منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - تشريف الإسلام للمرأة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-10-10, 09:55   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
mahmoudb69
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية mahmoudb69
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


الخوف من اطلاع الله على السرائر
وهناك الخوف من اطلاع الله على سريرتك حال الغفلة عنه.
قال تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [الملك:13] فهو يعلم السر وأخفى من السر.
فخف من الوقوف بين يدي الله عز وجل يوم تبدو السمات فوق الجباه، ويظهر المخفي.
فاتق الله تبارك وتعالى، أما تخاف من اطلاع الله عز وجل على قلبك وأنت تزخرف ظاهرك للناس؟! فإياك أن تكون ولياً لله في العلانية، عدواً له في السر، وأن تكون ولياً لله في العلانية، ولياً للشيطان في السر.
(5/16)
الخوف من سوء الخاتمة
ثم بعد ذلك الخوف من أن يختم لك بخاتمة السوء.
يقول سيدنا سفيان الثوري: بكينا على الذنوب زماناً، ونحن الآن نبكي على الإسلام.
ولما نزل به الموت بكى، فقالوا: لم هذا الجزع؟! قال: والله ما خوفي من الذنوب ولو بلغت ذنوبي أمثال الجبال، وإنما أخاف أن أسلب الإيمان عند الموت.
وأشد من هذا خوف السابقة، فماذا سبق في علم الله لك في اللوح المحفوظ؟! وماذا كتب الله لك قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة؟! كان أحد الصالحين يأتي إلى أخيه ويقول: تعال لنبكي لعلم الله فينا؟ أي: ماذا قدر علينا ربنا في اللوح المحفوظ قبل خلق السماوات والأرض.
(5/17)
الخوف من سكرات الموت
ثم بعد ذلك الخوف من سكرات الموت، ومن شدة الموت، ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا إله إلا الله، إن للموت لسكرات).
(5/18)
الخوف من رؤية ملائكة الموت
والخوف من رؤية ملك الموت، ومعاينة الرسل.
ويروى أن رجلاً وعظ سفيان الثوري، فذكر الله عز وجل حتى رق، فقال سفيان: والله إني لأحب الموت الآن.
فقال: ولكني والله لا أحب الموت، فقال: لمَ؟ قال: لمعاينة الرسل.
ثم قام يبكي يخط الأرض برجله.
يعني بذلك رؤية ملك الموت ولم يره من قبل، ورؤية ملائكة العذاب، أو ملائكة الرحمة.
فالسكرات شيء، ورؤية ملائكة العذاب شيء، وضرب ملائكة العذاب شيء آخر، {فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} [محمد:27].
(5/19)
الخوف من أهوال القبور
ثم بعد ذلك الخوف من القبر: ويروى (أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى جمعاً من أصحابه قد اجتمعوا، فقال: علام اجتمع هؤلاء؟ فقالوا: يا رسول الله! على قبر يحفرونه.
فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين يدي إخوانه، ثم توجه إلى القبر وبكى حتى بل الثرى من دموعه، وقال: أي إخواني! لمثل هذا اليوم فأعدوا).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما رأيت منظراً قط إلا والقبر أفظع منه).
فخف هذا اليوم ولا تتغافل عنه، وأعد لرؤية ملك الموت، ونزولك بدار البلاء بين أقوام لا يتكلمون، وأحباء لا يتزاورون، صار عليهم الجديدان سرمداً إلى يوم يبعثون.
فيا خبر! ما أثكلك، وتحتك الدواهي، مر بعسكرهم إن كنت ماراً، وادعهم إن كنت داعياً، وانظر إلى تقارب منازلهم، وسلهم عن الأعين النظرة التي كانوا بها إلى اللذات ينظرون، وسلهم عن الجلود الرقيقة وعن الأجساد الناعمة.
سلهم عما فعلت الديدان باللحمان تحت الأكفان، سالت الأحداق عن الوجنات، وامتلأت الأفواه دماً وقيحاً وصديداً، واتخذت هوام الأرض وحشراتها في أبدانهم مقيلاً.
