منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الرد على شبهة البعض بالخروج على الدولة العثمانية .
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-08-05, 17:35   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

لابأس في إعادة أقوال العلماء بالحجة والدليل

من كتاب "مشكلة التسرع في التكفير وما يترتب عليه من دمار وفساد-الأسباب والعلاج- وجهود المملكة العربية السعودية في حلها" للشيخ أسامه عطايا العتيبي حفظه الله (1)




المبحث الثالث عشر
ادعاء أن المملكة العربية السعودية خرجت على الدولة العثمانية، وقد كفر بعض السلفِ الخوارجَ!

زعم بعض المتطرفين والخوارج أن المملكة العربية السعودية خرجت على الدولة العثمانية، وهذا حرب للإسلام ومساندة لأعداء الدولة العثمانية، وكذلك اختلف السلف في كفر الخوارج فيكفرون الدولة على هذا القول.
ويتخذون هذه الدعوى ذريعة لإباحة خروج الخوارج على المملكة العربية السعودية معاملة بالمثل!!!!
والجواب من وجوه:
الوجه الأول: لم يكن الملك عبدالعزيز رحمه الله تحت حكم الدولة العثمانية حتى يقال إنه خرج عليها! ( 2 )
( 2 ) انظر: كلام معالي الشَّيْخ صالح الفوزان فِي رده عَلَى دعوى أن الشَّيْخ محمد بن عبدالوهاب والإمام محمد بن سعود خرجا عَلَى الدولة العثمانية فِي كتاب «فتاوى الأئمة فِي


فالخروج على ولي الأمر يكون بمنازعة من يكون تحت ولايته من رعيته، فإن كان قيامه لتكفير ولي الأمر المسلم حكم بأنه خارجي، وإن كان بتأويل أو لمنازعة في حكم فهو باغٍ يقاتَل حتى يتوب ويرجع عن خروجه، وإن كان لقطع طريق وإخافة سبيل فهو محارب وقاطع طريق وحده الحرابة.


وللتوضيح أبين بعض الحقائق التاريخية عن الدولة العثمانية وعن الدولة السعودية:
1-لم تكن الدولة العثمانية ممسكة بزمام جميع الأراضي الإسلامية بل كانت دولة من تلك الدول الكثيرة وكانت هي الأكبر، كما كان حال الدولة العباسية مع الدولة الأموية في الأندلس، فأي قتال كان جارياً بين تلك الدولتين لا يقال فيه إن الدولة الأموية في الأندلس خرجت على العباسية، ولا العباسية على الأموية في الأندلس.
مع أن الدولة العباسية خرجت على الدولة الأموية في دمشق، وخلفتها في الملك واستتب لها الأمر ومع ذلك لم يكفرها العلماء، وكان خروجها السابق ذنباً من الذنوب، ثم لما استتب لهم الأمر صاروا هم الحكام الشرعيين.
فالدولة العثمانية تزامنت مع دول ملكت أجزاء من بلاد المسلمين لم يكن للدولة العثمانية عليها سلطان كالدول الإسلامية في الهند وباكستان وأفغانستان ودول الجمهوريات التي ضمتها فيما بعد روسيا القيصرية ثم الاتحاد السوفيتي.
وكذلك كان في المغرب دولة الأشراف، وفي بلاد الهوسا دولة إسلامية، وكانت اليمن مع الإمامية تارة ومع العثمانية تارة أخرى.
وكذلك كانت عمان والكويت وبلاد نجد لا تحكمها الدولة العثمانية، ولا تتبع لها، ولا تنفذ فيها أحكامها، بل كانت دولاً تقابل دولة.
والقتال الذي يكون بين دولة وأخرى لا يسمى خروجاً بل إما أن يكون بغياً وعدواناً، وإما أن يكون دفاعاً عن النفس، ودفعاً للبغي والعدوان.
2- من المعلوم أن الملك عبدالعزيز رحمه الله هو ابن إمام من أئمة الدولة السعودية الثانية ألا وهو عبدالرحمن بن فيصل بن تركي آل سعود.
فهو قد ولد في الرياض ونشأ بها، ثم لما قام ابن رشيد على والده وسلب منه ملكه، خرج الإمام عبدالرحمن آل سعود بأسرته عن نجد حتى استقر بهم الأمر في الكويت والتي كانت تحت الحماية البريطانية ولم تكن تحت حكم الدولة العثمانية.
فالملك عبدالعزيز رحمه الله عاش مغترباً عن وطنه التي بغي عليه فيها، وأخرج منها قسراً، وأوذي هو وأهله ممن سلب منهم أرضهم وبلادهم.
مع ما كان بين الكويت وابن رشيد من الحروب، والخوف من اعتداء ابن رشيد على الكويت وتوسيع رِقْعَةِ حكمه.
ومع جميع ما سبق فقد كان يصل إليه ما يعانيه أهل نجد من الظلم والفساد، وما انتشر فيها من مظاهر الشرك التي حرص آل سعود على إزالتها ومحاربتها.
جميع تلك العوامل دفعت الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله لأن يهب لنصرة التوحيد في بلاد نجد، ونصرة أهل بلده، ولاسترداد ملكه السليب.
فنصره الله، وأعاد إليه ملكه، وحقق له مراده، فجاهد في سبيل الله، واجتهد في نشر التوحيد والعدل، وقمع الشرك والظلم( 3 ).
الوجه الثاني: في أثناء جهاد الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله لم يحصل بينه وبين الدولة العثمانية مواجهة عسكرية، بل كانت الدولة العثمانية تعاني من مشاكلها الداخلية والخارجية، وتعاني من انهيار كلي ألجأها في نهاية المطاف إلى طلب العون والمساعدة والمساندة من الملك عبدالعزيز رحمه الله الذي يزعم الخوارج أنه خرج عليها!!!
ومعلوم أن الحجاز في تلك الفترة كان في صراع بين الأشراف والدولة العثمانية انتهى بإعلان الأشراف الاستقلال، وتكوين مملكة الحجاز بقيادة الشريف حسين بن علي(4 ).
فما حدث من قتال بين الأشراف والملك عبدالعزيز –رغم أن الأشراف كانوا هم المعتدين- فلم يكن للدولة العثمانية فيه ناقة ولا جمل، بل كان بين مَلِك نجد وملحقاتها وملك الحجاز.
ولم يحصل من الملك عبدالعزيز رحمه الله أي تعدٍّ على شيء من أملاك الدولة العثمانية ولا تحرش بها( 5 ).( 5 ) انظر: تاريخ الدولة العثمانية تأليف يلماز أوزتونا
بل إن الملك عبدالعزيز حرص على عدم التحرش بها، ولما كتب إليه الشيخ سليمان الصنيع رحمه الله يدعوه لأخذ الأحساء لما علم من أطماع بريطانيا فيها، واحتمال قوي لاستيلائها عليها، هب الملك عبدالعزيز رحمه الله لحماية المنطقة الشرقية من الاحتلال الأجنبي، ولما وصل الأحساء سلمت الحامية التركية أسلحتها ولم تقاتل الملك عبدالعيز، وهو بالمقابل قام بإكرامهم، وحسن معاملتهم.
فكانت العاقبة للملك عبدالعزيز بأن أيده الله، وجمع على يديه شتات جزيرة العرب، والتأمت معظم أقاليمها تحت مسمى واحد ألا وهو: «المملكة العربية السعودية».

