منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - شرح رياض الصالحين(باب اليقين والتوكل) لشيخ..
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-06-25, 14:18   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

فأنت يا أخي طبيب نفسكن لا تذهب إلى الناس، أقرا القران فان رأيت انك تتأثر به إيمان و تصديقا و امتثالا فهنئا لك، فأنت مؤمن، و إلا فعليك بالدواء، داو نفسك من قبل إن يأتيك موت لا حياة بعده، وهو موت القلب، أما موت الجسد فبعده حياة، و بعده بعث و جزاء و حساب.
و قوله عز وجل: (وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) على ربهم فقط يتوكلون!أي: يفوضون أمورهم كلها إلى مالكهم و مدبرهم خاصة، لا إلى أحد سواه، كما يدل عليه تقديم المعمول على عامله، و الجملة معطوفة على الصلة، إشارة إلى الاختصاص و الحصر، و انهم لا يتوكلون إلا على الله عز وجلن لان غير الله إذا توكلت عليه، فإنما توكلت على شخص مثلك،و لا يحرص على منفعتك كما تحرص أنت على منفعة نفسك، و لكن اعتمد على الله_عز وجل_ في أمور دينك و دنياك.

(الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) .يقيمون الصلاة: يأتون بها مستقيمة بواجباتها وشروطها وأركانها، ويكملونها بمكملاتها، ومن ذلك إن يصلوها في أوقاتها، ومن ذلك إن يصلوها مع المسلمين في مساجدهم، لان صلاة الجماعة كان لا يختلف عنها إلا منافق أو معذور، قال ابن مسعود رصي الله عنه: (( لقد رايتنا_ يعني مع الرسول عليه الصلاة والسلام_ وما يختلف عنها_ أي عن الصلاة_ إلا منافق معلوم النفاق أو مريض، ولقد كان الرجل يؤتي به يهادي بين الرجلين، يعني مريض ويحمله رجلان اثنان، حتى يقام في الصف))([1]) لا يثنيهم عن الحضور إلى المساجد حتى المرض رضي الله عنهم. أما كثير من الناس اليوم، فانهم علي العكس من ذلك، فتراهم يتكاسلون ويتأخرون عن صلاة الجماعة. ولهذا لو قارنت بين الصلوات النهارية وصلاة الفجر، لرأيت فرقا بينا، لان الناس يلحقهم الكسل في صلاة الفجر من نوم، ولا يهتمون بها كثيرا. ( وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)(البقرة: من الآية3) أي: ينفقون أموالهم في مرضاة الله، وحسب أوامر الله، وفي المحل المناسب. ( أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً )(لأنفال: من الآية74) حقا: توكيد للجملة التي قبلها، أي: أحق ذلك حقا. ( لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)(لأنفال: من الآية74) نسأل الله إن يجعلنا وإياكم منهم بمنه وكرمه، انه جواد كريم. وأما الأحاديث: 74_ فالأول: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (( عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهيط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد إذ رفع لي سواد عظيم فظننت انهم أمتي، فقيل لي: هذا موسى وقومه، ولكن انظر إلى الأفق، فنظرت فإذا سواد عظيم، فقيل لي: انظر إلى الأفق الآخر، فإذا سواد عظيم، فقيل لي هذه أمتك، ومعهم سبعون ألف يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب)) ثم نهض فدخل منزله، فخاض الناس في أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، فقال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلي الله عليه وسلم، وقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام، فلم يشركوا بالله شيئا_ وذكروا أشياء_ فخرج عليهم رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: (( ما الذي تخوضون فيه؟ )) فاخبروه فقال: (( هم الذين لا يرون، ولا يسترقون ولا يتطيرون، وعلي ربهم يتوكلون)) فقام عكاشة بن محصن فقال، ادع الله إن يجعلني منهم، فقال: (( أنت منهم)) ثم قام رجل آخر فقال: ادع الله إن يجعلني منهم فقال: (( سبقك بها عكاشة))([2]) متفق عليه. (( الرهيط)) بضم الراء: تصغير رهط، وهم دون عشرة انفس. (( والأفق)): الناحية والجانب. (( وعكاشة)) بضم العين وتشديد الكاف وبتخفيفها والتشديد افصح. الشرح بعدما ساق المؤلف_ رحمه الله تعالى_ الآيات، ذكر هذا الحديث العظيم، الذي اخبر فيه النبي صلي الله عليه وسلم إن الأمم عرضت عليه، أي: أرى الأمم عليه الصلاة والسلام وأنبياءهم. يقول: ((فرأيت النبي ومعه الرهيط)) أي: معه الرهط القليل، ما بين الثلاثة إلى العشرة. (( والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد)) أي: إن الأنبياء_ عليهم الصلاة والسلام_ ليسوا كلهم قد أطاعهم قوهم، بل بعضهم لم يطعه أحد من قومهم، وبعضهم أطاعه الرهط، وبعضهم