منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - التفتيش في قانون الاجراءات الجزائية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-12-28, 11:11   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
adoula 41
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 الفصل الأول

الفصل الأول: شروط إجراء التفتيش

من المسلم به أن ثمة مبادئ أساسية عامة للقضاء أيا كان مدني أو إداري أو جنائي، وبالتالي يجب أن يتم تطبيقها باعتبارها نظرية عامة تنسحب على كافة الأعمال الإجرائية أيا كانت، والقواعد العامة التي تخضع لها الإجراءات القضائية باختلافها تتطلب لوجود الإجراء وصحته مجموعة من العناصر القانونية، ومؤدى ذلك أن هذه العناصر يتطلب القانون وجودها قبل القيام بالإجراء أو أن يتضمنها الإجراء في حد ذاته.
هذه الضوابط العامة يمكن اعتبارها ضمانات أساسية خاصة وأن إجراء التفتيش يمس بصفة مباشرة بالحرية الشخصية للفرد، لذلك تحرص القوانين على إحاطته بشروط وضمانات أساسية الغرض منها هو الموازنة الضرورية بين مصلحة المجتمع في القصاص منا جرم ،وبين حقوق الفرد وحرياته الأساسية.
تتمثل هذه الضوابط في ضرورة توافر شروط موضوعية وشكلية في إجراء التفتيش.
تعتبر الشروط الموضوعية الأساس الذي يرتكز عليه إجراء التفتيش من حيث تواجده وتتضمن سبب التفتيش، محل التفتيش، والجهات المختصة للقيام به، وهذا ما سيتضمنه المبحث الأول من هذا الفصل كما سنتناول كل شرط من الشروط في مطلب مستقل.
إضافة للشروط الموضوعية نص المشرع الجزائري على جملة كلية واعتبرها بمثابة ضمان آخر لحقوق الأفراد وخصوصياتهم وتتمثل هذه الشروط في مجملها في قواعد الحضور، محضر التفتيش، وقواعد تنفيذ التفتيش التي سنتطرق لها بالتفصيل في المبحث الثاني مع مراعاة توضيح كل شرط منها بشرح أكثر في مطلب منفرد.























المبحث الأول : الشروط الموضوعية لإجراء التفتيش

إن القواعد العامة التي تخضع لها الإجراءات القضائية على اختلافها تتطلب لوجود الإجراء وصحته مجموعة من العناصر القانونية التي يطلق عليها مقتضيات العمل الإجرائي وتشمل: المحل, السبب, الاختصاص, وباعتبار التفتيش إجراء قضائي, فهو يتوافر على هذه العناصر بطبيعة الحال التي سنتناول كل واحد منها على حده في مطلب مستقل.

المطلب الأول : سبب التفتيش
من المستقر إن سبب التفتيش هو الحصول على الدليل في تحقيق قائم بقصد الوصول إلى الحقيقة التي يحملها هذا الدليل لدى شخص معين أو في مسكنه, إنما يمثل السبب الذي يحرك السلطة المختصة إلى إصدار قرارها بالتفتيش ومباشرته, وهذا هو السبب العام والأصل.
فسبب التفتيش إذن هو جناية أو جنحة, وبتوافر قرائن على وجود دليل يفيد في كشف الحقيقة لدى المتهم أو غيره, وهذا السبب لا ينشأ إلا بعد وقوع الجريمة, واتجاه قرائن الاتهام نحو شخص, أو وجود أمارات قوية ضد آخر على حيازته ما يفيد في كشف الحقيقة, ويعتبر احتمال الحصول على دليل في جناية أو جنحة هو السبب القانوني المباشر الذي يخول ضباط الشرطة القضائية إجراء التفتيش وهنا نكون أمام 03 حالات حددها المشرع على سبيل الحصر وهي:
- التفتيش طبقا لحالة التلبس حسب المادة 44 قانون الإجراءات الجزائية.
- التفتيش طبقا لنص المادة 64 ق أج المتعلقة بالتحقيق الابتدائي.
- التفتيش طبقا لأحكام الإنابة القضائية المادة 138 وما يليها ق ا ج.

الفرع الأول: التفتيش في حالة التلبس بالجريمة
يسمح قانون الإجراءات الجزائرية الجزائري في حالة الجرائم المتلبس بها وفقا للمادتين 41،44 ق ا ج بالخروج على القواعد العامة للتحقيق من حيث انه يجيز لضابط الشرطة القضائية القيام بإجراءات تدخل في نطاق إجراءات التحقيق الابتدائي والعلة في ذلك أن التلبس يقتضي الإسراع في ضبط الأدلة وجمعها قبل أن تضيع معالم الجريمة.
نص المشرع الجزائري عن التلبس بالجريمة في نص المادة 41 ق ا ج ومن شروط التلبس الوارد في نص المادة 44 ق أج مشاهدة ضابط الشرطة القضائية حالة التلبس بنفسه ولكن المادة 41 ق د ج لم تشترط هذا الشرط, فضلا على أن ضابط الشرطة القضائية يتلقى عادة نبأ التلبس عمن شاهد الجريمة. يجب على ضابط الشرطة القضائية قبل قيامه بالتفتيش أن يتأكد من حالة التلبس بنفسه والشرط الثاني هو أن تكون مشاهدة الجريمة في حالة تلبس يتم عن طريق مشروع, كما انه لا يجوز لضابط الشرطة القضائية مباشرة التفتيش إلا بعد اكتشافه حالة التلبس وبالتالي فان مشاهدة الجريمة في حالة تلبس يجب أن تسبق إجراء التفتيش, كما انه يشترط أن تكون الجريمة جناية أو جنحة معاقب عليها بعقوبة الحبس مدة تتجاوز شهرين طبقا للمادتين 41 ,55 ق ا ج
لقد نصت المادة 44 من القانون الإجراءات الجزائرية على جملة من الشروط الواجب توافرها عند التفتيش في حالة التلبس وأهمها :
* أن يجري التفتيش ضابط الشرطة القضائية وفق ما تحدده المادة 15 من قانون الإجراءات الجزائية ويكون ذلك بحضوره وتحت إشرافه.
* حصول ضابط الشرطة القضائية على إذن: ويكون ذلك من السلطة المختصة سواء قاض التحقيق أو وكيل الجمهورية الذي يكون أساسه وجود أمارات ودلائل سابقة على إصدار الإذن تكفي لتوجيه الاتهام للشخص المراد تفتيش منزله.
* وجود فائدة من التفتيش: تتمثل هذه الفائدة في ضبط الأشياء التي تفيد في الكشف عن الحقيقة سواء كان ذلك للإدانة أو البراءة وهذا يستشف من طبيعة الجريمة أيضا.
ولقد تدخل المشرع الجزائري صراحة بالنسبة للتفتيش في حالة التلبس بالجريمة، وحدد الأماكن التي يجوز تفتيشها كالتالي:
أولا: تفتيش منزل المتهم
تجيز المادة 44 ق إ ج لضابط الشرطة القضائية تفتيش مسكن المتهم- في حالة التلبس بجنحة أو جناية ويضبط فيه الأشياء والأوراق التي تفيد في إظهار الحقيقة ومن الواضح أن ما يجوز طبقا لهذا النص هو تفتيش منزل المتهم، وكذا منزل الأشخاص الذين يظهر أنهم ساهموا في الجناية، بينما في فرنسا كانت المادة 36 من قانون تحقيق الجنايات لا تجيز لضابط الشرطة القضائية في حالة التلبس سوى تفتيش مسكن المتهم لوحده، ولكن المادة 56 من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي الحالي، أباحت تفتيش جميع الأماكن .
ثانيا: تفتيش شخص المشتبه فيه
يعتبر إجراءا جوهريا، شأنه شأن القبض على المتهم، فلا تجوز لضباط الشرطة القضائية القيام بهذا الإجراء دون أن يكون له أساس قانوني، لكن المشرع الجزائري لم ينص صراحة على منح ضباط الشرطة القضائية هذا الحق في حالة التلبس وبحسب الأستاذ عبد الله اوهايبية عندما يقول "إذا كان الأصل أن تفتيش الأشخاص إجراء مستقل عن تفتيش المساكن، فالقاعدة أن هذا التفتيش لا يجيز تفتيش الأشخاص المتواجدين به صاحبه أو الغير، إلا إذا دعت مقتضيات إجراءاته بأن قامت دلائل قوية على حيازة أو إخفاء احد المتواجدين به لأشياء أو أوراق تتعلق بالجريمة موضوع البحث تفيد في إظهار الحقيقة جاز تفتيشه" ، بل أكثر من ذلك، إذا ألقى القبض على مشتبه فيه من قبل ضابط الشرطة القضائية، تطبيقا لحكم المادة 51 فقرة 4 ق ا ج أو بناءا على أمر بالقبض القضائي حسب المادة 120 ق إ ج، جاز له أن يقوم بتفتيش المقبوض عليه تفتيشا قانونيا صحيحا منتجا لآثاره.
ثالثا: تفتيش مسكن المساهم في الجريمة
يجوز لضابط الشرطة القضائية أن يقوم بتفتيش مسكن كل مساهم في الجريمة المتلبس بها بعد الحصول على إذن من الجهة القضائية، وهذا ما ورد بنص المادة 44 ق إ ج.

