المدينة النبوية الشريفة المنورة تقع تقريباً على خط عرض مدار السرطان، لذلك فإن الشمس تتعامد عليها في قمة الصيف (حوالي 21 من يونيو) فيكون مشرق الشمس، في رأي العين، هو المشرق الجغرافي. أما في حضيض الشتاء (حوالي: 23 ديسمبر) فيكون مشرقها ، في رأس العين، هو الجنوب الشرقي الجغرافي، أي بزاوية 45 درجة نحو الجنوب، تقريباً.
ولكن جمهور المخاطبين لا يتعاملون مع الخرائط الجغرافية والمساطر، لذلك نتوقع أن يطلق الإنسان العامي لفظة (المشرق) أيضاً على (الشرق) المنحرف بشمال خفيف، لذلك فإن الحزم والاحتياط يوجب السماح بالانحراف شمالاً (في اتجاه الشمال الشرقي) بزاوية معقولة. ولما كان الشمال الجغرافي المحض يبعد عن الشرق الجغراغي المحض بتسعين درجة، فإنه من المستبعد أن يتساهل الناس فيدخلوا في مفهوم (الشرق) ما يجاوز ثلث هذه المسافة الزاوية أي نحو 30 درجة تجاه الشمال، وإلا دخلنا منطقة الشمال الشرقي بلا شبهة.
وبتأمل الخريط المرفقة يتضح أن هذا الخط الحدي الممتد من المدينة إلى الشرق بشمال خفيف (30 درجة فقط) لا يمر أصلاً في العراق، وإنما يلامس جنوب الكويت ثم يستمر نحو شمال أيران، فبلاد ما وراء النهر، حتي يصل، تقريباً، إلى منتصف بلاد المغول والتتار.
فشرق المدينة النبوية الشريفة المنورة يضم معظم (نجد)، أي نجد جزيرة العرب المعروفة، في المسافات المباشرة القريبة.
فالعراق المعروف هو قطعاًُ ليس إلى الشرق من المدينة، ولكن نصفه الشمالي يقع في شمال المدينة النبوية الشريفة المنورة، ونصفه الجنوبي يقع في الشمال الشرقي. هذه هي الحقائق الحسية القاطعة، التي لا يجوز إغفالها وتجاوزها، ولا بحال من الأحوال.