منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - لن تتحمل الأكثرية طغيان وهيمنة الأقلية ..إنها أزمة (نجد) لا (الحجاز)!
عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-06-27, 21:29   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
mo9awim_dz
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

(نجدنة) الحجاز.. ومكة فندقٌ نجديٌّ!

يحي مفتي

لم يكن مفاجئاً أن يكتب رجل في استخبارات النظام مقالة ضد الحجاز والحجازيين وبيوتاتهم العريقة، في رسالة واضحة التهديد، واضحة الإستعلاء، واضحة التوجيه الرسمي من الأعلى. ليس الحجازيون وحدهم من يقرأون الاستعلاء النجدي الرسمي والتحذير من خلال مقالات صحفية؛ فقد سبقتهم مناطق أخرى في الشرق والجنوب، وكلما وجد النظام ان هناك حاجة الى توجيه الرسائل يقوم بفعلها، فتظهر الإثارات وينشغل الرأي العام بشأنها.
هذه المرّة كتب الصحفي محمد جزائري، العامل في جهاز الإستخبارات الحكومي، مقالة في صحيفة الاقتصادية، لا يدرك القارئ بدايتها من نهايتها، تحت عنوان: (كيف أيقظ الإخوان واليسار الهوية المناطقية لدى صوفية الحجاز)؟ وقد أثنى رئيس التحرير، سلمان الدوسري، العامل هو الآخر في جهاز المباحث التابع لوزارة الداخلية، على المقالة وصاحب المقالة، الذي تمّ توظيفه قبل أقل من عام في الصحيفة المملوكة لأمراء، وذلك بعد ان كان جزائري يعمل في قناة العربية، والحياة، ويكتب في الشرق الأوسط.
اذن فالصحفي هذا ضمن حلقة الحكم، وهو يعرف ما يمكن ان يسمح به وما لا يُسمح بنشره؛ ولا يمكن أن يكتب ما كتب، ويُنشر له بدون توجيه من الأعلى النجدي السعودي.
النسف لجبل الكعبة: همجية سعودية داعشية قديمة

