تحية طيبة وبعد :
أول شيء يجب التأكيد عليه هو مسألة مهمة غابت عن أذهان الكثيرين وهي:
تفريط الآخر في واجبه اتجاهي لا يعني أن لا أؤدي واجبي نحوه
فمن المعلوم والمعروف أن الوالدين لهم حقوق وواجبات اتجاه أبنائهم لكن هل ياترى تفريطهم في جزء من الواجبات
يؤدي بنا إلى أن نعاملهم بالسوء؟
ومن أهم الحقوق احترامهما وتقديرهما ووالتحدث عنهما بكل أدب وعدم غيبتهما أو التعريض بهما حتى يسبهما أحد ما ولو كانا مخطئين
للوالدين قدر كبير .. وقد يكونا هما سببا في عقوق أولادهما لهما بسبب تربيتهما الخاطئة
ومع ذلك لا يعتبر ذلك تبريرا لأي لفظة تقال عنهما بسوء مثل لفظة
( تريكلامي) هذه لفظة لا تليق في حق الوالدة أبدا مهما كان تصرفها
بعد هذه المقدمة أحب أن أقول لك
كونهما مخطئين في العدل والمساواة وتفضيلهما أخيك عليك لا يعني بالضرورة أن تشعر بأنك أفضل من أخيك وأنك أحق بالتفضيل منه
حسنًا.. حسنًا ...!أنت لم تقلها بصريح العبارة لكن قرائن من كلامك تشعر بذلك منها:
مقارنتك بين وبين أخيك في الالتزام والدراسة والأخلاق
وهذا فخ قلما ينجو منه أي مظلوم.. عافانا الله ..!
حاول قدر المستطاع التحبب لوالديك والإحسان لهما والرضا بسلوكهما ولا تجعل صدرك يجمع كل ما يقولونه
فمثلا موقف الوالدة في الكلام عن وسامة أخيك يعني أنت يا أختي يجب أن لا تتدقق في الأمور فعليك بعقلية (التطنيش )
وأخبرك أنه في الغالب لا يخلو بيت من التمييز بين الأولاد
بل ومظاهره ضد البنات أكثر وأكثر .. قتجد كثيرا منها يفضلون الذكر على الأنثى قد تجد من يفضل البنات على الذكور ولكنه قليل بالمقارنة مع الأول وهذا معروف وقديم حتى من الجاهلية ولا ينكره أحد
والحقيقة بيتي الذي تربيت فيه من أكبر بيوت التمييز بين الذكر والأنثى ولو بأن ترغم الفتاة على التخلي عن حقها المادي لأخيها
ومع ذلك لا أشغل نفسي بهذه التفريقات وأبقى أكررها لأنها مُتعبة ولن توصلني إلا لمشاكل مع والدتي بل وإلى أن ينقص حبها في قلبي
فالإنسان عليه أن يحاول بعثرة بعض المواقف وعدم الوقوف عند كل كلمة و كل نظرة وكل تصرف...
فإن بقي يكرر المواقف ويكررها على نفسه ودائما يرى نفسه أفضل من أخيه وأنه كذا وكذا
فإن النتيجة الحتمية امتلاء القلب بالغل والحقد ! وبالتالي القيام بسلوكيات تدخل في دائرة محرمة اسمها (العقوق) وربما يزيد على التعدي على الأخ الأكبر ايضا
وما قصة إخوة يوسف عنا بمخفية
ومع وجود الفروقات بين قصة يعقوب عليه السلام ووالديك لكن فيها بعض التنبيهات المفيدة جدا لك منها إنكارهم على أبيهم تفضيل يوسف وأخيه في المحية وهم جماعة !
وعليك أيضا أن تحذر من أن تقع في صفة (الحسد ) لأخيك وهي أيضا صفة سيئة لأنه صاحب نعمة أنت لا تملكها بل وتتمناها أيضا وترى أنك تملك كل المواصفات والمعطيات لامتلاكها ولا تنسى هو شقيقك وله حقوق عليك
وأنصحك نصيحة ذهبية :
لا تتسوّل العدل معك من أحد في حياتك لأنك تخسر بذلك ماء وجهك وكرامتك لأنه لن يراك إلا صغير عقل غير ناضج وأن عقليتك عقلية الأطفال
وبدل أن تفكر فيما يجب على والديك نحوك
حوّل تفكيرك
إلى ما يجب عليك أنت نحو والديك لتنال رضا الله
فأحسن إليهما قدر المستطاع فإنك مهما فعلت لن ترد لهما جزء يسيرا من فضلهما
وافعل كل شيء يتصور لك أنه إكرام وإحسان لهما وقل في نفسك داائما : لم أفعل شيئا بعد يستحق أن يذكر في جنابهما
ثم ومن يدري لعل في تصرفهما هذا تعليما لك على تحمل المسؤولية والاعتماد على نفسك وقد قيل : رب ضارة نافعة ( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم )
ولا تنسى الدعاء لهما بأن يهديهما وييسر لهما سبل الخير ...
(وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا )
فادع الله أن لا يؤاخذهما بعدم عدلهما معك وإلا فإني لا أتصور أنك تحب لوالديك أن يعذبا !
أسأل الله أن يوفقنا جميعا لبر والدينا أحياء وأمواتا ...
أتمنى لك التوفيق