الفرع الثاني: تفتيش مسكن في التحقيق الابتدائي
أجاز المشرع الجزائري بنص المادة 64 ق ا ج لضابط الشرطة القضائية أن يجري تفتيشا للمسكن المشتبه فيه بناء على رضا صاحبه، فإذا رضي الشخص بتفتيش مسكنه وبوجود إذن قضائي مسبب، فإن هذا الرضا يضفي المشروعية على هذا التفتيش، وينفي عن سلوك ضابط الشرطة القضائية عدم المشروعية، ومن ثمة يكون دخوله مبررا ويصح معه كل ما يتبعه من إجراءات لاستناده إلى دخول مشروع.
ولقد أبدى الفقهاء عدة ملاحظات على المادة 64 ق ا ج يمكن إيجازها فيما يلي:
- الإحالة على المادة 44 ق ا ج لم تكن صائبة، ذلك أن رضا صاحب المسكن يغني ضابط الشرطة القضائية عن حصول على إذن بالتفتيش، ذلك أن صاحب المنزل تنازل بإرادته عن الحماية المقررة لمسكنه.
- الإحالة على المادة 45 ق ا ج والمتعلقة بقواعد الحضور غير صائبة بدورها، كون رضا الشخص يفترض تواجده هذا من جهة ومن جهة أخرى، فإن رضا صاحب المنزل في حالة عدم حضوره لا يؤثر على شرعية الدخول للمسكن.
- الإحالة على المادة 47 ق ا م لم تكن موفقة، كون الرضا متى حصل، هذا يجيز لضابط الشرطة القضائية دخول المسكن في أي وقت.
لكن بالرغم من هذه الملاحظات، نقول لا يوجد هناك تعارض بين حصول رضا صاحب المسكن لدخول ضابط الشرطة القضائية الحامل لإذن قضائي لمسكنه، ذلك أن المشرع اشترط ذلك من باب الضمانات الشرعية الإجرائية والدستورية، خاصة أن المادة 40 من دستور 1996 أكدت على حرمة المسكن .
وتتمثل شروط الرضا بالتفتيش في العناصر الآتي ذكرها:
أولا: يجب أن يكون الرضا صريحا
أي يكون الرضا بعبارة صريحة تفيد ذلك، فلا يصح أن يؤخذ بطريق الاستنتاج بمجرد سكوت صاحب المسكن، ولا يمكن الاعتداد بالرضاء الضمني، وتجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري قد استقى المادة 64 ق إ ج من المادة 76 من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي، ولقد أوجبت إثبات الرضا كتابة بخط صاحب الشأن، ويذكر ذلك في المحضر.
ثانيا: يجب أن يكون الرضا حرا
ويقصد به أن يكون عن إرادة حرة ولا يصدر من الشخص تحت تأثير الخوف أو الإكراه مهما كان شكله ماديا أو معنويا.
ثالثا: أن يكون الرضا صادر عن علم وإدراك
أي أن صاحب المسكن يكون على علم ودراية بصفة الشخص الذي سيدخل لمسكنه، انه ضابط الشرطة القضائية وأن الغرض من الدخول هو التفتيش، ولهذا يجب أن يكون الرضا سابقا للتفتيش ليكون صحيحا.
كذلك يجب أن يصدر الرضا من صاحب صفة، وهو صاحب المسكن أو من يعد حائزا له في غيابه.

الفرع الثالث:التفتيش بناءا على الإنابة القضائية
من المستقر عليه أن سلطة التحقيق غير مطالبة بإجراء التفتيش بنفسها في كل الحالات، فيمكنها ندب احد ضباط الشرطة القضائية لذلك وذلك بموجب إنابة قضائية، ويلتزم ضابط الشرطة القضائية في حدود ما ورد بها، والسلطات المختصة بالتفتيش وفقا للإنابة القضائية هم:
أولا: التفتيش بمعرفة قاضي التحقيق المنتدب
يمكن لقاضي التحقيق أن ينتدب قاضي تحقيق آخر في كامل التراب الوطني للقيام بإجراء من إجراءات التحقيق ومن بينها التفتيش، وعادة ما يقوم القاضي المنتدب بتكليف ضابط من ضباط الشرطة القضائية
للقيام بهذا الإجراء، هنا نميز بين حالتين:
- الحالة الأولى:إذا كان إجراء التفتيش الذي سيقوم به ضابط الشرطة القضائية بناءا على انتداب من قاضي التحقيق المنتدب يقع داخل دائرة اختصاص القاضي المنتدب هنا لا يكون أي إشكال.
- الحالة الثانية: إذا كان إجراء التفتيش خارج دائرة اختصاص قاضي التحقيق المنتدب هنا يطرح الإشكال، هل يجب الحصول على تفويض أو انتداب ثالث لقاضي التحقيق الذي يمارس مهامه بدائرة الاختصاص مكان التفتيش ؟
لقد أجاب الدكتور أحسن بوسقيعة عن هذا التساؤل إذ يرى استنادا لنص المادة 16 ق إ ج انه في حالة الاستعجال يجوز للضباط أن يباشروا مهمتهم على كافة التراب الوطني إذا طلب منهم أداء ذلك احد القضاة المختصين قانونا، وهنا يتم ذلك بمعرفة ضابط من ضباط الشرطة القضائية الذي يعمل في المجموعة السكنية المعنية بعد إخبار وكيل الجمهورية المختص.


ثانيا: التفتيش بمعرفة ضابط الشرطة القضائية
يتم التفتيش بناءا على إنابة قضائية، ويعمل ضابط الشرطة القضائية على تنفيذ الإذن تحت إشراف القاضي النادب، ولكن، لا يوجد بالقانون الجزائري ما يمنع قاضي التحقيق من إعادة هذا الإجراء أو استكماله في حالة نقصه متى كان هذا مفيدا لمجريات التحقيق وكذلك لضبط الأدلة وإظهار الحقيقة، ويبقى لغرفة الاتهام صلاحية مراقبة أعمال قاضي التحقيق إذا شابها عيب من العيوب التي تؤدي إلى البطلان حسب نص المادة 191 من قانون الإجراءات الجزائية.

المطلب الثاني: محل التفتيش
يقصد به المستودع أو الوعاء الذي يحتفظ فيه الإنسان بالأشياء المادية التي تتضمن عناصر تفيد في إثبات الجريمة، تكون له حرمة بمعنى أن هذا المستودع قد يقيم ما يعد جسما للجريمة أو ما يحتمل انه أستعمل في ارتكابها أو نتج عنها أو ما وقعت عليه وكل ما يفيد في إظهار الحقيقة ولا بد أن تكون له حرمة ويحميه القانون .

