منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الحراسة القضائية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-01-14, 00:25   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
adoula 41
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 تابع للمبحث الأول

◙ الحراسة على التركــة:
نصت المادة 181 من قانون الأسرة على:" يراعى في قسمة التركات أحكام المادتين(109 و 173) من هذا القانون و ما ورد في القانون المدني فيما يتعلق بالملكية الشائعة.......". و نصت المادة 182 من قانون الأسرة على :"في حالة عدم وجود ولي أو وصي يجوز لمن له مصلحة أو للنيابة العامة أن يتقدم إلى المحكمة بطلب تصفية التركة وبتعين مقدم .ولرئيس المحكمة أن يقرر وضع الأختام ,و إيداع النقود والأشياء ذات القيمة , وأن يفصل في الطلب".

وفي هذه النصوص إشارة إلى وجوب قيام الحراسة القضائية أو إمكانية طلبها في حالة عدم وجود ولي أو وصي يتولى إدارة تركة الهالك و ذلك قبل تعيين مصفي للتركة ، كما لم يرد نص خاص في شأن الحراسة القضائية على التركة وبالتالي يمكن تطبيق النص العام الوارد في شأنها على المال المشترك والمشاع وتبعا لذلك فإن الظروف التي تقتضي وضع أموال التركة تحت الحراسة تختلف باختلاف الأحوال لا يمكن الإحاطة بها و لا وضع قاعدة عامة تخضع لها مادام أن لقاضي الأمور المستعجلة للأمر بالحراسة سلطة مطلقة في تقدير كل حالة بحسب ملابساتها.فقد يكون النزاع في قيمة التركة فيدعي أحد الورثة أو الغير أنه يملكها كلها أو بعضها ملكا خاصا مصدره المورث أو الغير ، وقد يكون تصــرف الــــمورث فــــي بعـــض التركة بالهبة أو الوصية و ما إليها من التصرفات موضوع نزاع ، أو قام نزاع في أي قانون من قوانين الجنسية التي يتبعها الورثة مختلفي الجنسية يجب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
(1) معوض عبد التواب. دعاوى الحراسة ج1 .ص77 منشأة المعارف 1994
أن يخضع له تقسيم الميراث , أو في حالة ما إذا توفي أو استقال الشخص الذي عهد إليه الورثة أمر إدارة التركة ولم يتفقوا على توكيل غيره.

ويجوز وضع أموال التركة تحت الحراسة القضائية بناء على طلب الدائن لاستعاد دينه , إذا كانت التركة تدار إدارة سيئة و يستولي الورثة على ريعها بدلا من تخصيصها لوفاء الديون.

غير أنه في مجال البحث في جواز فرض الحراسة على التركات وفاء لديون المورث يجب قصره على التركات التي لم يصدر بتصفيتها حكم من المحكمة طبقا للمادة 182 من قانون الأسرة سواء كان المصفى هو وصي التركة المختار أو مصفيا معينا من المحكمة ، لأن تعيين مصف للتركة يحول دون إجابة طالب الحراسة على أمواله كما ينهي الحراسة الصادرة من قبل, ذلك أنه قد أريد بنظام التصفية أن يستقل المصفى بإدارة التركة يعمل في شأنها حكم القانون فلا تعطلها أو تمد منها إدارة أخرى مهما كان المقتضى بها (1) ،و في حالة عزل المصفي أو استبداله يمكن خلالها طلب فرض الحراسة إلى غاية تعيين مصفي آخر.

و يقع النزاع في إدارة التركة إذا اختلف الورثة في كيفية إدارتها و استغلالها أو اختلفوا فيمن يقوم بالإدارة أو الاستغلال ، أو اتفقوا على شخص يقوم بذلك فأساء الإدارة وأهمل المحافظة على أعيان التركة أو أخذ في تبديدها أو استقل أحد الورثة دون رضاء الباقيين بإدارة التركة و استمر في إدارتها بالرغم من اعتراضهم ، أو وضع وارث يده على بعض أعيان التركة وأخذ يحدث فيها تغييرات جوهرية لا يرضى عنها الباقون أو امتنع من يدير التركة على إعطاء كل وارث حقه أو كل حقه من ريعها .
في هذه الفروض و أمثالها ، إذا كان النزاع جديا وقام الخطر العاجل جاز لكل ذي مصلحة من الورثة أن يطلب وضع التركة أو الأعيان التي وقع في شأنها النزاع تحت الحراسة و تعيين حارس يتولى إدارتها مؤقتا حتى تفصل محكمة الموضوع في النزاع (2).

