منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - تشريف الإسلام للمرأة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-10-10, 09:48   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
mahmoudb69
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية mahmoudb69
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


عبادة أم المؤمنين عائشة
أما عبادتها، فقد قال القاسم: كانت عائشة تصوم الدهر -أي: تسرد الصوم- ولا تفطر إلا يوم أضحى أو يوم فطر.
وعن عروة: أن عائشة كانت تسرد الصوم، يقول: كانت تصوم الدهر ولا تفطر إلا يوم أضحى أو يوم فطر.
وعن القاسم رحمه الله قال: كنت إذا غدوت -يعني: إذا صلى الغداة أو الصبح- أبدأ ببيت عائشة رضي الله عنها فأسلم عليها، فغدوت يوماً فإذا هي قائمة تسبح وتقرأ: {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور:27]، تدعو وتبكي وترددها، فظللت منتظراً حتى مللت القيام.
ثم ذهبت إلى السوق لحاجتي فرجعت فإذا هي قائمة تصلي وتبكي وتقول: {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور:27].
وعن عروة رضي الله عنه قال: كانت عائشة رضي الله عنها لا تمسك شيئاً جاءها من رزق الله إلا تصدقت به.
وقال عروة: بعث معاوية مرة إلى عائشة بـ (100000) درهم، فقسمتها، لم تترك منها شيئاً، فقالت لها بريرة: أنت صائمة فهلا ابتعت لنا منها بدرهم لحماً، فقالت: لو ذكرتيني لفعلت.
أي: أنها تنسى نفسها عند الصدقة.
وعن عروة قال: إن عائشة تصدقت بـ (70000) درهم، وإنها لترقع جانب درعها.
ما منا أحد حتى ممن ضيق الله عز وجل عليه الرزق يرضى أن يكون له ثوباً مرقعاً، هذا بالنسبة للرجل فما ظنك بالنسوة! مالوا فملن، ولما يفسد الرجال تفسد النسوة.
وعن محمد بن المنكدر عن أم ذرة كانت تغشى عائشة رضي الله عنها، قالت: بعث إليها ابن الزبير بمال في غرارتين كبيرتين بمائة وثمانين ألف درهم، فدعت في طبق وهي صائمة يومئذ، فجعلت تقسمه بين الناس، فأمست وما عندها من ذلك درهم، فلما أمست قالت: يا جارية! هلمي فطوري، فجاءتها بخبز وزيت، فقالت لها أم ذرة: أما استطعت مما قسمتي اليوم أن تشتري لنا بدرهم لحماً نفطر عليه، قالت: لا تعنفيني، لو كنت ذكرتيني لفعلت.
(1/14)
تواضع أم المؤمنين عائشة
وفي مرض موتها دخل عليها عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فقال: أبشري فوالله! ما بينك وبين أن تلقي محمداً صلى الله عليه وسلم والأحبة إلا أن تخرج الروح من الجسد، كنت أحب نساء النبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب إلا طيباً، فقالت: يا ابن عباس! دعني منك ومن تزكيتك، فوالله! لوددت أني كنت نسياً منسياً.
وهذا من تواضع عائشة رضي الله عنها.
فكانت قدوة من حيث الصدقة، ومن حيث صيام الدهر، ومن حيث العلم، ومن حيث العبادة.
ومن ذلك أنه يذهب ابن أختها إلى السوق وهي تصلي ثم يشتري حاجته، ثم يقف عندها حتى يمل من القيام، وهي ما خرجت بعد من سنة الضحى.
(1/15)
علو الهمة عند أم المؤمنين زينب
ومن علو همة أم المؤمنين زينب بنت جحش في الصدقة أنها كانت امرأة صناعة، أي: تعمل بيدها وتتصدق به في سبيل الله.
قالت عائشة رضي الله عنها: كانت زينب بنت جحش تساميني في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم أر امرأة قط خيراً في الدين من زينب، وأتقى لله، وأصدق حديثاً، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشد التزاماً بنفسها في العمل الذي تتصدق به، وتتقرب به إلى الله تبارك وتعالى.
أما في قيام الليل فحدث عنها ولا حرج، فقد دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ذات يوم فإذا حبل ممدود بين الساريتين فقال: ما هذا الحبل؟ قالوا: لـ زينب، إذا فترت تعلقت به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (حلوه، ليصل أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليقعد).
