منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - ذم التعصب لشيخ ألإسلام ابن تيمية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-10-31, 15:29   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
متبع السلف
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي ذم التعصب لشيخ الإسلام ابن تيمية

قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى(22/251):
وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ بِالِاجْتِمَاعِ وَالِائْتِلَافِ، وَنَهَاهُمْ عَنْ الِافْتِرَاقِ وَالِاخْتِلَافِ فَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ، وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} إلَى قَوْلِهِ: {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} إلَى قَوْلِهِ: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: تَبْيَضُّ وُجُوهُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَتَسْوَدُّ وُجُوهُ أَهْلِ الْبِدْعَةِ وَالْفُرْقَةِ.
فَأَئِمَّةُ الدِّينِ هُمْ عَلَى مِنْهَاجِ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.
وَالصَّحَابَةِ كَانُوا مُؤْتَلِفِينَ مُتَّفِقِينَ، وَإِنْ تَنَازَعُوا فِي بَعْضِ فُرُوعِ الشَّرِيعَةِ فِي الطَّهَارَةِ أَوْ الصَّلَاةِ أَوْ الْحَجِّ أَوْ الطَّلَاقِ أَوْ الْفَرَائِضِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِجْمَاعُهُمْ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ.
وَمَنْ تَعَصَّبْ لِوَاحِدٍ بِعَيْنِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ دُونَ الْبَاقِينَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَعَصَّبْ لِوَاحِدٍ بِعَيْنِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ دُونَ الْبَاقِينَ.
كَالرَّافِضِيِّ الَّذِي يَتَعَصَّبُ لِعَلِيٍّ دُونَ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ وَجُمْهُورِ الصَّحَابَةِ.
وَكَالْخَارِجِيِّ الَّذِي يَقْدَحُ فِي عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَهَذِهِ طُرُقُ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْأَهْوَاءِ الَّذِينَ ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ أَنَّهُمْ مَذْمُومُونَ، خَارِجُونَ عَنْ الشَّرِيعَةِ وَالْمِنْهَاجِ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَمَنْ تَعَصَّبَ لِوَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ بِعَيْنِهِ فَفِيهِ شَبَهٌ مِنْ هَؤُلَاءِ، سَوَاءٌ تَعَصَّبَ لِمَالِكٍ أَوْ الشَّافِعِيِّ أَوْ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ أَحْمَدَ أَوْ غَيْرِهِمْ.
ثُمَّ غَايَةُ الْمُتَعَصِّبِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا بِقَدْرِهِ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ، وَبِقَدْرِ الْآخَرِينَ، فَيَكُونُ جَاهِلًا ظَالِمًا، وَاَللَّهُ يَأْمُرُ بِالْعِلْمِ وَالْعَدْلِ، وَيَنْهَى عَنْ الْجَهْلِ وَالظُّلْمِ.
قَالَ تَعَالَى: {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ} إلَى آخِرِ السُّورَةِ.
وَهَذَا أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ أَتْبَعُ النَّاسِ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَعْلَمُهُمْ بِقَوْلِهِ، وَهُمَا قَدْ خَالَفَاهُ فِي مَسَائِلَ لَا تَكَادُ تُحْصَى، لِمَا تَبَيَّنَ لَهُمَا مِنْ السُّنَّةِ وَالْحُجَّةِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمَا اتِّبَاعُهُ، وَهُمَا مَعَ ذَلِكَ مُعَظِّمَانِ لِإِمَامِهِمَا.
لَا يُقَالُ فِيهِمَا مُذَبْذَبَانِ ؛ بَلْ أَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ يَقُولُ الْقَوْلَ ثُمَّ تَتَبَيَّنُ لَهُ الْحُجَّةُ فِي خِلَافِهِ فَيَقُولُ بِهَا، وَلَا يُقَالُ لَهُ مُذَبْذَبٌ ؛ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَزَالُ يَطْلُبُ الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ.
فَإِذَا تَبَيَّنَ لَهُ مِنْ الْعِلْمِ مَا كَانَ خَافِيًا عَلَيْهِ اتَّبَعَهُ، وَلَيْسَ هَذَا مُذَبْذَبًا ؛ بَلْ هَذَا مُهْتَدٍ زَادَهُ اللَّهُ هُدًى.
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}.
فَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ مُوَالَاةُ الْمُؤْمِنِينَ، وَعُلَمَاءِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَنْ يَقْصِدَ الْحَقَّ وَيَتَّبِعَهُ حَيْثُ وَجَدَهُ، وَيَعْلَمَ أَنَّ مَنْ اجْتَهَدَ مِنْهُمْ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَمَنْ اجْتَهَدَ مِنْهُمْ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ لِاجْتِهَادِهِ، وَخَطَؤُهُ مَغْفُورٌ لَهُ.
َ








 


رد مع اقتباس