يا مغسل الوالد والولد، ويا تاركه في التراب وحده، قل لي: بأي خديك بدأ الثرى؟! وأين كسوتك لصيفك وشتائك؟! وأين ثمارك اليانعة؟! إني سألت التراب ما فعلت بوجوه فيك مبعثره فقال لي صيرت ريحهمو يؤذيك بعد مناظرٍ عطره وأكلت أجساداً منعمة كان النعيم يهزها نظره لم تبق غير جماجم عريت بيض تلوح أو أعظم نخرة ففي يوم من الأيام سيخرج كل منا في رحلة لا يرجع منها أبداً، وسيركب كل منا مركباً لا يركب مثله أبداً، وسنوضع على شفير القبر، فماذا أعددت من النور لهذه الظلمة، وماذا أعددت من الغنى لهذا الفقر، غم الضريح، وردم الصفيح، أفلا يبكيك هذا؟!
(5/20)
الخوف من سؤال الملكين
ثم بعد ذلك الخوف من سؤال الملكين: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنكم تفتنون في قبوركم قريباً من فتنة المسيح الدجال) يعني: سؤال الملكين عن ربك ودينك ورسولك، فهي فتنة تساوي في هولها فتنة المسيح الدجال.
قال تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم:27]، فإياك أن تقول: هاه هاه لا أدري! فإن كنت لا تدري في دار الدنيا فلن تدري غداً، فيقال لك: لا دريت ولا تليت، على الشك كنت، وعليه مت، وعليه تبعث إن شاء الله، فحذار من ليلة تتمخض بنا عن يوم القيامة.
(5/21)
الخوف من عذاب القبر
ثم بعد ذلك الخوف من عذاب القبر: كان الوسيم بن جميل الثقفي عم قتيبة بن سعيد الشيخ الإمام إذا ذكر القبر بكى ويقول: أواه من القبر وظلمته، أواه من القبر وشدته، أواه من القبر وضيقه! وكانت إحدى العابدات إذا أطفأت السراج يبكي زوجها، وعندما تسأله عن ذلك يقول: يذكرني هذا بظلمة القبر.
ففي القبر يفرش لك -إذا هلكت- فراش من نار، ومهاد من نار، وتنظر من طاقة إلى النار، وتعيش كهيئة المنهوش، ويضيق عليك القبر حتى تختلف أضلاعك، فنعوذ بالله من ليلة صباحها يؤدي بنا إلى عرصات القيامة.
ثم بعد ذلك الخوف من القيامة وأهوالها، وهذا أمر سنفرده مع ذكر الخائفين.
(5/22)
الخوف من كشف الستر يوم القيامة
ثم الخوف من كشف الستر أمام الناس: أي: كشف ما ستر من أمرك على الناس في دار الدنيا من القبائح التي لو ظهرت لكانت الذلة والهوان، فستبدو علانية أمام الناس يوم أن يقال: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم، فيصيح بك الأشهاد على مرأى من الناس: {هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود:18].
ثم بعد ذلك الخوف من المقام بين يدي الله عز وجل.
كان أحد الصالحين يقول: والله ما تكلمت كلمة إلا وأعددت لها موقفاً بين يدي الله عز وجل.
(5/23)
الخوف من المرور على الصراط
ثم بعد ذلك الخوف من المرور على الصراط: فيد تعلق، ورجل تطيش، وإنما الصراط دحض مزلة، فكيف تقوى على المرور عليه؟! قال تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم:71] فنحن من الورود على يقين، ومن النجاة على حذر.
ولما نزلت هذه الآية بكى سيدنا عمر، فلما سئل عن ذلك قال: إن ربي أنزل على رسوله في كتابه آية ينبئني فيها أني وارد النار، فأنا من الورود على يقين ومن النجاة على حذر.
قال تعالى: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} [مريم:72]
(5/24)
الخوف من السؤال يوم القيامة ومن عذاب النار
ثم الخوف من السؤال عن النقير والفتيل والقطمير، وعن الحلال، وعن الشبهات، وعن المال الذي فيه شبهة، والمال الحرام، ثم تسأل عن الحلال من أين اكتسبته، وفيم أنفقته، ولو لم يكن إلا هذا لكفى.
