منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - هل يجوز القول بأن الله في كل مكان ؟
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-08-15, 16:27   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الفيلق مشاهدة المشاركة
أخطأ القرطبي عفى الله عنه في قوله
( بِغير حَدّ )
لأن نفي الحلول والأتحاد يلزم منه إثبات الحدّ لله تعالى
فلا يمكن أن نقول بأن الله بائن من خلقه لا يحل فيهم ولا يتحد معهم ونقول في نفس الوقت بأنه ليس له حدّ
هذا سهو من القول وغلط من قائله وتضاد في العبارات ومعانيها لا يقبل

قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله -

( وَاللَّفْظُ الْمُجْمَلُ الَّذِي لَمْ يَرِدْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لَا يُطْلَقُ فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْمُرَادُ بِهِ كَمَا إذَا قَالَ الْقَائِلُ :
الرَّبُّ مُتَحَيِّزٌ أَوْ غَيْرُ مُتَحَيِّزٍ
أَوْ هُوَ فِي جِهَةٍ أَوْ لَيْسَ فِي جِهَةٍ،
قِيلَ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ مُجْمَلَةٌ لَمْ يَرِدْ بِهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ لَا نَفْيًا وَلَا إثْبَاتًا وَلَمْ يَنْطِقْ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ بِإِثْبَاتِهَا وَلَا نَفْيِهَا .
فَإِنْ كَانَ مُرَادُك بِقَوْلِك إنَّهُ يُحِيطُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ ؛ وَلَيْسَ هُوَ بِقُدْرَتِهِ يَحْمِلُ الْعَرْشَ وَحَمَلَتَهُ وَلَيْسَ هُوَ الْعَلِيُّ الْأَعْلَى الْكَبِيرُ الْعَظِيمُ الَّذِي لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ سُبْحَانَهُ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ فَلَيْسَ هُوَ مُتَحَيِّزًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ وَإِنْكَانَ مُرَادُك أَنَّهُ بَائِنٌ عَنْ مَخْلُوقَاتِهِ عَالٍ عَلَيْهَا فَوْقَ سَمَوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ ؛ فَهُوَ سُبْحَانَهُ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ أَئِمَّةُ السُّنَّةِ مِثْلُ : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْه وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَعْلَامِ الْإِسْلَامِ وَكَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ صَحِيحُ الْمَنْقُولِ وَصَرِيحُ الْمَعْقُولِ كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ .
وَكَذَلِكَ لَفْظُ " الْجِهَةِ " إنْ أَرَادَ بِالْجِهَةِ أَمْرًا مَوْجُودًا يُحِيطُ بِالْخَالِقِ أَوْ يَفْتَقِرُ إلَيْهِ فَكُلُّ مَوْجُودٍ سِوَى اللَّهِ فَهُوَ مَخْلُوقٌ . وَاَللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَكُلُّ مَا سِوَاهُ فَهُوَ فَقِيرٌ إلَيْهِ وَهُوَ غَنِيٌّ عَمَّا سِوَاهُ وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فَوْقَ سَمَوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ فَهَذَا صَحِيحٌ . سَوَاءٌ عَبَّرَ عَنْهُ بِلَفْظِ الْجِهَةِ أَوْ بِغَيْرِ لَفْظِ الْجِهَةِ.
وَكَذَلِكَ لَفْظُ "الْجَبْرِ " إذَا قَالَ : هَلْ الْعَبْدُ مَجْبُورٌ أَوْغَيْرُ مَجْبُورٍ ؟ قِيلَ : إنْ أَرَادَ بِالْجَبْرِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَشِيئَةٌ ؛ أَوْ لَيْسَ لَهُ قُدْرَةٌ ؛ أَوْ لَيْسَ لَهُ فِعْلٌ ؛ فَهَذَا بَاطِلٌ فَإِنَّ الْعَبْدَ فَاعِلٌ لِأَفْعَالِهِ الِاخْتِيَارِيَّةِ وَهُوَ يَفْعَلُهَا بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَإِنْ أَرَادَ بِالْجَبْرِ أَنَّهُ خَالِقُ مَشِيئَتَهُ وَقُدْرَتَهُ وَفِعْلَهُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَالِقُ ذَلِكَ كُلِّهِ .
وَإِذَا قَالَ : الْإِيمَانُ مَخْلُوقٌ أَوْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ ؟ قِيلَ لَهُ : مَا تُرِيدُ " بِالْإِيمَانِ " ؟ أَتُرِيدُ بِهِ شَيْئًا مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ وَكَلَامِهِ كَقَوْلِهِ ( لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) وَ " إيمَانُهُ " الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ اسْمُهُ الْمُؤْمِنُ فَهُوَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ أَوْ تُرِيدُ شَيْئًا مِنْ أَفْعَال ِالْعِبَادِ وَصِفَاتِهِمْ فَالْعِبَادُ كُلُّهُمْ مَخْلُوقُونَ وَجَمِيعُ أَفْعَالِهِمْ وَصِفَاتِهِمْ مَخْلُوقَةٌ وَلَا يَكُونُ لِلْعَبْدِ الْمُحْدَثِ الْمَخْلُوقِ صِفَةٌ قَدِيمَةٌ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ وَلَا يَقُولُ هَذَا مَنْ يَتَصَوَّرُ مَا يَقُولُ فَإِذَا حَصَلَ الِاسْتِفْسَارُ وَالتَّفْصِيلُ ظَهَرَ الْهُدَى وَبَانَ السَّبِيلُ وَقَدْ قِيلَ أَكْثَرُ اخْتِلَافِ الْعُقَلَاءِ مِنْ جِهَةِ اشْتِرَاكِ الْأَسْمَاءِ وَأَمْثَالِهَا مِمَّا كَثُرَ فِيهِ تَنَازُعُ النَّاسِ بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ إذَا فُصِلَ فِيهَا الْخِطَابُ ظَهَرَ الْخَطَأُ مِنْ الصَّوَابِ .)


ـ مجموع الفتاوى 7 ص 663-664)