منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - سيرة عمر ابن الخطاب
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-07-25, 07:39   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
إكرام ملاك
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية إكرام ملاك
 

 

 
الأوسمة
المشرف المميز أحسن عضو لسنة 2013 المرتبة الاولى وسام المرتبة الثالثة 
إحصائية العضو










افتراضي

الجزء 5

فقال: أخبر بذلك ابن الخطاب، فذهب جابر إلى عمر فأخبره فقال له عمر: لقد علمت حين مشى فيها رسول الله ليباركن فيها( ).


16- زواج حفصة بنت عمر رضي الله عنهما من رسول الله:
قال عمر رضي الله عنه: حين تأيمت( ) حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي، وكان من أصحاب رسول الله  فتوفي في المدينة، فقال عمر: أتيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة بنت عمر، قال: قلت: إن شئت أنكحتك حفصة، فقال: سأنظر في أمري، فلبث لياليَ، ثم لقيني فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج قال عمر: فلقيت أبا بكر الصديق، فقلت: إن شئت زوجتك حفصة بنت عمر، فصمت أبو بكر رضي الله عنه فلم يرجع إليَّ شيئاً، فكنت عليه أوجد مني على عثمان بن عفان، فلبثت ليالي ثم خطبها رسول الله  فأنكحتها إياه فلقيني
أبو بكر فقال: لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك شيئاً؟ قال عمر: نعم، قال أبو بكر: فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت علي، إلا أني كنت علمت أن رسول الله  قد ذكرها، فلم أكن لأفشي سر رسول الله  ولو تركها رسول الله لقبلتها( ) .


ثالثاً: موقف عمر رضي الله عنه من خلاف رسول الله مع أزواجه:
عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: لم أزل حريصاً على أن أسأل عمر رضي الله عنه عن المرأتين من أزواج النبي ، اللتين قال الله تعالى:  إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا  (التحريم: 4) حتى حجَّ عمر وحججت معه، فلما كنا ببعض الطريق عدل عمر وعدلت معه بالإداوة، فتبرز ثم أتاني، فسكبت على يديه فتوضأ، فقلت، يا أمير المؤمنين، من المرأتان من أزواج النبي  اللتان قال الله تعالى:  إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ؟ فقال عمر: واعجبا لك يا ابن عباس: قال الزهري: كره، والله
ما سأله عنه ولم يكتمه عنه – قال هي حفصة وعائشة. قال: ثم أخذ يسوق الحديث، قال: كنا معشر قريش قوماً نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم، قال: وكان منزلي في بني أمية بن زيد بالعوالي، قال: فتغضبت( ) يوماً على امرأتي، فإذا هي تراجعني، فأنكرت أن تراجعني، فقالت: ما تنكر أن أراجعك، فو الله إن أزواج النبي  ليراجعنه، وتهجره إحداهنَّ اليوم إلى الليل. قال: فانطلقت، فدخلت على حفصة، فقلت: أتراجعين رسول الله ؟ قالت: نعم. قلت: وتهجره إحداكن اليوم إلى الليل؟ قالت: نعم. قلت: قد خاب من فعل ذلك منكنَّ وخسر، أفتأمن إحداكن أن يغضب عليها لغضب رسول الله  فإذا هي قد هلكت لا تراجعي رسول الله ولا تسأليه شيئاً، وسليني ما بدا لك،
ولا يغرنك أن كانت جارتك هي أوسم وأحب إلى رسول الله  منك - يريد
عائشة -: قال وكان لي جار من الأنصار، وكنّا نتناوب النّزول إلى رسول الله ، فينزل يوماً، وأنزل يوماً، فيأتيني بخبر الوحي وغيره، وآتيه بمثل ذلك، قال: وكنا نتحدث أن غسّان تُنْعلُ الخيل لتغزونا، فنزل صاحبي يوماً، ثم أتاني عشاءً فضرب بابي، ثم ناداني فخرجت إليه، فقال: حدث أمر عظيم. فقلت: وماذا، أجاءت غسان؟ قال: لا بل أعظم من ذلك وأطول، طلق الرّسول نساءه. فقلت: قد خابت حفصة وخسرت، قد كنت أظن هذا كائناً. حتى إذا صليت الصبح شددت علي ثيابي، ثم نزلت فدخلت على حفصة وهي تبكي، فقلت أطلقكن رسول الله؟ فقالت: لا أدري، هو هذا معتزل في هذه المشربة: فأتيت غلاماً له أسود، فقلت: استأذن لعمر، فدخل الغلام ثم خرج إليَّ، فقال: قد ذكرتُك له فصَمتَ، فانطلقت حتى أتيت المنبر، فإذا عنده رهط جلوس يبكي بعضهم، فجلست قليلاً، ثم غلبني ما أجد، فأتيت الغلام فقلت: استأذن لعمر فدخل ثم خرج إليَّ، فقال: قد ذكرتك له فصمت، فوليت مدبراً، فإذا الغلام يدعوني، فقال: ادخل، فقد أذن لك. فدخلت، فسلمت على رسول الله ، فإذا هو متكئ على رمل حصير قد أثر في جنبه، فقلت: أطلقت يا رسول الله نساءك؟ فرفع رأسه إلي وقال؟ لا. فقلت: الله أكبر، لو رأيتنا يا رسول الله، وكنا معشر قريش قوماً نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم، فتغضبت على امرأتي يوماً فإذا هي تراجعني، فأنكرت أن تراجعني فقالت ما تنكر أن أراجعك؟ فوالله إن أزواج رسول الله  ليُراجعنه، وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل. فقلت: قد خاب من فعل ذلك منهن وخسر، أفتأمن إحداهن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله، فإذا هي قد هلكت؟ فتبسم رسول الله ، فقلت:
يا رسول الله، فدخلت على حفصة، فقلت: لا يغرَّنك إن كانت جارتك هي أوسم وأحبَّ إلى رسول الله  منك، فتبسم أخرى، فقلت: أستأنس يا رسول الله؟ قال: نعم. فجلست، فرفعت رأسي في البيت، فوالله ما رأيت فيه شيئاً يرُدُّ البصرَ إلا أهبة( ) ثلاثة، فقلت: ادع يا رسول الله أن يوسع على أمتك فقد وُسِّع على فارس والروم، وهم لا يعبدون الله. فاستوى جالساً، ثم قال: أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟ أولئك قوم عُجِّلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا فقلت: استغفر لي يا رسول الله. وكان أقسم أن
لا يدخل عليهن شهراً من شدة موجدته عليهن حتى عاتبه الله عز وجل( ).
هذا ما تيسر جمعه وترتيبه من حياة الفاروق في المجتمع المدني ولقد نال عمر رضي الله عنه أوسمة رفيعة من رسول الله  بينت فضله ودينه وعلمه رضي الله عنه وسنتحدث عنها بإذن الله.

