السَّلآأإمُ علَيْكُمْ ؛
______________
الحلقة الخامسة ~
يبدو أن هذا اليوم لا يريد أن ينتهي إلا بعد أن أتذكر كل شيء. أوربما هذه الذكرى لا تفارقني أبدا.. نعم إنه يوم انتقالي إلى مدرسة أخرى. كنت في السنة الثانية متوسط ، وقد قاسيت من هذه المدرسة العذاب الأليم. ظننت أنني قد انتقلت إلى عالم ورديّ بعد أن اجتزت شهادة التعليم الابتدائي ؛ ولكنني أيقنت أن هذه المدرسة ليست حلمي. لطالما سألت نفسي ماالذي ينقصني ؟ ولم أجد جوابا شافيا .. والآن أجيبها بكل ثقة.
أولا ، الأساتذة لم يكونوا حتى يستحقون هذا الاسم لهم .. [ حاشا بعطين ]. كان مبدؤهم السخرية من التلاميذ ؛ لازلت أذكر إحداهم .. حطمتني تحطيما ، زعزعت كل ثقتي بنفسي ؛ حتى تدهور مستواي في مادة الرياضيات تدهورا واضحا. يئست تماما من هذه المادة وكنت أقول دائما :" كم أكره هذه المادة اللعينة .. ليتهم ما اكتشفوها و [هنّاونا]." ؛ لم أكن أعلم حينئذ أنني أكره الأستاذة لا المادة ، وكان مساري في المدرسة الجديدة يعود إلى طريق أكثر صوابا.
أما السبب الآخر، فهو ذلك المحيط .. لن تجد هناك من يعينك ويشجعك على الدراسة ؛ بل يثبطك و [يفشلك]. كل الفتيات مهتمات سوى بشكلهن وملابسهن ، معاكسات الذكور لهن تزداد كل مرة ، والأدهى من هذا الإدارة لا تقول شيئا وكأن الأمر يعجبها. تبا لهم . كنت أجد نفسي غريبة بينهن ؛ فلست ممن يولين الملابس والشكل أية أهمية. المهم أن لا أبدو كشحاذة ، وكان أكبر همي هو الدراسة .. ولكن ماالذي أفعله وأنا محاطة بكل هؤلاء ؟
ولكن بعد سنتين من [ الحرب والجهاد] ؛ حصلت على الموافقة بتغيير المدرسة. كان ذلك يوم أحد .. اتصلت بي أمي على الساعة العاشرة ، وكنت في بداية السنة فأخبرتني أن أخرج من تلك المدرسة [ اللعينة ] وآتي إلى المنزل ؛ وعلى الساعة الثانية زوالا ألتحق بمدرستي الجديدة.
أنهت أمي المكالمة وأنا أقول :" حقا ؟ هل أخرج ؟ ألن يسجلونني غائبة ؟ " .. ثم قفزت من الفرح وذهبت إلى القسم فجمعت أدواتي ، ثم أخبرت زميلاتي وخرجت. خرجت وأنا أنظر إلى هذا البناء الضخم الذي لم أذق فيه سوى الألم ، وأنا أسرع إلى المنزل .. بخطى سعيدة ومرتبكة في آن معا. لقد حان الوقت لأبدأ مسارا دراسيا جديدا .. لاتتخلله حكايات [الموضة والأغاني والانحراف] ، ولا أخبار الفن و [ الترعوين ] ؛ الآن سأتفرغ لدراستي وأتوكل على الله .. وإن شاء الله سأسعد والديّ.
وصلت إلى المنزل ، فأخبرتني أمي أن أبي قد ذهب وأخذ من مدير المدرسة القديمة الإذن بانتقالي .. لم أفهم لم يحتاج انتقالي إذنا. ماالذي يفيد وجودي أو غيابي هناك أصلا .. إن هذا المدير لا يهتم لتلاميذه كما يبدو لي ؛ المهم لقد انتهى الأمر وتخلصت من ذلك الكابوس المرعب الذي أرقني. هذا المساء ، سأذهب مع والدي لننهي آخر التسجيلات .. وأدخل بعدها لقسمي الجديد ، فأتعرف على زميلات جديدات وأساتذة جدد. إنني كنت متفائلة جدا بحياتي القادمة .. وذاك بالضبط ما حدث.
عدت لغرفتي ، فأفرغت المحفظة ووضعت فيها دفترا وبعض الكتب.. فقط كي لا أذهب بمحفظة فارغة ، ثم جلست مع عائلتي بعدما عادت أختي سيرين من المدرسة على مائدة الطعام. كان الجميع يرى على وجهي ملامح السعادة ؛ وكنت أضحك و [أنشوي] معهم تعبيرا على هذه السعادة. الحمد لله.
لَحْنْ ؛