الاستعمار : هو الاستعمار هو ظاهرة تهدف إلى سيطرة دولة قوية على دولة ضعيفة وبسط نفوذها من أجلاستغلال خيراتها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهي بالتالي نهبوسلب منظم لثروات البلاد المستعمرة، فضلاً عن تحطيم كرامة شعوب تلك البلاد وتدميرتراثها الحضاري والثقافي، وفرض ثقافة الاستعمار على أنها الثقافة الوحيدة القادرةعلى نقل البلاد المستعمرة إلى مرحلة الحضارة
تطور مفهوم الاستعمار وأنواعه
01* الاستعمار الاستيطاني : وهو السيطرة المنظمة على أراضي الآخرين وانتزاع ملكيتها بالقوة والعمل لإنشاء كيان سياسي بديل مما كان قائما .
02* الاستعمار الاستقلالي (الامبريالية): وهو نقل الدولة سلطتها المباشرة إلى إقليم خارجي بوسائل سياسية أو اقتصادية أو عسكرية ..
03*الاستعمارالجديد (الغير مباشر ):وهو سيطرة غير مباشرة على دول معينه بأدوات اقتصادية أو عسكرية ...
أهداف الاستعمار ودوافعه :
الأهداف السياسية :وتتمثل في تحسين مركز الدولة الاستعمارية في التنافس على مراكز المتقدمة على سلم القوى الدولي ويمكن اعتبار مؤتمر برلين عام 1884 م مؤشر على ذلك ,بدا البحث عن مراكز نفوذ بتمويل بعثات الاستكشافات الجغرافية ,والتي نستهدف البحث عن مناطق غنية بالموارد وار سال موجات من المستوطنين في بعض الأحيان إلى مناطق التي تمت السيطرة عليها ومن أمثلة الاحتلال العسكري المباشر –احتلال البريطاني لعدن عام 1839م ولمصر عام 1882 م والاحتلال الفرنسي على الجزائر عام 1830 م و لفيتنام عام 1858م أما المناطق التي عرفت استعمار استيطاني فمن أمثلتها الاستيطان الصهيوني بفلسطين ويكاد الوطن العربي يمثل ابرز مثال عن الموقع الاستراتيجي والتنافس في السيطرة عليه فقد تنافست الدول الأوروبية ومازالت على الوطن العربي إذ أن السيطرة عليه تعني التحكم في شبكة الموصلات التي تربط بين القارات الثلاث
الأهداف الاقتصادية : الحصول على المواد الخام لسد حاجة مصانع الدول المستعمرة وإيجاد الأسواق لتصريف إنتاجها والحصول على اليد العاملة الرخيسة,و تامين طرق الموصلات
الأهداف الثقافية :يتلخص الهدف الثقافي للدولة الاستعمارية في إعادة تشكيل المنظومة الثقافية لمجتمع المستعمرات لجعله اكثر ارتباط بالدولة المستعمرة وهو ما نلاحظه في عمل المستعمر على التمكين للغته ,وارتباط عدد من الحالات الاستعمارية بوجود بعثات وإرساليات تبشيرية دينية وقد نجح عدد منها في تنصير قطاعات من سكان المستعمرات وكان ابرز حالات النجاح في هذا المجال في الدول الإفريقية مثل جنوب السودان وجنوب نيجريا .
الأهداف الشكلية :*الديمغرافية *ارتفع عدد سكان أوروبا عام 1800م من 187 مليون نسمة إلى 401 مليون نسمة عام 1900 وهو الأمر الذي أدي إلى تعزيز فكرة الاستيطان الخارجي والغزو في الدول الغير أوروبية
ذرائع الاستعمار : لتبرير مسلكها الاستعماري بررت الدخول الاستعمارية سياسة الاحتلال والغزو الظالم بمجموعة من الذرائع نوجزها فيما يلي:
01*- تمدين الشعوب غير الأوروبية والبحث عن الحرية .