رابعاً: شيء من فضائله ومناقبه:
إن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يلي أبا بكر الصديق في الفضل فهو أفضل الناس على الإطلاق بعد الأنبياء والمرسلين وأبي بكر وهذا ما يلزم المسلم اعتقاده في أفضليته رضي الله عنه وهو معتقد الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة( )، وقد وردت الأحاديث الكثيرة والأخبار الشهيرة بفضائل الفاروق رضي الله عنه ومنها:
1- إيمانه وعلمه ودينه:
فقد جاء في منزلة إيمانه رضي الله عنه ما رواه عبد الله بن هشام أنه قال: كنا مع النبي  وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب فقال له عمر يا رسول الله، لأنت أحب إليّ من كل شيء إلا من نفسي فقال النبي : لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحبّ إليك من نفسك. فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحبُّ إليّ من نفسي. فقال النبي : الآن يا عمر( ). وأما علمه فقد قال رسول الله : بينما أنا نائم شربت – يعني اللبن – حتى أنظر إني الرّي يجري في ظفري أو في أظفاري، ثم ناولت عمر. فقالوا: فما أولته قال العلم( ). وجه التعبير بذلك من جهة اشتراك اللبن والعلم في كثرة النفع وكونهما سبباً للصلاح، فاللبن للغذاء البدني والعلم للغذاء المعنوي وفي الحديث فضيلة – ومنقبة لعمر رضي الله عنه – وإن الرؤيا من شأنها أن لا تحمل على ظاهرها وإن كانت رؤيا الأنبياء من الوحي لكن منها ما يحتاج إلى تعبير ومنها ما يحمل على ظاهره.. والمراد بالعلم – في الحديث – سياسة الناس بكتاب الله وسنة رسول الله  واختص عمر بذلك لطول مدته بالنسبة إلى أبي بكر وباتفاق الناس على طاعته بالنسبة إلى عثمان فإن مدة أبي بكر كانت قصيرة فلم تكثر فيها الفتوح التي هي أعظم الأسباب في الاختلاف ومع ذلك فساس عمر فيها مع طول مدته الناس بحيث لم يخالفه أحد ثم ازدادت اتساعاً في خلافة عثمان فانتشرت الأقوال واختلفت الآراء ولم يتفق له ما اتفق لعمر في طواعية الخلق له فنشأت من ثم الفتن إلى أن أفضى الأمر إلى قتله واستخلف عليُّ فما ازداد الأمر إلا اختلافاً والفتن إلا انشاراً، وأما دينه، فقد قال رسول الله : بينما أنا نائم رأيت الناس عرضوا علي وعليهم قمص فمنها ما يبلغ الثدي ومنها ما يبلغ دون ذلك، وعرض على عمر وعليه قميص اجتره. قالوا فما أولته
يا رسول الله؟ قال: الدين( ).