الفرع الأول :شروط محل التفتيش
يجب أن يكون محل التفتيش معنيا ومما يجوز تفتيشه.
أولا: ضرورة تعيين محل التفتيش
التفتيش إجراء من إجراءات التحقيق، لا يجوز الاتجاه إليه إلا بناءا على تهمة موجهة إلى شخص معين بارتكاب جناية أو جنحة، أو إذا وجدت قرائن تدل على انه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة، ولا يمكن لهذا الإجراء أن يكون عاما بمعنى أن المكان الذي يجري قاضي التحقيق تفتيشه يكون مكانا محددا سواء تعلق بالمتهم أو الغير، هذا كون العمومية في التفتيش تمس حرمة مساكن المواطنين أو أشخاصهم.
فالشخص أو المكان المراد تفتيشه يجب أن يكون محددا تحديدا كافيا نافا للجهالة.
ثانيا: أن يكون محل التفتيش مما يجوز تفتيشه
الأصل أنه متى توفرت شروط التفتيش يتعين إجراءه لكن قد يضفي القانون على بعض الأعمال حصانة معينة تتعلق أحيانا بمصلحة جديرة بالاعتبار أكثر من مصلحة التحقيق التي تتطلب إجراء التفتيش وأهمها الحصانة المتعلقة بالهيئات الدبلوماسية والهيئات البرلمانية وحصانة حق الدفاع.
1- الحصانة الدبلوماسية
مفادها تمكين المبعوث الدبلوماسي من أداء مقتضيات وظيفته في الدولة التي وفد إليها، ورعاية لما تستوجبه اللياقة في التعامل بين الدول وهي مانع من اتخاذ الإجراءات الجنائية وهذه الحصانة لا تحيط بالمبعوث إلا خلال الفترة التي يتمتع فيها بالحصانة وتشمل مقر البعثة، الحصانة الشخصية وحصانة المراسلات.
فمقر البعثة هو المكان الذي تتخذه البعثة الدبلوماسية كمقر لمباشرة أعمالها فلا يجوز دخوله ولا تفتيشه إلا بإذن من رئيس البعثة .
وتشمل هذه الحصانة كل ملحقات المقر مثل: الحدائق وكذلك المنازل الخاصة التي يسكنها أعضاء البعثات الدبلوماسية فهي تتمتع بدورها بهذه الحصانة.
أما الحصانة الشخصية فهي مقررة للمبعوثين الدبلوماسيين فلا يجوز التعرض لهم بأي إجراء ماس للحرية من قبض أو تفتيش وهي الامتياز الرئيسي الذي تتفرع منه كافة الامتيازات الأخرى .
أما فيما يتعلق بالمراسلات الدبلوماسية، فلا يصح ضبطها أو الإطلاع عليها ويسري هذا المبدأ على كل المراسلات المتعلقة بعمل البعثة. كما انه لا يجوز مراقبة المحادثات الهاتفية المتعلقة بأعضاء البعثة ولا برقياتهم حتى لو كان ذلك يفيد في كشف الحقيقة في تحقيق يجري ضد متهم لا يتمتع بالحصانة .
2- الحصانة البرلمانية
نصت المادة 109 من الدستور على أن "الحصانة البرلمانية معترف بها للنواب ولأعضاء مجلس الأمة مدة نيابتهم ومهمتهم البرلمانية، ولا يمكن أن يتابعوا أو يوقفوا وعلى العموم لا يمكن أن ترفع عليهم دعوى مدنية أو جزائية أو يسلط عليهم أي ضغط بسبب ما عبروا عنه من أراء. أو ما تلفظوا به من كلام أو بسبب تصويتهم خلال ممارسة مهامهم البرلمانية".
وكذلك نصت المادة 110 من الدستور عن الحصانة التي يتمتع بها أعضاء غرفتي البرلمان وبالتالي يمتنع عن النيابة العامة اتخاذ أي إجراء في مواجهة عضو البرلمان قبل الحصول على إذن بذلك، فلا يجوز القبض عليه ولا حبسه مؤقتا ولا تفتيشه قبل رفع الحصانة عنه، كما تمتد هذه الحصانة إلى مسكن أعضاء البرلمان.
3- حصانة حق الدفاع
من المقرر دستوريا أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه، فإن حرية الدفاع عن المتهم أمر أساسي، لذلك فإن حق الدفاع عن المتهم يتمتع بحصانة مطلقة تحضر الضبط أو الاضطلاع على الأوراق أو المستندات التي لدى المحامي والتي وصلته من قبل المتهم للدفاع عنه لذلك فان قاعدة حصانة بعد الدفاع عن المتهم هي قاعدة متفرعة عن مبدأ سرية إجراءات التحري والتحقيق ونصت المواد المتعلقة بالتفتيش عن ضرورة مراعاة الإجراءات اللازمة لضمان احترام كتمان سر المهنة وحق الدفاع، فلقد نص المشرع فيما يتعلق تفتيش مكتب المحامي في المادة 80 من قانون المحاماة 91/04 : "يمنع التعدي على حرمة مكتب المحامي ولا يجوز إجراء تفتيش أو حجز من غير حضور النقيب أو ممثله وبعد إحضارهما شخصيا وبصفة قانونية ..."، كما أن المشرع رتب البطلان عن مخالفة هذه الإجراءات.

الفرع الثاني: تفتيش المساكن
يستعمل المشرع الجزائري مصطلح مسكن كمرادف لمصطلح "منزل" فلقد نص في المادة 44 ق إ ج على مصطلح منزل فيما نص في المادة 45 ق إ ج على مصطلح مسكن، كما أنه أورد تعريف المسكن في نص المادة 355 من قانون العقوبات: "يعد منزلا مسكونا كل مبنى أو دار أو غرفة أو خيمة أو كشك ولو متنقل متى كان معدا للسكن وإن لم يكن مسكونا ووقتذاك وكافة توابعه مثل الأحواش وحظائر الدواجن ومخازن الغلال والإسطبلات والمباني التي توجد بداخلها مهما كان استعمالها حتى لو كانت محاطة بسياج خاص داخل السياج أو السور".

*الشروط الواجب توافرها في المسكن: يشترط في المسكن عدة شروط أهمها التعيين وان يكون جائزا تفتيشه .
وقد اشترطت المادة 355 من قانون العقوبات أن يكون المسكن مخصصا فعلا للسكن، سواء كان بطبيعته مخصصا لكي يمارس الشخص مظاهر الحياة الخاصة به أو غير معد أصلا للسكن ولكنه بالفعل مسكون بشخص أو أكثر يقيم به، ولا يشترط أن يكون مسكونا بصفة دائمة.

ولقد ثارت عدة إشكالات فيما إذا كانت السيارة تعتبر سكنا؟ هنا يجب التفرقة بين ثلاث أنواع من السيارات:
1- السيارات العامة: مثل الحافلات والقطارات هذه السيارات تأخذ حكم الأماكن العامة وهي ليست مستودعا لسر أحد.
2- سيارات الأجرة: تأخذ هذه السيارات حكم المسكن إدا كانت بداخله أما إذا كانت خارجه فيشترط أن تكون في حالة عمل لتتمتع بالحرمة.
3- السيارات الخاصة: إن الراجح في القضاء والفقه إن للسيارات الخاصة طبيعة خاصة بحيث يتوقف حكمها على مكان وجودها، فإذا كانت داخل مرآب المسكن تأخذ حكمه أما إذا كانت خارج المسكن فإنها تتمتع بالحرمة الشخصية لصاحبها أو حائزها وذهب القضاء والقانون الفرنسي إلى جواز تفتيش السيارات التي يوحى ظاهرها أن صاحبها تخلى عنها وكانت خالية وأن يكون التخلي سابقا عن التفتيش .
وجدير بالذكر انه يجوز لرجال الضبطية القضائية إيقاف أي سيارة للتحقيق من توافر الاشتراطات القانونية والفنية ولا يعد هذا تفتيشا بالمفهوم القانوني، ولكن لا يجوز تفتيش السيارة إلا وفقا للأوضاع والشروط القانونية المقررة للمساكن.

