السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الموفق من يجيـــــــــــــــــــد القراءة خلف السطور.......
ممّا لا يختلف فيه اثنان، و لا يتمارى فيه منصفان، أنّ الأنظمة المنتشرة هذه الأزمان، و التي قد ابتلي بها الكثير من الأوطان، قد طُبعت بطابع الظلم و الطغيان، و قوانين سائرة ببطلان، أرادوا إسكات الطبقة الكادحة بقوة السنّان، بعد عن عجزوا عن إقناعهم بقوّة البيان.
حكموا في الطبقة الكادحة من غير إنصاف، و أشبعوهم ظلما و إجحافا، طلقوا العدل و فارقوه، و نكحوا الظلم و أحبوه، قربوا إليهم من والاهم و شايعهم، و أبعدوا عنهم من خالفهم و أنكر عليهم.
فصبرت الطبقة و احتسبت، و غضّت الطرف عن ظلمها و سكتت، لعلّ الظالم المستبد – عدوّ الشمس - يأتي اليوم الذي يعرف قدر نفسه، فيتقي الله ربّه في إخوانه و قومه. لكن سكوتهم قوبل بطغيان عارم، و جُوبِه بشر مستطير غاشم، و سحائب من التّنقّص القاتم، و ساق منع الحقوق قائم.
فكان لابد لكل حر أن يتحرر، و لقيود الظلم يجب أن يكسر، و لقوّته يجب أن يظهر، و لطوفانه يجب أن يفجّر، و لكلمات السخط يجب أن يشهر، فانتفضت الطبقة و ثارت، و لجميع القيود كسرت، و من أجل حريتها سارت، و للأخذ بيد الظلم قصدت، فعملت بجد فما تفانت، فقاموا بثورات زبرها التاريخ و حفظها، و بماء الذهب الخالص سطّرها.
فقمعت الطبقة لما احتجت بإعدامهم، و بتقتيلهم و تشريدهم، و تقديمهم لمحاكم الجلادين، و قد نصبوا للمحاكمة قضاة غير منصفين، (( الحاكم هو الجلاد، و الجاني الظالم عندهم من الأشهاد)) فأصدروا القوانين الجائرة، و سودوا الأحكام الغائرة.
فاستشهد من أجل الحرية الأخيار، و مات من أجل الحق الأطهار، و قبل أن توضع رقابهم في حبال المشنقة، و يعدموا بالمقصلة المعلقة، بيضوا كلمات لإخوانهم من بعدهم بشفقة، فقالوا: (( أي إخواننا قد أحببناكم و أحببنا وطننا، الذي تربينا فيه و عشنا، و لكن قد فرّق بيننا عدو مستبد، أراد أن يصيرنا كالعبيد، فمتنا من أجل راحتكم، و قتلنا من أجل سعادتكم، فنوصيكم ببلدنا خيرا، و نوصيكم بوطننا خيرا، و هكذا يموت الأبطال.))
و الموفق من يجيـــــــــــــــــــد القراءة خلف السطور.......