وعن برزة بنت رافع قالت: لما جاء العطاء - أي: عطاء سيدنا عمر لأمهات المؤمنين - بعث عمر إلى زينب رضي الله عنها بالذي لها، فلما دخل عليها قالت: غفر الله لـ عمر، لغيري من أخواتي كان أقوى على قسم هذا مني.
تظن أن هذا المال كله جاء لأمهات المؤمنين كلهن، فقالوا: هذا كله لك، فقالت: سبحان الله! ثم استترت دونه بثوب، ثم قالت: صبوه، ثم جعلت عليه ثوباً آخر، ثم قالت لجاريتها: ادخلي يدك فاقبضي قبضة اذهبي إلى آل فلان وإلى آل فلان من أيتامها ومن ذوي رحمها، فقسمته حتى بقيت منه بقية، فقالت لها برزة: غفر الله لك، والله! لقد كان لنا من هذا حظ، فقالت: لكم ما تحت الثوب، فرفعنا الثوب فوجدنا (85) درهماً، ثم رفعت يدها وقالت: اللهم! لا يدركني عطاء عمر بعد عامي هذا، فماتت قبل أن يأتي العطاء في العام المقبل.
وكان عطاء أم المؤمنين زينب بنت جحش في السنة (12000) درهم.
حمل إليها فقسمته كله إلا (85) درهماً فقط.
قالت عنها السيدة عائشة رضي الله عنها: لقد ذهبت حميدة متعبدة، مفزع اليتامى والأرامل.
وفي هذا عظة للإخوة والأخوات، فكل أخت ينبغي أن تسأل عن اليتامى والأرامل والمحتاجات من نساء المسلمين، وهذا دورهن في العمل الاجتماعي، أي: أن يبحثن عن النساء المسلمات المتعففات، اللاتي لا يجدن القوت، وأن تكون المرأة مسبحة ذاكرة صائمة متهذبة بكاءة خيراً لها، بعد أن تتعلم العلم المفروض عليها، ونحن قلنا: يجب أن يصحح الاعتقاد أولاً، أي: أن يكون مجمل الاعتقاد صحيح، وما فرض الله عليك من الصلاة والصيام والزكاة إن كنت غنية، ثم أقبلي على حفظ كتاب الله عز وجل، وكثرة الذكر.
وصح أن أم المؤمنين حفصة بنت عمر رضي الله عنها طلقها النبي صلى الله عليه وسلم وقد حسن ذلك الحافظ ابن حجر في الإصابة، وكذا الشيخ الألباني، ثم راجعها سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم بأمر من جبريل؛ لأن النبي لما طلقها نثر عمر التراب على وجهه وسار في طرقات المدينة وقال: ما أصبح الله يبالي بـ عمر ولا بابنة عمر، فنزل جبريل وقال: إن الله يأمرك أن تراجع حفصة؛ لأنها صوامة قوامة، وإنها زوجتك في الجنة.
(1/16)
علو الهمة عند أسماء بنت أبي بكر
وأسماء بنت الصديق رضي الله عنها لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم من مكة حمل أبو بكر معه جميع ماله (5000) أو (6000) فأتى جدها أبو قحافة وكان قد عمي فقال: إن هذا قد فجعكن بماله ونفسه، فقالت: كلا قد ترك لنا خيراً كثيراً، قالت: فعمدت إلى أحجار فجعلتهن في كوة في البيت، وغطيت عليها بثوب، ثم أخذت بيده ووضعته على الثوب، فقالت: ترك لنا هذا، فقال: أما إن ترك لكم هذا فنعم.
وعن عبد الله بن زيد قال: ما رأيت امرأتين قط أجود من عائشة وأسماء وجودهما مختلف، أما عائشة فكانت تجمع الشيء حتى إذا اجتمع عندها قسمته، وأما أسماء فكانت لا تمسك شيئاً لغد.
ومن ضمن الرسائل التي وصلتني رسالة أخ يقول فيها: أخي الشيخ الفاضل حسين! إني أحبك في الله لم أنس يا شيخنا آخر مرة سمعت لك فيها، تحدثت فيها عن فضل العلم وطلبه، فجزاك الله خيراً، والحقيقة عندما أردت أن أحضر اليوم أنا وزوجتي لكي نسمع لفضيلتك، لم يكن معنا إلا أربعة جنيهات فقط، فهل كنا نبقيها للطعام أم نجعلها للمواصلة، فآثرنا غذاء الروح على غذاء البطن، وجئنا لكي نستفيد من علمك.
فنسأل الله عز وجل أن يبارك في هذا الأخ وفي زوجه، والله! لو قدم علي يكون ضيفي هو وأهله فسوف أضعه في عيوني.