الفرع الثالث : تفتيش الأشخاص
إن حرمة الأشخاص مستقاة من قواعد الحريات العامة ومن الملاحظ أن المشرع الجزائري لم يضع قواعد خاصة في شأن تفتيش الأشخاص واقتصر على تفتيش المساكن.
لكن تفتيش الأشخاص شأنه شأن تفتيش المساكن إجراء من إجراءات التحقيق ولا يصح أن تأمر به جهة التحقيق إلا بشان جريمة وقعت وقامت القرائن على نسبتها إلى شخص معين، لكن هذه القاعدة ليست مطلقة ذلك أن تفتيش الشخص جائز بغير أن يكون هناك اتهام موجه إليه بارتكاب جريمة معينة.
ويقصد بتفتيش الأشخاص تحسس ملابسه كما يعني فحص تلك الملابس بدقة وإخراج ما يخفيه الإنسان فيها، ويعني كذلك فحص الجسد فحصا ظاهريا.
أولا: الفحص الجسدي
يقع هدا التفتيش على الأجزاء الخارجية للجسد بعد انتزاع الملابس وتفحص الجلد من الخارج وانتزاع ما يكون لاصقا به، كذلك انتزاع الشيء من فم المتهم إذا حاول ابتلاعه كما يجوز أخد عينات من تحت أظافر الشخص أو أخد البصمات أو فحص باطن الكف والقدم.
ثانيا: توابع الشخص
تمتد حرمة الشخص إلى ما في حوزته من منقولات ويكون الإطلاع عليها من قبيل التحري ويعتبر معاينة عادية وليس تفتيشا ولكن لم ينص القانون الجزائري على تفتيش توابع الشخص ويبقى السؤال المطروح حول التفتيش الذي يمتد لداخل جسم الإنسان؟
1- فحص الدم
يعد تحليل الدم من الإجراءات التي أقرت شرعيتها العديد من النصوص القانونية، على غرار المشرع الجزائري إذ أجاز لضباط الشرطة القضائية بغاية تحديد نسبة الكحول في الدم من اجل كشف الحقيقة أخد عينات من دم الشخص حسب ما نصت عليه قانون تنظيم المرور 01/14 فهذا يعتبر تفتيشا بالرغم من انه لا يشترط وقوع جريمة أو شروط أخرى.



2- غسيل المعدة
قد يسفر غسيل المعدة عن ضبط شيء مادي أبتلعه المتهم وهذا الإجراء يعتبر تفتيشا كون الهدف منه هو التوصل إلى دليل مادي في جريمة يجري البحث عن أدلتها كما انه ينطوي على اعتداء على سر الإنسان.

*هل شبكات الحاسوب والبريد الالكتروني تخضع للتفتيش؟
يعرف العالم حديثا تصنيفا جديدا للجرائم وهي جرائم المعلوماتية وكذا الجرائم المنظمة والعابرة للحدود ولقد أتى المشرع أخيرا في التعديل الذي طرأ على قانون الإجراءات الجزائية بأحكام خاصة بهذه الجرائم.
إن ظهور شبكة الانترنت أدى إلى ظهور عدة جرائم مرتبطة بها، فهل يجوز في إطار التحقيق في هذه الجرائم القيام بإجراءات التفتيش ؟
1- شبكات الحاسوب
يتكون الحاسوب من مكونات مادية "Hardware" ومكونات منطقية "Software" عادة ما ينصب التفتيش على المكونات المادية للحاسوب للبحث عن شيء يتصل بجريمة معلوماتية ولقد استقر الفقهاء على أن التفتيش الواقع على الحاسوب هو تفتيش قانوني كما نص القانون الانجليزي الصادر في 29/06/1990 المتعلق بإساءة استخدام الحاسوب .
2- البريد الالكتروني
يهدف هدا البريد إلى إرسال واستقبال رسائل الكترونية فقد يستخدم البريد الالكتروني لأغراض غير مشروعة مثلا جريمة غسيل أموال (تبييض الأموال) عن طريق تحويل الأموال من خلال المراسلات الالكترونية. يرى الفقه انه على المحقق اختيار صندوق البريد الخاص بالمتهم محل التفتيش والمبينة في قائمة البرامج الأساسية فتظهر ثلاث خيارات :الوارد IN، الصادر OUT، الحفظ أو المهملات TRASH وهذا لتحديد مكان تواجد الرسائل المراد تفتيشها وضبطها.

المطلب الثالث: قواعد الاختصاص
الأصل أن التفتيش هو إجراء من إجراءات التحقيق لا تباشره إلا سلطة التحقيق وقاضي التحقيق يمثل سلطة التحقيق الأصلية في القوانين المقارنة التي تأخذ بمبدأ الفصل بين وظائف الاتهام والتحقيق و الحكم.
خول المشرع الجزائري مثله مثل باقي القوانين الأخرى إجراء التفتيش لضباط الشرطة القضائية استثناءا في حالات معينة سوف نتطرق لها، كما سنوضح أهم الإشكالات التي يثيرها تفتيش الأنثى.

الفرع الأول : السلطة المختصة بالتفتيش
يختص قاضي التحقيق أصلا بإجراء التفتيش تساعده النيابة العامة بتوليها تتبع الجرائم و اتخاذ الإجراءات الملائمة بصددها ثم يخطر قاضي التحقيق الذي يتولى مباشرة التحقيق، فالنيابة توجه الاتهام والتحقيق يباشر إجراءات التحقيق.
ولقد نصت المادتين 81 و82 ق.إ.ج على أنه يجوز لقاضي التحقيق القيام بإجراء التفتيش في أي مسكن يرى أنه توجد به أشياء يفيد اكتشافها في إظهار الحقيقة.
ولقد أجازت المادة 83 ق.إ.ج لقاضي التحقيق القيام بنفسه بالتفتيش في أي مكان آخر وبالتالي أي مسكن آخر غير مسكن المتهم ليضبط أدوات الجريمة أو ما نتج عن ارتكابها، وكل شيء آخر يفيد في كشف الحقيقة، كما منحته المادة84 ق ا ج حق إنابة احد ضباط الشرطة القضائية للقيام بهذا التفتيش إذا استحال على قاضي التحقيق تنفيذ هذا التفتيش بنفسه وطبقا للشروط التي نصت عليها المواد138 إلى 142 ق ا ج. إذ أن المشرع الجزائري قيد سلطة قاضي التحقيق في منح الإنابة بشرط استحالة قيامه بالإجراء بنفسه نظرا لخطورة السلطات التي يملكها قاضي التحقيق ومنها التفتيش.
* ضباط الشرطة القضائية
من الممكن أن يتم التفتيش بمعرفة ضباط الشرطة القضائية في الجرائم المتلبس بها ولقد نصت المادة 15 ق.إ.ج على أعضاء الضبطية القضائية الذين لهم صفة ضابط الشرطة القضائية، إذ نص القانون على ضرورة إجراء التفتيش من طرف ضابط يساعده أعوان ولكن يتم الإجراء بحضوره وتحت إشرافه وإلا وقع باطلا .


