سبحان الله ... رغم كل هذا الوعي بالفساد فلم نحن في منأى عن قيام ثورة؟
ليس مفهوم الثورة مفهوما دمويا كما قد يتداعى للبعض ولكن بفمهوم تغيير الرتابة المملة التي نعيشها، وليكن شعب اليمن مثالا؛ رغم ما تبادر إلى أذهان الكثير منا عن بدائية هذا الشعب فقد أثبت كم هو واع بما حوله وما يحاك ضده، والأغرب أنه أكثر الشعوب امتلاكا للسلاح ورغم ذلك قاوم وقاوم في الشارع ويداه مرفوعتان على رأسه لكيلا يشك فيه فيما يحمل، فتقام عليه حجة التنكيل والإبادة وواصل كذلك حتى انكسرت شوكة النظام علما أن هذا الأخير قد حاول وحاول استفزازه بشتى الطرق المشروعة غير المشروعة، فكم طالبه أن يدس يديه بدعوى الخوف عليه من العياء وكذا اتقاء برد الشتاء وحر الصيف.
أما نحن فإننا نرزح تحت ثقل من الاستغلال لطاقاتنا المهدورة أصلا، عدد ضئيل يحقق الأغلبية المطلقة تتحكم حتى في مقادير شهيقنا وزفيرنا. والفساد اليوم أصبح مشروعا تتبناه الأيدي التي تملك خيوط التحكم فينا والتي تنشط على خشبة الجزائر وما أتفه ما يمثل عليها؛ حيث دائما الأصابع تنتصر رغم أن الأصل في وجودها إدخال السرور والترويح عن الأنفس، لكن هي لا متعة لها إلا حين نتكسر نحن الدمى فنفقد مرة أطرافا ومرات رؤوسنا حتى.
رئيسنا كيف به لم يع أن الطفل الذي ولد يوم تسلمه لزمام البلاد أصبح الآن عمره ثلاث عشرة سنة وسيطرق باب الرشد والتكليف بعد سنة أو سنتين على أكثر تقدير. فأي رتابة هذه نعيشها؟ رتابة في معناها اللغوي تعني السكون وفي واقعها الحياتي تحفز على الانتفاض جراء الملل المتراكم.
إن الفساد في بلادي شريط مطول يبدو أنه لن ينته وكم حزت فينا الكراسي ونحن نتابع مجرياته علما أنه يبهرنا بقدرته على تغيير وجهه وشكله بكل براعة، نعلم أن جلوسنا لمتابعة أحداثه إجراء إجباري لا مناص لنا منه ولا حق لنا في المطالبة بتغيير الشريط فإن ذلك مدعاة للجر على الوجوه وبتر الأيادي وكسر السيقان وحجة دامغة لتضخيم ملفات إثبات التهم المعروفة وغير المعروفة.