◙ الحراسة على الشركات و الجمعيات والنقـابات: (3)
الأصل أن مدير الشركة أو الشريك المنتدب للإدارة أو مدير الجمعية أو المؤسسة أو النقابة هم الذين يقومون بأعمال الإدارة أو التصرف التي تدخل في أغراضها , إلا أنه قد تطرأ ظروف خاصة تتعطل أعمال الإدارة فيها بسبب اختلاف الشركاء أو الأعضاء أو مديري الشركة أوالمؤسسة أو الجمعية أو النقابة في شؤون الإدارة أو بسبب إهمال مديريها وعدم رعاية مصالحها أو خلو منصب المدير لوفاته أو لأي سبب كان , ففي هذه الحالات تصبح الحاجة ماسة إلى إقامة حارس يتولى المحـــافظة عـــلى شؤون الشركة أو الجــمعية أو الـــنقابة أو المؤسسة ليتولى إدارتها إلى أن ينتهي النزاع القائم بين ذوي الشأن فيها , أو إلى أن يعين عليها مصف من الجهة المختصة.

و تأسيسا على ما تقدم يجوز وضع شركات الأشخاص بأنواعها تحت الحراسة القضائية إذا قام خلاف بين الشركاء على الإدارة كما لو تولى بعضهم إدارتها خلافا لنصوص العقد , أو إستأثر أحد الشركاء بالإدارة والأرباح أو قام نزاع بين أحد الشركاء و بين الشريك المنتدب للإدارة حول ملكية بعض أموال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
(1)-عبد الرزاق أحمد السنهوري ( المرجع السابق ) ص 841.
(2)- عبد الحميد الشواربي -الحراسة القضائية في ضوء الفقه والقضاء-.منشأة المعارف.الإسكندرية 1993. ص93.
(3)– خير مثال في الجزائر شركة تونيك الجزائرية
الشركة , أو اختلف الشركاء حول إجراءات تصفية الشركة أو أخل المدير المعين في العقد بالتزاماته إخلالا جسيما يستوجب عزله و يخشى من بقاء المال تحت يده حتى تفصل محكمة الموضوع بعزله واستبدال غيره به أو خلا منصب المدير لأي سبب .ففي هذه الحالات يقتضي الأمر تعيين حارس يقوم بمهام الإدارة مؤقتا حتى يتم تعيين مدير آخر للشركة و قد يقيم أحد الأعضاء دعوى فسخ , فيقوم النزاع بين المديرين و الأعضاء , و يقوم خطر عاجل يستوجب إقامة حارس قضائي يتولى الإدارة مؤقتا حتى يفصل في دعوى الفسخ و التصفية.(1)


ب- السند المنشئ للحراسة القضائية :

سند الحراسة القضائية هو المصدر المنشئ لها والدعامة الأساسية التي يمكن الاستناد عليها في طلب فرض الحراسة ،و كما هو ظاهر من تسميتها يعتبر حكم القضاء هو سندها على خلاف- كما أسلفنا- الحراسة الاتفاقية التي يعتبر سندها الاتفاق المبرم بين أصحاب الشـأن الذين يقـوم بينهم نزاع على مـال معين على تعيين حارس لإدارة هذا المال لحين تصفية المنازعة والوصول لوجه الحق،وعلى خلاف الحراسة القانونية التي يعتبر القانون هو المصدر المنشئ لها بحيث يكون فيها القاضي منفذا لحكم القانون لا غير .

ولاشك أن القضاء يمثل مصدرا هاما لحماية الحقوق وحفظ الأموال من خطر الضياع والتبديد ،ولهذا نجد تزايد إقبال الأفراد على ساحته حتى في أبسط النزاعات التي تنشأ بينهم. فأصبحوا يفضلون النزول عند حكمه لتعيين حارس على الأموال التي يتنازعون حولها و يدعون حقوقا عليها ،في اعتقادهم أن القضاء هو وحده الذي يمكن أن يضمن سير إجراءات الحراسة على وجهها الصحيح و يراقب أعمال الحارس القضائي، خاصة إذا علمنا أن الأموال التي توضع تحت الحراسة هي من الأهمية بمكان حيث تحتاج إلى صيانة جيدة و إدارة محكمة، و هذا لا يقع عادة إلا إذا تم بإشراف القضاء.

والحكم القضائي كما أشار إليه جانب من الفقه هو القرار الصادر من شخص مزود بولاية القضاء وبما له من سلطة قضائية في نزاع مطروح عليه ، بهدف حسم هذا النزاع سواء في الموضوع أو الإجراءات ويصدر في الشكل المكتوب (2) وبالتالي فهو لا يخرج عن كونه قرار يصدر عن القاضي المختص بشان نزاع قائم بين الخصوم حماية للحقوق المقررة للأفراد بموجب القواعد القانونية والتي يطبقها القضاء ولذلك فان الحكم القضائي يعزز المراكز القانونية بالحماية القضائية المطلوبة .(3)

كما أن الحكم القضائي الذي ينشئ هذه الحراسة هو حكم يفضي حماية وقتية متعلقة بإجراء تحفظي يتعين اتخاذه حينما تدعو إليه الضرورة للمحافظة على الأشياء المتنازع عليها إذا كان صاحب المصلحة في طلبها قد تجمع لديه من الأسباب المعقولة ما يخشى معه خطرا عاجلا يتعرض له الحق الذي يدعيه قبل الحصول على الحماية الموضوعية .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
(1)- الطالب القاضي محمود دعاس المرجع السابق
(2)-نبيل اسماعيل عمر – الحكم القضائي الطبعة الثانية سنة 1971 ص 675 عن د رضا محمد عبد السلام المرجع السابق ص 148
(3)- د رضا محمد عبد السلام المرجع السابق ص 148