الفرع الثاني: تفتيش الأنثى بمعرفة أنثى مثلها
القاعدة أن ضابط الشرطة القضائية يمكنه أن يتولى إجراء التفتيش بنفسه أو من طرف احد معاونيه إلا انه لاعتبارات تتعلق بالنظام العام يجري تفتيش الأنثى بمعرفة أنثى مثلها وهي قاعدة يقتضيها الحياء العام، لكن لم يتضمن قانون الإجراءات الجزائية الجزائري نصّا في هذا الشأن.
ويتحدد مجال تطبيق هذه القاعدة في أنها لا تسري على إطلاقها لمجرد كون المراد تفتيشه أنثى ولكن الهدف هو الحفاظ على عورات المرأة التي تخدش حياءها إذا مست فإن اشتراط تفتيش الأنثى بمعرفة أنثى إنما هو ضرورة فقط عندما يكون مكان التفتيش من المواضع الجسمانية التي لا يجوز للقائم بالتفتيش الإطلاع عليها ومشاهدتها. فما يخطر على ضابط الشرطة القضائية هو أن يتعرض في تفتيش المتهمة لأجزاء من الجسم مما تعد عورة منه فهذه الأجزاء هي التي تعرضه لها انتهاكا للآداب ومساسا بالعرض .

الفرع الثالث: الإشكالات التي يثيرها تفتيش الأنثى
لم ينص المشرع الجزائري على إجراءات تفتيش الأنثى، كما أن أغلبية التشريعات العربية التي اشترطت لتفتيش الأنثى أنثى مثلها لم تتطلب شروط معينة في الأنثى المنتدبة ولكن هناك بعض الشروط الواجب توافرها:
اشترطت أغلب التشريعات تحليف الأنثى القائمة بالتفتيش اليمين قبل مباشرتها لمهمتها فيجوز ندب أي أنثى لإجراء التفتيش ولا يشترط أن تكون موظفة عامة.
إن حضور ضابط الشرطة القضائية أثناء تفتيش الأنثى يبطل الإجراء كون حضوره فيه مساس لحياء المرأة وعورتها. والجدير بالذكر أن المشرع أورد نصّا خاصا فيما يتعلق بتفتيش المساجين، حيث نصت المادة 07 فقرة 03 من المرسوم الصادر في 28/02/1972المتعلق بأمن المؤسسات "لا يمكن أن يفتش المسجون إلا من طرف أشخاص من نفس جنسه".
الإشكال الذي يثور بالنسبة لأعضاء الدرك الوطني هو عدم تواجد إناث يعملون في هذا السلك، وجرت العادة على إحضار أعوان إناث من الشرطة القضائية للقيام بتفتيش الأنثى ويتم توقيع المحضر من طرف العون الذي قام بالتفتيش ويتم ذلك تحت إشراف ضابط الشرطة القضائية (الدرك الوطني) المكلف بإجراء التفتيش وتجدر الإشارة إلى أن عون الشرطة (الأنثى) يتم إحضاره من اقرب مركز شرطة للمكان الذي يتواجد فيه الشخص المشتبه فيه (الأنثى) والمراد تفتيشها.





المبحث الثاني:الشروط الشكلية لاجراء التفتيش

بالإضافة إلى الضمانات الموضوعية للتفتيش والتي سبق شرحها، توجد ضمانات أخرى ذات طابع شكلي يجب مراعاتها عن ممارسة هذا الإجراء صونا للحريات الفردية من التعسف أو الإسراف في استخدام السلطة. والغرض من هذه الإجراءات إحاطة المتهم بضمانات أخرى إضافة للضمانات الموضوعية، ويعتبر الشكل هو الوسيلة التي يتحقق بها حدث معين أي الوسيلة التي يظهر بها أمام الغير وقد يكون الشكل عنصرا من عناصر العمل الإجرائي، عندما يعني الوسيلة التي يتم بها، وفي الواقع أن الشكليات التي يتطلبها إجراء التفتيش تختلف نظام التحقيق القضائي لتفتيش، ومنها ما يعتبر ظرفا له كإجراء التفتيش في أوقات زمنية معينة، وسيتضمن هذا المبحث هذه الشروط الشكلية بشيء من التفصيل في مطالب مستقلة.

المطلب الاول:قاعدة الحضور
يستوجب إجراء التفتيش عند مباشرته سواء تم بمعرفة سلطة التحقيق أم بمعرفة الشرطة القضائية وجوب حضور أشخاص عند مباشرته، وأول من يتعين حضوره هو المتهم، ويعتبر هذا شرطا مفترضا إذا ما تعلق الأمر بتفتيش شخصه، وذلك على خلاف تفتيش المساكن إذ من المتصور إجراء التفتيش بغير حضور المشتبه فيه متى كان حضوره غير ممكن، وبخلاف المتهم الذي يتعين حضوره قد يتطلب الأمر حضور بعض الشهود لأجراء التفتيش.
إذا كان القانون لم يستلزم حضور شهود عند قيام ضابط الشرطة القضائية بتفتيش شخص المتهم، إلا أننا نرى انه ينبغي على ضابط الشرطة القضائية ألا يتعسف في تمسكه بهذا، فليس له أن يمنع شهودا من حضور التفتيش مادام هذا الحضور ليس من شانه أن يؤدي إلى عرقلة إجراء التفتيش والثابت أن حضور الشخص آو أكثر عند مباشرة التفتيش لا يعني زوال صفة السرية على الإجراء، فالتفتيش يجري في مواجهة ذوي الشأن وحدهم، وحضور الشاهدين إنما يكون في حالة عدم حضور المشتبه فيه أو من ينوبه، والبحث في قواعد الحضور يتعلق بتفتيش المساكن دون تفتيش الأشخاص.

الفرع الأول: قاعدة الحضور عند تفتيش مسكن المشتبه فيه
من الضمانات التي يستوجبها المشرع الجزائري حضور شخص أو عدة أشخاص أثناء مباشرة التفتيش، وهو ضمان لصحة الإجراء كما سنرى لاحقا.
فإذا تعلق الأمر بتفتيش مسكن شخص يشتبه في انه ساهم في ارتكاب الجناية، فلقد نصت المادة 45 من قانون الإجراءات الجزائية في فقرتها الأولى على ضرورة حضور صاحب المسكن عملية التفتيش، فادا تعذر عليه الحضور لسبب ما مثل السفر فإنه يتعين عليه تعيين ممثل له بناءا على أمر مكتوب من ضابط الشرطة القضائية المكلف بالتفتيش وينوه عن ذلك في محضر التفتيش، فإذا أمتنع صاحب المسكن أو كان هاربا فان ضابط الشرطة القضائية المكلف بإجراء التفتيش يستدعى شاهدين شريطة أن لا يكونا من الموظفين الخاضعين لسلطته، ويجب أن يتضمن محضر التفتيش اسمهما ولقبهما وكل البيانات المتعلقة بالتفتيش، ويتم تسخير الشاهدين بواسطة محضر يوقعه الشاهدين مع ضابط الشرطة القضائية. هذا إذا كان القائم بالتفتيش هو ضابط الشرطة القضائية بناءا على أمر من قاضي التحقيق (ندب) أما إذا حصل التفتيش بمعرفة قاضي التحقيق فلقد نص المشرع على نفس الأحكام، إذا أحال في نص المادة 82 من قانون الإجراءات الجزائية على نص المواد من 45 إلى 47.
- أما إذا حصل التفتيش أثناء التحقيق الابتدائي فلقد نصت المادة 64 من قانون الإجراءات الجزائية على انه لا يجوز تفتيش المسكن إلا برضا صريح من الشخص الذي ستتخذ لديه هذه الإجراءات، وحددت المادة شكل الرضا الذي يكون مكتوبا بخط يد صاحب الشأن فإذا كان لا يعرف الكتابة فبإمكانه الاستعانة بشخص يختاره بنفسه وينوه عن ذلك في المحضر كما أحالت نفس المادة على المواد 44 إلى 47 من نفس القانون ولكن السؤال المطروح في حالة عدم رضا صاحب الشأن، هل يباشر ضباط الشرطة القضائية التفتيش – مع العلم أن من أهم خصائص هدا الإجراء هو الإكراه، أم يجب عليهم الحصول على إذن آخر ؟
في الحقيقة المشرع لما أحال على نصوص المواد من 44 إلى 47 فإنه بالرجوع لهذه المواد تضمنت في حالة تعذر حضور الشخص صاحب المسكن عملية التفتيش أو في حالة امتناعه عن تعيين ممثل له ولكنها لم تتضمن حالة رفض صاحب المسكن إجراء التفتيش.
تضبط الأشياء والأوراق التي يعثر عليها جراء عملية التفتيش والتي تكون مفيدة لإظهار الحقيقة أو التي يمكن أن تشكل دلائل أو أدلة مادية في القضية كما يقوم ضابط الشرطة القضائية بجرد كل المضبوطات ويرقمها ويصنفها في أحراز مختومة بعد تقديمها للمشتبه فيه أو الشهود للتعرف عليها وسنتناول كيفية التصرف في الأشياء المضبوطة بالتفصيل في الفصل الثاني.