02*-تامين طرق المواصلات .
03*-حرية التجارة
04*-الشرعية الدولية .
الصياغ المعرفي : ظهور علم الاجتماع الديني كعلم قائم بذاته في النصف الأول من القرن 20 أدي بالضرورة إلى دراسة الإسلام لتعرف على أثره في المجتمع .
علم الاجتماع الديني
أن علم الاجتماع الديني فرع من فروع علم الاجتماع ,تمكن من الاستقلالية عن علم الاجتماع وعلوم الدين خلال النصف الأول من القرن 20 ’بعد تعقدا لمؤسسة الدينية وتشعبها وزيادة تفاعلاتها مع البناء الاجتماعي وبعد حاجة المجتمع المتزايدة للدين عندما ضعفت القيم وتخلخلت الأخلاق والمثل واستفحلت المنفعة المادية والنوازع الأنانية على الاعتبارات الروحية والمنطلقات الجماعية ,لهذا أصبحنا نعيش عصر العقائد الدينية بعد فشل الاديولوجيات بسبب عدم تلبيتها لحاجات النفس الإنسانية او تحقيقها للسعادة المرجوة على مستوى الجماعات والأمم وفشلها في تحقيق النتائج المنتظرة فإذا ثبت ذلك يحق للعقيدة الدينية ان تتربع على عرش القلوب وان تتخذ منهاجا لتحقيق الحياة الطيبة للأفراد والمجتمعات ,على ضوء كل هذا ظهر علم الاجتماع الديني كعلم مستقل عن علم الاجتماع والعلوم الدينية فما هو علم الاجتماع الديني ؟
مفهوم علم الاجتماع الديني :يعرف علم الاجتماع الديني على انه العلم الذي يدرس العلاقة المتفاعلة بين الدين والمجتمع ,كما عرف بأنه العلم الذي يدرس الجذور الاجتماعية والظواهر الدينية واثر هذه الظواهر في المجتمع والبناء الاجتماعي ويذكر الدكتور خليل احمد خليل معلقا على الدراسات د.يوسف باسل شلحت *على أن هذا الأخير يسعى إلى تبيين الموقع الاجتماعي للأديان بطريقة علمية ,فالدين كما يرى هو ...ظاهرة سوسيولوجية ذات توظيفات شتى على جميع الأصعدة الاديولوجيات السياسية والاقتصادية ,وعلى العالم دراسة التوظيفات بذاتها على أن لا
يضع الدين كايديولوجية في مواجهة الايديولوجيات الأخرى .وتوصل بهذا الى أن علم الاجتماع الديني هو ( درس ما يحدث في المجتمع وتحديد نسبة الحدث الديني وقوته وتبيان أثرة وتأثيره وخصوصا تأثره بالمجتمع الذي يعتنقه ودراسة الدين كظاهرة في السلوك الاجتماعي في نظام المجتمع وحتى في سياسته وأدائه الاقتصادي وهويته الثقافية ..))
كما عرف علم الاجتماع الديني (بأنه العلم الذي يدرس المؤسسة الدينية دراسة اجتماعية )) وقد عرف هولت المؤسسة الدينية في كتابة علم الاجتماع الديني (أنها المنظمة الدينية الرسمية ذات الصبغة الدائمة والمستمرة ))
إن الدراسات الاجتماعية للمؤسسة الدينية تنطوي على تحليل الأمور التالية :
01*دراسة الأنساق العمودية والأفقية للمؤسسة الدينية
02*دراسة وتحليل العلاقات الاجتماعية في المؤسسات الدينية .
03*دراسة نظام السلطة في المؤسسة الدينية وهو نظام النسق الذي يمارس القوى والذي يدير شؤون المؤسسة ويضمن سير أعمالها.
04*نظام المنزلة في المؤسسة الدينية وهو نظام النسق الذي يوزع الأجور وغيرها على العمال .