وتجدر الإشارة إلى أن الحكم بالحراسة القضائية يخضع للسلطة التقديرية للقضاء تبعا لخطورة الحالة المعروضة عليه ولتأكيد حماية وحفظ الحق أو بهدف حفظ الشيء المتنازع عليه (1) وقد أعطى المشرع الجزائري للقضاء - مقتفيا أثر المشرع المصري - هذه السلطة التقديرية في الحكم بالحراسة من خلال نص المادة 603 مدني مرشدا إياه ببعض الحالات على سبيل المثال لا الحصر مشيرا إلى أنه يجوز للقضاء أن بأمر بالحراسة في الأحوال المشار إليها في المادة 602 إذا لم يتفق ذوو الشأن على الحراسة ، إذا كان صاحب المصلحة في منقول أو عقار قد تجمع لديه من الأسباب المعقولة ما يخشى معه خطرا عاجلا من بقاء المال تحت يد حائزة ، في الأحوال الأخرى المنصوص عليها في القانون. ولو أن البند الثاني من هذه المادة هو الذي كسر كل الحواجز وأصبحت الفروض الأخرى المذكورة في النصوص مجرد تطبيقات عملية له ، ولم يشترط لفرض الحراسة القضائية غير الشرط المتعلق بقيام الخطر العاجل الذي تتولد عنه ضرورة المحافظة على المال المتنازع عليه التي يبقى تقدير قيامها من قبل القاضي . (2)

ومن هنا يتميز القانون الجزائري – تبعا للقانون المصري - بالمرونة والقابلية لشمول الحالات المستجدة أمام القضاء عند طلب الحكم بالحراسة في ضوء السلطة التقديرية الواسعة للقضاء وفقا للضرورة التي يراها،(3) ولعل هذا ما دفع جانب من الفقه الفرنسي إلى القول بأن التعداد الوارد لحالات الحراسة في المادة 1961 مدني فرنسي ليس على سبيل الحصر ولكن على سبيل المثال .لأن القضاء هو الذي يقرر فرض الحراسة في كل حالة يقدر فيها حاجة الحق المدعى به للحماية وفقا لسلطته التقديرية في ذلك (4)
وقد أكدت محكمة النقض المصرية في العديد من أحكامها على هذه السلطة التقديرية للقضاء في الحكم بالحراسة في تقدير الضرورة الموجبة لها وفي التأكيد على أن تقدير الخطر الموجب للحراسة هو مسألة موضوعية يستقل بها القاضي ولا رقابة عليه من محكمة النقض متى كانت الأسباب التي أقام عليها قضاءه بهذا الإجراء تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وبشرط ألا يمس بأصل الحق فهو يواجه الخطر من التأخير في الفصل في النزاع الموضوعي بتوفير حماية مؤقتة للمراكز الموضوعية إلى أن يفصل في اصل الحق بحكم يحدد هذه المراكز الموضوعية بصف نهائية.(5)

والمسألة المهمة التي تثور بشأن القضاء في الحراسة القضائية هي المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتقه في اختيار الحارس القضائي المناسب ، والدور الرقابي و الإشرافي المستمر على المهام التي أنيط بها هذا الحارس باعتبار أن القضاء هو الوحيد الذي يشكل ضمانة حقيقية لحماية الحقوق وحفظها، وأن إجراء مثل الحراسة القضائية هو أهم إجراء تأمر به المحكمة و أخطرها لأنه يعتبر سيفا ذو حدين- كما أسلفنا الذكر- إما أن تحسن المحكمة استعماله فيعود بالنفع على أطرافه المباشرة بصفة خاصة و الاقتصاد و الوطني بصفة عامة، أو أن تسيء هذا الاستعمال فيرجع ذلك خسارة على الجميع ،ومن اجل ذلك كان لزاما عليه الوقوف بصرامة على هذا الإجراء من بدايته انطلاقا من تعيين الحارس الأمين الكفء وتحديد المهام التي يقوم بها على وجه التدقيق وربط ذلك بمدة زمنية معينة وكافية والإشراف على أعماله ومراقبتها إلى نهايتها بإرجاع الأموال إلى من يثبت أحقيته بها بعد الفصل في الموضوع .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
1) j issa sayegh j ci civ 1979 8fasc 10 n 37 ; 38 ; 39 p 8 les choses susceptibles d etre séqustre Claud brenner thé op cit n 344 p 172 دمحمد رضا عبد السلام المرجع السابق ص 25
2)- وذلك عل العكس من المشرع الفرنسي الذي أجاز للقضاء في المادة 1961 مدني الحكم بالحراسة في حالات ثلاث محددة بقوله _ يجوز للقاضي أن يقرر الحراسة في الأحوال الآتية 1- على منقولات المدين المحجوز عليها 2- على عقار أو شيء منقول تنازع في ملكيته أو في وضع اليد عليه اثنان أو أكثر 3- على الأشياء التي يعرضها المدين لإبراء ذمته
ـ (3)- د رضا محمد عبد السلام المرجع السابق ص 26
4) francois Collart et.Philippe Delebecque- contra civils .op cit .n.815.p.663 claude Brenner .thé .op.cit .n 344
(5)- د رضا محمد عبد السلام المرجع السابق الفقرة 31 ص 26
وهذا كله لغرض سد الثغرة التي قد يتسلل منها المشككون في العدالة بصفة عامة والقضاء بصفة خاصة

