الدعايات المغرضة والإتّهامات الباطلة التي تفتقر إلى أدنى مقاييس الأمانة العلمية والتي صوّرت سيدنا محمد - صلى الله عليه و سلم - على أنّه زعيم يعادي التسامح والحوار شوّهت حقيقة هذا الرجل، وإلا فمحمد الرسول - صلى الله عليه و سلم - داعية السماحة في كل شؤون الحياة، وحياته العمليّة مليئة بصور و أحداث التسامح الجمّ، فمن ذلك أنّ بعض اليهود كانوا يدعون عليه بالموت ويوهمونه أنهم يسلّمون عليه، حيث كانوا يقولون السام (الموت) عليكم عوض السلام عليكم، فتفطّن رسول الله صلى الله عليه و سلم لذلك، ولكن تسامحه كان عجيبا لكل منصف!!! فتصور نفسك في هذا الموقف وماذا سيكون رد فعلك؟ ثم أخبرك برد فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم،
تصور نفسك حاكما مطاعا وقائدا آمرا ثم يدعو عليك رجل بالموت وأنت تسمعه والأدهى من ذلك أنّه يخادعك.
فإنّك في هذا الموقف حتى ولو تسامحت في الدعاء فلن ترضى لنفسك بالإستبلاه والمخادعة.
والآن أيّها القارئ المنصف أخبرك بموقف رسول الله - صلى الله عليه و سلم - من هذا المشهد الإستفزازي لتكون بنفسك أنت الحكم.
ففي يوم من الأيام كان سيدنا محمد - صلى الله عليه و سلم - جالسا مع زوجته عائشة فمرّ به بعض اليهود وتظاهروا بالسلام عليه وهم يقصدون شتمه ففطنت زوجته وحبيبته وقرّة عينه عائشة لحقيقة كلامهم فبادلتهم المشاتمة في الحال.
والسؤال الآن هل رضي محمدعليه الصلاة و السلام بذالك؟ وهل فرح لأنها لعنت من شتمه؟
الجواب: أنّ شيئا من ذالك لم يكن، بل وقع العكس حيث عاتب محمدعليه الصلاة و السلام زوجته الحبيبة وأمرها بالتسامح والرفق ونهاها عن الشدة والعنف، فعن عائشة قالت:
( كان اليهود يسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم يقولون السام عليك ففطنت عائشة إلى قولهم فقالت عليكم السام واللعنة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مهلا يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كلّه...)