ثم بعد ذلك الخوف من النار وأغلالها وأهوالها، وأنت ترى ملائكة النار ومعهم الكلاليب والخطاطيف والأغلال، والله عز وجل يقول: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ} [الحاقة:30]، فإذا لم يرحمك أرحم الراحمين فمن سيرحمك؟! قال الشاعر: أنا العبد الذي كسب الذنوبا وصدته الخطايا أن يتوبا أنا العبد الذي أضحى حزيناً على زلاته قلقاً كئيبا أنا العبد الذي سطرت عليه صحائف لم يخف فيها الرقيبا أنا العبد المسيء عصيت سراً فما لي الآن لا أبدي النحيبا أنا الغدار كم عاهدت عهداً وكنت على الوفاء به كذوبا أنا العبد المخلف عن أناسٍ حووا من كل معروف نصيبا أنا العبد الغريق بلج بحرٍ أصيح لربما ألقى مجيبا أنا العبد السقيم من الخطايا وجئت الآن التمس الطبيبا أنا العبد الشريد ظلمت نفسي وقد وافيت بابكمو منيبا أنا العبد الفقير مددت كفي إليكم فادفعوا عني الخطوبا أنا المضطر أرجو منك عفواً ومن يرجو رضاك فلن يخيبا فواأسفا على عمرٍ تقضى ولم أكسب به إلا الذنوبا وأحذر أن يعاجلني مماتٌ يحير هول مطلعه اللبيبا ويا ذلاه من حشري ونشري بيومٍ يجعل الولدان شيبا ويا خوفاه من قبح اكتسابي إذا ما أبدت الصحف العيوبا وذلة موقفٍ وحساب عدلٍ أكون به على نفسي حسيبا ويا خوفاه من نارٍ تلظى إذا دخلت وأقلقت القلوبا فكادوا إذا بدت تنشق غيظاً على من كان ذماماً مريبا فوامن مد في كسب الخطايا أما آن الأوان لأن تتوبا وقال ثان: إذا ما قال لي ربي أما أستتحييت تعصيني وتخفي الذنب عن خلقي وبالعصيان تأتيني فما قولي له لما يعاتبني ويقصيني وقال ثالث: يا من تمتع بالدنيا وزينتها ولا تنام عن اللذات عيناه أفنيت عمرك فيما لست تدركه تقول لله ماذا حين تلقاه أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
(5/25)
الطريق إلى بيت المقدس
لقد قامت دولة لليهود على أنقاض أمة تهاوى عزها، وسقط لواؤها، وتهدم بنيانها، وانتقضت عراها، وتشتت شملها، وتفرق جمعها، قامت على أنقاض قوم نسوا أو تناسوا عزة قومهم، وإباء أجدادهم، نسوا الفاروق الذي أرعب الصليبيين ونعله في يده، وفي ثوبه ثلاث عشرة رقعة، نسوا صلاح الدين وصوت الأذان وهو يصدح من منائر القدس: حي على الفلاح، نسوا الجهاد والكفاح والنضال والنفاح.
وقد نصت كثير من الآيات البينات، والعديد من الأحاديث الواضحات على فضل بيت المقدس وشرفه، فلابد من إرجاعه إلى حوزة المسلمين.
(6/1)
أحكام شهر رجب
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:70 - 71].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى، {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ} [الأنعام:134].
(6/2)
أسماء شهر رجب
شهر رجب من الأشهر الحرم، وهو بين جمادى وشعبان، والأشهر الحرم سميت بذلك، لأن أهل الجاهلية كانوا يحرمون القتال فيها، ولحرمة وقوع الذنب فيها أكثر من غيرها من الشهور.
ولشهر رجب أسماء منها: رجب من الترجيب، أي: التعظيم؛ لأنه كان يعظم.
ومن أسمائه أيضاً: رجم بالميم، يقولون: إنه كانت ترجم فيه الشياطين.
وسمي أيضاً: شهر رجب الأصم، لأنه لم تكن تسمع فيه قعقعة بسلاح.
وسمي شهر رجب الأصب، قالوا: لأن الرحمة تصب فيه صباً.
وسمي المعكعك، وسمي المعلى، وسمي المقيم؛ لأن حرمته ثابتة مقيمة.
وأما التسمية الشرعية فهي شهر رجب.
