ولو اني لا اعرف دموع الحياة لاني عضو جديد لكني عرفتها من خلالكم ارجوا ان تقرا هذه الفقرة من كتاب جدد حياتك لمحمد الغزالي رحمة الله عليه لعلها تعدل عن قرارها
( رذيلة الحسد قديمة على الأرض قِدَم الإنسان نفسه. ما إن تكتمل خصائص العظمة في نفس، أو تتكاثر مواهب الله لدى إنسان حتى ترى كل محدود أو منقوص يضيق بما رأى، ويطوي جوانحه على غضب مكتوم، ويعيش منغصاً لا يريحه إلا زوال النعمة، وإنطفاء العظمة وتحقق الإخفاق.
وقد كنت أظن أن مسالك العظماء، وأنماط الحياة المترفعة التي تميز تفكيرهم ومشاعرهم هي السبب في كراهية الساقطين لهم وتبرمهم بهم. ثم تبينت خطأ هذا الظن، فكم من موهوب لا تزيده مجادته إلا تقربا إلى الناس وعطفا عليهم. ومع ذلك فإن التعليقات المرة تتبعه، وكذلك التشويه المتعمد لآثاره الطيبة، والتضخيم الجائر لأخطائه التافهة!!
فما السر إذن؟
السر أن الدميم يرى في الجمال تحديا له، والغبي يرى في الذكاء عدوانا عليه، والفاشل يرى في النجاح إزراء به، وهكذا!!
فماذا يفعل النوابغ والمبرِّزون ليريحوا هذه الطبائع المنكوسة؟
إذا محاسني اللاتي أُدلُّ بها كانت ذنوبا، فقل لي: كيف أعتذر؟
وقد رأى أحد العلماء أن يضع حدّاً نفسياً لهذا العراك بين أولي الفضل والمحرومين منه، فقال:
إن يحسدوني فإني غير لائمهم قبلي من الناس أهل الفضل قد حُسدوا
فدام لي ولهم ما بي وما بِِهمُوا ومات أكثرنا غيظاً بما يجد
وليت الأمر ينتهي باستجابة هذا الدعاء.
إن وقائع الحياة أعتى مما نتمنى، ودسائس الحاقدين ومكايدهم ومؤمراتهم لا تنتهي حتى تبدأ. وهم يصلون في أحيان كثيرة إلى ما يشتهون من سوء. وكم من عبقريات مرَّغتها في الوحل خصومات خسيسة.
إن الحال في كل زمان تحتاج إلى امداد سريعة من المساندة أو العزاء لتعيد إلى الموهوبين ثقتهم بأنفسهم، وتشجعهم على المضي في طريقهم دون يأس أو إعياء وذلك لكثرة ما يصيبهم من تعويق المثبطين وإيذاء الناقمين والشاتمين.