أيها الأخوة الكرام، لازلنا في نصوص الأمثال من الكتاب والسنة، فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(( مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى ))
[أخرجه البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير]
أول نقطة: وصف المؤمنين في القرآن والسنة ما القصد منه؟ هناك هدفان كبيران، أول هدف أن تعرف من هو المؤمن، أو أن تتحرك نحو هذا الهدف، والثاني أن يكون هذا الوصف مقياساً لك، نقطة دقيقة أن تعرف من هو المؤمن، وأن تسعى لأن تكون مؤمناً، وإذا أصابك قلقٌ فيما إذا كنت مؤمناً، أم لم تكن مؤمناً، فهذا الوصف مقياس لك.
لك أخوة مؤمنون، لو أن واحداً منهم أصابه خير، هل تفرح له؟ بكل صراحة، إن فرحت لهذا الخير الذي أصاب أخاك فأنت مؤمن ورب الكعبة لماذا؟ لأن المنافقين وصفهم الله عز وجل فقال:
﴿ إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ ﴾
[سورة التوبة الآية:50]
لك أخ أخذ دكتوراه، لك أخ نجح بزواجه، نجح بتجارته، هل تفرح له كما لو أن هذا النجاح لك؟ ورب الكعبة إن فرحت لخير أصاب أخاك فأنت مؤمن، وإذا تألمت وانزعجت، وكظمت الغيظ، وتمنيت لو أن هذا الخير لم يصل إليه، أو تمنيت أن يزول عنه، أو سعيت إلى إزالته، فأنت منافق ورب الكعبة، الدليل الآية الكريمة:
﴿ إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ ﴾
﴿ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ﴾
[سورة آل عمران الآية:120]
على الإنسان أن يكون انتماؤه إلى مجموع المؤمنين كي يكون مؤمناً :
لذلك أيها الأخوة أتمنى على الواحد منكم إن كان له جامع، على العين والرأس، لكن أخاك بالجامع الثاني أخوك بالإيمان، لا تعاديه، لا تنظر له نظرة دنيا، نحن من جامع فلان، يجب أن يكون انتماؤك إلى مجموعة مؤمنين حتى تكون مؤمناً.
(( مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم))
يجب أن تكون مودتك لكل المؤمنين، لكل المسلمين، وأن تكون رحمتك وعطاؤك لكل المسلمين، وتعاطفك مع كل المؤمنين.
(( مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى ))
[أخرجه البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير]
يجب أن تقلق لسوء أصاب أخاك، يجب أن تفرح لخير أصاب أخاك، والآية الكريمة دقيقة جداً:
﴿ إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ ﴾
﴿ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ﴾
أي لا يوجد إنسان إلا ويعلم حقيقته، والدليل:
﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ﴾
[سورة القيامة]
قالوا: بإمكانك أن تخدع معظم الناس لبعض الوقت، وبإمكانك أن تخدع بعض الناس لكل الوقت، أما أن تخدع كل الناس لكل الوقت فهذا من سابع المستحيلات، أنا أضيف على هذا القول: أما أن تخدع نفسك لثانية واحدة فمستحيل، الدليل:
﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ﴾