الفرع الثاني :قاعدة الحضور عند تفتيش مسكن الغير
فرق قانون الإجراءات الجزائية بين ما إذا كان التفتيش يجري بمعرفة ضابط الشرطة القضائية –في حالات الإذن– أو كان يجري بمعرفة قاضي التحقيق، فإذا كان تفتيش مسكن الغير يباشر بمعرفة قاضي التحقيق، فيجب أن يتم استدعاء صاحب المسكن الذي يجري تفتيشه بحضور العملية فإذا كان غائبا أو رفض الحضور فإن التفتيش يتم بحضور أثنين من أقاربه أو أصهاره الحاضرين بمكان التفتيش فان لم يوجد أحد منهم يتم تعيين شاهدين ليس لهم علاقة تبعية للقضاء أو الشرطة، وأشترط المشرع للجوء لشاهدين عدم وجود أقارب الشخص أو أصهاره في مكان التفتيش حسب ما نصت عليه المادة 83 من قانون الإجراءات الجزائية.
أما إذا تم إجراء التفتيش بمعرفة ضابط الشرطة القضائية، فلقد ورد في المادة 45 من قانون الإجراءات الجزائية في فقرتها الثانية إن المشرع اشترط حضور صاحب المسكن عملية التفتيش فإذا تعذر ذلك فانه تتبع نفس الإجراءات الفقرة السابقة والمتعلقة بتفتيش مسكن المشتبه فيه، فيما نجد المشرع لم ينص على هذه الحالة بالنسبة للتحقيق الابتدائي وبالتالي نلاحظ أن المشرع بالرغم من إعطاءه صلاحية التفتيش لضابط الشرطة القضائية إلا أنه قيد ذلك بالشروط الواردة في المادة 45 من قانون الإجراءات الجزائية، فيما منح صلاحيات أخرى لقاض التحقيق.

الفرع الثالث : الأحكام الواردة بموجب القانون 06-22
لقد أورد المشرع الجزائري عند تعديله مؤخرا قانون الإجراءات الجزائية ولاسيما المواد المتعلقة بالتفتيش بموجب القانون 06-22 المؤرخ في 20/12/2006 عدة أحكام متعلقة بجملة من الجرائم المحددة على سبيل الحصر خاصة ما تعلق منها بقواعد الحضور عند تفتيش مسكن المشتبه فيه، ونص في المادة 47 مكرر على حالتين لم يسبق ذكرهما عند التفتيش بمناسبة ارتكاب الجرائم الأخرى وهما في حالة تفتيش مسكن شخص موقوف للنظر أو محبوس في مكان آخر.
نص المشرع على قواعد حضور صاحب المسكن لعملية التفتيش في الحالتين السابقتين ولكن اشترط لتطبيق هذه القواعد جملة من الشروط:
أ- أن يكون صاحب المسكن المراد تفتيشه بمناسبة ارتكاب جريمة من الجرائم المحددة على سبيل الحصر في النص المادة 47 فقرة03موقوفا للنظر أو محبوسا في مكان آخر.
ب- نقل المشتبه فيه يسبب مخاطر جسيمة قد تمس بالنظام العام .
ج- احتمال فرار المشتبه فيه.
د- اختفاء الأدلة خلال المدة اللازمة لنقله لمكان إجراء التفتيش.
إذا توافرت هذه الشروط فإن التفتيش يتم بعد الموافقة المسبقة لوكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق أي بموجب إذن بالتفتيش صادر عن إحداهما ويتم ذلك بحضور شاهدين يتم تسخيرهما بموجب أمر من وكيل الجمهورية أو قاض التحقيق المشرف على عملية التفتيش أو بحضور ممثل يعنيه صاحب المسكن ويكون ذلك كتابيا على الأرجح ولقد أحالت المادة 47 مكرر على المادة 45 بالنسبة لتعيين الشهود.
يعاب على هذه المادة أنها أوردت حالتين فقط الشخص المراد تفتيش مسكنه موقوفا للنظر أو محبوسا ولم يتم تحديد حالة ما إذا كان الشخص في حالة فرار: هل يتم تطبيق نفس الأحكام؟
في الحقيقة، لم يجب المشرع عن هذا التساؤل، ولكن يتم الرجوع للمبادئ العامة والواردة بنص المادة 45 من قانون الإجراءات الجزائية ويتم التفتيش طبقا لهذه الأحكام، لكن بالرجوع لنص المادة 45 في فقرتها الأخيرة فان المشرع نص : "....... لا تطبق هذه الأحكام إذا تعلق الأمر بجرائم المخدرات والجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية والجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات وجرائم تبييض الأموال والإرهاب والجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف .....". وهنا نكون أمام فراغ قانوني.

المطلب الثاني: محضر التفتيش
القاعدة المسلم بها أن أعمال التحقيق جميعا ينبغي كتابتها، والكتابة تشمل جميع إجراءات التحقيق سواء كانت معاينة، سماع شهود أو إجراءات التفتيش وتنص المادة 68 فقرة 2 من ق إ ج "وتحرر نسخة عن هذه الإجراءات وكذلك جميع الأوراق ويؤشر كاتب التحقيق أو ضابط الشرطة القضائية المنتدب على كل نسخة بمطابقتها للأصل......"
وبقصد حماية الحريات الفردية والمنع من التعسف، ألزم المشرع الجزائري ضباط الشرطة القضائية المنتدبين للتحقيق تحرير المحاضر المثبتة لما قاموا به من إجراءات مبينين فيها الإجراءات.
والمحضر بشكل عام له مجموعة من البيانات الواجب توافرها إضافة إلى الأشخاص المؤهلين لتحريره.

