السَّلآأمُ عليكُمْ
_______________
الحلقة الأولى ~
استيقظت ، نعم على الأقل كان يجدر بي ذلك .. لأنها الثانية عشرة صباحا. لابد أن أمي قد رأت تعبي فتركتني أنام إلى هذا الوقت ؛ فقد أفقت للسحور وأنا على أسوء حال ، ثم إنه رمضان ، ماذا عساي أفعل طوال تلك الصبيحة المملة ؟
يبدو أن الحرارة شديدة ، فهاهو الهوائي [ الفونتيلاتور] يدور ويجول ، ونوافذ الخشب مغلة. حقا لم أفهم ما فائدة غلقها في الحفاظ على برودة المنزل ؛ تقول أمي أنها تمنع دخول أشعة الشمس التي ترفع من الحرارة .. لكنني أرى أن غلقها يضفي للمنزل جوا كئيبا جدا. غسلت وجهي بالماء وعدت إلى غرفتي لأرتبها ، فوجدت أختي سيرين تنظر للاشيء ؛ لم أكلف نفسي لأسألها ، لأنني سأدخل معها في حوار لا جدوى منه لطالما وبختنا أمي لأجله.
لم تمض سوى دقائق حتى سمعت أذان الظهر ؛ فعلا لقد كانت أمي على حق فقد قالت لنا قبل دخول شهر رمضان ، قد كنا نطيل النوم في الصبيحة : " لحن ، سيرين ، لن أتعجب أبدا إن ( لحقتو ) الظهر في رمضان .. " . ذهبت لأتوضأ وأصلي وحاولت أن أستغل ما بقي لي من وقت فأخذت مصحفي بدأت أقرأ ، حقا لقد تحركت عقارب الساعة بسرعة ، فهاهي الآن الثانية زوالا.
وضعت سماعة الأذن وشغلت الهاتف على سور القرآن . ثم أخذت المكنسة وكنست أرضية المنزل ، بينما سيرين جالسة تشاهد التلفاز ، حتى إنه ليخيل إلي أحيانا أنها تكاد تتمنى لو تخترق تلك الشاشة ؛ وأمي تكمل عملها في الكمبيوتر .. أما أبي فهو يعمل خارج المنزل.
أنهيت تنظيف المنزل ، وجلست للكمبيوتر على أمل مني أن لا يتوقف بسبب الحرارة .. لكن تبا ، لقد [ تطفى ] .. كأنه يحاول إثارة غضبي ، غير أنني لم ألبث أحاول معه حتى نادتني أمي لكي أساعدها في الكتابة لأنها تعبت وبدأت تشعر بالصداع ؛ سعدت جدا ، لأنني حالما أنتهي سأستعمل الإنترنت وهذا ما حدث .. فقد أمضيت ربع ساعة فقط وأخبرت أمي ثم استئذنت ، ولابد حقا من هذا ، فإن لم أستأذن سأحرم من كل وسائل الترفيه لمدة ما.
أمضيت كل الظهيرة مع منتدى الجلفة ؛ لم أشعر فعلا بمرور الوقت .. حتى إذا نظرت للساعة وجدتها الرابعة وست وعشرون دقيقة ، يا للهول ! لقد مضى وقت تحضير الخبز ؛ لكن لابأس سأحاول تعويض ما ضيعته. أغلقت الكمبيوتر ثم توجهت إلى المطبخ ، لقد كان ساخنا جدا .. والحرارة هناك لا تطاق ، ولكنني مجبرة. أمضيت بعض الوقت هناك حتى إذا أنهيت طبخ الخبز .. توضأت وصليت العصر.
لم يكن الجو بهذه الحرارة في الأيام الأولى .. بل كان معتدلا جدا ، حتى إننا شعرنا بالبرد حين هبت رياح قليلة وسقطت بعض الأمطار ؛ رغم ذلك فأنا لا أستغرب أبدا فنحن في الفاتح من شهر أوث. بديهي جدا أن يسخن الجو هكذا ، أعاننا الله على الصيام. فكرت بما أبرد به نفسي فاهتديت إلى الاستحمام ، فكرة رائعة .. لطالما عُرفت بحبي للاستحمام حتى إن أبي كان يقول لي : " يوما ما سوف [ تتــنَدّا ] ، " وأعتقد أنه على حق تماما. كم أحب أبي حين يلهو معنا بهذا الكلام الطريف.
أخذت حماما باردا ، ثم عدت للمطبخ أساعد أمي ؛ غسلت الأواني كي لا [تصدار] بعد الإفطار .. وبدأت أجهز المائدة إنها السابعة تماما ، وسيمضي الوقت بسرعة .. لابد من تكثيف الحركة الآن. هاقد عاد أبي من العمل وفي يديه أكياس المشتريات ؛ وسيرين تحمر في الزيت [ البوراك ] .. بينما أمي تجهز الحليب والقهوة. نصف ساعة ويصير كل شيء جاهز.
" الله أكبر ، الله أكبر " ، إنه أذان المغرب .. لكنني لا أشعر برغبة في الأكل ، نعم فقد صبرت ست عشرة ساعة ؛ وأرى أنني أستطيع أكثر. لم عندما يأتي الفرج نحن إلى أيام الشقاء ؟ ربما لأن أيام الشقاء فيها الصبر والتعاون ، أو ربما لأن الرخاء لا يأتي إلا بعد أن تطيب نفسنا بالمشاكل والمصائب.
قد تجدون هذه الكتابات مملة ، لكنني أردت فقط أن أكتب وأصف وأعلق على ما يعترضني في حياتي [ المملة ] ؛ فقد كان هذا يوما رمضانيا عاديا جدا ، لكنه لي مميز فعلا فقد استطعت أخيرا أن أكتب.
لَحْنْ ؛
الفِهْرًسْْ ::