خامساً : الترابي: لست سنياً ولا شيعياً:
وعن موقفه من السنة والشيعة يقول:
"كنت أتحدث في مؤتمر مع مسلمين وعرب في المؤتمر العربي والإسلامي. قلت لهم: .. أنا لست سنياً ولا أدرك ما معنى السني والشيعي. إذا اختلفنا على مرشحين اثنين للخلافة الراشدة الثالثة، فصوت بعضهم لهذا وصوت آخرون لذلك. فتلك أمة قد مضت لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، فهل نشق التاريخ الإسلامي إلى يوم القيامة.
كذلك المذاهب، ما أحسب أن مالكاً أو أبا حنيفة أو الصادق قد قدروا أنهم أسسوا مذهباً يستمر إلى يوم القيامة. لقد اجتهدوا ليومهم وربما حسبوا أن اجتهادهم لا يزيد على أن يستمر لسنوات، ثم يأتي مجتهدون جدد يجددون الدين ويواجهون مشكلات جديدة. لكنا بقينا أسرى اجتهادهم. حتى أهل الصوفية أرادوا أن يدخلوا معاني داخلية للدين لا معاني ظاهرية فقط، فاتخذناها طرقاً إلى يوم القيامة: كالقادرية، والنقشبندية، و … الخ. لهؤلاء جميعاً أقول: تعالوا نتوحد".
هذا ما قاله الترابي لصحيفة المحرر [في 1/8/94]، أما ما قاله في أحد مؤتمرات الطلبة العرب المسلمين في أمريكا:
"ليس صحيحاً أن التراث السني والشيعي متباينان هذا التباين، فكتاب الشوكاني دليل لنا رغم أنه شيعي زيدي، وما يجمع المسلمين أكثر مما يفرقهم، فما يجمعهم 95% وما يفرقهم 5%.
وسئل: هل أنت على المذهب الشيعي؟ فأجاب: أنا لا أسمي نفسي شيعياً ولا سنياً، سني وشيعي لا تعني أنه يتبع سنة الرسول أو لا يتبعها. معناها حزب سياسي، ومرشح لكل حزب، وأنا لا أصوت لهذا ولا لهذا، وقال: وأما القرآن فكلنا نتفق عليه، أما أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم فنتفق على معظمها سنة وشيعة، أما التراث السني والشيعي ففيه من الترهات والخرافات عند أهل السنة والشيعة، وفيه فوائد" (9).
لمَ لا نحسن الظن بالرجل، ونصدق قوله: ".. ولا أدري ما معنى السني والشيعي"، وهذا الذي قاله ينم عن جهل واضح وفاضح.
فالناس يسألونه عن الشيعة الاثني عشرية، مذهب الخميني ورافضة إيران، وهو يجيبهم عن الزيدية، مما يدل على أنه لا يعرف الفرق بينهما.
وكتاب الشوكاني الذي يبدو أنه سمع به ثم نسي اسمه هو: "نيل الأوطار"، ويعتبر مرجعاً من مراجع أهل السنة، والشوكاني كان شيعياً زيدياً، ثم أصبح سنياً وعاش بقية عمره ثم مات على عقيدة أهل السنة والجماعة ومنهجهم.
قوله إن الشيعة والسنة متفقون على 95% من الإسلام، لا يقبله أي سني يفهم دينه وعقيدته، وقل مثل ذلك في أي شيعي، ولا يقبله أيضاً أي مستشرق يحترم عقله وعقول الذين يخاطبهم فيما يكتب، وذلك لأن الشيعة يقولون أن عندهم قرآناً غير قرآننا ويسمونه مصحف فاطمة، وهو مثل القرآن ثلاث مرات. وسيظهره مهديهم، ولا يعتقدون صحة حديث إلا إذا رواه أئمتهم ومراجعهم، ولو كان هذا الحديث متواتراً عند أهل السنة، وفضلاً عن ذلك فهم يعتقدون عصمة أئمتهم، والترابي يشكك حتى بعصمة الرسول صلى الله عليه وسلم، كما يعتقدون عقائد أخرى باطلة: كالرجعة، والتقية، وكفر الصحابة وردتهم لا يستثنون إلا خمسة منهم، فأين هذا الاتفاق على 95% من الدين؟.
وإذا كان الترابي قد اعترف بجهله في هذه المسألة الخطيرة فكيف يخوض ويفتي بها؟.
ومن جهة أخرى فإن حديثه مع "المحرر" جاء بعد عشرة أعوام، وهي فترة كافية ليتعلم، لاسيما وأنه يتعرض لمثل هذه الأسئلة في محاضراته ومجالسه العامة.. مع ذلك وبكل استهتار يكرر "للمحرر" إقراره بالجهل ويعيد الفتوى السابقة نفسها.
(9) أنظر كتابي "دراسات في السيرة النبوية"، وكنت قد استمعت إلى شريط محاضرته، ونقلت منه هذه الفقرات.