عوامل ظهور علم الاجتماع الديني : إن علم الاجتماع الديني وليد علاقة جدلية بين الموضوعات التي يدرسها كل من علم الاجتماع والدين ,فقبل ظهور ه كانت موضوعاته وأدبياته مشتته ومبعثرة ,وبظهوره انفصلت الموضوعات الاجتماعية الدينية لكي تنمو وتنضج وتتكامل وتصبح قادرة على تفسير الظواهر الدينية تفسيرا علميا هادفا
إن العوامل التي أدت إلى استقلالية علم الاجتماع الديني هي كما يلي :
01*عدم قدرة علم الاجتماع على دراسة الظواهر الدينية دراسة اجتماعية مخصصة نظرا لسعة الجوانب الدراسية وموضوعاتها وكثرة العوامل وتنوعها وكثرة العوامل الاجتماعية في حياة علم الاجتماع للإنسان إلى جانب عدم اهتمام علم الدين لدراسة اثر الظواهر الدينية في البناء الاجتماعي .
02* تعقد الحياة الاجتماعية وتفرعها وتداخل ظواهرها في القيم والممارسات الدينية والاهتمام المتزايد للدين بشؤون المجتمع
03*خضوع الدراسات والأدبيات الكثيرة في حق علم الاجتماع الديني خلال فترة (1920-1950) لاسيما علم الاجتماع الديني لماكس فيبر وكتاب علم الاجتماع الديني لمؤلفه *هورث* وكتاب الأخلاق البروتستانتية والروح الرأسمالية لــ ماكس فيبر وكتاب أصدره د.يوسف شلحت 1946 بعنوان علم الاجتماع الديني إلى جانب ذلك ظهور عدة أقسام علمية متخصصة بحق علم الاجتماع الديني التي تم تأسيسها بالعديد من الجامعات الصوفية والأمريكية والتي أدت بدورها إلى بلورة اختصاص وتنميته وانتشاره .
موضوع علم الاجتماع الديني وميادينه :
إما موضوعات علم الاجتماع الديني :يختص علم الاجتماع الديني بدراسة الظواهر الاجتماعية التي تبنت المؤسسات الدينية التي درسها الأستاذ *جورج ريمل * في كتابه علم الاجتماع الفقهي في ما يلي :
01*الرئاسة والمرؤوسة في المؤسسات الدينية .
02*المركزية واللامركزية لهذه المؤسسات .
03*الموضوعية والذاتية في المؤسسات الدينية .
04*الصراع والنفاق في المؤسسات الدينية
05*المنافسة والتعاون في المؤسسات الدينية .
أما ميادين علم الاجتماع الديني يمكن تحديد مبادئ دراسية ومنهجية فيما يلي :
-*تحديد علاقة علم الاجتماع الديني وعلم الاجتماع وعلم الدين
-* تحديد علاقة علو الاجتماع الديني وباقي العلو الأخرى
-* تحديد العلاقة بين الدين والمجتمع ...أي ما هو دور الدين ؟
-* تحديد العلاقة بين الدين والمادة والروح ويعالج هذا الأخير عدة قضايا أهمها :دعوة الدين للفرد والمجتمع والاهتمام بالأمور الالاهيه والدينية والمثالية والأخلاقية والاهتمام بالأمور الدنيوية الواقعية التي تؤدي إلى إصلاح المجتمع
كذلك الدين والمؤسسات (أي علاقته). والدين والتشريعات الاجتماعية كالعادات والتقاليد وهناك إيضاح مابين الدين والقيم الاجتماعية ( الأخلاق ...التسامح ...التكافل ..التكاتف .......الخ )
الحضارة عند مالك بن نبي
1/ التعريف بمالك بن نبي :
