جزاكم الله خيرا جميعا ، وبارك الله فيكم على الإضافة
************************
قال ابن رجب الحنبلي -رحمه الله تعالى- في رسالته الفرق بين النصيحة والتعيير : " ومن هذا الباب أن يقال للرجل في وجهه ما يكرهُه، فإن كان هذا على وجه النصح فهو حسن، وقد قال بعض السلف لبعض إخوانه : ( لا تنصحني حتى تقول في وجهي ما أكره) .
ويحق لمن أُخبر بعيب من عيوبه أن يعتذر منها؛ إن كان له منها عذر.
فالتوبيخ والتعيير بالذنب مذموم وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تُثَرَّبَ الأمة الزانية مع أمره بجلدها، فتجلد حداً ولا تعير بالذنب ولا توبخ به.
وفي الترمذي وغيره مرفوعاً: « من عيَّر أخاه بذنب لم يمت حتى يعمله ». وحُمل ذلك على الذنب الذي تاب منه صاحبه. قال الفضيل: ( المؤمن يستُرُ وينصَح، والفاجر يهتك ويُعيِّر ) .
فهذا الذي ذكره الفضيل من علامات النصح والتعيير، وهو أن النصح يقترن به الستر، والتعيير يقترن به الإعلان.
وكان يقال: ( من أمرَ أخاه على رؤوس الملأ فقد عيَّره ) أو بهذا المعنى.
وكان السلف يكرهون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على هذا الوجه، ويحبون أن يكون سراً فيما بين الآمر والمأمور، فإن هذا من علامات النصح، فإن الناصح ليس له غرض في إشاعة عُيوب من ينصحُ له، وإنما غرضه إزالة المفسدة التي وقع فيها.
وأما إشاعة وإظهار العيوب فهو مما حرمه الله ورسوله، قال الله تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ﴾[النور:19]
والأحاديث في فضل السر كثيرةٌ جدَّاً.
فشتان بين من قصدُهُ النصيحة وبين من قصدُهُ الفضيحة، ولا تلتبس إحداهما بالأخرى إلى على من ليس من ذوي العقول الصحيحة."
__________________________
منقول بتصرف من مدونة أبو راشد