فـ أسماء رضي الله عنها ما كانت تمسك شيئاً لغد، وكانت إذا مرضت تعتق كل مملوك لها، وتتصدق بكل أكل عندها.
وعن ابن أبي ملكية قال: كانت أسماء تصدع فتضع يدها على رأسها وتقول: بذنبي وما يغفره الله أكثر.
(1/17)
علو همة سيمة بنت خياط
وسمية بنت خياط أول شهيدة في الإسلام، أم عمار وهي سابع سبعة في الإسلام، كان بنو مخزوم إذا اشتدت الظهيرة والتهبت الرمضاء، خرجوا بها وبابنها وزوجها إلى الصحراء، وألبسوهم دروع الحديد، وأهالوا عليهم الرمال المتقدة، وأخذوا يرضخونهم بالحجارة، فاعتصمت بالصبر، وقرت على العذاب، وأبت سمية أن تعطي القوم ما أرادوا من الكفر بعد الإيمان، فذهبوا بروحها وأفظعوا قتلتها، فلقد أنفذ النبل أبو جهل بن هشام أنفذ حربته فيها، فماتت رضي الله عنها، وكانت أول شهيد في الإسلام.
سمية لا تبالي حين تلقى عذاب النكر يوماً أو تلين وتأبى أن تردد ما أرادوا فكانت في عداد الصابرين
(1/18)
صبر أم شريك
وبصبر أم شريك غزية بنت جابر بن حكيم أسلم من عذبوها، قال ابن عباس: وقع في قلب أم شريك الإسلام وهي بمكة فأسلمت، ثم جعلت تدخل على نساء قريش سراً فتدعونهن وترغبهن في الإسلام، حتى ظهر أمرها لأهل مكة، فأخذوها وقالوا لها: لولا قومك لفعلنا بك وفعلنا، ولكنا سنردك إليهم، فقالت: فحملوني على بعير ليس تحتي شيء، ثم تركوني ثلاثاً لا يطعمونني ولا يسقونني، فنزلوا منزلاً وكانوا إذا نزلوا أوقفوني في الشمس واستظلوا هم، وحبسوا عني الطعام والشراب حتى يرتحلوا.
فبينا أنا كذلك إذا بأثر شيء بارد وقع علي منه، ثم عاد فتناولته فإذا هو دلو ماء، قالت: فشربت منه قليلاً ثم نزع مني، ثم عاد فتناولته فشربت منه قليلاً ثم رفع، ثم عاد أيضاً، فصنع ذلك مراراً حتى ارتويت، ثم أخذت سائره على جسدي وثيابي، فلما استيقظوا إذا هم بأثر الماء على جسدي وعلى ثيابي، ورأوني حسنة الهيئة، فقالوا لي: انحللت؟ أي: هل فككت الرباط، فأخذت سقاءنا فشربت منه؟ فقلت: لا والله! ما فعلت ذلك، بل كان من الأمر كذا وكذا، فقالوا: لئن كنت صادقة فدينك خير من ديننا، فنظروا إلى الأسقية ووجدوها كما تركوها، فأسلموا من ساعتهم.
(1/19)
أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط
وهكذا أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط زوجة عبد الرحمن بن عوف كان أبوها شيطاناً من شياطين الكفر، فأسلمت وفارقت خدرها ومستقرها ومأمنها تحت جنح الليل وحيدة فريدة شريدة، تطوي بقدميها ثنايا الجبال وأغوار التهائم بين مكة والمدينة، إلى مفزع دينها ودار هجرتها؛ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أتت بعد ذلك أمها فاتخذت سنتها، وهاجرت هجرتها، وتركت شباب أهل بيتها وكهولتهم وهم في ضلالهم يعمهون.
وأم كلثوم المغنية كانت دماء المسلمين التقية الندية تسيل على رمال سيناء وهي تصيح في المخدرين والسكارى والنائمين: هذه ليلتي وحلم حياتي! ولو أن الخيال يبعث حياً هوت الكأس من يديه حطاما كوكب الشرق ذل قومي لما جعلوك على الصدور وساما وأم حواري الرسول صلى الله عليه وسلم وعمته، أول امرأة قتلت رجلاً من المشركين، صفية بنت عبد المطلب، حدث عنها ولا حرج.
