منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - مصطلح منهج المتقدّمين والمتأخرين مناقشات وردود فضيلة الشيخ أ.د.محمد بن عمر بن سالم بازمول حفظه الله
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-07-20, 11:15   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المسلمة التاسعة : مراعاة النسبية في كلام المتقدمين.
بيان ذلك : أن كثيراً مما يتخذ ذريعة للطعن في ما قرره المتأخرون من علوم الحديث، هو في حقيقته كلام من الإمام المتقدم بالنظر إلى خصوص حديث بعينه، وكلامه من هذه الحيثية قد يقع مخالفاً للقاعدة، وذلك ليس طرحاً للقاعدة المتقررة، بل لأن لكل حديث نظراً خاصاً به.
فالقاعدة الكلية عند المتأخرين هي نفسها عند المتقدمين، ولكنهم عند تطبيقهم للقاعدة يخصون كل حديث بما يحتاجه من النظر، إذ لكل حديث ذوق ونظر ليس للآخر؛ فإذا وقفت على كلام لأحد المتقدمين على حديث يخالف القاعدة التي تراها في كتب علوم الحديث التي صنفها المتأخرون، فإن مرد ذلك إلى هذه الخصوصية في النظر لكل حديث، ولا يضرب كلام العلماء بعضه ببعض، و لا يقال هناك اختلاف قي قواعد علوم الحديث بين المتقدمين والمتأخرين.
خذ مثلاً : تقوية الحديث الضعيف ضعفاً يسيراً بتعدد الطرق، هذه قاعدة قررها المتأخرون، وعليها المتقدمون، فإذا وقفت على كلام لأحد المتقدمين يمنع فيه تصحيح حديث بعينه مع تعدد طرقه وكونها يسيرة الضعف، فهذا ليس طرحاً للقاعدة ورداً لها، وإنما من منطلق خصوصية النظر في هذا الحديث بعينه؛ و لا يصح أن نتخذ ذلك ذريعة للطعن في أصل القاعدة التي قررها المتأخرون، ودعوى أن القواعد التي يقررها المتأخرون تخالف ما عليه المتقدمون.
فهذا حديث التسمية في الوضوء ورد من طريق أبي هريرة، ومن حديث سعيد بن زيد، ومن حديث أبي سعيد، ومن حديث سهل بن سعد، ومن حديث أبي سبرة، ومع ذلك قال أحمد فيه لما سئل عنه: "أحسن ما فيها حديث كثير بن زيد، و لا أعلم فيها حديثاً ثابتاً، وأرجو أن يجزئه الوضوء؛ لأنه ليس فيه حديث أحكم به" اهـ (¬1) .
هنا أحمد بن حنبل رحمه الله لم يقو الحديث مع تعدد طرقه، فهل يقال: إن القاعدة في تقوية الحديث باطلة، وأن ما قرره المتأخرون هو على خلاف ما قرره المتقدمون؛ الجواب : لا، بل هذا الكلام من الإمام هو كلام خاص بهذا الحديث بعينه، لخصوصية النظر في هذا الحديث بعينه. بدليل ما جاء عن الإمام أحمد نفسه من تقوية الحديث الضعيف بتعدد الطرق؛
عن أحمد بن أبي يحيى سمعت أحمد بن حنبل يقول:"أحاديث أفطر الحاجم والمحجوم ولا نكاح إلا بولي أحاديث يشد بعضها بعضا وأنا أذهب إليها" (¬2) .
وهذا يقرر أننا إذا وجدنا للمتقدمين كلاماً على بعض الأحاديث لا ينسجم في ظاهره مع بعض القواعد التي قررت عند المتأخرين في علوم الحديث فمخرج كلام الإمام أنه خاص بهذا الحديث لخصوصية النظر المتعلقة به، إذ لكل حديث نظر خاص به.