(6/3)
حكم الاحتفال بشهر رجب
وأما عن حكم الاحتفال به فقد كره ابن عباس الاحتفال برجب واتخاذه عيداً، وسيدنا عمر بن الخطاب كان يضرب أكف الرجال الصائمين في رجب؛ حتى يضعوها في الطعام، ويقول: ما رجب؟! إن رجباً كان تعظمه الجاهلية فلما كان الإسلام ترك، وكره عمر بن الخطاب أن يتخذ صيامه سنة.
وهناك من علماء السلف من كان يصوم الأربعة الأشهر الحرم، ولا يفطر إلا في يوم عيد الأضحى وأيام التشريق، منهم الحسن البصري وأبو إسحاق السبيعي، ومنهم من كان يكثر الصيام في الأشهر الحرم كـ سفيان الثوري، وكره الإمام أحمد، ويحيى بن سعيد القطان، وأنس رضوان الله عليه، وابن عمر أن يتم الرجل صيام رجب، وكان أبو بكرة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى أهله قد جمعوا السلال والكيزان لمجيء شهر رجب، يقلب السلال، ويكسر الكيزان، ويقول: ماذا؟! أجعلتم رجب كرمضان؟!، ونص الإمام أحمد أنه لا يصوم رجب كرمضان بتمامه إلا من صام الدهر بأكمله.
وورد حديث ضعيف: (أن في الجنة نهر يقال له: رجب، ماؤه أحلى من العسل، وأشد بياضاً من اللبن، من صام يوماً في رجب سقاه الله من ذلك النهر) وقد ضعفه الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه: (تبيين العجب في ما ورد في فضل رجب) وقال: لا يصح في فضل رجب حديث صحيح.
(6/4)
حكم تخصيص صلاة معينة في رجب وذكر من قال إن الإسراء في رجب
ما ترك المبتدعة شهراً إلا وألحقوا به صلاة، وصلاة رجب تسمى صلاة الرغائب، وقد وضع الوضاعون حديثاً نسبوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأساسه من علي بن جهضم الذي كان يضع الحديث، وفي هذا الحديث: (أن من صام أول خميس من رجب، وقام في ليلة الجمعة التي تسميها الملائكة الرغائب، وفيها يجتمع الملائكة من أقطار السماوات والأرض حول الكعبة ويسألون الله تبارك وتعالى أن يغفر لصوام رجب)، وقد روى في هذا الموضوع قولاً قال: (إن من صام هذه الليلة وقام ليلها ما بين المغرب والعشاء، كان له ثلاثة: أماناً من الفزع الأكبر، وأن يغفر الله ما تقدم من ذنبه، وأن يعصم في ما بقي).
يقول الحافظ ابن حجر العسقلاني: والله! إني لأعجب، وإني لأغار لرمضان ولصلاة التراويح من هذه الصلاة، ليس جحداً بهذه الصلاة، بل إن العوام يجتمعون على هذه الصلاة أكثر مما يجتمعون في شهر رمضان، وكثير من الوعاظ يقولون: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رجب شهر الله، وشعبان شهري، ورمضان شهر أمتي، وهذا الحديث فيه أبو بكر بن القاسم، وهو ضعيف لا يصح.
أما حديث صلاة الرغائب، فقد قال الإمام الحافظ عبد الوهاب شيخ الإمام ابن حجر العسقلاني: فتشت عن رجاله في جميع الكتب فلم أجدهم.
يعني: أن أسانيده أسانيد ملفقة، يضعها الوضاعون في فضل صلاة هذا الشهر، وصلاة الرغائب ضعفها شيخ الإسلام الإمام العربي الأنصاري، وضعفها ابن الصنعاني، وابن الزيدي، وابن رجب الحنبلي ولم يصححها إلا ابن الصلاح وهذه سقطة، وسقطات العلماء في بحر جودهم وفي بحر علمهم مغفورة.
يقول الحافظ ابن حجر: وأما ما يقوله القصاص والمفسرون من أن الإسراء والمعراج كان في رجب، فذلك كذب.
ضعفه ابن حجر العسقلاني، وكذلك الإمام الحافظ إبراهيم الحربي، وابن رجب الحنبلي، وقالوا: إن الإسناد إلى القاسم بن محمد لا يصح.