ج- الحـــــــــــــارس القضـــــــــــــائي:
يعد الحارس الركيزة الأساسية الثالثة بالنسبة لنظام الحراسة القضائية ،ويعتبر من أهمها إذ أنه هو الشخص المنوط به الحفاظ على الأموال وصيانتها وإدارتها لحين انتهاء النزاع ،وعليه بانعدامه لا تقوم الحراسة ولا يتحقق الهدف منها في توفير الحماية القانونية للأموال محل الحراسة . وسنحاول ضمن هذا العنصر إبراز المعايير الأساسية والجوهرية التي ينبغي على القضاء مراعاتها عند اختياره وتعيينه للحارس القضائي التي تتلاءم ونبل المهام التي يقوم بها، وأهمية الأموال التي تكون بين يديه، كالأمانة وحسن السمعة والكفاءة والقدرة على القيام بمهام الحراسة.ومن ثم نعرج إلى تبيان المسؤولية المدنية والجزائية التي تقع على عاتق الحارس القضائي إذا ما عدل عن أداء مهمته بأمانة وكفاءة وتسبب في تبديد أو تضييع المال الذي وضع رهن حراسته ،بينما سنرجئ دراسة طريقة تعيينه ، والحقوق التي يتمتع بها والالتزامات الواقعة على عاتقه إلى المبحث الثاني ضمن عنصر الحكم الصادر في دعوى الحراسة.

1- شروط الحـــــارس القضائي:

◄ الأمانة وحسن السمعة:
الحارس القضائي – كما رأينا ذلك في طبيعة الحراسة القضائية - في أدائه للمهام المنوطة به هو نائب ونيابته قانونية وقضائية ، فهو نائب عن القانون الذي يحدد نطاق حراسته ويبين حالاتها ويوضح أركانها وأثارها ،وهو نائب عن القضاء الذي يحدد نطاق سلطته ويتلقى منه نيابته ، وقد أطلق فقهاء الشريعة الإسلامية على الحارس القضائي "أمين القاضي أو دليل القاضي أو عدل أو ثقة إلى غير ذلك من الصفات التي يجب توافرها في شخص الحارس " ومن ثم فان تعيين الحارس يقوم على اعتبارات جوهرية تتعلق بشخصيته وما هو مشهود عنه بالنزاهة والاستقامة التي لولاها ما ارتضاه الخصوم حارسا على مصالحهم .

فالأمانة تعني أن يحرص المرء على أداء واجبه كاملا في العمل الذي يناط به ، ويستنفذ جهده في إبلاغه تمام الإحسان ،(1) وهي تعني النزاهة ونظافة اليد ،وحسن السمعة يعني الاستقامة والسيرة الطيبة التي يعرف بها بين أقرانه ، ليكون أهلا لحراسة الحقوق والمحافظة على الأموال (2)، وتظهر أهمية هذا الشرط في اعتباره يحقق ضمانة حقيقية للأطراف بالطمأنينة على أموالهم من الضياع ،كما أنها تقوي ثقتهم بالعدالة والقضاء ،وعلى النقيض من ذلك أن كان الحارس غير أمين فانه لايؤتمن من تلف واختلاس وتبديد وضياع هذه الأموال ومن ثم تزعزع ثقة المجتمع بالقضاء والعدالة .

وهذا ما تؤكده الدراسة المعدة من قبل دولة البحرين حول الحراسة القضائية خاصة في فصلها الثاني المعنون بأهم المشكلات الواقعية لنظام الحارس القضائي، ولاسيما تلك التي ضبطت فيها الأخطاء التي تعود إلى كل من المتقاضين والقاضي والقانون لتصل إلى الحارس القضائي التي حددت مساهمته بشكل أساسي في ضياع واندثار الأموال الموضوعة رهن إجراء الحراسة القضائية وذلك لانعدام توفر هذا الحارس على الأمانة والنزاهة وان كان ملما بأحكام الحراسة وخبير بثغراتها ودهاليزها وهذا نصها:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- الشيخ محمد الغزالي – خلق المسلم – الطبعة السادسة 1999 ص 43
(2)- د رضا محمد عبد السلام ص 174
" ... أما الصنف الثاني فهو الملم بأحكام الحراسة والخبير بثغراتها ودهاليزها والذي يستغل الحراسة أسوأ استغلال لتحقيق مآرب شخصية ومنافع خاصة غير مشروعة ويستعمل الحراسة كوسيلة للتربح وأكل أموال الناس بالباطل للدرجة التي يفنى معها المال ويضحى المتقاضون مدينين للحارس بأتعاب مهمته ، فبدلاً من أن يكون أصحاب المال المتنازع عليه طالبين الحماية القضائية لحل مشكلتهم يصيروا مدينين مطاردين بمطالبات الحارس بأتعابه."

