أقسام الكلام
من المعلوم أن الكتاب والسنة هما أصلا الدين وقوامه، وأنهما بلسان عربي مبين فيتوقف العلم بهما على العلم بالكلام العربي نفسه، والوقوف على أقسامه المتعددة.
ولكن قبل تقسيمه ينبغي تعريفه أولاً، إذ معرفة أقسام الشيء فرع عن معرفته.
تعريف الكلام
يطلق الكلام على مجموع أمرين: اللفظ والمعنى كالقرآن وسائر الكتب المنزلة والأحاديث القدسية فإنها كلام الله تعالى دالها ومدلولها.
هذا هو قول أهل الحق، وقد أطلقه جماعة من المبتدعة على المعنى المستقر في القلب وهو قول مردود بكتاب اللّه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وإن أطلق الكلام في بعض الأحيان على المعنى القائم بالنفس فلابد من تقييده بما يدل على ذلك كما في قوله تعالى: {ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا اللّه بما نقول} فلولا تقييده بقوله "في أنفسهم " لانصرف إلى القول باللسان. وقد يطلق على كل ما أفهم المراد كقول الشاعر:
إذا كلمتني بالعيون الفواتر رددت عليها بالدموع البوادر
ويطلق عند النحاة على: اللفظ المركب تركيباً مفيداً فائدة يحسن السكوت عليها مثل محمد رسول الله.
أقل ما تحصل به الفائدة
تحصل الفائدة بكل ما اشتمل على نسبة إسنادية، وأقل ما يكون ذلك في أحد التراكيب الآتية:
1- التركيب من اسمين كالمبتدأ والخبر مثل: اللّه أحد، اللّه الصمد.
2- التركيب من فعل واسم كالفعل مع فاعله مثل: جاء الحق وزهق الباطل.
3- التركيب من حرف واسم مثل: يا اللّه.
والصحيح أن التركيب الثالث راجع إلى التركيب الثاني لأن الحرف نائب عن فعل، وتحصل الفائدة بالكلمة الواحدة المتضمنة لمعنى كلام مفيد كحرف الجواب نحو: لا وبلى ونعم، وفعل الأمر نحو: استقم.
تقسيم الكلام إلى خبر وإنشاء
ينقسم الكلام إلى خبر وإنشاء.
تعريف الخبر: هو ما احتمل الصدق والكذب لذاته. فقولنا: "ما احتمل الصدق والكذب " احتراز عن الإِنشاء فإنه لا يحتمل الصدق ولا الكذب. وقولنا: "لذاته " لئلا يشمل التعريف كلام اللّه تعالى مثل: {ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر} والأمور البديهية مثل الواحد نصف الاثنين. والكل أكبر من الجزء.
تقسيم الخبر إلى صدق وكذب: وينقسم الخبر إلى صدق وكذب فإن طابق مضمونه الواقع نفياً مثل: لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم : أو إثباتاً مثل: الناس سواسية كأسنان المشط فصدق. وإن خالفه نفياً مثل "لا حاجة إلى تعلم الصناعات النافعة " أو إثباتاً مثل: الفرس أسرع من الطائرة فكذب.
تعريف الإِنشاء: هو ما لا يحتمل الصدق ولا الكذب لذاته كأقم الصلاة؛ لا تشرك بالله، وهو نوعان: طلبي وغير طلبي..
أ- الطلبي: وهو ما استدعى مطلوباً غير حاصل وقمت الطلب وهو أقسام منها:
1- الأمر: وهو طلب إيجاد الشيء بصيغة دالة عليه مثل "أطع والديك ".
2- النهي: وهو طلب الكف عن فعل بصيغة دالة عليه نحولا تقصر في واجبك.
3- استفهام: وهو طلب الإِفهام عن شيء نحو هل ذاكرت درسك.
4- التمني: وهو ما كان مدلوله طلب أمر لا مطمع فيه أو عسير المنال بصيغة دالة عليه.
مثال الأول: ليت شباباً بوع فاشتريت.
ومثال الثاني: ليت المسلمين يتحدون.
5- الترجي: وهو ما كان المطلوب فيه ممكناً وكان محبوباً بصيغة دالة عليه مثل: لعل شباب المسلمين يتجهون إلى النهل من معين دينهم الحنيف.
6- العرض: وهو الطلب برفق مثل قولك لصديقك: "ألا تزور صديقك ".
7- التحضيض: وهو الطلب بحث مثل: ألا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدءوكم أول مرة.
ب- وغير الطلبي: كصيغ العقود نحو: بعت واشتريت وزوجت مراداً بها إمضاء العقد، وكصيغ القسم نحو: واللّه لأصدقن في الحديث ؛ وكالمدح نحو: نعم الطالب المجد. والذم نحو: بئست الصفة الحسد.