المقالة من عنوانها

من خلال العنوان فقط: (كيف أيقظ الإخوان واليسار الهوية المناطقية لدى صوفية الحجاز)، يستطيع القارئ أن يتبين المستهدف به، وهم ابتداءً: الناشطون الحجازيون الذين وصفهم بأنهم اخوان ويسار، وانتهاءً: فإن الهوية الحجازية (المناطقية بتعبير العنوان) مستهدفة من خلال الطعن في (صوفية الحجاز) وكأن عنوان المقالة ـ غير المحايد ـ يؤسس لقضايا او مزاعم يريد أن يثبتها لاحقاً. من أهم المسائل: الاعتراف بأن هناك يقظة في الهوية المناطقية الحجازية؛ وهذا صحيح بالقطع، كما هو الحال في المناطق الأخرى، فكل الهويات الفرعية متفجرة، بسبب تغليب الحكم السعودية للهوية المناطقية النجدية وتقديمها على انها هوية البلاد بتنوعها، ونزوعه الى رفض تأسيس هوية وطنية تؤسس لمساواة بين المواطنين، او تؤسس لروح جمعية تضعف العصبية النجدية وتخفف من قبضتها على مفاصل الدولة وثرواتها.
واذا كان هناك من تساؤل، فهو لماذا استيقظت الهويات عامّة؟ ولماذا فشل النظام في تأسيس هوية وطنية؟ بل الأصح: هل يريد آل سعود والطبقة النجدية المنتفعة من الحكم، أن يؤسسوا هوية وطنية، تضرّ بقبضتهم على الحكم لاحقاً؟ زد على ذلك، فإن المسؤول عن انفجار الهويات الفرعية هو الحكم، ولا يُطالب المتمسك بهويته الخاصة المناطقية بالتخلي عنها من أجل تسويد هوية مناطقية أخرى نجدية. ولا نعتقد بأن التمسك بالهوية الحجازية او اي هوية مناطقية أمراً ضاراً، إلا في حال غياب العدالة وعدم وجود هوية أعلى فشل آل سعود وعصبتهم النجدية في صناعتها، إن كان قد حاولوا ذلك أصلاً. ثم كيف يكون من حق النجدي ان يسيطر على الحكم اعتماداً على انتسابه لمنطقة فيعتز بنجديته، ولا يحق لمناطق أخرى ان تفعل ذلك دفاعاً عن ذاتها؟ ولماذا اذا استيقظت الهوية المناطقية الحجازية التي تعتمد تراث الإسلام وآثار الرسول جريمة بنظر آل سعود، في حين لا تعتبر الهويات القبلية والنجدية وغيرها خطراً على الحكم؟
ومن أهم المزاعم التي يشير اليها العنوان أن كل سكان الحجاز (صوفية)، وحتى لو كانوا كذلك فهو لا يعيبهم، ولكنهم اتباع المذاهب الاسلامية الأساسية خاصة المذهب الشافعي، وإن كان التصوف متفشياً، فهذا ليس معيباً، وهناك مئات الملايين من المسلمين صوفيين، غير مرضي عنهم وهابياً، ويعتبرونهم كفرة ومشركين، كما هي عادة الوهابيين التكفيريين. وكيف تصبح الصوفية سبّة عار عند الوهابيين الذين يذبحون البشر ويدمرون الزرع والضرع؟ وأي التوجهين أقرب الى الاسلام وروحه، مع ان اتباع الطرق الصوفية في العالم الاسلامي عشرات أضعاف أعداد الوهابيين؟
وكذلك فإن من المزاعم التي تحتاج الى إثبات من كاتب المقالة (محمد جزائري) ومن هم وراءه من الاستخبارات والمباحث أن يثبتوا بأن (الإخوان المسلمين) و (اليسار) وراء إيقاظ الهوية المناطقية الحجازية، غير المرضي عنها، كما هو واضح من المقالة كلها.
فنحن نعلم بأن الحديث عن اليسار، يقصد به تحديداً تيار عروبي ناصري (وقد جاء الكاتب فيما بعد بإسم الناشط محمد سعيد طيب الذي الى اليوم يسأله طغاة آل سعود: لماذا تسمي إبنك عبدالناصر؟)! السؤال: هل القومي الناصري الذي يريد وحدة عربية تتعدى الأقطار، مهتم بإثارة هوية مناطقية؟ هذا خلاف الأيديولوجية القومية اساساً، فكيف توصل الكاتب الى ان اليسار فعل ذلك، واليسار الأممي لا يؤمن حتى بالهويات القطرية، فكيف بالمناطقية؟
وماذا عن الإخوان المسلمين؟ كاتب المقالة بنيته الاستخباراتية، وفيما تعلن الرياض حربها على الإخوان وعلى خصومها في الداخل باسم مكافحة الإخوان، اراد ربط الهوية الحجازية بالإخوان، وتحديداً بأشخاص معروفين في الدفاع عن تراث الحجاز الذي استباحه الوهابيون، كالدكتور فائز جمال ومازن مطبقاني الذي قال صاحب المقالة انهما يؤيدان حكم مرسي، وهذا كاف لوصمها بالإخوانية. لكن المقالة فيما بعد تشير الى استغلال الشيخ سلمان العودة، المتهم هو الآخر بالإخوانية، بالاستفادة من الصوفية الحجازية! رغم انه سلفي نجدي حتى النخاع وخريج مدرسة الوهابية الفقهية والعقدية، ورأيه في الصوفية كرأيه في الشيعة، هو وصاحبه سفر الحوالي. فما هو دور العودة ـ رغم انه ليس إخوانياً ـ في إيقاظ ما سماه جزائري بالهوية المناطقية الحجازية او استغلالها. كل الدليل هو ان العودة سُئل عن الطريقة المثلى لأسلمة الصوفية، شأنه شأن أشياعه السلفيين المتطرفين، فأجاب بأن (التأثير في هذه الجماهير ممكن جداً شريطة ان يكون بالإسلوب الحسن). والعودة هنا يتحدث بصفة عامة لا علاقة لها بالحجاز، ولا كل الحجازيين صوفية.
فالمهم من وجهة نظر مباحث آل سعود، هو القاء الشكوك العقدية والأمنية ضد الحجازيين، بحجة تصوفهم وأخونتهم، ومن ثمّ تخوينهم كما سنرى.