ومن الأمثلة التي ساقتها هذه الدراسة في إطار تتبع أخطاء الحارس القضائي ولاسيما فيما يخص شرط النزاهة المثال التالي :

" ففي إحدى القضايا حصلت منازعة بين الورثة في قسمة ما خلف لهم عن والدهم الثري المعروف ، فما كان من الورثة الأشقاء إلا أن لجئوا للقضاء لقسمة التركة ووضع حارس عليها نظراً لضخامتها لحين الانتهاء من القسمة وتصفية التركة ، فتم تعيين حارس قضائي لمدة خمس سنوات تقريباً لم ينه خلالها القسمة أو التصفية ، فما كان من الورثة إلا أن طلبوا استبدال الحارس فكان لهم ما طلبوا بعد أن تحصل الحارس الأول على أتعابه والتي قدرت بمبلغ يتكون من أربعة أصفار وطار بها وترك التركة حائرة ، فتولى الحارس الثاني مهمته فوجد التركة وقد تقلصت في بيع عقارات أو منقولات بحجة الصرف على أموال الحراسة واقتضاء الحارس لأتعابه واستمر في أعماله هو الآخر لأكثر من عامين ، فلما طال الأمر بالورثة لم يجدوا بداً من التشكيك في نزاهة الحارس الثاني والإدعاء بأنه يدير الشركة لصالحه الخاص فاستجابت لهم المحكمة وأمرت بعزله ، بالطبع بعد إن استلم نظير إدارته وأعماله وهو مبلغ لم يقل كثيرا عن سابقه وتم تعيين خبير ثالث لإدارة التركة ولم يكن بأحسن حالاً من سابقه ولكنه كان ذو خبرة حقيقة عنهم فأخذ يدير التركة حق الإدارة ويقيد كل فلس يتم صرفه ، ونظراً لان التركة تحتاج لمصاريف إدارية وأعماله تحتاج إلى مراسلات ومكاتبات فتم تدوين كل ذلك وتحميله على أموال التركة ، ونظراً لعدم وجود سيولة نقدية يتولى الصرف منها أخذ في بيع عقارات ومنقولات التركة حسب القانون بعد الإعلان عن البيع في الجرائد اليومية بنفقات إعلان وأتعاب خبير مثمن وخلافه فالشيء الذي يباع بألف يباع بمائة وفي المزاد ، والمزاد قانوني ومتحصل على أذن من القضاء بإجرائه وهناك حكم لمرسى المزاد ويتم تسجيل الحكم فالمسألة كلها قانونية ، فلما وجد الورثة أن أموالهم قد تبخرت في الصرف على إدارة التركة لجؤوا إلى المحكمة بطلب استبدال الحارس وبالطبع بعد أن ظل ردحاً من الزمن يصفي ويقسم في التركة ويبيع فيها وهكذا الحال وبالنظر إلى هذه الحالة نجد أن الخطأ قد وقع في جانب أطراف الحراسة الأربع القاضي ، القانون ، الخصوم ، الحارس ....
أما عن خطأ الحارس ونظراً لأن التركة أو الحراسة قد تناوب عليها ثلاثة حراس فقد لزم بيان خطأ كل منهم ، فالحارس الأول وهو من المشهود لهم بالخبرة والباع الطويل في المسائل المحاسبة لم يعر الأمر أي أهمية للدرجة التي أوصلت التركة لان تكون في محلها طوال فترة حراسته فالأضرار لم تكن كثيرة ولكن خطأه كان أعظم من الخسارة المادية ، فما نسب له من عمل كان بالإمكان إتمامه على أقصى تقدير في سنة واحدة وليس المدة التي استغرقها دون أن يكمل أو يتم أي عمل نسب له ، فما هو الذي يشغله لو ظل الأمر لمائة عام طالما أنه يتقاضى أجره ، فالمهم عنده هو العائد المادي من استمرار الحراسة وليس انتهائها ، ففي استمرارها مكسب له وفي انتهائها انقطاع مصدر رزق وخاصة وأنه من أصحاب الأعمال الحرة .
أما الحارس الثاني فهو كان مخولاً من قبل الورثة قبل أن يعين ، وإذا نظر إلى خبرته فيما أنيط به من أعمال نجدها خبرة متواضعة بدليل أنه لم يقدم ولم يؤخر في الأمر من شيء رغم أنه قد مارس مهامه بما يزيد عن عامين دون قيمة تذكر والعائد آلاف الدنانير صبت في جيبه بحكم القانون نظير تعيينه كحارس فقط وليس لإتمام أعماله ، فالعبرة بالوقت وليس بالعمل فكلما زاد الوقت زاد العائد والعكس صحيح ، فمن هو المخلوق الذي يكره المكسب ويسعى إلى الخسارة طالما أن الأمر لن يكلفه سوى المماطلة وخطاب للمحكمة ورد من المحكمة وخطاب للبنك وانتظار خطاب البنك ومخاطبة هذه الجهة وذاك ، والمحصلة آلاف الدنانير شهرياً تصب في الجيب ، فما أحسنه من عمل ، والخلاصة أن الخبير الثاني لم يكن أهلاً لتولي المهمة .
