منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - استراتيجية الحرب الإقليمية على أرض الشام
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-08-23, 19:07   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
شمس الدين
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

صراع الأمم

للتعرف على أهمية الوصول إلى مرحلة جهاد الأمة لا بد من الرجوع إلى كتابات الشيخ أبو مصعب السوري حفظه الله فهو خير من تكلم عن ذلك إلا أني أو أن أعيد بشكل آخر أن الوصول أن الوصول إلى هذه المرحلة استوجب سلسلة من عمليات " التقليد" مارستها الشعوب العربية لتخطي عدة عقبات مختلفة إلا أن معضلة الثورة السورية استوجبت إستدعاء وتقليد النموذج الفريد لتنظيم القاعدة في تخطي مثل هذه العقبات الكبيرة - منظومة سايس بيكو الإقليمية ومنظومة النظام العالمي - وأي نجاح تحققه الثورة السورية التي ستتحول إلى ثورة جهادية أي نجاح تحققه هذه الثورة في إسقاط النظام أو تحقيق الأمن الذاتي في محيطها في ظل هذه الظروف المعطيات المستحيلة سيشجع بقية الشعوب التي بائت ثوراتها بالفشل - وخصوصا اليمن - على تأييد ذلك النموذج وهو الأمر الذي سيقود في النهاية وفي ظل جو الخروج العام من الهيمنة الغربية إلى جهاد الأمة .

وهذا التقليد سيشمل ويقتبس المسار دون الأسلوب فأسلوب القاعدة وتكتيكاتها خاصة بمرحلة صراع معينة أما مسارها الشرعي والمنهجي الذي طرحت نفسها من خلاله وبوضوح جعل كثير من منتقديها يرونها بلا مشروع قابل للتطبيق في الواقع المعاصر ! فهذا المسار هو الراية التي ستنتقل من يد التنظيم إلى أيدي الشعوب العربية التي ستدرك واقعية مسار تنظيم القاعدة في التعامل بفاعلية مع أطراف الصراع الإقليمي والدولي و في إحداث التغيير المنشود في واقعها المعاصر وهو مالم توفره أي تيارات إسلامية أو قومية مهما إدعت ذلك !

ولذلك أكد المتحدث بإسم تنظيم القاعدة الشيخ سليمان أبو غيث حفظه الله وفي بداية الأحداث أن القاعدة : هي طليعة أخذت على عاتقها إشعال فتيل المواجهة الحتمية بينها وبين أعدائها وهي بذلك لا تقاتل نيابة عن الأمة بل هي تعمل على تجييشها ضد عدوها لتنهض جميعها في وجه الغاصب المحتل !

وهذا دليل على أن القاعدة كانت ومنذ البدايات الأولى للصراع مع الحلف الصهيوصليبي ترقب وتعمل من أجل هذه اللحظة التاريخية وأي صبغة جهادية تتحول إليها الثورة السورية بعد أن تكتشف خيوط المؤامرة الإقليمية والدولية ضدها ستؤكد صحة وواقعية هذا الدور الوظيفي الذي قامت به وأسست من أجله القاعدة !!

ولذا أسجل هنا تراجعي عن فكرتي السابقة بخصوص التخلي عن العمل بمسمى القاعدة في هذه المرحلة والتي ذكرتها في " المذكرة الإستراتيجية " فالضابط في ذهابي إلى ذلك هو تحقيق مصلحة الأمة ومصلحة الأمة هنا تتحقق من خلال الشرح السابق في الإحتفاظ بهذا الإسم والإستمرار به كذراع عسكري بجانب أي مشروع آخر حتى يتم الإنتقال إلى مرحلة " جهاد الأمة " الذي سينشأ عنه إعادة العنوان الرئيسي والرسمي للأمة الإسلامية والمتمثل في صرح "الخلافة الإسلامية" وهذا بمجمله سيعيد الصراعات الدولية إلى الشكل الأممي وسيعود عندها " صراع الأمم" لا لأن المسلمين وحدهم اختاروا الوحدة تحت كيان واحد بل لأن الآخرين لن يحافظوا على شيء من مصالحهم إلا إن عادوا للتحرك والتصرف كأمم قوية وهذا ما سيغير من طبيعة الحرب ومتعلقاتها السياسية والإعلامية المعهودة إلى نمط مغاير أستطيع أن أطلق عليه " الحرب المكشوفة " أي أن الحروب في تلك المرحلة سوف ستخاض بدوافعها وشعاراتها الأصلية دون أي مواربة أو خداع !