نشأته :هو مالك بن الحاج عمر بن الخضر بن نبي ولد في الخامس من ذي القعدة عام 1323 ه الموافق أول جانفي 1905 في مدينة قسنطينة ، من أبوين مسلمين ، ثم نشأ في تبسة ، حيث استقر مقام عائلته فيها وحصل على شهادة الثانوية في الجزائر ، ثم سافر إلى فرنسا البلد المستعمر حيث دخل كلية الهندسة وتخرج منها مهندسا كهربائيا عام 1935 ، ثم سافر مالك بعد فرنسا إلى القاهرة وغادر فرنسا نهائيا عام 1956 واستقر بمصر وهناك تعرف على العالم العربي وتعرف العالم عليه ، وفي العام 1959 قام بزيارة لسوريا ولبنان ، وشارك في عدد من المؤتمرات التي عقدت في السعودية والكويت وليبيا ، وعين من قبل الحكومة المصرية مستشارا للمؤتمر الإسلامي ( الذي أصبح في ما بعد مجمع البحوث الإسلامية )
وفي عام 1963 عاد بن نبي إلى وطنه الجزائر وقد تحرر من الاستعمار الفرنسي بعد احتلال دام أكثر من 130 سنة
تفرغ مالك بن نبي للعمل الفكري بعد ما ستقال من منصبه المتمثل في مدير عام للتعليم العالي بوزارة الثقافة والإرشاد القومي الجزائري ، توفى يوم الأربعاء 4 شوال 1393 ه الموافق لـ 31 أكتوبر 1973م
آثاره : أصدر في فرنسا باللغة الفرنسية، و" الظاهرة القرآنية " ، " شروط النهضة ووجهة العالم الإسلامي " الفكرة الإسلامية وفي مصر عندما أتقن اللغة العربية أصدرت له الكتب التالية : "مشكلة الثقافة " ، " ميلاد مجتمع " ، " في مهب المعركة " ، فكرة كومنولث إسلامي " ، " الصراع الفكري في البلاد المستعمرة ".
ومن مؤلفاته في الجزائر " آفاق جزائرية " ، " مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي " ، " المسلم في عالم الاقتصاد " ، " مذكرات شاهد القرن " .
2/ الحضارة ومشكلاتها :
إن الاهتمام الكبير الذي شغل مالك بن نبي هو الإنسان في صورته الفردية والاجتماعية ، وقد انتهى بعد تأمله في التاريخ الإنساني والإسلامي إلى آراء وأفكار في الحضارة ، وفي التاريخ وفي السلوك الاجتماعي .
وله تفسير خاص يتعلق بالحركة التاريخية فهو يرى أن التاريخ نشاط مشترك مستمر مسجل على صفحة الزمن بتأثير من عالم الأشخاص و عالم الأفكار و عالم الأشياء مع الملاحظة بأن هناك علاقات في عالم الأشخاص يسميها مالك بن نبي شبكة العلاقات الاجتماعية و صورة النشاط المشترك في التاريخ تكون تابعة لعالم الأفكار فالسلوك يتبع الأفكار ينفذ ذلك عن طريق عالم الأشياء .
المجتمع الطبيعي و التاريخي :
1 – المجتمع الطبيعي :هو المجتمع البدائي
2- المجتمع التاريخي :هو الذي ولد في ظروف أولية معنية و لكنه عدل من بعد صفاته الجذرية ابتداء من هذه الحالة الأولية طبقا لقانون التغيير ، و المجتمع التاريخي ليس حدثا عرضيا بل هو نتيجة عملية تغيير مطردة
تفسير مالك بن نبي للحركة التاريخية :
أولا:حركة تاريخية مستمرة (استمرارية الحركة التاريخية)
ثانيا :إن هذه الحركة لها أسباب تنتجها (علية هذه الحركة )
ثالثا:إن لها غاية تريد الوصول إليها (غائية الحركة)
و هذه الحركة التاريخية ترجع في حقيقتها إلى مجموع من العوامل النفسية التي تعتبر ناتجا عن بعض القوى الروحية ، و هذه القوى الروحية هي التي تجعل من النفس المحرك الجوهري للتاريخ الإنساني .
