1- اعتناق القضاء الفرنسي في تعريف السرقة مفهوما واسعا يعطي الإمكانية لتجريم السرقة الإلكترونية و طبقا للحكم الصادر من محكمة مون بليه ( montbéliarde ) في 26 مايو عام 1978.[1]
2- يقع فعل الاختلاس على المعلومات لوجودها بكل فوائدها ومراياها الاقتصادية تحت سيطرة الجاني فيصبح بمقدوره التصرف فيها بحرية وتوجيهها.ويظهر عليها بمظهر المالك ويغتصب سلطة أو ميزة إعادة الإنتاج التي تخصه ويجرد المعلومات كليا أو جزئيا من القيمة وبخاصة القيمة الاقتصادية التي تمثلها في الذمة المالية للمجني عليه، ويؤيد أصحاب هذا الرأي ضرورة وجود نشاط مادي بعد هذا الاختلاس يتمثل في بيع المال الإلكتروني أو وضعها موضع التنفيذ.
3- فكرة الاستيلاء الاحتيالي لنسخ ونقل المال الالكتروني هي إحدى صور التفسير الواسع للاختلاس وأيدت المحكمة ذلك في قضية ( logabax ) والتي أدانت فيه المحكمة احد العمال بالسرقة عن حالة النسخ الفوتوغرافي للمستندات السرية حيث أن هذه المستندات تم الاستيلاء عليها احتيالا وانه وفقا لرأي فقهاء المعلوماتية بان سرقة المال الإلكتروني تختفي وراء سرقة الأوراق والمستندات[2].
ب- الالتقاط الذهني و السمعي للمعلومات الإلكترونية:
اختلف الفقهاء في صلاحية الالتقاط السمعي و الذهني للمعلومات الإلكترونية للاختلاس إلى رأيين:
الرأي الأول: يرى عدم الصلاحية الالتقاط السمعي و الذهني للمعلومات الإلكترونية للاختلاس:
الرأي الثاني: يرى الصلاحية الالتقاط السمعي و الذهني للمعلومات الإلكترونية للاختلاس.
الرأي الأول: يرى عدم الصلاحية الالتقاط السمعي و الذهني للمعلومات الإلكترونية للاختلاس. وذلك للأسباب التالية:
1- اختلاس المعلومات قد يتحقق بمجرد قراءة المعلومة أو الاستماع إليها وهو ما لا يمكن العقاب عليه ، فهي لا تعتبر بمثابة شيء و من ثم لا تصلح لأن تكون محلا للسرقة[3].
2- أن الصورة التي تظهر على شاشة النظام ألمعلوماتي ولو أنها تبدو كنشاط إنساني يمكن تقديرها بالجهد الفني الذي يبذله المختص إلا أنها لا تعتبر بمثابة شيء ولا تعتبر مكتوبة بالمرة ولا تصلح للسرقة. وئيد الرأي بحكم محكمة باريس فيما يتعلق بالاختلاس الناتج عن الالتقاط غير المشروع الوارد بقضية قناة التلفزيون في فرنسا والمسماة بـ canal plus من أن فكرة الاختلاس لا توجد اعتداء على العنصر المادي للشبكة المنتجة للبرامج التي تبث بوضوح وتلك التي تبث مشوشة.
فقد اعتبرت المحكمة أن جريمة السرقة لا تتوافر عناصرها وذلك لان " التوصل غير المشروع لالتقاط برامج هذه القناة لم يكن من شانه أن يغل يد مالك البرنامج عنه ".وبناء عليه رأت في حيثيات الحكم عدم توافر جريمة السرقة.
3- توافر فيه مقومات النشاط المادي ذو المظاهر الخارجية الملموسة الذي يقتصر التجريم عليه في الشرائع الحديثة وان وجود جرائم تتمثل مادياتها في محض النشاط الذهني تفتح مجالا لتجريم ما يدور في العقول و الأذهان وهذا غير معقول.
4- القول بأن مجرد الاطلاع على المعلومات دون علم ورضاء صاحبها يمثل جريمة سرقة يؤدي إلى نتائج غير معقولة ومبالغ فيها وان العقاب على سرية المعلومة ليس به شيء من الواقعية[4].
الرأي الثاني: يرى صلاحية الالتقاط السمعي و الذهني للمعلومات الإلكترونية للاختلاس. وذلك للأسباب التالية:
1- الاستيلاء على المعلومات يمكن أن يتحقق عن طريق السمع والمشاهدة ومن ثم فان المعلومة يمكن صبها في إطار مادي عن طريق تحيزها داخل إطار معين والاستئثار به.
ويتحقق ذلك إذا قام الشخص الذي التقط المعلومة بتدوينها أو تسجيلها على دعامة ثم يعرضها للبيع ففي هذه الحالة تنقل المعلومة من ذمة مالية إلى ذمة مالية أخرى حيث لم يعد صاحب المعلومة الشرعي هو الوحيد صاحب الحق في احتكارها.