الحرب المكشوفة

وللتوضيح أكثر أقول بأن الشعارات السياسية الحديثة - كالدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان والأقليات وغيرها - خرجت لحاجة ولم تكن هكذا بلا مناسبة .. فبإنتهاء العصر الإستعماري اضطرت القوى العظمى إلى تغيير أسلوبها من الإحتلال المباشر إلى الإحتلال غير المباشر عبر الوكلاء والغزو الثقافي وفرض الأنظمة السياسية والإقتصادية بشكل لا يستطيع معه أي نظام في أي بقعة في العالم إلا وأن يتأقلم معه وهو ما عرف "بالنظام الدولي" الذي يعتمد على مؤسسات دولية كالأمم المتحدة ومجلس الأمن والبنك الدولي وصندوق النقد .. باطنها رعاية المصالح الغربية وظاهرها المساواة بين الجميع !

وهذه التركيبة الجديدة للصراع العالمي إستوجبت شعارات جديدة وأسلوب خطابي جديد ومعايير ممغنطة بنفس المبادئ القديمة أي أن التغيير قد طال القالب دون القلب وأي عودة أو ظروف تضطر معها القوى العظمى لإعادة إستخدام الأساليب القديمة والإحتلال العسكري المباشر سيظهر معها شيئا من موروثات الماضي !

وهذه هي حقيقة ما حدث أثناء عملية احتلال أفغانستان والعراق الذي خالطها وظهر بين ثناياها الروح الصليبية سواء جاءت كزلة لسان من أحد الحمقى أو كصليب معلق على فوهة دبابة أو بالتراتيل المسيحية التي كانت تسبق أي عمليات هجومية !!


أو كانت هذه العودة لنفس الأسباب التي دعت تلك القوى إلى مبدأ الإحتلال المباشر إبان التوسع الإستعماري الذي ظهرت الحاجة إليه لإستغلال الثروات الطبيعية في كل بلد وفتح أسواقها المحلية لمنتجات البلد المستعمر - الذي كان وتبعا للثقافة السائدة آنذاك يسمي ذلك من جملة حقوقه الإستعمارية - وما يلحق ذلك من سيطرة على المواقع والممرات الملاحية المهمة وهو صراع آخر يضع في حسابه محاصرة ومجابهة أي تقدم للقوى الإستعمارية الأخرى على الخريطة .. وكان وضع الشعوب المستعمرة آنذاك ومنها الشعوب العربية كالأطرش في الزفة لا يدري ما ذا يقول ! ولا إلى أين يذهب !!


وأي فوضى تحدث في المنطقة العربية سترجع تلك الحاجة لترتيب الأوضاع من جديد بما يناسب المصالح الغربية وأي تعارض أو ممانعة سياسية من قبل الأنظمة العربية الجديدة أو من قبل الأنظمة التابعة للشرق والرافظة للتغيير الذي أدى بدوره للفوضى التي ساعدت على خلق حالة ضاعت فيها هيبة ومصالح الدول الغربية ستؤدي إلى رفع احتمالات الحلول الإستراتيجية الجذرية والدخول في حرب بمواصفات ومقاييس عالمية لإعادة تشكيل النظام العالمي بقوالب جديدة تظمن استمرار النفوذ الغربي في المناطق الحيوية وتتماشى مع أي واقع جديد بعد الحرب .


وهذه الحاجة لإعادة الإحتلال المباشر لا بد وأن تأخذ شكل وطابع أممي حتى يتم إقناع الشعوب الغربية بجدوى وأهمية ذلك ولذلك قد نرى دور مهم " للفاتيكان" في تلك المرحلة بموازاة الدور المرتقب للإتحاد الأوربي وهي نفس التركيبة التي قادت الحملات الصليبية لأكثر من مئتي عام !

فالمنطلق كان من أوربا وبإجماع ملوكها وتجارها على الفائدة والمصلحة من ذلك وبتحريض ودعم مباشر من البابا الذي كان يدعو عوام النصارى إلى الجهاد المقدس و تحرير القدس من أيدي المسلمين إلا أن خطر إنتشار الإسلام في أوربا المعاصرة وبشكل مخيف سيكون من أكبر دوافع البابا لإحياء جذوة الحروب الصليبية كمنطلق لتطهير عقر دار النصارى من المسلمين كما حدث في محاكم التفتيش التي أدت إلى إخلاء الأندلس من الوجود الإسلامي !


ولا بد كذلك أن يخرج هذا التحرك بهذا الشكل الأممي الديني في مقابل تحرك مماثل أي في مقابل تحرك أممي ديني من قبل الشعوب العربية والإسلامية أي أن الغرب لن يلجأ لمثل هذا الشكل من التحرك المفضوح لمجرد وجود أسباب عودة الإحتلال المباشر وإنما لعدم جدوى الأساليب السياسية والعسكرية القديمة في تنفيذ ذلك أو لنقل بسبب إنكشاف زيف وكذب تلك الدعاوى التي تغلف تلك الأساليب وعدم جدوى التلبس بأي شيء مشابه فهنا فقط تخرج الحاجة للكشف عن الهوية والتحرك بكل وضوح !