أما الخبير الثالث فمما لاشك فيه انه خبير بمعنى الكلمة لدرجة أوصلته لتصفية التركة قبل قسمتها فتصرف فيها وكأنه مالك ( شرعي) ، فهو لم يعمل كل شيء إلا بإذن القضاء وبمخاطبات رسمية وطرق قانونية حتى أنه بعد أن قاضاه الخصوم جنائياً حكم ببراءته لقانونية أعماله التي محصلتها بيع أموال التركة بأبخس الأسعار بحماية قانونية ، الخلاصة أن من يعي القانون يستطيع أن يجعل من الدائن مدين في مسائل الحراسات ، كما فعل الحارس الثالث في التركة فجعل منها مدينة له بقيمة أتعابه."
◄ الكفاءة والمقدرة على القيام بالحراسة:
إضافة إلى الشرط السابق المتمثل في الأمانة وحسن السمعة في شخص الحارس ،لابد من شرط ثاني ينبغي له أن يتوفر عليه وهو الكفاءة والمقدرة على القيام بمهام الحراسة وما تتطلبه من خبرة خاصة في بعض الأموال كالحراسة على الشركات التجارية والاقتصادية بصفة عامة ، والمؤسسات العلمية والصحية الخاصة كالمدارس والصيدليات والمستشفيات ،حيث تتطلب خبرة فنية معينة .
ونقصد بالكفاءة الخبرة العلمية والذهنية والبدنية التي تمكن الحارس من المقدرة على القيام بالأعمال المنوطة به على اختلافها من حيث الإدارة والصيانة والمتابعة وما تتطلبه من الوسائل المادية والقانونية اللازمة .
وتوافر هذا الشرط في الحارس القضائي له من الأهمية ما يمكن تفادي به جل الصعوبات التي قد تعتري الشخص العادي الذي يتوافر على معلومات بسيطة بخصوص فقهه لذلك المجال أو مجال آخر كما انه يوفر عامل الزمن الذي قد يتخذ مجالا أطول في حسن إدارة محل الحراسة وكيفية المحافظة عليه ،ومن ثم يجنبنا الوقوع في مشكلة ضياع الأموال واندثارها التي شرعت الحراسة من اجل المحافظة عليها .
وتتمة للمثال السابق الذي تم عرضه في الدراسة المعدة من قبل دولة البحرين في إطار تتبع أخطاء الحارس القضائي وردت هذه الأمثلة التي تؤكد مدى أهمية توافر الحارس القضائي إلى جانب النزاهة وحسن السمعة على الكفاءة والقدرة على القيام بمهام الحراسة وهو كالتالي :
"وزيادة في إيضاح المشكلة نعرض للقضية التالية والتي تتلخص أحداثها في أن محكمة الأمور المستعجلة قد أمرت بوضع تركة أحد الأثرياء تحت الحراسة نظراً لحجب الموروثين لشقيق لهم وارث والتركة تقدر بالملايين سواء كان شركات أو أراضي أو حسابات بنكية ، وتم تعيين مكتب عريق لتولي أعمال الحراسة ، وكان ذلك في عام 2003 وحتى يومنا هذا لم يتول الحارس أعمال الحراسة وذلك ليس لشيء سوى عدم تفهم الحارس للمهمة المناطة به ولا يزال الورثة في حيرة من أمرهم فليومنا هذا لم يتقاض الشقيق الذي حرم من الميراث فلس واحد من تركة والده المقدرة بالملايين ولا موقع قدم من آلاف الأمتار المخلفة عن والده .
وفي حالة أخرى وبسبب جهل الحارس قام بغلق مصنع لدرجة أن صدئت معداته وتكلفت إعادة تأهيلها ملايين الدنانير وهي بالطبع خسائر تعرض لها شركاء ما كانوا يتحملوها لو بذل الحارس أدنى عناية بما عهد له بحراسته فمن هو المسئول عن تعويض المتضرر من جراء عمل الحارس ، وفي حالة أخرى قام الحارس القضائي ببيع معدات معمل لاستيفاء أتعابه .
وهذا آخر قام ببيع أموال الحراسة لاقتضاء أتعابه، وهذا آخر ظلت الحراسة تحت يده لما يزيد عن ثلاثة عشر سنة وهو يحصد ثمارها دون أن يتذوقه أصحاب الحق"

2- مسؤولية الحارس القضائي .