(1/20)
جهاد أم عمارة نسيبة
ومقام أم عمارة نسيبة بنت كعب في أحد خير من الرجال، فهي الفاضلة المجاهدة الأنصارية، شهدت ليلة العقبة وشهدت أحداً والحديبية ويوم حنين ويوم اليمامة، وجاهدت وفعلت الأفاعيل، وقطعت يدها وهي تجاهد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مقام فلان وفلان)، وكان يراها وهي تقاتل أشد القتال، وهي حاجزة ثوبها على وسطها، حتى جُرحت ثلاثة عشر جرحاً، وكانت تقول: إني لأنظر لـ ابن قمئة وهو يضربها على عاتقها، وكان أعظم جراحها، فداوته سنة، وهو الذي ضرب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم نادى منادي النبي صلى الله عليه وسلم: إلى حمراء الأسد، وشدت عليها ثيابها فما استطاعت من نزف الدم رضي الله عنها.
قالت أم عمارة: رأيتني وقد انكشف الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فما بقي إلا في نفر ما يتمون عشرة، وأنا وأبنائي وزوجي بين يديه نذب عنه، والناس يمرون به منهزمين، ورآني ولا ترس معي، فرأى رجلاً مولياً معه ترس، فقال: ألق ترسك إلى من يقاتل، فألقى ترسه فأخذته فجعلت أتترس به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قالت: فأقبل رجل على فرس فضربني، فتترست له فلم يصنع سيفه شيئاً فولى، فأضرب عرقوب فرسه فوقع على ظهره، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصيح: يا ابن أم عمارة أمك أمك؛ قالت: فعاونني عليه حتى أوردته شعوب.
يعني: قالت: أعانني ابني على قتل هذا الكافر حتى قتله معي.
وقتل ابنها مسيلمة الكذاب، وكانت تشجعه على هذا، جرحت يوم أحد اثني عشر جرحاً، وجرحت يوم اليمامة أحد عشر جرحاً، وقطعت يدها وقدمت المدينة وبها الجراحات.
فلقد رئي أبو بكر رضي الله عنه وهو خليفة يأتيها يسأل عنها، وهي عجوز مسنة قد قطعت يدها، ولكن مسليمة قتل ابنها فلله درها من امرأة!! وقد تكون المرأة ناعمة في بيت أبيها، لئن جاز للعواتق الناعمات من بنات حواء حياة ناعمة وهاجعة في بيوت آبائهن، يجررن فيها الذيول، تستعرض الواحدة منهن أنواع الحلي والزينة، وتضحي المسك فوق رأسها نؤوم الضحى لم تنطق عن تفضل، فإنها في بيت الحركة تكون فدائية.
(1/21)
جهاد أسماء بنت يزيد بن السكن
وقتلت أسماء بنت يزيد بن السكن تسعة من الروم في يوم اليرموك، وهي من المبايعات المجاهدات، قتلت بعمود خبائها يوم اليرموك تسعة من الروم، قالوا: وكان ذلك اليوم يوم عرسها، فلما قتلوا زوجها قلعت عمود الخباء ثم قتلت تسعة من الروم، في صبيحة عرسها.
يقولون: المرأة وليدة مجتمعها، يعني أنها تتأثر بظروف مجتمعها، مثلاً: امرأة تقول لزوجها: اذهب يرزقك ربنا ثعباناً؛ لأنهم يصيدون الثعابين، فتريد أن تصيبه بخير.
فالمرأة ظروف المجتمع تفرض عليها أحوالاً معينة، ونحن نريد امرأة تعيش للإسلام فقط، داعية، متصدقة، عابدة، ذاكرة، نسأل الله تبارك وتعالى أن يرزق الناس بمثلهن.
(1/22)
أم سليم امرأة أبي طلحة
والرميصاء بنت ملحان أم سليم امرأة من أهل الجنة، مثل كريم في الصبر، وفي الدعوة إلى الله عز وجل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا بـ الرميصاء بنت ملحان، امرأة أبي طلحة، فسمعت خشفة، فقلت: من هذا؟ قالوا: هذا بلال).
وكانت حياتها مليئة بالأعاجيب النيرة المشرقة، توحي بسموها وعلوها.
قالت أم سليم: آمنت برسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء أبو أنس وكان غائباً، فقال: أصبوت -أي: أكفرت-؟! فقالت: ما صبوت ولكني آمنت، وجعلت تلقن أنساً وهو يرضع: قل: لا إله إلا الله، قل أشهد أن محمداً رسول الله، ففعل، فيقول لها أبوه: لا تفسدي علي ابني، فتقول: إني لا أفسده، ولكني أعلمه دينه.