2- هيبة عمر وخوف الشيطان منه:
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: استأذن عمر بن الخطاب على رسول الله  وعنده نسوة من قريش يكلمنه ويستكثرنه عالية أصواتهن على صوته فلما استأذن عمر بن الخطاب قمن فبادرن الحجاب، فأذن له رسول الله صلى فدخل عمر ورسول الله يضحك. فقال: أضحك الله سنك يا رسول الله فقال النبي : عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب. قال عمر: فأنت أحق أن يهبن يا رسول الله ثم قال عمر يا عدوات أنفسهن، أتهبنني
ولا تهبن رسول الله  فقلن: نعم أنت أفظ وأغلظ من رسول الله  فقال رسول الله : إيها يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكاً فجاً( ) قط إلا سلك فجاً آخر( ) هذا الحديث فيه بيان فضل عمر رضي الله عنه وأنه من كثرة التزامه الصواب لم يجد الشيطان عليه مدخلاً ينفذ إليه( ).
قال ابن حجر: فيه فضيلة لعمر تقتضي أن الشيطان لا سبيل له عليه لا أن ذلك يقتضي وجود العصمة إذ ليس فيه إلا فرار الشيطان منه أن يشاركه في طريق يسلكها، ولا يمنع ذلك من وسوسته له بحسب ما تصل إليه قدرته، فإن قيل عدم تسليطه عليه بالوسوسة يؤخذ بطريق مفهوم الموافقة لأنه إذا منع من السلوك في طريق فأولى أن لا يلابسه بحيث يتمكن من وسوسته له فيمكن أن يكون حفظ من الشيطان، ولا يلزم من ذلك ثبوت العصمة له لأنها في حق النبي واجبة وفي حق غيره ممكنة ووقع في حديث حفصة عند الطبراني في الأوسط بلفظ: إن الشيطان
لا يلقى عمر منذ أسلم إلا فر لوجهه. وهذا دال على صلابته في الدين، واستمرار حاله على الجد الصرف والحق المحض، وقال النووي: هذا الحديث محمول على ظاهره وأن الشيطان يهرب إذا رآه: وقال عياض: يحتمل أن يكون ذاك على سبيل ضرب المثل وأن عمر فارق سبيل الشيطان وسلك طريق السداد فخالف كل
ما يحبه الشيطان قال ابن حجر والأول أولى( ).

3- ملهم هذه الأمة:
قال رسول الله : لقد كان فيما قبلكم من الأمم محدثون فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر( ) هذا الحديث تضمن منقبة عظيمة للفاروق رضي الله عنه وقد اختلف العلماء في المراد بالمحدَّث. فقيل: المراد بالمحدث: الملهم. وقيل: من يجري الصواب على لسانه من غير قصد، وقيل: مكلم أي: تكلمه الملائكة بغير نبوة.. بمعنى أنها تكلمه في نفسه وإن لم ير مكلماً في الحقيقة فيرجع إلى الإلهام. وفسره بعضهم بالتفرس( ).
قال ابن حجر: والسبب في تخصيص عمر بالذكر لكثرة ما وقع له في زمن النبي  من الموافقات التي نزل القرآن مطابقاً لها ووقع له بعد النبي  عدة إصابات( ) وكون عمر رضي الله عنه اختص بهذه المكرمة العظيمة وانفرد بها دون من سواه من الصحابة لا تدل على أنه أفضل من الصديق رضي الله عنه( )، قال ابن القيم: ولا تظن أن تخصيص عمر رضي الله عنه بهذا تفضيل له على أبي بكر الصديق بل هذا من أقوى مناقب الصديق فإنه لكمال مشربه من حوض النبوة وتمام رضاعه من ثدي الرسالة استغنى بذلك عما تلقاه من تحديث أو غيره، فالذي يتلقاه من مشكاة النبوة أتم من الذي يتلقاه عمر من التحديث فتأمل هذا الموضع وأعطه حقه من المعرفة وتأمل ما فيه من الحكمة البالغة الشاهدة لله بأنه الحكيم الخبير( ).