و يستخلص " مالك بن نبي " أن التاريخ ليس سوى هذا التغيير الذي تتعرض له " الذات " و المجال الذي يحوطها على السواء و بتعبير أدق : أن صناعة التاريخ تتم تبعا لتأثير طوائف اجتماعية ثلاث :
تأثير "عالم الأشخاص "
تأثير " عالم الأفكار "
تأثير " عالم الأشياء ".
لكن هذه العوامل الثلاثة لا تعمل متفرقة بل تتوافق في عمل مشترك تأتي صورته طبقا لنماذج اديولوجية من عالم الأفكار يتم تنفيذها بوسائل من "عالم الأشياء " من أجل غاية يحددها عالم الأشخاص و بما أن وحدة هذا العمل التاريخي ضرورة فإن توافق هذه الوحدة مع الغاية منها هي التي تتجسم في صورة " حضارة " و بالتالي فإن هذا التوافق ضرورة ملحة لصناعة الحضارة و هو ما يستلزم - كنتيجة منطقية – وجود عالم رابع هو مجموع العلاقات الاجتماعية الضرورية أو ما يطلق عليه {شبكة العلاقات الاجتماعية}
و يرى " مالك بن نبي " إن تطور مجتمع ما على أية صورة هو دائما تطور مسجل كما و كيفا في شبكة علاقاته
وعندما يرتخي التوتر في خيوط الشبكة تصبح عاجزة عن القيام بالنشاط المشترك بصورة فعالة وفي ذلك دليل على أن المجتمع مريض وانه ماض إلى نهايته .
إن هذا الاهتمام الكبير من مالك بن نبي بموضوع الحضارة له ما يسوغه حسب تعريفه للحضارة ومضامينها الثقافية والعلمية ، فالأمة التي تقلع باتجاه حضارة ، وذلك بالفكرة التي غدت هذا الإقلاع ، تكون شبكة علاقاتها وحلل الزواج ، وحرم الربا وأحل التجارة ......الخ وأصبحت شخصية المسلم سوية ليس فيها عقد نفسية أو اجتماعية .
نقل الإسلام الفرد الذي يقتفي ضلال آبائه ولا يتبع إلا هواه إلى الفرد الذي يقرأ وينظر ويفكر ويتدبر ، وحين قال لهم القرآن (( ولا تمش في الأرض مرحا )) سورة الإسراء : الآية 38 ، كان يهدف إلى ترشيد النفس العربية بهذا الانضباط الحضاري ولقد صنعت الحضارة الإسلامية لأول عهدها ثقافة مشتركة جعلت العرب يقبلون على العلم بنهم عظيم ، وجعلت خليفة عبقريا مثل عمر بن الخطاب "" رضي الله عنه "" يأمر بتخطيط المدن في العراق والشام وافريقية ، وابتني ست مدن فهو أبو المدن كما يعبر المؤرخ شاكر مصطفى .
تعريف الحضارة :ليس سهلا تعريف مصطلح عميق الدلالة كالحضارة تعريفا جامعا مانعا كما يقال .
فالحضارة عند ابن خلدون هي :( التفنن في الترف ، واستجادة أحواله والكلف بالصنائع التي تؤنق من صنوفه والحضارة تكون عند انتهاء الدولة ، ومن مفاسد الحضارة الانهماك في الشهوات والاسترسال فيها لكثرة الترف ) .
الحضارة عند مالك بن نبي : يعرف مالك بن نبي الحضارة أنها " مجموع الشروط الأخلاقية والمادية التي تتيح لمجتمع معين أن يقدم لكل فرد من أفراده في كل طور من أطوار وجوده المساعدة الضرورية " .