أطاعه الرجل والرجلان، وانظر إن نوحا عليه الصلاة والسلام مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، يذكرهم بالله، ويدعوهم إلى الله، قال الله تعالى: ( وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ)(هود: من الآية40)، كل هذه المدة ولم يلق منهم قبولا، بل ولا سلم من شرهم، قال نوح: (وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً)(نوح:7)، وكانوا يمرون به ويسخرون منه. يقول: (( رفع لي سواد)) أي: بشر كثير فيهم جهمة من كثرتهم فظننت انهم أمتي فقيل لي هذا موسى وقومه)) لان موسى من اثر الأنبياء اتباعا، بعث في بني إسرائيل، وانزل الله عليه التوراة التي هي أم الكتب الإسرائيلية. قال: (( ثم قيل لي انظر! فنظرت إلى الأفق فإذا سواد عظيم_ وفي لفظ: قد سد الأفق_ فقيل: انظر الأفق الثاني! فنظرت إليه فإذا سواد عظيم، فقيل لي هذه أمتك)) فالرسول صلي الله عليه وسلم اكثر الأنبياء تابعا، لأنه منذ بعث إلى يوم القيامة والناس يتبعونه، صلوات الله وسلامه عليه، فكان اكثر الأنبياء تابعا، قد ملا اتباعه ما بين الأفقين. (( ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب))أي: مع هذه الأمة سبعون ألفا يدخلون الجنة، لا يحاسبون، ولا يعذبون، من الموقف إلى الجنة بدون حساب ولا عذاب! اللهم اجعلنا منهم. وقد ورد إن مع كل واحد من السبعين ألف سبعين ألفا أيضا[3]. (( ثم نهض فدخل منزله فخاض الناس في أولئك... قال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلي الله عليه وسلم_ يعني لعلهم الصحابة رضي الله عنهم_، وقال آخرون: (( لعلهم الذين ولدوا في الإسلام، فلم يشركوا بالله شيئا وذكروا أشياء)) وكل أتى بما يظن، فخرج عليهم النبي صلي الله عليه وسلم فسألهم عما يخوضون فيه فاخبروه فقال صلي الله عليه وسلم (( هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يكتبون ولا يتطيرون وعلي ربهم يتوكلون)) هذا لفظ مسلم وفيه: (( لا يرقون)). والمؤلف رحمه الله قال: انه متفق عليه، وكان ينبغي إن يبين إن هذا اللفظ لفظ مسلم فقط دون رواية البخاري، وذلك إن قوله: (( لا يرقون)) كلمة غير صحيحة، ولا تصح عن النبي علبه الصلاة والسلام، لان معني (( لا يرقون)) أي لا يقرؤون علي المرضي، وهذا باطل، فان الرسول عليه الصلاة والسلام كان يرقي المرضي. وأيضا القراءة علي المرضي إحسان، فكيف يكون انتفاؤها سببا لدخول الجنة بغير حساب ولا عذاب. فالمهم إن هذه اللفظة لفظة شاذة، وخطا لا يجوز اعتمادها، والصواب: (( هم الذين لا يسترقون)) أي: لا يطلبون من أحد إن يقرا عليهم إذا أصابهم شئ، لانهم معتمدون علي الله، ولان الطلب فيه شئ من الذل، لأنه سؤال الغير، فربما تحرجه ولا يريد إن يقرا، وربما إذا قرا عليك لا يبرا المرض فتتهمه، وما أشبه ذلك، لهذا قال لا يسترقون. قوله: (( ولا يكتوون)) يعني: لا يطلبون من أحد إن يكويهم إذا مرضوا، لان الكي عذاب بالنار، لا يلجا إليه إلا عند الحاجة. وقوله: (( ولا يتطيرون)) يعني: لا يتشاءمون لا بمرئي، ولا بمسموع، ولا بمشموم، ولا بمذوق، يعني: لا يتطيرون أبدا. وقد كان العرب في الجاهلية يتطيرون، فإذا طار الطير وذهب نحو اليسار تشاءموا، وإذا رجع تشاءموا، وإذا تقدم نحو الإمام صار لهم نظر آخر، وكذلك نحو اليمين وهكذا. والطيرة محرمة، لا يجوز لاحد إن يتطير لا بطيور، ولا بأيام، ولا بشهور، ولا بغيرها، وتطير العرب فيما سبق بشهر شوال إذا تزوج الإنسان فيه، ويقولون: إن الإنسان إذا تزوج في شهر شوال لم يوفق، فكانت عائشة رضي الله عنها تقول: (( سبحان الله، إن النبي صلي الله عليه وسلم تزوجها في شوال، ودخل بها في شوال، وكانت احب نسائه إليه)) كيف يقال إن الذي يتزوج في شوال لا يوفق. وكانوا يتشاءمون بيوم الأربعاء، ويوم الأربعاء يوم كأيام الأسبوع ليس فيه تشاؤم. وكان بعضهم يتشاءم بالوجوه، إذا راء وجها ينكره تشاءم، حتى إن بعضهم إذا فتح دكانه، وكان أول من يأتيه رجل اعور أو اعمي، اغلق دكانه، وقال اليوم لا رزق فيه. والتشاؤم ، كما انه شرك اصغر، فهو حسرة علي الإنسان، فيتألم من كل شئ يراه، لكن لو اعتمد علي الله وترك هذه الخرافات، لسلم، ولصار عيشه صافيا سعيدا. أما قوله: ( وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) فمعناه: انهم يعتمدون علي الله وحده في كل شئ، لا يعتقدون علي غيره، لأنه جل وعلا قال في كتابه: ( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)(الطلاق: من الآية3)، ومن كان الله حسبه فقد كفي كل شئ.










رد مع اقتباس