فخرج مالك فلقيه عدو فقتله، فقالت: لا جرم لا أفطم أنساً حتى يدع هو الثدي، ولا أتزوج حتى يأمرني أنس، أي: حتى يكبر أنس ويأمرني بذلك.
وخطبها أبو طلحة وهو مشرك، فأبت وقالت له يوماً: أرأيت حجراً تعبده لا يضرك ولا ينفعك؟ أو خشبة تأتي بها النجار فيضع لك منها صنماً هل يضرك أو ينفعك؟ قال: ووقع في قلبي كلامها، فقلت: إن آمنت، قالت: إني أتزوجك، ولا آخذ صداقاً منك غير الإسلام.
فقال أنس: تزوج أبو طلحة أم سليم فكان صداق ما بينهما الإسلام، وكان أفضل صداق في الإسلام.
أما صبرها الجليل، فهذه المرأة العظيمة لما مرض أخ لـ أنس من أبي طلحة يدعى أبا عمير، فبينا أبو طلحة في المسجد مات الصبي، فتهيأت أم سليم وقالت: لا تخبروا أبا طلحة بموت ابنه، فرجع من المسجد وقد تزينت وتصنعت، فقال: ما فعل ابني؟ قالت: هو أسكن مما كان، فقدمت عشاء فتعشى هو وأصحابه الذين قدموا معه، ثم قامت إلى ما تقوم له المرأة فأصاب من أهله، فلما كان آخر الليل قالت: يا أبا طلحة! ألم تر إلى أهل فلان استعاروا عارية فتمتعوا بها، فلما طلبت إليهم شق عليهم، قال: ما أنصفوا، قالت: فإن ابنك فلاناً كان عارية من الله، فقبضه الله إليه، فاسترجع وحمد الله وقال: والله! لا أدعك تغلبيني على الصبر حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له النبي: (بارك الله لكما في ليلتكما)، فاكتملت منذ الليلة على عبد الله بن أبي طلحة ولم يكن في الأنصار شاب أفضل منه، وخرج منه رجال كثيرون، ولم يمت عبد الله حتى رزق عشرة بنين، كلهم حفظ كتاب الله عز وجل.
(1/23)
صبر الخنساء
والخنساء التي صاغها الإسلام، ملأت في الجاهلية البوادي نياحاً على شقيقها صخر، وقالت: وإن صخراً لتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار وقالت أيضاً: يذكرني طلوع الشمس صخراً وأذكره لكل غروب شمس فلولا كثرة الباكين حولي على إخوانهم لقتلت نفسي وما يبكون مثل أخي ولكن أعزي النفس عنه بالتأسي بكت عليه، وقد مات مشركاً، وكان شجاعاً، لكن هذا لا ينفعه مع عدم الإسلام.
وفي الإسلام قدمت أفلاذ كبدها ونياط قلبها، أربعة من الأسود، خرجوا في يوم واحد؛ يوم القادسية، وكان مما أوصتهم به قولها: يا بني! إنكم أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، والله الذي لا إله إلا هو! إنكم لبنو رجل واحد كما أنكم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم، ولا فضحت خالكم، ولا هجنت حسبكم، ولا غيرت نسبكم، اعلموا أن الدار الآخرة خير من الدار الفانية، {اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران:200]، فإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها، وجللت ناراً على أوراقها، فتيمموا وطيسها، وجالدوا رئيسها، فاظفروا بالغنم والكرامة في دار الخلد والمقامة.
فلما كشرت الحرب عن أنيابها تدافعوا عليها وتواقعوا إليها، وكانوا عند ظن أمهم بهم، حتى قتلوا واحداً إثر واحد، فلما وافتها النعاة خبرهم لم تزد على أن قالت: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من الله أن يجمعني بهم في مستقر الرحمة.
وخولة بنت الأزور من ذوات الخدور، ولكن ليس كمثلها النسور.
(1/24)
عبادة وتقوى حفصة بنت سيرين
وحفصة بنت سيرين العابدة التقية، حفظت القرآن وهي بنت ثنتي عشرة سنة، وكان إذا أشكل على أخيها محمد بن سيرين شيء من القرآن يقول: اذهبوا إلى أختي حفصة فانظروا كيف تقرؤه.
هذه التقية التي مكثت ثلاثين سنة لا تخرج من مصلى بيتها إلا لقضاء حاجة زوج أو قيلولة.
وكانت من أفضل التابعين.
