منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الأمازيغية ...بين حتمية اللغة، وجدل اللهجة .
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-08-19, 19:01   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacin msily
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي الأمازيغية ...بين حتمية اللغة، وجدل اللهجة .

الأمازيغية ...بين حتمية اللغة، وجدل اللهجة .



الجزء الأول :
توطئة:
نالت اللغة الأمازيغية قسطا كبيرا من البحث والدراسة من طرف الباحث العربي والأجنبي على حد سواء[1]. وتعرضت هذه اللغة؛ التي هي أقدم اللغات الافريقية إلى العديد من الهجمات، والسبب في ذلك يرجع إلى عدة عوامل تاريخية واجتماعية وسياسية وغيرها. ولقد وصفت هذه اللغة بأنها لغة بدائية متخلفة، في حين وصفها آخرون بأنها مجرد لهجة لكونها غير ممعيرة ومقعدة ،وتفتقد إلى المقومات التي تقوم عليها كل اللغات الصرفية منها والمعجمية والتركيبية.

ومن أجل تقريب القارئ من مدى استجابة هذه اللغة للمقومات اللغوية والألسنية من عدمها، فإننا سنورد في هذا الموضوع عدة أدلة للوقوف على هذا الجدل الذي أثير منذ قرون مضت ولازال قائما. كما يأتي كمطلب بحثي نزولا عند رغبة الإخوة [2]، على أمل الالتزام بمقومات البحث العلمي وما تم الاتفاق عليه بعيدا عن المزايدات الإيديولوجية والديماغوجية والسياسوية والتهرب مما تم التعهد به.
وللوقوف على حقيقة هذه اللغة سنعتمد على منهجية عامة تأخذ بثلاثية البحث من خلال مقاربة الموضوع من ثلاث زوايا؛ تاريخية ولسنية-اورستية وانتروبولوجية مركزين على الطرح التاريخي وآخذين في نفس الوقت بالطرح اللسني نظرا لطبيعة الموضوع.