قد يرتكب الحارس القضائي و هو يقوم بأعمال الحفظ و إدارة الأموال الموضوعة تحت الحراسة القضائية أخطاء عفوية أو مقصودة كما يرتكب تقصيرا و إهمالا، فتتعرض بسبب تلك الأخطاء ونتيجة ذلك التقصير أموال كثيرة و مصالح ذات أهمية لأضرار جسام.

ومما لا شك فيه أن الحارس القضائي، و الحالة هذه يكون مسؤولا عما يقع منه من خطأ، و تكون مسؤوليته إما مدنية فيتحمل بتعويض من يصيبهم ضرر نتيجة أعماله و أخطائه. و إما جنائية فيتعرض للعقوبات المنصوص عليها في القانون الجنائي.

وتبعا لذلك فان هذا العنصر يستوجب دراسته من خلال نقطتين:

- الأولى تتعلق بمسؤولية الحارس القضائي المدنية .
- و الثانية بمسؤوليته الجنائية.

◄ مسؤولية الحارس القضائي المدنية :

المشرع الجزائري لم يحدد المسؤولية المدنية للحارس القضائي بنص صريح ،مما يفهم من وراء ذلك خضوعها للقواعد العامة المقررة في نظرية الالتزامات ،وما يمكن الإشارة إليه في هذا المقام هو اختلاف الفقه حول بيان طبيعة مسؤولية الحارس القضائي سواء كان مأجورا أو غير مأجور، من
منطلق الطبيعة القانونية للحراسة القضائية - كما سبق التطرق إلى ذلك –

وفي كل الأحوال فان مسؤولية الحارس القضائي لا تتحقق إلا إذا وقع منه خطأ فأحدث ضررا نشأ عن هذا الخطأ.
و يقصد بالخطأ في المسؤولية بصفة عامة التقصير الحاصل في سلك الإنسان لا يقع من شخص يقظ وجد في نفس الظروف الخارجية التي أحاطت بالمسؤول، أما الخطأ فيقصد به عدم قيام الشخص بتنفيذ التزامه عن عمد و إهمال، و يعتبر الخطأ أهم ركن في المسؤولية بما في ذلك مسؤولية الحارس القضائي.

و الخطأ الذي يرتب المسؤولية على الحارس القضائي يتجلى في عدة حالات،و هكذا يكون الحارس القضائي مسؤولا عن عدم تنفيذه للمهمة المحددة له في القرار القاضي بتعيينه أو عند عدم اتخاذه ما يقتضيه العرف في المعاملات.كما لو أهمل إجراء التأمين إذا كان ضروريا.أو تصرف في الشيء محل الحراسة دون أن يكون له سبب يبرر ذلك أو تجاوز الحدود المرسومة له في التصرف.كما يسأل الحارس القضائي عن الغش الذي يصدر منه كأن يعهد إليه ببيع الشيء فيتواطأ مع المشتري على تخفيض الثمن أو أن يكلف بإدارة أرض زراعية فقام بتأجيرها بأجرة بخسة و متواطئا في ذلك مع المستأجر، أو إذا أهمل دفع الضريبة فحجز على الشيء لإستيفاءها إلى غير ذلك من أنواع الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها الحارس القضائي و هو يمارس مهامه.

و عموما إذا كان الحارس القضائي مسؤولا في أداء مهمته مسؤولية قانونية فان هذه المسؤولية لا تتحقق إلا إذا كان هناك ضرر أصاب صاحب الشأن من جراء عدم تنفيذ الحارس القضائي لالتزامه فإذا لم يوجد الضرر فلا محل للمسؤولية و الضرر كركن من أركان المسؤولية إنما يخضع للقواعد العامة في المسؤولية.

فإذا عين الحارس القضائي لأداء مهمة خاصة يجب عليه أداؤها بدون تأخير و إلا كان مسؤولا عن تعويض الضرر الذي يصيب صاحب الشأن من جراء تأخره في القيام بهمته. فإذا عين حارس قضائي مثلا لبيع محصول زراعي وجب عليه بيعه حالا، فإذا تأخر في بيعه و ترتب عن هذا التأخير ضرر متمثل في انخفاض سعر ذلك المحصول أن يبيع فيه المحصول و الوقت الذي تم فيه البيع فعلا.

لا يكفي أن يكون هناك خطأ في جانب الحارس القضائي أثناء القيام بمهمته و لا يكفي أن يكون إلى جانب الخطأ ضرر حدث لصاحب أو أصحاب الشأن بل يجب أن تكون هناك علاقة سببية بين الخطأ و الضرر بمعنى يجب أن يكون الضرر ناتجا عن الخطأ فقد يكون هناك خطأ من الحارس القضائي كما قد يكون هناك ضرر بصاحب الشأن دون أن يكون ذلك الخطأ هو السبب في هذا الضرر، مثلا :كما لو أثبت الحارس القضائي أن الضرر إنما وقع نتيجة لخطأ صاحب الشأن أو بقوة قاهرة أو حادث فجائي.