وهناك فريق من العلماء منهم الإمام النووي قالوا: إن الإسراء كان في شهر رجب، وهناك جمع من العلماء قالوا: إن الإسراء كان في شهر رمضان، ومنهم ابن سعد، وهناك جمع من العلماء قالوا: إن الإسراء كان في ربيع الآخر، ومنهم إبراهيم الحربي، فهذا قول العلماء أن الإسراء والمعراج لم يكن في رجب.
وعلى قول من قال: إن الإسراء كان في رجب، أما اختصاصه في السابع والعشرين من رجب فهذا ما قاله إلا العماد ونقل عنه العلامة ابن كثير.
(6/5)
حكم القتال والذبيحة في رجب
تذهب السيدة عائشة إلى أن القتال في رجب منسوخ لقول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ} [المائدة:2]، ومذهب الجمهور على خلاف مذهب عائشة لقول الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ} [البقرة:217]، فحكم القتال في رجب غير جائز.
أما بالنسبة للذبيحة في رجب، فهناك حديث للنووي وغيره ورواه الإمام البخاري يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا فرعة، ولا عتيرة)، وورد عند النسائي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من شاء منكم أن يفرع فرع، ومن شاء أن يعتر عتر)، فجمع العلماء بين هذا الحديث وحديث أبي هريرة فقالوا: إن النفي هنا هو نفي الوجوب، أي: أن الذبيحة ليست واجبة، والرأي الأقوى الذي ذهب إليه ابن رجب الحنبلي قال: والعمل على حديث أبي هريرة بكراهية الذبيحة التي كانوا يذبحونها في رجب العتيرة، والنهي أولى، ويقدم حديث أبي هريرة في هذا الباب فحديثه أصح.
(6/6)
ذكر ما وقع من حوادث تاريخية في رجب
في هذا الشهر العظيم وقعت حادثتان عظيمتان: فتح بيت المقدس في رجب في السنة السادسة عشر للهجرة، وتحرير صلاح الدين الأيوبي لبيت المقدس في يوم الجمعة الموافق 27 رجب سنة 583 هجرية.
القدس تحتل مكان القلب من قلب كل امرئ مسلم قديسة التاريخ والآباء والذكر الحسن يا عطر كل الأنبياء المخلصين يا زهر كل الأولياء المتقين من قال اسمك يمتهن يا قدسنا يا عشقنا يا صهرنا قاتلت فيك ولم يزل يحلو السفر.
(6/7)
ذكر ما ورد من فضائل بيت القدس من الكتاب والسنة
القدس بنت السماء التي ضمت النور بالساعدين، ومسجدها وأذانها يحتل مكان القلب، ويقعان في قلب كل مسلم، هذه الأرض التي باركها وقدسها الله تبارك وتعالى، وألقى على ظلالها الطهر، هذه الأرض التي جاءت آيات كثيرة في بركتها، يقول الله تبارك وتعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء:1].
وجبريل حاد لمشرودة تقاصر عنها خيال الزمان ونور ينادي ونور يلبي ونور يضاء به المشرقان وفاض الذي لا تراه العيون يراه محمد رؤيا عيان ويقول الله تبارك وتعالى في كتابه على لسان موسى: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة:21].
ويقول الله تبارك وتعالى عن بيت المقدس: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} [الأعراف:137].
ويقول الله تبارك وتعالى عن الشام وبيت المقدس: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ} [سبأ:18].
ويقول الله تبارك وتعالى عن الشام وبيت المقدس فيما جاء عن إبراهيم: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:71].
ويقول الله تبارك وتعالى: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ} [الأنبياء:81].
ويقول الله تبارك وتعالى عن عيسى وعن أمه عليهما السلام: {وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} [المؤمنون:50].
قال قتادة والسدي: إنها بيت المقدس.
ويقول الله تبارك وتعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [النور:36].
قال عكرمة: هي المساجد الأربعة: الكعبة، ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى، ومسجد قباء.
ويقول الله تبارك وتعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا} [البقرة:114].
نزلت هذه بقول علماء التفسير في بيت المقدس.