I- المقاربة التاريخية
1. الأصول التاريخية للغة الأمازيغية:
إن معرفة الأصول التاريخية للغة الامازيغية يدفعنا إلى الحديث عن أصول الامازيغ من خلال معرفة تاريخ الإنسان قبل تاريخ اللسان.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الحديث ينطوي على مجموعة من الحقائق التي لابد من التنبيه إليها، وهي أن هناك شبه إجماع على أن أصول الامازيغ ليست معروفة على وجه التحديد، باستثناء كونهم السكان الأقدمون الذين استوطنوا شمال أفريقيا. وهؤلاء السكان الأصليون للشمال الافريقي نعتهم اليونانيون والرومان بـ " البرابرة " في إشارة منهم إلى توحشهم وتخلفهم[3].
ولعل خير مصدر للبحث في تاريخ الامازيغ هو ما كتبه العلامة ابن خلدون ، الذي اعتبر أن الأمازيغ كنعانيون تبربروا، وبأنهم أحفاد مازيغ بن كنعان. وفي هذا الصدد يقول ابن خلدون:" والحق الذي لا ينبغي التعويل على غيره فيشأنهم؛ أنهم من ولد كنعان بن حام بن نوح؛ كما تقدم في أنساب الخليقة. وأن اسم أبيهم مازيغ، وإخوتهم أركيش، وفلسطين إخوانهم بنو كسلوحيم بن مصرايم بن حام."[4] وهو نفس الطرح الذي تبناه الدكتور عز الدين المناصرة الذي أرجع الأمازيغ وكتابتهم إلى أصول كنعانية إما فلسطينية وإما فينيقية لبنانية.[5]
وحسب ما أكده المؤرخ الإنجليزي كارل بيرنارس فإن ظهور اللغةالأمازيغية يعود إلى 10.000سنة ق.م واللغة العربية إلى 100سنة قبل ميلاد. ومما يدل على سمو الوجود الامازيغي بمنطقة شمال افريقيا هو تمسكهم بلغتهم وتقاليدهم وذودهم عن أراضيهم ومحاربتهم لكل محتل. وفي هذا الشأن يقول ابن خلدون: [والسبب في ذلك أن هذه الأقطار كانت للبربر منذ آلاف من السنين قبل الإسلام وكان عمرانها كله بدويا ولم تستمر فيهم الحضارة حتى تستكمل أحولها‏.‏ والدول التي ملكتهم من الإفرنجة والعرب لم يطل أمد ملكهم فيهم حتى ترسخ الحضارة منها فلب تزل عوائد البداوة وشؤونها فكانوا إليها أقرب فلم تكثر مبانيهم‏].‏[6]
هذا عن أصلهم الحقيقي، فماذا عن باقي الطروحات التي ذهبت إلى القول بأنهم من أصول جرمانية أو من أصول يمنية، وغيرها من الطروحات؟
الواقع أنه لا يتسع المجال هنا للحديث عن كل هذه الطروحات، نظرا لكون موضوعنا ينصب على اللغة الامازيغية وليس عن تاريخها. لكننا في مقابل ذلك سنورد ما قاله الباحث محمد شفيق في هذا الموضوع وهو قول جامع وحاسم، حيث اعتبر أن الحافز في الادعاءين وغيرها –ادعاء أنهم من أصول آرية جرمانية وادعاء أنهم من أصول يمنية أي من العاربة المستعربة- سياسي بالأساس، سواء أكان صادرا عن حسن نية أم كان تبريرا من المستعمر لاستيطان المناطق التي يتواجد بها الامازيغ .[7] كما أن الأبحاث الحديثة في مركز الأبحاث في المغرب الأقصى أكدت بما لا يدع مجالا للشك إلى الرزمة الوراثية للأمازيغ e3b2 وهي الصفة السائدة لدى سكان شمال أفريقيا، وبالتالي دحض هذه الطروحات .
وتجدر الإشارة إلى أن هناك العديد من الشخصيات التاريخية ذات الاصول الأمازيغية لكنها لم تعد كذلك كحنبعل ومارك أوريول وسان أوغستان وغيرهم.
ونختم المقاربة التاريخية بمعلومة تصحيحية لما تتداوله الكثير من كتبنا ومفكرينا وللأسف، والتي جاء فيها أن الامازيغ لم يعتنقوا الإسلام إلا بعد قتل دهيا البربرية الملقبة بالكاهنة[8]، وأن الدين الإسلامي لم يصل إلى المنطقة إلا بعد قتل الملكة، وهو كلام غير صحيح بدليل ما جاء في الحديث النبوي الشريف:
جاء في الحديث عن جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ عَنْ نَافِعِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فِي غَزْوَةٍ قَالَ: فَأَتَى اَلنَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قَوْمٌ مِنْ قِبَلِ اَلْمَغْرِبِ عَلَيْهِمْ ثِيَابُ اَلصُّوفِ فَوَافَقُوهُ عَلَى أَكَمَةٍ، فَإِنَّهُمْ لَقِيَامٌ وَرَسُولُ اَللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قَاعِدٌ، فَقَالَتْ لِي نَفْسِي: اِئْتِهِمْ فَاقْعُدْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ لَا يَغْتَالُونَهُ، ثُمَّ قُلْتُ: لَعَلَّهُ نَجِيٌّ مَعَهُمْ، فَأَتَيْتُهُمْ فَقُمْتُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، فَحَفِظْتُ مِنْهُ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ أَعُدُّهُنَّ فِي يَدِي، قَالَ: (تَغْزُونَ جَزِيرَةَ اَلْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اَللَّهُ، ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اَللَّهُ، وَتَغْزُونَ اَلرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اَللَّهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ اَلدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اَللَّهُ.) قَالَ: فَقَالَ نَافِعٌ: يَا جَابِرُ، لَا نَرَى اَلدَّجَّالَ يَخْرُجُ حَتَّى تُفْتَحُ اَلرُّومُ .[9]
.../... يتبع .