الوجه الثالث: أن من يزعم تكفير الدولة السعودية يدعي أنها تكفر بسبب حكمها بغير ما أنزل الله، وبسبب تحكيمها للقوانين الوضعية، وهذا مع كونه أمراً مكذوباً كما سبق بيانه في المبحثين الأول والثاني من هذا الفصل، فإن الدولة العثمانية كانت تحكم بالقوانين الوضعية فيلزمهم تكفيرها بذلك، فلا يكون حينئذ قد خرج أحد على الدولة العثمانية لأن الكافر لا ولاية له على المسلم!


الوجه الرابع: أن من يزعم تكفير الدولة السعودية يدعي أنها تكفر بسبب موالاتها للكفار ومظاهرتها للمشركين، ومع كون هذا من الافتراء على الدولة السعودية كما سبق بيانه، فالواقع أن الدولة العثمانية كانت قد والت عباد القبور والأضرحة، وحاربت الدولة السعودية الأولى حرباً عقدية، وظاهرت عباد القبور على الموحدين فيلزمهم تكفيرها بهذا، وأن لا تكون للدولة العثمانية ولاية على المسلمين، وهذا بغض النظر عن العلاقات التي كانت بين الدولة العثمانية وبين دول الكفر كفرنسا وبريطانيا وروسيا والتي يجعلها الخوارج من الموالاة المكفرة.

الوجه الخامس: أن من يزعم تكفير الدولة السعودية يدعي أنها تكفر بسبب خروجها المزعوم على الدولة العثمانية في حين أن الدولة العثمانية –حسب فهمهم- خرجت على دولة المماليك، وقتلت الخليفة العباسي، وآخر سلاطين دولة المماليك في عهد السلطان سليم الأول، وإذا كانوا يكفرونها بهذا السبب فكيف يكون للكافر ولاية على المسلمين؟!!
بل يلزمهم تكفير الدولة العباسية لكونها خرجت على الدولة الأموية!
وهكذا الأقوال البدعية والآراء الخارجية من تأملها وجد فيها من التناقض والاضطراب ما يؤكد بطلانها وفسادها، وضلال أصحابها.
وهذه الأوجه الأخيرة ذكرتها من باب التَّنَزُّلِ، ولأبين لهم فساد قولهم وعقيدتهم في هذه المسألة.
والله أعلم


---------------------------
( 1 ) طبع الكتاب دار أصالة التراث بالإمارات هذه السنة (1430هـ)
( 2 ) انظر: كلام معالي الشَّيْخ صالح الفوزان فِي رده عَلَى دعوى أن الشَّيْخ محمد بن عبدالوهاب والإمام محمد بن سعود خرجا عَلَى الدولة العثمانية فِي كتاب «فتاوى الأئمة فِي النوازل المدلهمة»(ص/138-139).
( 3 ) انظر: العلاقات بين نجد والكويت(ص/ 68) لخالد السعدون.
( 4 ) انتهى الحكم العثماني في مكة في 3/1/ 1335هـ، وفي المدينة بتاريخ 11/4/1337هـ. انظر: تاريخ الدولة العثمانية تأليف يلماز أوزتونا(2/814).
( 5 ) انظر: تاريخ الدولة العثمانية تأليف يلماز أوزتونا