كذبة الحوار والمراجعة

يفتتح الكاتب محمد جزائري مقالته بالحديث عن ان تداعيات ازمة تفجيرات سبتمبر 2001 التي قام بها الوهابيون القاعديون، حتمت على (البيت السياسي بالمراجعة الجادة لحقبة زمنية في تاريخ السعودية الحديث بكل مكوناته الثقافية والاجتماعية والتعليمية والدينية والسياسية) فكانت فكرة ولي العهد/ الملك عبدالله بدعوة الفئات الإجتماعية التي يتشكل الى ما أسماه الحوار الوطني، ليخلص الكاتب الى (أن الأقليات أصبحوا جزءً من الصورة ومن المشهد السياسي). في اشارة الى مشاركة الشيعة في الشرقية وعلماء الحجاز من (الطائفة الصوفية، حسب تعبير الكاتب المتطرف) في ذلك الحوار الذي لم يثمر شيئاً حتى اليوم.
وحين نثبّت حقيقة ان النظام اضطر الى حوار مذاهب، فإنه في الواقع لم يكن مؤمناً بذلك، وكان ما فعله بديلاً عن حوار وطني بين المجتمع والسلطة حول القضية السياسية، وهو ما لم يحدث. الحقيقة التي يجب التأكيد عليها، ان الوهابية أقلية عددية ومذهبية وإن سيطرت على كامل الحكم. وأن عدد سكان الحجاز كما عدد سكان الجنوب أكبر في كلا الحالتين من سكان نجد. فلماذا يتحدث الكاتب عن أقليات صارت في صورة المشهد؟ في حين انها تشكل أكثرية السكان، ولماذا لا يشير النجديون عادة ولا يرغبون بأن يشير أحدٌ ما اليهم بأنهم أقلية عددية ومذهبية؟ ولماذا يزعمون بأنهم يمثلون الأكثرية في هذه البلاد التي نعلم جميعاً ان الوهابيين فيها أقلية؟
توسعة ام فندقة؟!

ثم بعد هذا، هل تمت مراجعة سياسية دينية ثقافية كما يزعم الكاتب من قبل آل سعود؟ كلا.. ولا أثر لتلك المراجعة. ما قبل ٩ سبتمبر هو نفسه ما بعدها؛ لم يتغير شيء، لا في السلطة ولا في سلوكها ولا في سلوك النجديين ولا سلوك المؤسسة الدينية الرسمية التكفيرية، ولا في مناهج التعليم، ولا في مخرجاته، ونحن نشهد الدواعش والقاعديين ينطلقون الى كل البلدان المجاورة للقتل والذبح.
لا.. لم يتغير شيء لا بإسم الإصلاح ولا بإسم التطوير، ولا بإسم الحوار الوطني الذي لم يكن وطنياً وشبع موتاً، وإن ابتني له بناء فخم، ولكنه خاوٍ من الداخل!
وأكبر دليل على ان لا أثر للحوار الوطني، هو ما يكتبه صحفيو النظام ضد الآخر، شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً. لازالوا يعتقدون انهم الفئة الناجية؛ ولا زال سلوكهم التكفيري قائماً، وفتاوى التكفير لم تتوقف، ولازالوا يجلسون على كرسي الوطنية ويوزعونها على جماعتهم ويتهمون غيرهم بعكسها.
الخروج الى الضوء

يقول الكاتب السلطوي بأن الكتلة الجماهيرية الصوفية (ونحسبه يقصد كل سكان الحجاز) خرجت الى الضوء حديثاً ـ بمعنى أنه يعترف بقمع الوهابية للآخرين المختلفين الذين يشكلون اكثرية البلاد التي لا تعتقد بالوهابية والتي لم ترَ النور لقرن كامل ـ ويضيف بأنه جرى الإعتراف بالأقليات ورموزها (فلازال يعتقد كذباً بأن الوهابية النجدية تشكل أكثرية سكانية)؛ والحقيقة ان الوهابية والى اليوم لا تعتقد بإسلام غيرها، فهي كما كانت منذ تأسيسها، ونتحدّى ان يخرج آل سعود ومشايخهم الوهابيين باعتراف بإسلام الآخر (الصوفي مثلا).
الكتلة الخارجة الى الضوء ـ يقول الكاتب ـ أغرت تيارات حركية للإستفادة منها من قبل أبناء العوائل والوجاهات التقليدية في حواضر الحجاز، او غيرهم من خارج الحجاز مثل العودة وعايض القرني. وهذا كلام بغيض وكاذب في آن معاً.
لكن الكاتب يثبت لنا حقيقة هنا، هو ان الحجازيين ـ وفئات اجتماعية في مناطق اخرى ـ خرجوا عن طوق القمع السلطوي على الحجاز منذ احتلاله ١٩٢٤-١٩٢٦، وبدأوا بالإعلان عن أنفسهم كوجود وكهوية؛ وهذا هو المؤلم بالنسبة للنظام، انه أضحى غير قادر على إبراز الوهابية كوجه وحيد للبلد، بحيث يمكنه اخفاء التنوّع الذي استمر لقرن تقريباً.