قال هشام بن حسان: اشترت حفصة جارية، فقيل لها: كيف رأيت مولاتك بالليل؟ فذكرت كلاماً بالفارسية معناه: إنها امرأة صالحة، إلا أنها أذنبت ذنباً عظيماً، فهي الليل كله تبكي وتصلي.
وكانت إذا قامت إلى مصلاها من الليل لبست كفنها، ما تمسك التلفون ست ساعات، بل كانت إذا قامت صلاة الليل لبست كفنها، وكانت تقرأ نصف القرآن في الليلة، وتصوم الدهر، ولا تفطر إلا العيدين وأيام التشريق.
(1/25)
علم عمرة بنت عبد الرحمن
وعمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة تربية عائشة، كانت عالمة فقيهة حجة، كثيرة العلم، وحديثها كثير في دواوين الإسلام.
عن ابن شهاب عن القاسم بن محمد أنه قال لي: يا غلام! أراك تحرص على طلب العلم، أفلا أدلك على وعائه؟ قلت: بلى، قال: عليك بـ عمرة فإنها كانت في حجر عائشة، فأتيتها فوجدتها بحراً لا ينزف.
(1/26)
ابنة ابن المسيب وأم الثوري
وابنة سعيد بن المسيب كانت تُعلم زوجها علم سعيد بن المسيب، ولما أراد أن يمضي إلى حلقة والدها قالت: إلى أين؟ قال: إلى مجلس أبيك أتعلم العلم، قالت: اجلس هاهنا أعلمك علم سعيد بن المسيب.
وأم سفيان الثوري تعوله بمغزلها، قالت أم سفيان لـ سفيان: اذهب فاطلب العلم حتى أعولك بمغزلي هذا، فإذا كتبت عدة عشرة أحاديث، فانظر هل تجد في نفسك زيادة من العمل فاتبعه.
يعني: يا بني اكتب عشرة أحاديث، فإن عملت بها ووجدت في نفسك زيادة فاكتب عشرة أحاديث أخرى، وإلا فلا تتعنى، أي: إذا كنت لن تطبق العلم على نفسك فاقعد خيراً لك.
(1/27)
عبادة أم الدرداء الصغرى
وأم الدرداء الصغرى مثل للفقيهة العابدة، كانت هي ونسوة متعبدات يجتمعن في مسجد فيصلين، فإذا ضعفن عن القيام تعلقن بالحبال، وكن يصلين بالبقرة وآل عمران والنساء والمائدة، قيل: فوالله ما يقعن إلا عند الأنعام في ركعة واحدة.
(1/28)
علم وفقه ابنة الإمام مالك وجاريته
وبنت الإمام مالك كانت تحفظ الموطأ، وكان إذا قرأ القارئ على أبيها، فإذا زاد أو نقص تدق ابنته الباب، فيقول أبوها للقارئ: ارجع فالغلط معك، فيرجع القارئ فيجد الغلط عنده.
وجارية الإمام مالك، حكى أشهب أنه كان في المدينة، وأنه اشترى خضرة من جارية، وكانوا لا يبيعون الخضرة إلا بالخبز، فقال لها: إذا كان عشية حين يأتينا الخبز فأتنا نعطيك الثمن، فقالت: ذلك لا يجوز، قال لها: ولم؟ فقالت: لأنه بيع طعام بطعام غير يد بيد، فسأل عن الجارية، فقالوا: هي جارية مالك بن أنس.
جارية في السوق وهي تعلم الناس فقه البيوع.
(1/29)
فطنة أم ابن المديني
وأما علي بن المديني، فيقول: غبت عن البصرة في مخرجي إلى اليمن ثلاث سنين وأمي حية، فلما قدمت قالت: يا بني! فلان لك صديق وفلان لك عدو، فقلت لها: من أين علمت يا أماه؟ قالت: كان فلان وفلان يجيئون مسلمين فيعزونني ويقولون: اصبري، فلو قدم عليك سرك الله عز وجل بما ترين.
يعني: ابنك هذا خرج في طلب العلم ولما يرجع فسيكون عالماً كبيراً جداً، فيعوضك عن الأيام التي غابها عنك كلها، قالت: فعلمت أن هؤلاء لك أصدقاء، وفلان وفلان إذا جاءوا يقولون: اكتبي إليه، ضيقي عليه ليقبل، فعلمت أنهم أعداء لك.
وفاطمة بنت عباس بن أبي الفتح كانت تستحضر أكثر المغني.
(1/30)









رد مع اقتباس