◄ مسؤولية الحارس القضائي الجنائية
إن مسؤولية الحارس القضائي لا تقتصر على الجانب المدني فقط بل قد يسأل مسؤولية جنائية أيضا، ذلك أن الحارس القضائي يفترض فيه أن يكون شخصا أمينا يتولى حفظ الشيء الموضوع بين يديه بأمانة و يديره بسلام. إلا أن الحارس القضائي قد لا يكون من هذا النوع دائما حيث يقوم بما من شأنه أن يخل بصفته كأمين و يسيء إلى مكانته كراع لأمانة الأشياء الموضوعة بين يديه لحراستها، مخلا بقواعد العدالة و مخالفا لنصوص القانون و إرادة المشرع و بالجملة يكون خائنا للأمانة مما يوجب في حقه العقاب.
و قد تعرض المشرع الجزائري في المواد المنظمة لجريمة خيانة الأمانة إلى العقاب الذي يتعرض له الحارس القضائي لأنه من أهم الأشخاص الذين يمكن أن تصدر منهم هذه الجريمة نظرا لأن المال الذي يتولون حفظه و إدارته قد وضع بين أيديهم كوديعة و أمانة.

غير أنه يشترط لقيام جريمة الخيانة طبقا للمادة 376 من قانون العقوبات أن يختلس الحارس القضائي أو يبدد بسوء نية المال الموضوع تحت حراسته بمعنى أن يصدر منه عمل إيجابي هو الاختلاس أو التبديد و بطبيعة الحال لا يتصور الاختلاس و التبديد إلا إذا تسلم الحارس القضائي الشيء .

كما يشترط لقيام جريمة خيانة الأمانة أن يكون الاختلاس أو التبديد الصادر من الحارس القضائي قد أوقع إضرارا بالمالك أو واضع اليد أو الحائز و يكمن الضرر في الواقع في عملية الاختلاس أو التبديد، و مع ذلك قد يحدث الاختلاس أو التبديد دون أن يسبب في ضرر كأن يبدد الحارس القضائي الشيء الموضوع تحت حراسته و لكنه تمكن من استعادته قبل أن يحين الوقت الذي يلزم فيه برد ذلك الشيء. فالحارس القضائي في هذه الحالة لا يعاقب على ما استقر عليه الفقه – لأن المشرع اشترط وجود الضرر و هو موجود في هذه الحالة.

و يشترط أيضا لاعتبار الحارس القضائي خائنا للأمانة أن يكون لديه القصد و النية في ارتكاب تلك الجريمة أي أن يعلم أنه يختلس أو يبدد شيئا مملوكا للغير و أنه دخل في حيازته مؤقتا مع التزامه برده و بمعنى آخر أنه يعلم أن تصرفه هذا غير مشروع.

أما إذا كان الحارس القضائي لازال في طور المحاولة لارتكاب جريمة خيانة الأمانة فانه لا يعاقب لأن هذه الجريمة تعتبر جنحة، و المحاولة في الجنح لا تعاقب إلا بنص صريح. ذلك أن الشيء الموضوع تحت الحراسة القضائية يكون في هذه الحالة بين يدي الحارس القضائي أصلا فهو غير محتاج إلى انتزاعه من مالكه أو حائزه، و لذلك لا تعاقب إلا الجريمة التامة، و تتمثل في كل فعل يدل على أن الحارس القضائي اعتبر المال الذي ائتمن عليه مملوكا له يتصرف فيه تصرف المالك.

كما يمكن أن يتابع الحارس القضائي بناءا على نص المادة 379 من قانون العقوبات .إذا كان من مساعدي القضاء كالخبير أوالموثق أو المحضر القضائي أو كاتب الضبط.

و لما كان إجراء الحراسة القضائية إجراء مهما و خطيرا في نفس الوقت حيث يحظى هذا الإجراء بثقة الجمهور و تعقل بمقتضاه أموال مهمة و مصالح حيوية، فان وظيفة الحارس القضائي تعتبر تبعا لذلك وظيفة مهمة و خطيرة أيضا ،مما حدا بالمشرع أن يشدد العقوبة التي يستحقها الحارس القضائي عندما يرتكب جريمة خيانة الأمانة.ضمن إطار قانون مكافحة الفساد الذي جعل من عقوبة جريمة الاختلاس للأموال العمومية أو الخاصة في مادته 29 التي تصدر من الموظف العمومي تتراوح ما بين السنتين وعشر سنوات حبس ومابين 000. 200 دج و000.000. 1 دج غرامة مالية ،والحارس القضائي يدخل ضمن فئة الموظف العمومي المشار إليها في المادة 2 من نفس القانون باعتباره نائبا قضائيا معين من قبل القضاء.










رد مع اقتباس