والوصول إلى هذه المرحلة لا يمكن أن ينتج عن طريق سلوك نفس القوالب التي صاغها الغرب لنا من أنظمته السياسية أي لن يكون بسبب المنظومة الديمقراطية والبرلمانات والأحزاب والحكومات المنتخبة والقوى الإجتماعية الناعمة لأنها أدوات تشتيت لأجزاء الأمة وتكريس لهذا التشتيت والتفرقة !

وإنما الوصول لهذه المرحلة لا بد وأن يكون نتيجة لقوة ظهرت كممثل عن الأمة طالبت بوحدتها وعزتها وتكلمت بلسانها وحاربت كطليعة لها حتى أتت الظروف وجاء المناخ الذي إستوجب عودة المسلمين كأمة وهو عين ما نادى به تنظيم القاعدة ومارسه طوال العشر السنين العجاف الماضية عندما سار المجاهدون نحو هذا الهدف بثبات لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم وصدق الله العظيم { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا }


وقد تكون هذه العودة أيضا وهذا الإحتلال المباشر جراء الخطر الذي سيحدق بإسرائيل إن تمخضت هذه الحروب المرتقبة عن كيانات معادية فأي خطر على وجود اليهود سيدفع لوبيات الضغط في العالم بأسره إلى الضغط بإتجاه تحالف عسكري عالمي لحماية إسرائيل لأن تأثير القوى الصهيونية المالية العالمية تأثير لا يقاومه شيء فهم أرباب الربا العالمي وهم الممسكون بالآلة الإعلامية التي تعمل على تشكيل الرأي العام العالمي وهم .. وهم .. إلخ وقد تتكاتف هنا الرؤى المسيحية واليهودية العقدية بشأن معارك آخر الزمان مع المطامع الإستعمارية الجديدة للقوى العظمى لتدفع بهذا الإتجاه ! وقد أثبت الغزو الأمريكي للعراق وجود شيء من ذلك التكاتف الفكري والمصلحي في الدوافع التي تقف ورائه والحديث عن ذلك يطول ولكن يكفي أن نتذكر بعض عبارات بوش الإبن كقوله " إني أتلقى الأوامر من الله مباشرة !! " أو كقوله "العراق ستكون سنغافورة الخليج ! " فكلتا العبارتين تدل على البعد العقدي والمصلحي وراء عملية الغزو التي عاد منها ذلك الأحمق بخفي حنين وخفين آخرين أيضا !!


ومما سبق نستطيع القول بأن سوريا أو منطقة الشام ككل سوف تعود بإذن الله في المراحل القادمة لممارسة دورها التاريخي في صد الحملات العسكرية ذات الطابع الأممي على أمة الإسلام وكأرض معركة لتلك الحروب العالمية وكنقطة تجمع وإرتكاز للقوات الإسلامية المدعومة بإسناد مصر ومدد اليمن .

وقد كان القصد من هذه اللمحة السريعة لخطوط الصراع التي يمكن أن تنشأ عن معركة الشام هو أن نتعرف على الطبيعة التي يمكن أن تنزع إليها الحرب مع الأيام .. فعملية التعرف هذه ضرورية للكشف عن المسار الذي ينبغي أن يسلك للدخول في هذه الحرب منذ البداية وهي عملية شبيهة بعملية " المحاكاة " التي تقوم بها قيادة الأركان العامة أو إدارة العمليات والتخطيط في الجيوش النظامية الحديثة فتقوم ووفقا لأساليب علمية تستخدم فيها الحواسيب المشحونة بالمعلومات والمعطيات السياسية والعسكرية والإقتصادية لكلا طرفي النزاع وبوجود فريق تقييم وغيره بعمل تجربة شبه واقعية للحرب وفرص كل طرف حسب ظروفه وإمكانياته وتتظمن أيضا هذه العملية أرقام الخسائر المتوقعة والتأثيرات الإقليمية والدولية والوضع الإستراتيجي الذي قد ينشأ عن ذلك ، فعملية المحاكاة هذه تتيح للقادة السياسيين وضوح أكثر عند إتخاذ قرار الحرب تجاه أي نزاع قائم وهو ما حاولت أن أبدأ به هنا قبل الدخول في عملية تحديد الإستراتيجية المناسبة .










رد مع اقتباس