والحضارة عنده هي :" نتاج فكرة جوهرية تمنح المجتمع في مرحلة ما قبل التحضر القدرة عل "" الاندفاع "" يجعله يدخل التاريخ فيبني نظامه الفكري طبقا للنموذج المثالي الذي اختاره وعلى هذا النحو تتأصل جذوره في محيط ثقافي أصيل يتحكم بدوره في جميع خصائصه التي تميزه عن الثقافات والحضارات الأخرى ".
والحضارة " هي جوهر الوجود للمجتمع وعكسها هو الهمجية والعودة إلى البدائية الترحلة ".
إذا الحضارة عند مالك بن نبي هي الحاضنة للتقدم وهي المحيط المناسب لإشاعة ثقافة العلم .
العوامل التي تشكل الحضارة :
أما العوامل التي تشكل الحضارة فقد صاغها مالك بن نبي في المعادلة التالية :
ناتج الحضارة = إنسان + تراب+ وقت
ولكن هذه المعادلة لا تعطي ثمارها إلا بمفاعل أو مركب يدمج هذه العناصر ويعطيها غاية وهذا المفاعل هو الدين أو ما أسماه " الفكرة الدينية " أو " العنصر الأخلاقي " والذي رافق دائما تركيب الحضارة عبر التاريخ .
وفي حديثه عن دور الدين في الحضارة يخصص مالك بن نبي فصلين لذلك ويستنتج أن الحضارة لا تظهر في أمة من الأمم إلا في صورة وحي يهبط للناس شرعة ومنهاجا ، ففي هذه الفترة من نزول الوحي تسيطر الروح على حياة الأمة وتظل هي العامل الرئيسي في سيرها التاريخي .
فالحضارة القائمة على الدين تولد مرتين ، مرة عند نزول الوحي ومرة أخرى عندما تنطبع الفكرة الدينية في نفوس معتنقيها ( ودليله في ذلك ما حدث في المسيحية فقد ولدت أولا عندما تلقى عيسى "" عليه السلام "" الوحي وولدت ثانيا في عصر النهضة ، ولكن المولدين حدثا في وقت واحد في الإسلام ) .
الدورة الحضارية :
انطلاقا من المعادلة السابقة يعتقد مالك بن نبي بالدورة الحضارية ، فالحضارة تبدأ قوية مندفعة عندما تسيطر عليها الروح أو العاطفة الصادقة أو الشعور الجماعي القوي لتنفيذ فكرة وهذه الروح تضبط الغرائز الدنيوية وهي مرحلة النهضة .
ثم مرحلة العقل : وفيها تبدأ مرحلة قطف ثمار الحضارة من التمدن وازدهار العلوم والفنون وتبدأ في المقابل الغرائز في التفلت شيئا فشيئا .
وأخيرا مرحلة الانحطاط :وفيها تتفكك العلاقات الاجتماعية وتسود الفردية ، ويتحول العلم إلى علم انتفاعي يعيش أصحابه على الجهل المنتشر ويسميها مرحلة الغريزة ثم يدخل الإنسان بعدها مرحلة ما بعد الحضارة .
ويشير مالك إلى أن الوصول إلى المرحلة الأخيرة لا يعني أنها دورة حتمية المآل أو الزوال فالحضارة يمكن أن تستأنف مرة ثانية أو تستمر إذا استطاعت الفكرة الدينية أن تكون فاعلة وحاضرة في الأمة من جديد .
أهم آرائه وأفكاره في النهوض الحضاري :
لقد درس مالك بن نبي أسباب تخلف العالم الإسلامي ، ولم يدرس حالة بعينها ، درس العالم الإسلامي وهو يعيش في بؤرة الصراع مع الغرب خاصة في بلد مثل الجزائر وتنبه مالك إلى الأسباب عدم نهوض الأمة الإسلامية من عدم وجود منهج واضح للإصلاح ولا نظرية محددة للأهداف والوسائل ولا تخطيط للمراحل .