وبالتالي فان المادة 311 الفقرة الثانية عقوبات فرنسي يمكن أن تطبق إذا تم الالتقاط المتبوع بنشاط مادي وادي إلى نقل المعلومة من ذمة المجني عليه إلى ذمة الجاني سواء على جهاز أو أوساط أو أوراق ، أما إذا احتفظ الشخص بالمعلومة التي التقطها في ذهنه دون تسجيل أو تدوين فانه لا يقع تحت طائلة قانون العقوبات.
2- يمكن الحصول على البرامج وتشغيل الجهاز ورؤية المعلومة على الشاشة فان المعلومات تنتقل من الجهاز إلى ذهن المتلقي وحيث أن موضوع حيازة المعلومات غير مادي فان واقعة الحيازة تكون من نفس الطبيعة أي غير مادية "ذهنية" وبالتالي نصل إلى إمكانية حيازة المعلومات الإلكترونية عن طريق الالتقاط الذهني بالبصر أو بالسمع[5].
ج_ الصورة الثالثة: المعلومات الإلكترونية المخزنة علـى دعــامات.
و اختلف الفقهاء حول صلاحية المعلومات الإلكترونية المخزنة على دعامات للاختلاس إلى رأيين هما:
الرأي الأول: يرى صلاحية المعلومات الإلكترونية المخزنـة علـى دعــامات للسرقة.
الرأي الثاني: يرى عدم صلاحية المعلوماتيـة المخزنة علـى دعامات للسرقة.
الرأي الأول: يرى صلاحية المعلومات الإلكترونية المخزنة علـى دعــامات للسرقة:وذلك للأسباب التالية:
1- إن الاعتداء على الأموال المعلوماتية المادية يصلح موضوعا لجريمة السرقة، والاعتداء على المعلومات و البيانات المنسوخة على الدعامات و الأشرطة الممغنطة يتوافر به جرم السرقة متى تم الاستيلاء عليها و نقل حيازتها من صاحبها الأصلي إلى حيازة الجاني وهو بذلك يشكل اعتداءا على المنقول، إذ إن الاستيلاء على المعلومات هي هدف الجاني و ليس الدعامات الفارغة، و التي لا يمكن فصل المعلومات عنها، و هذا ما أخد به القانون المصري[6].
2- إن سرقة المعلومات وليست سرقة الدعامة هي السبب الذي أدانت من اجله محكمة النقض الفرنسية في قضية " logabax " العامل الذي قام بنسخ مستندات سرية بدون علم ورضاء المالك.
3- أن محكمة النقض الفرنسية أدانت شخص بجريمة إخفاء لأنه قدم للمحكمة صورة منسوخة كان قد أعدها بنفسه من مستند مسروق بمعرفة شخص مجهول الهوية فالاختلاس هنا انصب على المعلومات في حد ذاتها.
الرأي الثاني: يرى عدم صلاحية المعلومات الإلكترونية المخزنة علـى دعامات:وذلك للأسباب التالية:
1- أنه يترتب على سرقة المعلومات والبرامج من على الدعامات المادية إضرارا تفوق القيمة الحقيقية للدعامة ذاتها ويرجع إلى أن اختفاء المعلومات يعقبها إفشاء للأسرار ، وان سرقة الدعامة يتمثل في ضياع وسرقة عمل على قدر كبير من الأهمية ويعتبرها البعض سرقة منفعة.
2-عدم صلاحية المعلوماتية للسرقة من على الدعامات ، ولكن يمكن تطبيقها على سرقة الدعامة التي تحتوي على المعلومات وكذلك المستندات التي تتضمن معلومات فالقضاء الذي اقر سرقة المستند المعلوماتي قد وضع في الاعتبار سرقة الشيء المادي رغم انه لا يمكن فصل المعلومات عن الورقة المنسوخة عليها وكذلك لا يمكن فصل المعلومات عن الدعامة المادية.
3- و انه في حالة افتراض وقوع الاختلاس على الأشياء المعنوية فيجب أن يقابله تشدد في تحقيق طبيعة الاختلاس ، بضرورة تحققه في نشاط مادي بان ينقل على دعامة مادية، فاخذ شيء غير مادي مثل المعلومات لا يكون ماديا إلا إذا كان قد تجسد في هيئة مادية. [7]
[2]- نائلة عادل محمد فريد قورة، المرجع السابق، ص 152.
[3]- محمد أمين أحمد الشوابكة، المرجع السابق، ص 149.
[4]- أحمد خليفة الملط، المرجع السابق ، ص 256 – 257.
[5]- أحمد خليفة الملط، المرجع نفسه، ص 256 – 257.
[6]- احمد أمين أحمد الشوابكة، المرجع السابق، ص 145.
[7]- أحمد خليفة الملط، المرجع السابق، ص 259 .