قال الشيخ العلامة المؤرخ تقي الدين المقريزي -رحمه الله تعالى :-
"وكان أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري قد أخذ عن أبي علي محمد بن عبد الوهاب الجبائي ، ولازمه عدة أعوام ، ثم بدا له فترك مذهب الإعتزال وسلك طريق أبي محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن كلاب ، ونسج على قوانينه في الصفات والقدر، وقال بالفاعل المختار،وترك القول بالتحسين والتقبيح العقليين، وما قيل في مسائل الصلاح والأصلح، وأثبت أن العقل لا يوجب المعارف قبل الشرع، وأن العلوم وإن حصلت بالعقل فلا تجب به ، ولا يجب البحث عنها إلا بالسمع ، وأن الله تعالى لا يجب عليه شيء، وأن النبوات من الجائزات العقلية والواجبات السمعية إلى غير ذلك من مسائله التي هي موضوع أصول الدين "
إلى أن قال - بعد أن سمى عدد من العلماء :
"ونصروا مذهبه ، وناظروا عليه ، وجادلوا فيه واستدلوا له في مصنفات لا تكاد تحصر ، فانتشر مذهب أبي الحسن الأشعري في العراق من نحو سنة ثمانين وثلاثمائة وانتقل منه إلى الشام ، فلما ملك السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب ديار مصر ، كان هو وقاضيه صدر الدين عبد الملك بن عيسى بن درباس الماراني على هذا المذهب ، قد نشآ عليه منذ كانا في خدمة السلطان الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي بدمشق ، وحفظ صلاح الدين في صباه عقيدة ألفها له قطب الدين أبو المعالي مسعود بن محمد بن مسعود النيسابوري ، وصار يحفظها صغار أولاده ، فلذلك عقدوا الخناصر وشدوا البنان على مذهب الأشعري ، وحملوا في أيام مواليهم كافة الناس على التزامه ، فتمادى الحال على ذلك جميع أيام الملوك من بني أيوب ، ثم في أيام مواليهم الملوك من الأتراك .