الفرع الأول: بيانات محضر التفتيش
نصت المادتين 46 و50 من المرسوم المنظم لخدمة الدرك الوطني على خصائص وبعض القواعد المتعلقة بتحديد المحضر وكذا أعضاء الدرك الوطني المؤهلين لذلك .
والملاحظ أن المشرع الجزائري أخضع تحرير المحاضر للقواعد العامة التي تتطلب أن يكون المحضر مكتوبا باللغة الرسمية، وأن يحمل تاريخ تحديده، وتوقيع محرره، كما ينبغي أن يتضمن كافة الإجراءات التي اتخذت بشأن الوقائع التي يثبتها.
أولا: كتابة المحضر بالغة الرسمية
اللغة الرسمية في الجزائر هي اللغة العربية طبقا لنص المادة 03 من دستور 1996 وفي الحقيقة لم ينص المشرع عن تحرير محضر التفتيش باللغة الوطنية، لكن هدا الأمر تقتضيه طبيعة الأشياء وذلك أن ضابط الشرطة القضائية المندوب للتفتيش أقدر على التعبير بلغته الوطنية والرسمية على جميع الإجراءات والوقائع، كذلك أن المحكمة تتعامل بلغة الدولة ولذلك قد يبطل المحضر المحرر بلغة أخرى غير لغة الدولة .
ثانيا: ضرورة تحديد تاريخ المحضر
يفيد التاريخ في تحديد اليوم الذي تم فيه إجراء التفتيش وهذا التاريخ يبدأ قطع التقادم فيما يخص الدعوى العمومية كذلك فيما يتعلق بالبطلان والآثار المترتبة عنه في إبطال الإجراءات اللاحقة للإجراء الباطل دون المساس بالإجراءات التي سبقته.
ثالثا: التوقيع على المحضر
يتعين على القائم بالتفتيش أن يبين في المحضر وصفا دقيقا للمكان الذي فتشه ومكان الأشياء التي تم العثور عليها وأوصافها وأسماء الأشخاص الموجودين بالمحل، وملاحظات المتهم وكذلك أسماء الشهود ولا بد أن لا يغفل أي أمر من الأمور التي صادفته عند قيامه بالتفتيش كونه يعتبر شاهدا على تلك الوقائع وعليه تقديم شهادة كاملة للقاضي في هذا المحضر.
وأخيرا ينبغي على القائم بالتفتيش أن يدون الإجراءات التي قام بها وأن يوقع على المحضر فهدا التوقيع هو الذي يصبغ على المحضر الصبغة القانونية، كما نصت على ذلك الفقرة الأخيرة من المادة 54 ق إ ج "... وعليه أن يوقع على كل ورقة من أوراقها"، كذلك التوقيع يفيد في معرفة من قام بالتفتيش وتحديد مدى اختصاصه، وإن بيان الاسم والصفة لا يغني عن التوقيع كذلك يتضمن المحضر توقيع الأشخاص المعنيين بالأجراء وفضلا عن ذلك ينبغي عدم الشطب وان لا يتخلل سطور المحضر أي حشر طبقا لنص المادة 95 ق إ ج.

الفرع الثاني: القائم بتحرير المحضر
القاعدة أن المحضر لكي تكون له قيمة قانونية، يجب أن يكون محررا بمعرفة موظف مختص نوعيا ومحليا ويختلف الأمر فيما إذا كان القائم بالإجراء هو ضابط الشرطة القضائية أو قاضي التحقيق.
أولا: ضابط الشرطة القضائية
الأصل أن يحرر ضابط الشرطة القضائية محضر التفتيش بنفسه في حالات التلبس وذلك طبقا للفقرة 02 من المادة 45 ق إ ج فالمشرع الجزائري لا يلزم على ضابط الشرطة القضائية الذي أجرى التفتيش التخلي لغيره لتحرير محضر الإجراءات التي قام بها.
نلاحظ أن قانون الإجراءات الجزائية لم يحدد الفترة التي يجب على ضابط الشرطة القضائية تحرير المحاضر خلالها لوكيل الجمهورية في حالات التلبس في حين بالنسبة لمحاضر التحقيق ومنها محضر التفتيش الذي يحرره ضابط الشرطة القضائية بمناسبة الإنابة القضائية استنادا لنص المادة 138 ق إ ج، فقد حدد المشرع الجزائري لضابط الشرطة القضائية المندوب للتفتيش مدة 08 أيام من انتهاء إجراء التفتيش ما لم يحدد القاضي مهلة أخرى.
يثور الإشكال إذا استمد ضابط الشرطة القضائية الإذن بالتفتيش من قاضي التحقيق عن طريق الإنابة القضائية، ذلك أن ضابط الشرطة القضائية المنتدب يتقيد بذات القواعد التي يتقيد بها القاضي تطبيقا لنص المادة 139 ق إ ج مثل: ضرورة تواجد كاتب يقوم بتحرير المحاضر.
يرى الأستاذ الدكتور سامي الحسيني أنه لا يلزم حضور كاتب أثناء مباشرة ضابط الشرطة القضائية للتفتيش المنتدب للقيام به لعدم ضرورة ذلك.
ثانيا: قاضي التحقيق
استلزم المشرع الجزائري حضور كاتب ضبط لتدوين محاضر التحقيق (التفتيش) طبقا لنص المادة 68 ق إ ج والغرض الذي يهدف إليه المشرع الجزائري من وجوب قيام كاتب بتدوين محاضر التحقيق بصفة عامة ومحضر التفتيش بصفة خاصة هو الرقابة التي تبسط على القاضي من جهة ومن جهة أخرى تسهيل العمل الذهني للقاضي في الوصول للحقيقة، ويتولى الكاتب تحرير المحضر بإملاء من قاضي التحقيق الذي يثبت ما رآه هو وليس ما رآه الكاتب.

المطلب الثالث: قواعد تنفيذ التفتيش
إضافة إلى الشروط السابقة، أضاف المشرع مجموعة من القواعد والضوابط التي تحقق عدم المساس بحرمة المكان أو الشخص المراد تفتيشه وأهمها وقت إجراء التفتيش وكذا طريقة تنفيذه.

