منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - هل تعرف ما الفرق بين التوفيق والخذلان؟
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-08-21, 20:02   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
أبو هاجر القحطاني
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبو هاجر القحطاني
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










افتراضي

وهنا زيادة توضيح لهذه المسألة العظيمة في الشريط رقم 40 من شرح العقيدة الطحاوية للشيخ صالح حفظه الله قرر فيها معنى التوفيق والخذلان عند أهل السنة ومعنى التوفيق عند الأشاعرة ونبه الشيخ حفظه الله إلى أهمية هذه المسألة بأ تجعل العبد دائما متبرئا من حوله وقوته طالبا العون من خالقه
- أولاً:معنى التوفيق والخذلان عند أهل السنة:
التوفيق الذي ذكره هنا يقول (وَلَا تَحَوُّلَ لِأَحَدٍ [عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ] إِلَّا بِمَعُونَةِ اللَّهِ، وَلَا قُوَّةَ لِأَحَدٍ عَلَى إِقَامَةِ طَاعَةِ اللَّهِ وَالثَّبَاتِ عَلَيْهَا إِلَّا بِتَوْفِيقِ اللَّهِ.)
- التوفيق: هو إعانَةٌ خاصة من الله - عز وجل - للعبد بها يَضْعُفُ أثر النفس والشيطان وتقوى الرغبة في الطاعة، وإلا فالعبد لو وُكِلَ إلى نفسه لغلبته نفسه الأمّارة بالسوء والشيطان.
وهذا يُحِسُّ به المرء من نفسه فإنَّه يرى أنَّ هناك قدراً زائداً من الإعانة على الخير زَائِدْ على اختياره، فهو يختار ويتوجه لكن يُحِسُّ أنَّ هناك مدداً مَدَّهُ الله - عز وجل - يُقَوِّيه على الخير فيما يتّجه إليه من الخير.
وهذا ليس لنفسه وليس من قدرته وقوته ولكن هذه إعانة خاصة.
ولهذا فإنَّ العبد المؤمن يرى أنّه لا شيءَ من الطاعات حَصَّلَهَا إلا والله - عز وجل - وَفَّقَهُ إليها، يعني مَنَحَهُ إعانةً على تحصيلها وعدم الاستسلام للنّفس وللشيطان.
فالتوفيق فيه معنى الهداية والإعانة الخاصة، ويقابله الخذلان.
- فالخذلان: هو سلب العبد الإعانة التي تُقَوِّيْهْ على نفسه والشيطان.
(نعوذ بالله من الخذلان) يعني نعوذ بالله من أن نُسْلَبَ الإعانة على أنفسنا وعلى كيد الشيطان.
2- ثانياً: معنى التوفيق عند الأشاعرة:
أما تفسير التوفيق والخذلان عند الأشاعرة، ويحسُنْ التنبيه عليه لأنَّهُ أكثر ما تجد في كتب التفسير وكتب شروح الأحاديث، وخاصَّةً تفسير القرطبي وتفسير أبي السعود والرازي وأشباه هذه التفاسير، وشروح الأحاديث كشروح النووي والقاضي عياض وابن العربي ونحو ذلك من شروح الأحاديث، فإنَّ أكثر ما تجد تفسير التوفيق والخذلان هو تفسيره عند الأشاعرة.
لهذا ينبغي العناية بهذا الموطن لصلته بالقَدَرْ.
- التوفيق عندهم: خلق القُدْرَةْ على الطاعة، يعني جَعَلُوا التوفيق هو القُدْرَةْ.
- والخُذْلَان: هو عدم خلق القُدْرَةْ على الطاعة.
يعني إِقْدَارُ الله - عز وجل - العبد على الطاعة هذا توفيق، وعدم إِقْدَارُ الله - عز وجل - العبد على الطاعة هذا خذلان.
وهذا كما هو ظاهر لك فيه خلل كبير لأنَّهُ جعل التوفيق إقداراً، وجعل الخذلان سلباً للقدرة، وهذا فيه نوع قوة لاحتجاج المعتزلة على الجبرية في معنى التوفيق والخذلان.
وتفسير أهل السنة وسط في أنَّ التوفيق زائد على الإِقْدار، فالله - عز وجل - أَقْدَرْ العبد على الطاعة بمعنى جَعَلَ له سبيلاً إلى فعلها وأعطاه الآلات وأعطاه القوة ليفعل؛ ولكن لن يَفْعَلَ هو إلا بإعانَةٍ خاصة؛ لأنَّ نفسه الأمارة بالسوء تحضُّهُ على عدم الفعل، عدم العبادة.
وهذا يلحظه كل مسلم من نفسه فإنه يريد أن يتوجه إلى الصلاة ويأتيه نوع تثاقل يريد أن يقوم بنوعٍ من العلم والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويصيب نفسه نوع من التثاقل، وهذا من الشيطان ومن النفس الأمارة بالسوء، فإذا منحه الله التوفيق وأعانه على أن يَتَعَّبْد، أعانه على أن يقول ما يقول بموافَقَةٍ للشرع فهذا توفيق وإعانة خاصة يمنحها الله - عز وجل - من يشاء من عباده.
[المسألة الثالثة]:
أنَّ معرفة العبد المؤمن بحقيقة هذه الكلمة ومعنى توفيق الله - عز وجل - ومعنى الخذلان يُوجِبُ له أن ينطَرِحَ دائماً بين يدي ربه - عز وجل - متبرئاً من نفسه ومن حولها وقوتها ومن أن لا يكله الله إلى نفسه طرفة عين.
لهذا قال صلى الله عليه وسلم «ربي لا تكلني لنفسي طرفة عين»(1) يعني حتى في تحريك العين وفي طرفها لا تكلني إلى نفسي، وهذا من عِظَمِ معرفته صلى الله عليه وسلم بربه فهو أعلم الخلق بالرب - جل جلاله - وأخشاهم له - عز وجل - وأتقاهم صلى الله عليه وسلم إلى يوم الدين.
فلهذا إذا علمت معنى (لا حول ولا قوة إلا بالله) ومعنى (التوفيق) ومعنى (الخذلان) فإنه يجب عليك أن تستحضر ذلك في كل حال، واستحضارك ذلك ومجاهدة نفسك على طلب التوفيق من الله - عز وجل - وعدم رؤية النفس وقوة النفس والرأي وما عندك من الأدوات والمال وما عندك من الأسباب، فإنَّ هذا من أسباب التوفيق.
فلا يُطْلَبُ التوفيق من الله - عز وجل - بمثل الانطراح بين يدي الله - عز وجل - في الحاجة إلى توفيقه - جل جلاله -، وإذا ظَهَرَ في العبد استغناء عن توفيق الله - عز وجل - و رؤية ما عنده فإنه يُخْذَلْ.
ألم تر إلى يوسف عليه السلام وهو الكريم ابن الكريم وهو نبي الله - عز وجل - ورسوله صلى الله عليه وسلم حين كان في السجن وظَهَرَ له من السّبب ما ظهر في تفسيره للرؤية ونجاة السّجين من السجن بسبب تفسيره للرؤيا، {وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ} قال - عز وجل - {فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ}[الكهف:42]، وهذا على أحد التفسيرين أنَّ الشيطان أنسى يوسفَ عليه السلام ذِكْرَ الله - عز وجل - في هذا الموطن والتَّعَلُّقَ به - عز وجل - وحده، لا نقصاً في مقام يوسف عليه السلام ولكنه بيانٌ لنوعٍ من الرسالة التي تُؤَدَّى بأقوال الأنبياء وبأفعالهم عليهم الصلاة والسلام.
فالعبد إذا التَفَتْ إلى غير الله - عز وجل - طرفة عين فإنه يُوْكَلْ إلى نفسه ويخرج متضرراً.
وهذا نبي الله - عز وجل - محمد صلى الله عليه وسلم لما أراد الهجرة أخذ بالأسباب التي تُعِينُ على تحقيق المراد، الأسباب المشروعة التي تعين تحقيق المراد ولم يَرَ صلى الله عليه وسلم تلك الأسباب ولم تقم في قلبه بأنه يتَّكِلْ عليها صلى الله عليه وسلم وإنما فعلها لأنها مُقْتَضِيَة لحُدُوثِ مُسَبَّبَاتِهَا في العادة، فأتى برجل من المشركين هادٍ خرِّيت يعرف الطُرُقْ ليسير به صلى الله عليه وسلم بطريقٍ آخر في الهجرة حتى لا يعلم المشركون طريقه، وأيضاً أَمَرَ أسماء وأَمَرَ راعي الغنم أن يَمُرَّ بالغنم على مسيرهم حتى لا يَرَوا الأقدام، فكل الأسباب بُذِلَتْ؛ ولكنها لم تنفع حتى قام المشركون على رأس الغار على ظهر الجبل والنبي صلى الله عليه وسلم في الغار، وأبو بكر رضي الله عنه يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم (يا رسول الله لو أبصر أحدهم موضع قدمه لرآنا) فقال له صلى الله عليه وسلم (يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما)
حركة عين المشرك من أن يرى، كانوا يرون ما أمامهم جهة الساحل، حركة العين إلى أن ترى الأسفل، ترى موقع القدم، فيُبْصرون الغار ويبصرون النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه هذه لا حيلة للنبي صلى الله عليه وسلم ولا حيلة لأبي بكرٍ بها ولا تنفع فيها الأسباب التي فُعِلَتْ؛ لكن بقي توفيق الله وعونه وحقيقة التوكل عليه - عز وجل -.
لهذا أَعْظِمْ في كل شأنٍ من شؤونك وخاصَّةً الهداية والتوفيق للصالحات وطلب العلم النافع والتوفيق للسنة والالتزام بها وملازمة هدي السلف الصالح ومُجَانَبَة طريق المخالفين للسنة والمخالفين لهدي السلف وهدي العلماء، دائماً إِلْجَأْ إلى ربك في تحصيله، فما طُلِبَ من الله - عز وجل - شيء وبوسيلة أعظم من مسيلة التبرؤ من الحول والقوة.
أسأل الله - عز وجل - أن يُفيض علينا من معرفته والعلم به وما به نزدلف إلى رضاه ونبتعد عمّا يسخط ويأبى إنه سبحانه جواد كريم










رد مع اقتباس