4- لم أر عبقرياً يفري فريه:
قال رسول الله : رأيت في المنام أني أنزع بدلو بكرة على قليب( )، فجاء
أبو بكر فنزع ذنوباً أو ذنوبين نزعاً ضعيفاً والله يغفر له( )، ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت غرباً فلم أر عبقرياً يفري فريه حتى روى الناس وضربوا بعطن( )، وهذا الحديث فيه فضيلة ظاهرة لعمر رضي الله عنه تضمنها قوله : فجاء عمر بن الخطاب فاستحالت غرباً… الحديث ومعنى: استحالت صارت وتحولت من الصغر إلى الكبر وأمّا ((العبقري)) فهو السيد وقيل: الذي ليس فوقه شيء ومعنى ((ضرب الناس بعطن)) أي أرووا إبلهم ثم آووا إلى عطنها وهو الموضع الذي تساق إليه بعد السقي لتستريح وهذا المنام الذي رآه النبي  مثال واضح لما جرى للصديق وعمر رضي الله عنهما في خلافتهما وحسن سيرتهما وظهور آثارهما وانتفاع الناس بهما فقد حصل في خلافة الصديق قتال أهل الردة وقطع دابرهم وأشاع الإسلام رغم قصر مدة خلافته فقد كانت سنتين وأشهراً فوضع الله فيها البركة وحصل فيها من النفع الكثير ولما توفي الصديق خلفه الفاروق فاتسعت رقعة الإسلام في زمنه وتقرر للناس من أحكامه ما لم يقع مثله فكثر انتفاع الناس في خلافة عمر لطولها فقد مصر الأمصار ودون الدواوين وكثرت الفتوحات والغنائم.. ومعنى قوله : فلم أر عبقرياً من الناس يفري فريه: أي لم أر سيداً يعمل عمله ويقطع قطعه ومعنى قوله : حتى ضرب الناس بعطن، قال القاضي عياض ظاهره أنه عائد إلى خلافة عمر خاصة وقيل: يعود إلى خلافة أبي بكر وعمر جميعاً لأن بنظرهما وتدبيرهما وقيامهما بمصالح المسلمين تم هذا الأمر ((وضرب الناس بعطن)). لأن أبا بكر قمع أهل الردة وجمع شمل المسلمين وألفهم وابتدأ الفتوح ومهد الأمور وتمت ثمرات ذلك وتكاملت في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما( ).

5- غيرة عمر رضي الله وبشرى رسول الله له بقصر في الجنة:
قال رسول الله : رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبي طليحة
وسمعت خشفة فقلت من هذا؟ فقال: هذا بلال ورأيت قصراً بفنائه جارية، فقلت. لمن هذا؟ فقالوا: لعمر فأردت أن أدخله فأنظر إليه فذكرت غيرتك. فقال عمر: بأبي وأمي يا رسول الله أعليك أغار( )، وفي رواية قال رسول الله : بينما أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر فقلت: لمن هذا القصر؟ قالوا لعمر فذكرت غيرته فوليت مدبراً. فبكى عمر وقال: أعليك أغار يا رسول الله( )؟ هذان الحديثان اشتملا على فضيلة ظاهرة لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث أخبر النبي  برؤيته قصراً في الجنة للفاروق وهذا يدل على منزلته عند الله تعالى( ).

6- أحب أصحاب رسول الله إليه بعد أبي بكر:
قال عمرو بن العاص رضي الله عنه: قلت يا رسول الله، أيُّ الناس أحبّ إليك؟ قال: عائشة قلت: يا رسول الله، من الرجال؟ قال: أبوها، قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر بن الخطاب ثم عدّ رجالاً( ).

7- بشرى لعمر بالجنة:
عن أبي موسى الأشعري قال: كنت مع النبي  في حائط من حيطان المدينة، فجاء رجل فاستفتح فقال النبي : افتح له وبشره بالجنة، ففتحت له، فإذا أبو بكر فبشرته بما قال رسول الله : فحمد الله ثم جاء رجل فاستفتح فقال النبي : افتح له وبشره بالجنة، ففتحت له فإذا هو عمر، فأخبرته بما قال النبي  فحمد الله، ثم استفتح رجل، فقال لي افتح له وبشره بالجنة، على بلوى تصيبه فإذا عثمان، فأخبرته بما قال رسول الله  فحمد الله، ثم قال: الله المستعان( ).