الفرع الأول : وقت أو ميعاد إجراء التفتيش
المقصود به هو الوقت من الزمن الذي يسمح فيه بتنفيذ التفتيش فلقد حظر المشرع الجزائري القيام بتفتيش المساكن في أوقات معينة، إذ نصت المادة47 فقرة 01 ق إ ج "لا يجوز البدء في تفتيش المساكن ومعاينتها قبل الساعة الخامسة صباحا ولا بعد الثامنة مساءا....."
ويستفاد من هذا النص أن المشرع الجزائري اعتبر وقت الليل الفترة الواقعة قبل الساعة الخامسة صباحا أو بعد الساعة الثامنة مساءا وهذا يعني أن المشرع حظر التفتيش ليلا، وتبعا لذاك فإن الأصل في النظام الإجرائي الجزائري هو عدم دخول المساكن وتفتيشها أثناء الليل، ولا يجوز الخروج عن هدا الأصل مبدئيا، فإن كان من الضروري عدم الانتظار إلى وقت النهار خشية هروب المتهم أو تهريب الأدلة الجريمة المطلوب ضبطها وجب الاكتفاء بمحاصرة المسكن ومراقبته من الخارج حتى وصول الوقت الجائز قانونا مباشرة التفتيش فيه، وهذا ما أكدت عليه المادة 122 في فقرتيها الأولى والثانية من قانون الإجراءات الجزائية على انه: "لا يجوز للمكلف بتنفيذ أمر القبض أن يدخل مسكن أي مواطن قبل الساعة الخامسة صباحا ولا بعد الساعة الثامنة مساءا وله أن يصطحب معه قوة كافية لكي لا يتمكن المتهم من الإفلات من سلطة القانون........"
حالات جواز إجراء التفتيش ليلا
القاعدة انه لا يجوز مباشرة التفتيش ليلا، لكن استثناءا حدد المشرع الجزائري بعض الحالات على سبيل الحصر، أجاز فيها لضابط الشرطة القضائية الدخول ليلا لمباشرة إجراء التفتيش وتتمثل هذه الحالات في:
1- طلب صاحب المسكن
نصت على هذه الحالة المادة 47 في فقرتها الأولى من قانون الإجراءات الجزائية فإذا طلب صاحب المنزل ذلك في هذه الحالة لا يتقيد ضابط الشرطة القضائية بالميعاد القانوني لكن كيف يتم التعبير عن إرادة صاحب المسكن في تفتيش مسكنه؟ إضافة إلى أن المشرع لم ينص على كيفية تبرير ذلك من طرف ضابط الشرطة القضائية؟ في هذه الحالة يتعين عليه ذكر ذلك في محضر التفتيش كونه الوسيلة القانونية الوحيدة التي تتضمن الإطار القانوني لإجراء التفتيش.
2- حالة الضرورة
نصت المادة 47 فقرة 01 قانون الإجراءات الجزائية "...أو وجهت نداءات من الداخل..." فانه يمكن لضابط الشرطة القضائية الدخول إلى المسكن دون التعرض لعقوبة انتهاك حرمة المنزل وذلك لتقديم الحماية اللازمة للشخص أو أكثر لدرء الخطر الذي يواجهه عند طلب النجدة كما أن المشرع أضاف في نفس الفقرة "...أو في الأحوال الاستثنائية المقررة قانونا" ويقصد بها على الأرجح حالة الكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات والحرائق.
3- تفتيش الفنادق والمساكن المفروشة
تجيز الفقرة الثانية من المادة 47 من قانون الإجراءات الجزائية انه يجوز التفتيش في كل ساعة من ساعات النهار قصد التحقيق في الجرائم المعاقب عليها في المواد 348 و 342 من قانون العقوبات، إذ يجوز تفتيش الفنادق والمساكن المفروشة والمحلات والأماكن المفتوحة للعامة إذا تحقق أن أشخاصا يستقبلون فيه عادة لممارسة الدعارة، ويتم ضبط الأشياء المتواجدة بهذه الأماكن.
وبالرجوع لنصوص 342 إلى 348 من قانون العقوبات فهي متعلقة بتحريض القصر على الفسق والدعارة، ولقد أتى المشرع بهذه الأحكام الخاصة كون هذه الجرائم ماسة بالنظام العام من جهة وكذلك صعوبة إثباتها من جهة أخرى، وعادة ما يتم ضبط الفاعلين متلبسين طبقا للنص المادة 41 من قانون الإجراءات الجزائية.
4- التفتيش في الجرائم الإرهابية والجرائم المستحدثة بموجب القانون رقم 06-22
نظرا لخطورة الجرائم الإرهابية نصت المادة 47 من قانون الإجراءات الجزائية بعد التعديل الذي أدخله المشرع الجزائري على قانون الإجراءات الجزائية بالأمر 95/10 المؤرخ في فيفري 1995 على انه يجوز مباشرة التفتيش في أي ساعة من ساعات الليل والنهار في الجرائم الموصوفة إرهابية أو تخريبية وهي تلك الجرائم المنصوص عليها بالمواد 87 مكرر إلى 87 مكرر 9 من قانون العقوبات الجزائري ولقد أعطى المشرع صلاحية التفتيش لقاضي التحقيق أو لضباط الشرطة القضائية ولكن اشترط حصولهم على أمر من قاضي التحقيق لمباشرة التفتيش.
لقد ذهب المشرع الجزائري في مجال الاستثناءات أبعد من ذلك والسبب في ذلك هو ظهور جرائم جديدة وخطيرة تمس الأمن على الصعيد الدولي، وظهرت الجرائم العابرة للحدود وإضافة إلى أن التطور التكنولوجي والإعلامي حتم بالضرورة ظهور عدة جرائم جديدة، والمشرع الجزائري واكب هدا التطور ونص على هذه الجرائم في قانون العقوبات كما أنه خصها بجملة من الأحكام الإجرائية من بينها التفتيش.
نصت المادة 47 بعد تعديلها بموجب القانون رقم 06-22 المؤرخ في 20 ديسمبر 2006 على: "عندما يتعلق الأمر بجرائم المخدرات أو جريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية أو الجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات وجرائم تبييض الأموال أو الإرهاب وكذا الجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف فإنه يجوز إجراء التفتيش والمعاينة والحجز في كل محل سكني أو غير سكني في كل ساعة من ساعات النهار أو الليل وذلك بناءا على إذن مسبق من وكيل الجمهورية المختص".
5- حالة خاصة
لقد أورد المشرع الجزائري حالة خاصة يجوز فيها الخروج من القاعدة التي نصت عليها المادة 47 من قانون الإجراءات الجزائية والمتعلقة بالميقات القانوني للتفتيش. إذ نصت المادة 82 من قانون الإجراءات الجزائية على انه يجوز لقاضي التحقيق وحده في مواد الجنايات أن يقوم بتفتيش مسكن المتهم في غير الساعات المحددة في المادة 47 من قانون الإجراءات الجزائية، ولكن اشترط المشرع للخروج عن قاعدة الميعاد القانوني أن:
أ- تتم مباشرة التفتيش مباشرة من طرف قاضي التحقيق وليس ضابط الشرطة القضائية أي أثناء مرحلة التحقيق القضائي وليس التحقيق الابتدائي ولا مجال هنا للحديث عن التلبس كون الأمر يتعلق بالجنايات وما هو معلوم أن التحقيق إجباري في مادة الجنايات حسب المادة 66 من قانون الإجراءات الجزائية.
ب- اشترط المشرع تنفيذ إجراء التفتيش بحضور وكيل الجمهورية.
مع العلم أن هذه الحالة وردت في باب التحقيق إضافة إلى أنها تتعلق بتفتيش مسكن المتهم فقط.
لقد نص المشرع بموجب القانون 06-22 على جملة من الأحكام الخاصة والمتعلقة ببعض الجرائم على سبيل الحصر، فهل تطبيق هذه الحالة على هذه الجرائم أم أنها تبقى متعلقة بالجنايات الأخرى فقط.
في رأينا من باب أولى أن تحضى هذه الجرائم المحددة على سبيل الحصر بنفس الإجراء المنصوص عليه بالمادة 81 من قانون الإجراءات الجزائية بالرغم من أن المشرع لم يعدّل هذه المادة.

الفرع الثاني: طريقة تنفيذ التفتيش
إن إجراء التفتيش يتضمن نوعا من الاعتداء على حريات وحقوق الأشخاص ومنها حق الدفاع لأنه لا يجوز إجبار المتهم على تقديم دليل اتهامه، لذلك إضافة للضمانات السابقة التي وضعها المشرع هناك ضمانات أخرى يتعين على ضابط الشرطة القضائية مراعاتها وهي:
أولا: عدم التعسف في تنفيذ التفتيش
يجب تنفيذ الإذن بالتفتيش بصورة لا تسيء لصاحب المسكن أو الموجودين به وإلا كان إجراءا تعسفيا، ينبغي على ضابط الشرطة القضائية اختيار الوقت المناسب والطريقة التي يرى أنها مثمرة في تحقيق الغرض من التفتيش وما يعاب عن التشريع الجزائري أنه لم يضع ضوابط لكيفية التفتيش وهذا قد يفسح المجال للتعسف، فيجب على القائم بالتفتيش أن يراعي حرمات الأفراد وتقاليدهم وقد يكشف التفتيش بصفة عارضة عن أسرار صاحب المسكن فيجب عدم الإشارة إليها في المحضر ما دام أنها لا ترتبط بالتحقيق.
كما انه لا يجوز للقائم بالتفتيش أن يتلف أو يبعثر محتويات المسكن أو أن يحيط عملية تنفيذ التفتيش بأساليب قد تؤثر سلبا على الأشخاص المتواجدين بمحل التفتيش.
ثانيا: مدى جواز استخدام القوة لتنفيذ التفتيش
إن تنفيذ التفتيش ليس متروكا لخيار المتهم، إذ يتعين على المتهم أن يخضع مسكنه للتفتيش طواعية فإذا رفض كان لضابط الشرطة القضائية اللجوء إلى القوة بعد استظهار الإذن بالتفتيش لإجباره على الخضوع للتفتيش لاسيما في حالات التلبس طبقا للمواد 44 وما يليها من قانون الإجراءات الجزائية التي تشرط أن يكون الإكراه الذي تعرض له المتهم متناسبا مع القدر اللازم لتنفيذ التفتيش.
وإذا زاد الإكراه عن القدر اللازم لتنفيذ التفتيش كان هدا العمل غير مشروع وهذا ما يرتب المسؤولية الجزائية لضابط الشرطة القضائية بناءا على نص المادة 107 من قانون العقوبات.
فمثلا إذا كان بمقدور ضابط الشرطة القضائية تكبيل يد المتهم فليس له الحق في إصابته بجروح، مع الإشارة أن المادة 17 في فقرتها 2 و5 من قانون الإجراءات الجزائية نصت على جواز لجوء ضابط الشرطة القضائية لاستعمال القوة العمومية في تنفيذ مهامه.










رد مع اقتباس