نسفوا الجبل وبدئ ببناء الفندق الملكي!

ولأن الكاتب استخباراتي فقد أراد ان يجمع كل المعارضين او المختلفين مع النظام في بوتقة واحدة، ثم ينسفهم معاً، ليضيف على ذلك تآمراً خارجياً جاء من (الشقيقة الصغرى) أي قطر. والمطلوب في النهاية من القارئ ان يؤيد آل سعود ضد الحجازيين، الذين هم مجرد مشركين وعملاء أيضا لقطر!
لم يكف كاتب المقالة شتم العوائل الحجازية التقليدية، ولا الفاعلين المدافعين عن مصالح الحجازيين أمام جرافات وتركتورات النظام، بل اضاف اليهم من الداخل مشايخ سلفيين كالعودة والقرني، واضاف داعية من الكويت اعلنت الرياض العداء له وهو الدكتور طارق السويدان، ثم جاء ليجمع مع هذا الخليط (بقايا اليسار ومجموعات من الناشطين الهواة) حسب تعبيره لمساعدة الصوفيين في الإحتجاج (على الحكم النجدي ومؤسسته الدينية التكفيرية طبعاً).
وعاد فكرر اتهاماته لـ (بقايا اليسار، والناشطين الجدد) الذين (يعدون العدة لاقتطاع نصيبهم من هذه القاعدة الجماهيرية في حاضرة الحجاز) وضرب مثلاً بمحمد سعيد طيب، المناضل القومي الناصري، الذي سجن سنين طويلة ولازال ممنوعاً من السفر، والذي كان كل جرمه ومجموعة من التجار الحجازيين انهم زاروا (الشيخ الجليل الراحل محمد علوي مالكي) كما يقول.
تخيّلوا عظم الجريمة، ان حجازيين يقابلون أكبر رجل دين لديهم؛ وهو السيد محمد علوي مالكي، الذي كتب الوهابيون ضده الكتب مكفرين، والذي أهانته وحققت معه هيئة كبار العلماء الوهابية، وصدّرت فتاوى ضدة (منشورة على النت) بل وحين انتقل الى رحمة الله، رفض الشيخ الوهابي السديس الصلاة عليه في المسجد الحرام قبل دفنه. ومع هذا، تظهر مؤسسة آل سعود الدينية معتدلة، ويأتينا هذا الكاتب المخابراتي ليقول انه شيخ جليل، وقد كانت سلطات آل سعود تهدده بالسجن والمنع من السفر مراراً!!
والأكثر يقول الكاتب بأن (بيوتات وجهاء حاضرة الحجاز مفتوحة على مصراعيها على خطاب ديني حداثي جديد في ظل خصومة تقليدية مع السلفية التقليدية القادمة من شرق الحجاز). انظروا الى هذا النصّ وفككوه!
(حاضرة الحجاز) وبيوتات الحجاز، يريد منها الإشارة الى ان بادية الحجاز صارت وهابية!، وان هذه البيوت لا تمثل الحجازيين! وفي كل مقاله يتكلم عن حاضرة الحجاز، وليس هناك أحد غير النجديين من يتفنن في اللعب على الأوتار التقسيمية لغرض في نفسه. اما ان الحجازيين هم من خاصم (السلفية التقليدية) ويقصد الوهابية، الآتية من شرق الحجاز، ولم يقل من نجد؛ فهو كذب صريح، فكلنا يعلم بأن الوهابية النجدية هي التي احتلت الحجاز، وهي التي قتلت أهله، وهي التي تشردهم مرة ثانية الآن، وهي التي تحاول ان تفرض هوية نجدية على هوية المقدسات الحجازية التي يفترض ان يفتخر بها كل مسلم وان تشكل المكون الأساس للهوية الوطنية في البلاد؛ كما انها هي التي تكفر الحجازيين ومعظم السكان؛ فمن هو المعتدي ومن هو المعتدى عليه؟.
نعم فإن خروج الحجازيين الى الضوء مثّل مشكلة لنجد بوهابيتها وأمرائها من آل سعود. ولو بقوا في الظلام، ولو لم يتحدثوا ـ رغم انخفاض الصوت الى أبعد الحدود ـ لما انهالت عليهم الإتهامات والتهديدات ومقالات التلفيق، وترويج الخطاب العنصري النجدي.
نعم.. فتح الحجازيون أعينهم، فاغتاظ النجديون المسعودون والوهابيون التكفيريون.










رد مع اقتباس