ردنا على إفترائك وحقدك و نيابة عن إخواني في الله أهل الكتاب والسنة أهل الجماعة والسنة اهل النهج الصالح والعقيدة الراسخة
إنَّ الحمد لله؛ نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذ بالله من شرور أنفسِنا ومن سيِّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمَّدًا عبده ورسوله.
أما بعد؛
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمَّد - صلى الله عليه وسلم - ، وشر الأمور محدثَاتُها، وكلَّ محدثة بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالة في النار.
ثمَّ إنَّ من نعم الله على هذه الأمة أن أكمل لها دينها، وأتمَّ عليها نعمته، ورضي لها الإسلام دينًا.
وإنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قُبِضَ إلا وقد تركها على المحجَّةِ البيضاء؛ ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، وما ترك خيرًا يقرِّبها إلى الجنة ويُبْعِدها عن النار؛ إلا ودلَّها عليه، ولا شرًّا إلا وحذرها منه؛ ليَهْلِكَ من هلك عن بيِّنَةٍ ويَحْيَا من حَيَّ عن بيِّنة.
وقد أمرنا الله عزَّ وجلَّ أن نرجعَ عند الاختلاف ونتحاكَمَ عند النزاع إليه وإلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - فقال عزَّ من قائل:
{فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} (النساء-59) .
وعلى هذا النَّهج سار سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين، ومَن سلك نهجَهم وخطى خطاهُم.
العقيدة السلفية بين العقائد الأخرى:
إن أهمية دراسة العقيدة السلفيَّة تنبع من أهمية العقيدة نفسها، وضرورة العمل الجاد الدّؤوب لإعادة الناس إليها، وذلك لأمور:
أولاً: أنه بها تتوحَّد صفوف المسلمين والدُّعاة، وعليها تجتمع كلمتهم، وبدونها تتفكَّك؛ ذلك أنها عقيدة الكتاب والسنة والجيل الأول من الصحابة، وكل تجمُّع على غيرها مصيره الفشل والتفكُّك.
ثانيًا: أن العقيدة السلفية تجعل المسلم يعظِّم نصوص الكتاب والسنة، وتعْصِمُه من ردِّ معانيها، أو التّلاعب في تفسيرها بما يوافق الهوى.
ثالثًا: أنها تربط المسلم بالسَّلف من الصحابة ومَن تبعهم، فتزيده عزَّة وإيمانًا وافتخارًا، فهم سادةُ الأولياء، وأئمَّة الأتقياء، والأمر كما قال ابن مسعود رضي الله عنه:
((إن الله نظرَ في قلوب العباد، فوجَد قلبَ محمّدٍ - صلى الله عليه وسلم - خيرَ قلوب العباد، فاصطفاهُ لنفسه، فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب
محمد - صلى الله عليه وسلم - ، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيِّه، يقاتِلون على دينه، فما رَأى المسلمون حسنًا فهو عند الله حسنٌ، وما رأوْهُ سيِّئًا فهو عند الله سيئ)) (رواه الإمام أحمد في ((المسند)) (1/379)) .
أو كما رُوِيَ عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال:
((مَن كان مستنًّا؛ فليستنَّ بمَن قد مات، أولئك أصحاب محمّد - صلى الله عليه وسلم - ؛ كانوا خيرَ هذه الأمة؛ أبرَّها قلوبًا، وأعمقَها علمًا، وأقلَّها تكلُّفًا، قومٌ اختارهم الله لصحبة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - ، ونقل دينه، فتشبهوا بأخلاقهم وطرائقهم، فهم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - كانوا على الهدى المستقيم، والله ربِّ الكعبة)) (الحلية)) لأبي نعيم (1/305)) .
رابعًا: تميُّزُهَا بالوضوح؛ حيث إنها تتَّخذ الكتاب والسنة منطلقًا في التصوُّر والفهم، بعيدًا عن التأْويل والتعطيل والتَّشْبيه، وتنجي المتمسِّك بها من هَلَكةِ الخوض في ذات الله، وردِّ نصوص كتاب الله وسنَّة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - ، ومن ثَمَّ تكسب صاحبها الرِّضا والاطمئنان لقدر الله، وتقدير عِظَمِ الله، ولا تكلِّف العقل التَّفكير فيما لا طاقة له به من الغيبيَّات؛ فالعقيدة السلفيَّة سهلةٌ ميسَّرة، بعيدة عن التّعقيد والتّعجيز.
وتعليقاً بأن دراسة وتفهّم عقيدة السلف الصالح يجدها هى أقوى راكئز العقيدة لاقامة دين الله بما أمر به أنبيائه ورسله وخاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم .
والعقيدة السلفية الأيسر والأوعى لكل فرد يتربى عليها وكما ذكرها شيخ الاسلام بن تيمية فى العقيدة الواسطية والتى قال فيها في أولها: ((بل هم ـ يعني: أهل السنة والجماعة ـ وسطٌ في فرق الأمة؛ كما أن الأمة هي الوسط في الأمم، فهم وسطٌ في باب صفات الله سبحانه وتعالى بين أهل التّعطيل الجهميّة وأهل التّمثيل المشبّهة، وهم وسطٌ في باب أفعال الله بين الجبريّة والقَدَريّة وغيرهم.. إلخ)) ؛ فهي ـ إذن ـ واسطيّة وسطيّة.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين