منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الحكمة من تقدير الذنب على العبد
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-07-16, 20:42   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي الحكمة من تقدير الذنب على العبد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لمَّا سلم لآدم أصل العبودية لم يقدح فيه الذنب. «ابنَ آدم لو لقيتني بقراب الأرض خطايا ثمَّ لقيتني لا تشرك بي شيئًا لقيتك بقرابها مغفرةً». لمَّا علم السيِّد أنَّ ذنب عبده لم يكن قصدًا لمخالفته ولا قدحًا في حكمته علَّمه كيف يعتذر إليه، ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: 37]. العبد لا يريد بمعصيته مخالفة سيِّده ولا الجرأةَ على محارمه، ولكن غلبات الطبع وتزيين النفس والشيطان، وقهرُ الهوى، والثقةُ بالعفو، ورجاء المغفرة، هذا من جانب العبد، وأمَّا من جانب الربوبية فجريانُ الحكم وإظهار عزِّ الربوبية وذلِّ العبودية وكمال الاحتياج وظهور آثار الأسماء الحسنى: كالعفوِّ والغفور والتوَّاب والحليم لمن جاء تائبًا نادمًا، والمنتقمِ والعدل وذي البطش الشديد لمن أصرَّ ولزم المجرَّة، فهو سبحانه يريد أن يرى عبدُه تفرُّده بالكمال ونقْصَ العبد وحاجتَه إليه ويُشهده كمالَ قدرته وعزَّته، وكمالَ مغفرته وعفوه ورحمته، وكمالَ برِّه وستره وحلمه وتجاوُزه وصفحه، وأنَّ رحمته به إحسانٌ إليه لا معاوضةٌ وأنه إن لم يتغمَّده برحمته وفضله فهو هالكٌ لا محالة فلله كم في تقدير الذنب من حكمةٍ، وكم فيه مع تحقيق التوبة للعبد من مصلحةٍ ورحمةٍ. التوبةُ من الذنب كشرب الدواء للعليل ورُبَّ علَّةٍ كانت سبب الصحَّة.

لعلَّ عتبك محمودٌ عواقبه ... وربَّما صحَّت الأجساد بالعلل

لولا تقدير الذنب هلك ابن آدم من العجب. ذنبٌ يَذِلُّ به أحبُّ إليه من طاعةٍ يُدِلُّ بها عليه. شمعةُ النصر إنما تنزل في شمعدان الانكسار.
[«الفوائد» لابن القيِّم (86)]



من موقع الشيخ علي فركوس حفظه الله تعالى








 


رد مع اقتباس