الهوامش----------------------------------------

[1] كان ابن خلدون أول من تحدث عن لغة أهالي شمال أفريقيا ثم الباحث سالوست في كتابه حول "التاريخ"، لكن أهم باحث حسب رأينا درس اللغة الامازيغية وفق منهجية علمية ولسنية هو العالم الفرنسي المستمزغ André Basset ،ليأتي بعده عدة كتاب بحثوا في هذه اللغة بمختلف اللغات.
[2] رغم ما قد يطرحه البعض من تساؤل في هذا المجال بحتمية لغوية اللغة الأمازيغية لكونها لغة مدسترة وتدرس في المدارس لما يقارب عقدا من الزمن.
[3] قمنا في هذا الموضوع باستبدال لفظ البربر بلفظ" الامازيغ"، الذي يعني النبلاء الأحرار.
[4] النص الكامل لابن خلدون، العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، الجزء الثالث، من ص 178 من 254:
يقال إن أفريقش بن قيس بن صيفي من ملوك التبابعة لما غزا المغرب وإفريقية وقتل الملك جرجيسوبنى المدن والأمصار وباسمه زعموا سميت إفريقية لما رأى هذا الجيل من الأعاجم وسمع رطانتهم ووعى اختلافها وتنوعها تعجب من ذلك وقال‏:‏ ما أكثر بربرتكم فسموابالبربر‏.‏ والبربرة بلسان العرب هي اختلاط الأصوات غير المفهومة‏.‏ ومنه يقال بربرالأسد إذا زأر بأصوات غير مفهومة‏.‏ وأما شعوب هذا الجيل وبطونهم فإن علماء النسب متفقون على أنهم يجمعهم جذمان عظيمان وهما برنس وماذغيس‏.‏ ويلقب ماذغيس بالأبترفلذلك يقال لشعوبه البتر ويقال لشعوب برنس البرانس وهما معاً ابنا برنس‏.‏ وبينالنسابين خلاف هل هما لأب واحد‏.‏ فذكر ابن حزم عن أيوب بن أبي يزيد صاحب الحمارأنهما لأب واحد على ما حدثه عنه يوسف الوراق‏.‏ وقال سالم بن سليم المطماطي وهانيبن مسرور والكومي وكهلان عن أبي لوا وهم نسابة البربر‏:‏ إن البرانس بتر وهم من نسلمازيغ بن كنعان‏.‏ والتبر بنو بر بن قيس بن عيلان وربما نقل ذلك أن أيوب بن أبييزيد إلا أن رواية ابن حزم أصح لأنه أوثق‏………….‏
[5] وللاستدلال على قرب هذا الطرح فإننا نعود بالقارئ إلى اللغة، حيث يلاحظ أن الأمازيغية أخذت من اللغات السامية نظام تربيع الحروف وأخذت من النظام الفلسطيني والنظام الطبراني نظامالحركات من إشارات وتنقيط. لكن أقرب مصدرللأمازيغية حسب عز الدين المناصرة هو اللغة الكنعانية الفينيقية القرطاجية التي أخذت منها حروف التيفيناغ التواركية. وبالتالي، فإن المصدر الأساسي للأمازيغية حسب عز الدين المناصرة هو الألفبائية الكنعانية التي تفرعت منها كللغات العالم.
[6] ابن خلدون، مرجع سابق.
[7] يقول الباحث محمد شفيق تعليقا على ذلك: "المؤرخين العرب كادوا يجزمون، في العصر الوسيط، أن" البربر" من أصل يماني، أي من العرب العاربة الذين لم يكن لهم قط عهد بالعجمة؛ وعلى نهجهم سار المنظرون للاستعمارالفرنسي الاستيطاني في القرن الماضي وأوائل هذا القرن، فأخذوا يتمحلون البراهين على أن البربر أوربيو المنبت، خاصة الشقر والبيض منهم".
[8] يقول ابن خلدون: (كانت زنانة أعظم قبائل البربر وأكثرها جموعاً وبطوناً وكان موطن جراوة منهم بجبل أوراس وهم ولد كراو بن الديرت بن جانا‏.‏ وكانت رياستهم للكاهنة دهيا بنت تابنة بن نيقان بن باورا بن مصكسري بن أفرد بن وصيلا بن جراو).ويضيف ابن خلدون: (قال هاني بن بكور الضريسي‏:‏ ملكت عليهم (أي دهيا) خمساً وثلاثين سنة وعاشت مائة وسبعاً وعشرين سنة‏. ‏وكان قتل عقبة بن نافع في البسيط قبلة جبل أوراس بإغرائها برابرة تهودا عليه وكان المسلمون يعرفون ذلك منها‏. فلما انقضى جمع البربر وقتل كسيلة زحفوا إلى هذه الكاهنة بمعتصمها من جبل أوراس وقد ضوي إليها بنو يفرن ومن كان بإفريقية من قبائل زناتة وسائر البتر فلقيتهم بالبسيط أمام جبلها‏.‏ وانهزم المسلمون واتبعت آثارهم في جموعها حتى أخرجتهم من إفريقية). المرجع السابق.
وقد مجدت هذه المرأة البربرية إلى درجة أن بعض الكتاب اليهود سموها ديبورا وهو اسم يهودي معروف أو كهينا نسبة إلى اسم الكوهن. أما الكتاب العرب فيلصقون بها جميع الصفات المحطة بالإنسان بسبب مواجهتها للفاتحين المسلمين وعدم قبولها تسليم الأراضي الامازيغية لهم.
[9] للإشارة فقد وصف ابن خلدون البربر بأنهم كانوا يلبسون الصوف









 


رد مع اقتباس