القدرة على التحليل
تلك القدرة ضرورية للمجتمع المتحضر، فالقدرة على التحليل تعني الحوار والتشريح والتجريد وما إلى ذلك من مهارات الرصد وأدوات الثقافة، ولا مجتمع ينهض دون ثقافة، وفقدانها يعني وجود فراغ كبير يحجز الفكرة داخل غلاف تنظيري لا علاقة له بالواقع، وهذه هي أشد النتائج السلبية التي تعتري تلك التيارات التي تجعل من الثقافة مُكملاً-لا معنى له- ورفعها من سياق الأصل إلى الفرع، فالإنسان المثقف عزيز... والثقافة لديهم تعني المعرفة الدينية أو بالمرجعية الدينية، وبذلك يجعل الفرد منهم حَكَماً على الآخر بمجرد رؤيته الدينية، دلالته في شيوع ذلك الفصل بين التيارات الإسلامية فصلاً يُحيل أي خلاف إلى فكرة الحق والباطل..الهداية والضلال..وهي ذاتها حُكم ذوي الرؤية الواحدية وأرباب التصنيف.
أيضاً فالقدرة على التحليل ترتبط بالمعلومة ، فلا تحليل دون معلومة..وبذلك نعود إلى المربع رقم"1" وهو الإعلام..ذلك الغول المتغول الذي سلب من الإنسان شخصيته وحياته وجعلها مرهونة لذلك الغول بمقدار ونوعية تلك المعلومة.. فالإعلام له دور أصيل في نشوء ذلك الفراغ بين النظرية والتطبيق...وبالتالي ضعف "رؤية الممارسة"... والإعلام بحاجة لمهارة"حسية وشعورية" للتعامل معه دون إحداث ضجيج يُفرغ الإنسان من هويته الحقيقية إلى هوية أخرى غريبة عليه فتُكسبه صفات لا يملكها في الأصل..وتنشأ عنها-الصفات-أزمة وجدانية تقف حائلاً بين رصد المتناقضات كنظرية وكتطبيق..وبتعايش الإنسان معها تزداد أزمته تغولاً حتى تُصبح "هذه المتناقضات" جزء من كينونته فتظهر عليه بوادر العجز عن التطبيق أو حتى كيفيته في الذهن.