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لما فرغ سليمان بن داود من بناء بيت المقدس، سأل ربه ثلاثاً: حكماً يصادف حكمه، وملكاً لا ينبغي لأحد من بعده، وألا يأتي هذا المسجد أحد لا يأتي إلا للصلاة فيه إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: أما اثنتين فقد أعطيهما، وأرجو أن يكون قد أعطي الثالثة) هذا الحديث رواه الإمام ابن ماجه في سننه، وصححه الشيخ الألباني في صحيح ابن ماجه وفي صحيح الجامع الصغير.
فقوله: (لما فرغ سليمان بن داود من بناء بيت المقدس) أي: من تجديد بناء البيت؛ لأن الذي بناه يعقوب، وكان بين بناء المسجد الأقصى وبين بناء أول بيت وضع للناس أربعون سنة كما جاء في الصحيحين.
وقوله: (سأل ربه ثلاثاً: حكماً يصادف حكمه) أي: حكماً يوافق حكم الله تبارك وتعالى، كما قال الله تبارك وتعالى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} [الأنبياء:79].
وقوله: (وملكاً لا ينبغي لأحد من بعده) أي: وملكاً لا يكون لأحد من بعده، والمعجزة التي أعطيها سيدنا سليمان كانت في الملك والنعم التي أعطاها الله تبارك وتعالى لسليمان، فما أعطى الله تبارك وتعالى ملك سليمان لأحد من قبله ولا لأحد من بعده.
وقوله: (وألا يأتي هذا المسجد) أي: بيت المقدس، (أحد لا يأتي إلا للصلاة فيه إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه).
وروى الإمام البخاري والإمام مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تشد الرحال إلا لثلاث: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى).
وروى الإمام النسائي عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتيت بالبراق فركبته حتى أتيت بيت المقدس، ثم ربطته في الحلقة التي يربط فيها الأنبياء، ثم دخلت المسجد)، لو لم يكن لبيت المقدس إلا هذه الفضيلة لكفى.
وعن جنادة الأزدي عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم في الدجال ويقول في الدجال: (فيمكث في الأرض أربعين صباحاً، يبلغ ملكه كل منهل، لا يأتي أربعة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجد الطور، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم).
وعن ميمونة مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: (قلت: يا رسول الله! أفتنا في بيت المقدس، قال: أرض المحشر والمنشر).
أي: يحشر الناس إليها ومنها ينشرون.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ائتوه فصلوا فيه، فإن صلاة فيه كألف صلاة في غيره، قالت: قلت: يا رسول الله! أرأيت إن لم أستطع أن أتحمل إليه، قال: فاهدوا له زيتاً يسرج فيه، فمن فعل فهو كمن أتاه).
ويقول الله تبارك وتعالى: {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ} [ق:41]، قالوا: ينادي -وهو إسرافيل- يقف على صخرة المقدس، وينادي الناس للنشر وللوقوف أمام الله تبارك وتعالى في عرفات القيامة.
الجراحات تستغيث وتشكو مل سمع الوجود أين صلاح مررت بالمسجد المحزون أسأله هل في المصلى أو المحراب مروان تغير المسجد المحزون واختلفت على المنابر أحرار وعبدان فلا الأذان أذان في منائره من حيث يتلى ولا الآذان آذان يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام أحمد من رواية أبي الدرداء: (بينا أنا نائم رأيت عمود الكتاب قد احتمل من تحت رأسي، فظننت أنه مذهوب به، فأتبعته بصري فعمد به إلى الشام) قال ابن حجر: سنده صحيح.
وذلك لأن ملك النبوة في آخر الزمان سيكون في الشام، بل الخلافة الإسلامية سيكون مركزها في القدس، لما رواه الإمام أحمد والإمام أبو داود والحاكم في مستدركه عن ابن حوالة الأزدي قال: (وضع رسول الله صلى الله وسلم يده على رأسي -أو على هامتي- وقال: يا ابن حوالة! إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة -أي: فلسطين- فقد دنت الزلازل والبلايا والأمور العظام، وللساعة يومئذ أقرب للناس من يدي هذه من رأسك) وهذا الحديث صححه الشيخ الألباني.
(6/8)









رد مع اقتباس