منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - علي عزت بيجوفيتش وكتابه «الإسلام بين الشرق والغرب»
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-08-13, 02:36   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*Jugurtha*
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية *Jugurtha*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

* صلابة علي عزت




كان للرجل أمل في أن ينهض المجتمع الدولي بواجبه في انقاذ شعبه الاعزل أو على الاقل يرفع عنه حظر التسلح حتى يتمكن من الحصول على سلاح يدافع به عن نفسه ضد الغزو والعدوان، ولكن يطول انتظاره ولا يأتيه من الاخبار في كل يوم الا أسوأها: فموقف الامم المتحدة هزيل مُخز، وموقف الولايات المتحدة سلسلة من التشنجات والتراجعات المهينة. وأما موقف أوربا. فأقل ما يوصل به انّه موقف متحيز خسيس. فالماساة تقع في قلب اوربا والحقائق تقع امامها صارخة مزلزلة.. ولكن اوربا لا تحرك ساكنا لرد العدوان، وانما تتوالى تصريحات ساستها بأن دولهم لن تتدخل في الصراع وكأنهم يقولون للصرب: افعلوا اذن ما يحلو لكم.

قاومت بريطانيا مستميتة كل دعوة أو مبادرة لتسليح المسلمين بحجة أن ذلك يطيل امد الحرب ويزيد من اراقة الدماء.. وكانها تقول: دع المسلمين عُزلا من السلاح يائسين حتى يتم قتلهم بسرعة وسهولة، فاذا اُبيدوا ينتهي الصراع وتزول المشكلة. وهكذا تقف الحضارة الغربية عارية مجردة من كل مزاعمها الإنسانيّة والاخلاقية، وينكشف وجهها القبيح امام الالم.

إن (علي عزت) لا يعيش فقط ماساة شعبه الدامية ولا تحاصره مشاعر الإحباط المتصل بسبب المواقف الدولية المتخاذلة تجاه قضية بلاده العادلة، ولكن بالاضافة إلى كل ذلك يتعرض لمحاولات تستهدف تحطيم شخصيته وتمزيق نسيجه النفسي وسحق صلابته وشموخه واعتزازه بفكره ودينه وشعبه. وللأسف الشديد لا تأتيه هذه المحاولات من قبل أعدائه الظاهريين من الصرب والكروات فحسب وإنما تأتيه بصفة خاصة من خلال المفاوضات في قصر الامم المتحدة، وبواسطة خبراء في المكر السياسي والدبلوماسي من أمثال لورد «كارنجتون» ولورد «أوين» وغيرها، وهم أناس جعلوا أكبر همهم أن يروا علي عزت ينهار مستسلماً لضغوطهم فيوقّع على وثيقة موته ونهاية دولته وتحويل شعبه إلى شراذم من اللاجئين المشردين. وعندئذ تنحل عقدة المجتمع الدولي ودول أوربا بصفة خاصة.. فلن تكون في حاجة إلى سحب اعترافها السابق بدولة البوسنة والهرسك التي لم يعد لها وجود.

كانت هذه الظروف المأساوية جديرة بتحطيم أقوى الرجال، ولكن علي عزت ظل صامدا متماسكاً متوازن العقل صحيح النفس، وهو أمر يثير الدهشة ويبعث على التساؤل.. ولكن لعل دهشتنا تزول إذا عرفنا طرفا من حياة الرجل وفكره كما يتمثل في كتابه «الإسلام بين الشرق والغرب»، فهذا الكتاب يمدنا برؤية داخلية كاشفة لشخصية مؤلفه وسماته النفسية والأخلاقية.










رد مع اقتباس