا هي بالموريات قدحاً، ولا هي بالمغيرات صبحاً، بل هي خيل لعب ولهو ودنيا.
بعد أن كان يركب عليها أبو سليمان خالد بن الوليد، لصباحه المجد ولذكراه السلام، وكان يركب عليها صلاح الدين، فمن الذي يركب عليها الآن؟! هذا الفرق بيننا وبينهم.
ألا يا صلاح الدين هل لك عودة فإن جيوش الروم تنهى وتأمرُ حصانك في سينا يشرب دمعه ويا لعذاب الخيل إذ تتذكرُ وتأبى جراحي أن تضم كفاها كأن جراح الحب لا تتخثرُ تأخرت يا أغلى الرجال فليلنا طويل وأضواء القناديل تسهرُ حصانك في سيناء يشرب دمعه وجندك في حطين صلوا وكبروا وتبكيك من شوق مآذن مكة وتبكيك بدر يا حبيبي وخيبرُ ويبكيك سفساط الشام ودورها ويبكيك ظهر الغوطتين وتدمرُ نساء فلسطين تكحلن بالأسى وفي بيت لحم قاصرات وقصَّرُ وليمون يافا يابس في حقوله وهل شجر في قبضة الظلم يُثمرُ وأصرخ يا أرض المروءات فاحبلي لعل صلاحاً ثانياً سوف يظهرُ جاء في الحديث: (أن رجلاً قال: يا رسول الله! أذال الناس الخيل ووضعوا السلاح وقالوا لا جهاد قد وضعت الحرب أوزارها، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه فقال: كذبوا؛ الآن جاء القتال، ولا يزال من أمتي أمة يقاتلون على الحق ويزيغ الله لهم قلوب أقوام ويرزقهم منهم حتى تقوم الساعة، وحتى يأتي وعد الله، والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، وهو يوحى إلي أني مقبوض غير ملبث، وأنتم تتبعوني؛ ألا فلا يضرب بعضكم رقاب بعض، وعقر دار المؤمنين بالشام) وهذا هو الشاهد.
فيكذِّب النبي صلى الله عليه وسلم من يقول إن الحرب قد وضعت أوزارها، ثم قال: (عقر دار المؤمنين بالشام) يعني: موطن أصل الإيمان سيكون بالشام عند نزول الفتن.

(32/11)









رد مع اقتباس