خامساً: موقف عمر في مرض رسول الله ووفاته:

1- في مرض رسول الله:
قال عبد الله بن زمعة: لما مرض رسول الله  دخل عليه بلال – رضي الله عنه – يدعوه إلى الصلاة، فقال : مروا من يصلي بالناس. قال: فخرجت فإذا عمر في الناس، وكان أبو بكر غائباً، فقلت: قم يا عمر فصل بالناس، قال: فقام، فلما كبر سمع رسول الله  صوته، وكان عمر رجلاً مجهراً، قال: فقال رسول الله : فأين أبو بكر يأبى الله ذلك والمسلمون، فأبى الله ذلك والمسلمون. قال، فبعث إلى
أبي بكر، فجاء بعد أن صلى عمر تلك الصلاة، فصلى بالناس، قال: قال عبد الله بن زمعة: قال لي عمر:
ويحك !! ماذا صنعت بي يا ابن زمعة؟ والله ما ظننت حين أمرتني إلا أن رسول الله أمر بذلك ولولا ذلك ما صليت بالناس، قال: قلت: والله ما أمرني رسول الله  بذلك، ولكني حين لم أر أبا بكر رأيتك أحق من حضر بالصلاة بالناس( ) ، وقد روى ابن عباس بأنه: لما اشتد بالنبي  وجعه قال: ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده. قال عمر رضي الله عنه: إن النبي  غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا! فاختلفوا وكثر اللّغط قال: قوموا عني، ولا ينبغي عندي التنازع، فخرج ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله  وبين كتابه( ) . وقد تكلم العلماء على هذا الحديث بما يشفي العليل ويروي الغليل، وقد أطال النفس في الكلام عليه النووي في شرح مسلم فقال: اعلم أن النبي  معصوم من الكذب ومن تغيير شيء من الأحكام الشرعية في حال صحته وحال مرضه، ومعصوم من ترك بيان ما أمر ببيانه وتبليغ ما أوجب الله عليه تبليغه، وليس معصوماً من الأمراض والأسقام العارضة للأجسام ونحوها. مما لا نقص فيه لمنزلته، ولا فساد لما تمهد من شريعته، وقد سُحر  حتى صار يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يكن يفعله، ولم يصدر منه  في هذا الحال كلام في الأحكام مخالف لما سبق من الأحكام التي قررها، فإذا علمت ما ذكرناه فقد اختلف العلماء في الكتاب الذي هم النبي  به. فقيل: أراد أن ينص على الخلافة في إنسان معين لئلا يقع فيه نزاع وفتن، وقيل: أراد كتاباً يبين فيه مهمات الأحكام ملخصة ليرتفع النزاع فيها، ويحصل الإتفاق على المنصوص عليه، وكان النبي  هم بالكتاب حين ظهر له أنه مصلحة أو أوحي إليه بذلك ثم ظهر أن المصلحة تركه، أو أوحي إليه بذلك ونسخ ذلك الأمر الأول، وأما كلام عمر رضي الله عنه فقد اتفق العلماء المتكلمون في شرح الحديث على أنه من دلائل فقه عمر وفضائله ودقيق نظره. لأنه خشي أن يكتب  أموراً ربما عجزوا عنها، واستحقوا العقوبة عليها، لأنها منصوصة لا مجال للاجتهاد فيها. فقال عمر: حسبنا كتاب الله، لقوله تعالى:
 مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ (الأنعام، آية:38). وقوله:  الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ  (المائدة،آية:3). فعلم أن الله تعالى أكمل دينه، فأمن الضلال على الأمة وأراد الترفيه على رسول الله ، فكان عمر أفقه من ابن عباس وموافقيه، قال الخطابي: ولا يجوز أن يحمل قول عمر على أنه توهم الغلط على رسول الله ، أو ظن به غير ذلك مما لا يليق به بحال. لكنه لما رأى ما غلب على رسول الله  من الوجع وقرب الوفاة، مع ما اعتراه مع الكرب خاف أن يكون ذلك القول مما يقوله المريض مما لا عزيمة له فيه فيجد المنافقون بذلك سبيلاً إلى الكلام في الدين. وقد كان أصحابه  يراجعونه في بعض الأمور قبل أن يجزم فيها بتحتيم، كما راجعوه يوم الحديبية في الخلاف، وفي كتاب الصلح بينه وبين قريش. فأما إذا أمر النبي بالشيء أمر عزيمة فلا يراجعه فيه أحد منهم( ) . وقال القاضي: قوله: أهجر رسول الله ، هكذا هو في صحيح مسلم وغيره: أهجر؟ على الاستفهام وهو أصح من رواية من روى هجر يهجر. لأن هذا كله لا يصح منه . لأن معنى هجر هذى. وإنما جاء هذا من قائله استفهاماً للإنكار على من قال: لا تكتبوا. أي لا تتركوا أمر رسول الله  وتجعلوه كأمر من هجر في كلامه، لأنه  لا يهجر، وقول عمر رضي الله عنه: حسبنا كتاب الله، رداً على ما نازعه، لا على من أمر النبي ( )، وعلق الشيخ علي الطنطاوي على ذلك فقال: والذي أراه أن عمر قد تعود خلال صحبته الطويلة للرسول أن يبدي له رأيه لما يعلم من إذنه له بذلك ولرضاه عنه، وقد مر من أخبار صحبته، مواقف كثيرة كان يقترح فيها على رسول الله أموراً، ويطلب منه أموراً، ويسأله عن أمورٍ، فكان الرسول  يقره على ما فيه الصواب، ويرده عن الخطأ، فلما قال الرسول : ائتوني أكتب لكم كتاباً، اقترح عليه عمر على عادته التي عوده الرسول، أن يكتفي بكتاب الله، فأقره الرسول ، ولو كان يريد الكتابة، لأسكت عمر، ولأمضى ما يريد( ).

2- موقفه يوم قبض الرسول :
لما بلغ الناس خبر وفاة رسول الله  حدثت ضجة كبيرة، فقد كان موت الرسول صدمة لكثير من المسلمين خاصة ابن الخطاب، حدثنا عن ذلك الصحابي الجليل
أبو هريرة – رضي الله عنه – حيث قال: لما توفي رسول الله قام عمر بن الخطاب فقال: إن رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله قد توفي، وإن رسول الله
ما مات، ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران فقد غاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم بعد أن قيل: قد مات، والله ليرجعن رسول الله  كما رجع موسى فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم زعموا أن رسول الله  قد مات( )، وأقبل أبو بكر حتى نزل على باب المسجد – حين بلغه الخبر – وعمر يكلم الناس، فلم يلتفت إلى شيء حتى دخل على رسول الله في بيت عائشة رضي الله عنها ورسول الله  مسجى في ناحية البيت، عليه بردة حبرة، فأقبل حتى كشف عن وجه رسول الله  ثم أقبل عليه فقبله، ثم قال: بأبي أنت وأمي، أما الموتة التي كتب الله عليك فقد ذقتها، ثم لن تصيبك بعدها موتة أبداً، قال: ثم رد البردة على وجه رسول الله ، ثم خرج وعمر يكلم الناس، فقال:
على رسلك يا عمر، أنصت، فأبى إلا أن يتكلم، فلما رآه أبو بكر لا ينصت، أقبل على الناس، فلما سمع الناس كلامه أقبلوا عليه وتركوا عمر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس: إنه من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت. ثم تلا قول الله تعالى:  وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ(144)  (آل عمران،آية:144).
قال أبو هريرة: فو الله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت، حتى تلاها
أبو بكر يومئذ، قال: وأخذها الناس عن أبي بكر، فإنما هي في أفواههم، قال: فقال أبو هريرة: قال عمر: فو الله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى وقعت إلى الأرض ما تحملني رجلاي، وعرفت أن رسول الله قد مات( ).


المبحث الثالث: عمر رضي الله عنه في خلافة الصديق:

أولاً: مقامه في سقيفة بني ساعدة ومبايعته للصديق:
عقب وفاة النبي  اجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة، فقالوا: منا أمير ومنكم أمير، فذهب إليهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح فذهب عمر يتكلم،، فأسكته أبو بكر، وكان عمر يقول: والله ما أردت بذلك إلا أني قد هيأت كلاماً قد أعجبني خشيت أن لا يبلغه أبو بكر، ثم تكلم أبو بكر، فتكلم أبلغ الناس، فقال في كلامه نحن الأمراء وأنتم الوزراء، فقال حباب بن المنذر: لا والله
لا نفعل، منا أمير ومنكم أمير، فقال أبو بكر: لا، ولكنا الأمراء، وأنتم الوزراء، هم أوسط العرب داراً، وأعربهم أحساباً، فبايعوا عمر، أو أبا عبيدة. فقال عمر: بل نبايعك أنت، وأنت سيدنا وخيرنا، وأحبنا إلى رسول الله، فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه الناس( )، فرضي الله عن عمر وأرضاه، فإنه عندما ارتفعت الأصوات في السقيفة وكثر اللغط، وخشي عمر الاختلاف، ومن أخطر الأمور التي خشيها عمر أن يُبْدأ بالبيعة لأحد الأنصار فتحدث الفتنة العظيمة؛ لأنه ليس من اليسير أن يبايع أحد بعد البدء بالبيعة لأحد الأنصار، فأسرع عمر رضي الله عنه إخماداً للفتنة( )، وقال للأنصار:
يا معشر الأنصار ألستم تعلمون أن رسول الله  أمر أبا بكر أن يؤم الناس فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر؟ فقالت الأنصار: نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر( )، ثم بادر رضي الله عنه وقال لأبي بكر: ابسط يدك، فبسط يده فبايعه، وبايعه المهاجرون، ثم الأنصار( ).
وعندما كان يوم الثلاثاء جلس أبو بكر على المنبر، فقام عمر فتكلم قبل أبي بكر، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: أيها الناس، إني كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت، وما وجدتها في كتاب الله، ولا كانت عهداً عهده إليّ رسول الله ، ولكني قد كنت أرى أن رسول الله  سيُدبّر أمرنا، يقول: يكون آخرنا، وإن الله قد أبقى فيكم كتابه الذي به هدى الله رسوله ، فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه له، وإن الله قد جمع أمركم على خيركم صاحب رسول الله ، ثاني اثنين إذ هما في الغار، فقوموا فبايعوا فبايع الناس أبا بكر بيعته العامة بعد بيعة السقيفة( )، فكان عمر رضي الله عنه يذود ويقوي، ويشجع الناس على بيعة أبي بكر حتى جمعهم الله عليه، وأنقذهم الله من الاختلاف والفرقة والفتنة، فهذا الموقف الذي وقفه عمر مع الناس من أجل جمعهم على إمامة أبي بكر، موقف عظيم من أعظم مواقف الحكمة التي ينبغي أن تسجل بماء الذهب( ).
لقد خشي أن يتفرق أمر المسلمين وتشب نار الفتن فأخمدها بالمبادرة إلى مبايعة أبي بكر، وتشجيع الناس على المبايعة العامة فكان عمله هذا سبباً لنجاة المسلمين من أكبر كارثة كانت تحل بهم لولا يمن نقيبته وصحة نظره بعد معونة الله تعالى( ).

ثانياً: مراجعته لأبي بكر في محاربة مانعي الزكاة وإرسال جيش أسامة:
قال أبو هريرة رضي الله عنه: لما توفي رسول الله  وكان أبو بكر بعده. وكفر من كفر من العرب، قال عمر: يا أبا بكر كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله. قال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقا( ) ، كانوا يؤدونها إلى رسول الله  لقاتلتهم على منعها. قال عمر: فو الله ما هو إلا أن رأيت أن الله – عز وجل – قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق( )، وعندما اقترح بعض الصحابة على
أبي بكر بأن يبقى جيش أسامة حتى تهدأ الأمور أرسل أسامة من معسكره من الجرف عمر بن الخطاب رضي الله عنهما إلى أبي بكر يستأذنه أن يرجع بالناس وقال: إن معي وجوه المسلمين وجلتهم، ولا آمن على خليفة رسول الله، وحرم رسول الله، والمسلمين أن يتخطفهم المشركون( )، ولكن أبا بكر خالف ذلك وأصرّ على أن تستمر الحملة العسكرية في تحركها إلى الشام مهما كانت الظروف والأحوال والنتائج، وطلبت الأنصار رجلاً أقدم سناً من أسامة يتولى أمر الجيش وأرسلوا عمر بن الخطاب ليحدث الصديق في ذلك فقال عمر رضي الله عنه، فإن الأنصار تطلب رجلاً أقدم سناً من أسامة رضي الله عنه فوثب أبو بكر رضي الله عنه وكان جالساً وأخذ بلحية عمر رضي الله عنه وقال: ثكلتك أمك يا ابن الخطاب! استعمله رسول الله وتأمرني أن أعزله( )، فخرج عمر رضي الله عنه إلى الناس فقالوا: ما صنعت؟ فقال: امضوا ثكلتكم أمهاتكم! ما لقيت في سببكم من خليفة رسول الله( ).

ثالثاً: عمر ورجوع معاذ من اليمن، وفراسة صادقة في أبي مسلم الخولاني، ورأيه في تعيين إبان بن سعيد على البحرين:

1- عمر ورجوع معاذ من اليمن:
مكث معاذ بن جبل باليمن في حياة رسول الله  وكان له جهاده الدعوي وكذلك ضد المرتدين، وبعد وفاة رسول الله قدم إلى المدينة، فقال عمر رضي الله عنه لأبي بكر رضي الله عنه: أرسل إلى هذا الرجل فدع له ما يعيشه وخذ سائره منه. فقال أبو بكر: إنما بعثه النبي  ليجبره ولست بآخذ منه شيئاً إلا أن يعطيني، ورأى عمر أن أبا بكر رضي الله عنهما لم يأخذ برأية، ولكن عمر مقتنع بصواب رأيه، فذهب إلى معاذ لعله يرضى، فقال معاذ: إنما بعثني رسول الله  ليجبرني ولست بفاعل، إن عمر لم يذهب إلى أبي بكر مستعدياً، ولكنه كان يريد الخير لمعاذ وللمسلمين، وهاهو معاذ يرفض نصيحة عمر ويعلم عمر أنه ليس بصاحب سلطان على معاذ فينصرف راضياً، لأنه قام بواجبه من النصيحة، ولكن معاذاً رأى بعد رفضه نصيحة عمر ما جعله يذهب إليه قائلاً: قد أطعتك، وإني فاعل ما أمرتني به فإني رأيت في المنام أني في خوضة ماء قد خشيت الغرق فخلصتني منه يا عمر. ثم ذهب معاذ إلى أبي بكر رضي الله عنهما فذكر ذلك كله له وحلفه أنه لا يكتمه شيئاً، فقال أبو بكر رضي الله عنه: أنا
لا آخذ شيئاً قد وهبته لك. فقال عمر رضي الله عنه: هذا حين حل وطاب( ) ، وقد جاء في رواية: أن أبا بكر قال لمعاذ: ارفع حسابك فقال معاذ: أحسابان حساب الله وحساب منكم؟ والله لا ألي لكم عملاً أبداً( ).

2- فراسة صادقة في أبي مسلم الخولاني:
كان عمر رضي الله عنه يتمتع بفراسة يندر وجودها في هذه الحياة فقد روى الذهبي: أن الأسود العنسي تنبأ باليمن – ادعى النبوة – فبعث إلى أبي مسلم الخولاني، فأتاه بنار عظيمة، ثم إنه ألقى أبا مسلم فيها، فلم تضره … فقيل للأسود: إن لم تنف هذا عنك أفسد عليك من اتبعك، فأمره بالرحيل،فقدم المدينة، فأناخ في راحلته، ودخل المسجد فبصر به فقام إليه، فقال: ممن الرجل؟ قال: من اليمن قال: وما فعل الذي حرقه الكذاب بالنار؟ قال: ذاك عبد الله بن ثُوَب. قال نشدتك بالله، أنت هو؟ قال: اللهم نعم. فأعتنقه عمر، وبكى، ثم ذهب به حتى أجلسه فيما بينه وبين الصديق، فقال: الحمد لله الذي لم يُمتني حتى أراني في أمة محمد  من صنُع به كما صُنع بإبراهيم الخليل( ).

3- رأيه في تعيين أبان بن سعيد على البحرين:
انتهج أبو بكر رضي الله عنه خط الشورى في تعيين الأمراء، فقد ورد أنه شاور أصحابه فيمن يبعث إلى البحرين، فقال له عثمان: ابعث رجلاً قد بعثه رسول الله، فقدم عليه( ) ، بإسلامهم وطاعتهم، وقد عرفوه وعرفهم، وعرف بلادهم يعني العلاء بن الحضرمي، فأبى ذلك عمر عليه، وقال: أكره إبان بن سعيد بن العاص، فإنه رجل قد حالفهم، فأبى أبو بكر أن يكرهه وقال: لا أكره رجلاً يقول:
لا أعمل لأحد بعد رسول الله وأجمع أبو بكر بعثة العلاء بن الحضرمي إلى البحرين( ) .

رابعاً: رأي عمر في عدم قبول دية قتلى المسلمين، واعتراضه على إقطاع الصديق للأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن:

1- رأي عمر في عدم قبول دية قتلى المسلمين في حروب الردة:
جاء وفد بُزاخة من أسد وغطفان إلى أبي بكر يسألونه الصلح، فخيرهم بين الحرب المجلية والسلم المخزية، فقالوا: هذه المجلية قد عرفناها فما المخزية؟ قال تنزع منكم الحلقة والكراع، ونغنم ما أصبنا منكم وتردون علينا ما أصبتم منا، وتَدون قتلانا وتكون قتلاكم في النار، وتتركون أقواماً يتبعون أذناب الإبل حتى يري الله خليفة رسوله  والمهاجرين أمراً يعذرونكم به، فعرض أبو بكر ما قال على القوم، فقام عمر بن الخطاب، فقال: قد رأيت رأياً سنشير عليك، أما ما ذكرت من الحرب المجلية والسلم المخزية فنعم ما ذكرت، وأما ما ذكرت أن نغنم ما أصبنا منكم وتردّون ما أصبتم منا فنعم ما ذكرت، وأما ما ذكرت تدون قتلانا وتكون قتلاكم في النار، فإن قتلانا قاتلت فقتلت على أمر الله، أجورها على الله ليس لها ديات. فتبايع القوم على ما قال عمر( ) .

2- اعتراضه على إقطاع الصديق للأقرع بن حابس وعينيه بن حصن




يتبع.....................









رد مع اقتباس