منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - حَمْلُ الـمُجْمَلِ عَلَى الـمُفَصَّلِ من كَلاَمِ العُلَمَاءِ
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-09-17, 00:55   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي


قال الإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى-:



(فصل: أقسام الألفاظ الثلاثة ...
الألفاظ بالنسبة إلى مقاصد المتكلمين ونياتهم وإراداتهم لمعانيها؛ ثلاثة أقسام:

أحدها: أن تظهر مطابقة القصد للفظ، وللظهور مراتب، تنتهي إلى اليقين والقطع بمراد المتكلم، بحسب الكلام في نفسه وما يقترن به من القرائن الحالية واللفظية، وحال المتكلم به، وغير ذلك، كما إذا سمع العاقل والعارف باللغة، قوله تعالى:

(إنكم سترون ربكم عيانًا، كما ترون القمر ليلة البدر، ليس دونه سحاب، وكما ترون الشمس في الظهيرة، صحوًا ليس دونها سحاب، لا تضارّون في رؤيته، إلا كما تضارّون في رؤيتها)

فإنه لا يستريب ولا يشك في مراد المتكلم، وأنه رؤية البصر حقيقة، وليس في الممكن عبارة أوضح ولا أنص من هذه، ولو اقتُرِح على أبلغ الناس أن يعبّروا عن هذا المعنى، بعبارة لا تحتمل غيره؛ لم يقدر على عبارة أوضح ولا أنص من هذه، وعامة كلام الله ورسوله من هذا القبيل، فإنه مستولٍ على الأمد الأقصى من البيان......

القسم الثاني: ما يظهر بأن المتكلِّم لم يُرد معناه، وقد ينتهي هذا الظهور إلى حد اليقين، بحيث لا يشك السامع فيه، وهذا القسم نوعان: أحدهما: أن لا يكون مريدًا لمقتضاه ولا لغيره، والثاني: أن يكون مريدًا لمعنى يخالفه.
فالأول:كالمكره، والنائم والمجنون، ومن اشتد به الغضب، والسكران.
والثاني: كالمعرِّض، والمورِّي، والملغز، والمتأول.

القسم الثالث: ما هو ظاهر في معناه، ويحتمل إرادة المتكلم له، ويحتمل إرادته غيره، ولا دلالة على واحد من الأمرين، واللفظ دال على المعنى الموضوع له، وقد أتى به اختيارا.

فهذه أقسام الألفاظ بالنسبة إلى إرادة معانيها، ومقاصد المتكلم بها، وعند هذا يُقال:إذا ظهر قصد المتكلم لمعنى الكلام،أو لم يظهر قصد يخالف كلامه؛ وجب حمل كلامه على ظاهره، والأدلة التي ذكرها الشافعي -رضي الله عنه- وأضعافها:كلها إنما تدل على ذلك، وهذا حق لا ينازع فيه عالم، والنِّزاع إنما هو في غيره، إذا عرف هذا: فالواجب حمل كلام الله تعالى ورسوله، وحمل كلام المكلف على ظاهره، الذي هو ظاهره، وهو الذي يُقصد من اللفظ عند التخاطب، ولا يتم التفهيم والفهم إلا بذلك، ومُدَّعي غير ذلك على المتكلم القاصد للبيان والتفهيم؛ كاذب عليه...).اﻫ


"إعلام الموقعين" (3/107-109)