منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - لا تُعَـيِّـرنــــي .. !
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-06-10, 14:21   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
ghaza_01
عضو محترف
 
الصورة الرمزية ghaza_01
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي لا تُعَـيِّـرنــــي .. !

بسم الله الرحمن الرحيم


لا تُعَـيِّـرنــــي .. !


أيُّها الأنسان، يا مَن كَرَّمَكَ اللهُ تعالى وفضَّلَكَ على كثيرٍ مِن خَلْقِهِ .
يا مَن شَرَّفَكَ اللهُ بأنْ جعلَكَ واحِـدًا مِن أُمَّةِ الإسلام ؛ والتي هِيَ خيرُ أُمَّةٍ أُخرِجَت للناس .

هـذه كلمةٌ أُوَجِّهُها إليكَ ..
أقــولُ لَكَ فيها :

.. لا تُعَـيِّــرني ..

فإنِّي مُسلِمٌ مِثلك .

لا يَعيبُني طُولُ قامتي أو قِصَرُها ، ولا نحافةُ جِسمي أو ضَخامتُه .

لا يَعيبُني سَوادُ لوني ، ولا فُقدانُ بصري ، ولا بَترُ أحدِ أعضاءِ جِسمي .

فقـد خَلَقَ اللهُ تعالى نبيَّهُ آدمَ – عليه السلام – وطولُه سِتون ذِراعًا .

وكان الصّحابيُ الجليلُ عَمرو بن العاص – رَضِيَ اللهُ عنه - قصيرًا .

وفي الحديث : إنَّ عبدَ الله بن مسعود انكشفت ساقُه ،
وكانت دقيقةً هزيلة ، فضَحِكَ منها بعضُ الحاضرين . فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :
(( أتضحكون مِن دِقَّةِ ساقَيْهِ !
و الذي نفسي بيدِه لَهُما أثقلُ في الميزان مِن جبل أُحُـد )) حسَّنه الألبانيُّ .

وقال أبو ذَرٍّ الغِفاريّ : إنِّي ساببتُ رجلاً ، فعَيَّرتُه بأُمِّه ،
فقال لي النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :
(( يا أبا ذَرّ ، أَعَيَّرتَهُ بأُمِّه ، إنَّكَ امرؤٌ فيك جاهلية )) رواه البُخاريُّ .

وهـذا عَمرو بن الجَموح رَضِيَ اللهُ عنه ، كان رجلاً أعرج ،
وقـد قاتَلَ مع المُسلمين يومَ أُحُد ، وقُتِلَ شهيدًا .

وفي قِتال المُسلمين للرُّوم قاتَلَ جعفرُ بنُ أبي طالب – رَضِيَ اللهُ عنه –
حتى قُطِعَت يمينُه ، فأخذ الرايةَ بشِمالِهِ ، ولم يَزل بها حتى قُطِعَت شِمالُه ،
فاحتضنها بعَضُدَيْه ، فلم يَزَل رافعًا إيَّاها حتى قُتِلَ ، وأثابه اللهُ بجَناحَيْه جَناحين
في الجَّنَّةِ يطيرُ بهما حيثُ يشاء .


وكان الصّحابيُّ عبدُ اللهِ بن أُمِّ مَكتوم أعمَى ، وقال النبيُّ – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم –
في الحديثِ القُدُسِيِّ :
(( إنَّ اللهَ قال : إذا ابتليتُ عبدي بحبيبتيه فصَبَرَ ، عوَّضتُه منهما الجنَّة ))
رواه البُخاريُّ ، يُريدُ : عينيه .
أنَّ اللهَ تعالى هو الذي خَلَقَكَ وخَلَقَني ..؟!

أتعيبُني أم تعيبُ على اللهِ – عَزَّ وَجَلَّ – صنعتَه ..؟!

.. فلا تُعَـيِّـرنـي ..

إذا كنتُ فقيرًا ، فقـد يكونُ الفقرُ خيرًا لي مِن مالٍ يُطغيني .

وإذا كنتُ مريضًا ، فقـد يكونُ المرضُ سببًا في تقرُّبي إلى اللهِ تعالى ،
وكثرةِ دُعائي له .

وإذا كُنتُ عقيمًا ، فقـد يكونُ هـذا ابتلاءً مِنَ اللهِ - عَزَّ وجَلَّ –
يُثيبُني إذا صبرتُ عليه ورَضيتُ بما قَسَمَهُ لي ..
فلا تُعَيِّرني بشئٍ ليس لي يَدٌ فيه .

لا تُناديني بلَقَبٍ لا أُحِبُّه .

لا تُعَيِّرني بذنبِ غيري ، كآبائي أو أجدادي أو أحدِ أقربائي ،
بل لا تُعَيِّرني بذنبٍ فعلتُهُ وتابَ اللهُ عليَّ منه .

ولا تُعَيِّر غيري بأنَّه كان عاصيًا للهِ ، أو بأنَّه كان على مِلَّةٍ غيرِ الإسلام ،
ثُمَّ تابَ واهتدَى وأسلَمَ للهِ رَبِّ العالَمين ، وقـد كان عبدُ اللهِ بن سلام حَبْرًا

مِن أحبارِ اليهود ، ثُمَّ أسلم وبَشَّره النبيُّ – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – بالجَنَّة ،

واعلم – أخي المُسلِم – أنَّ اللهَ تعالى نَهَى عن السُّخريةِ بالناسِ
واحتقارِهم والاستهزاءِ بهم .

قال الشَّوكانيُّ في ( فتح القدير ) في تفسيرِ قولِهِ تعالى :
﴿ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ﴾الحجرات/11 : ‹‹ قال الواحِديُّ : قال المُفَسِّرون :
هو أن يقولَ لأخيهِ المُسلِم : يا فاسِق يا مُنافِق ، ويقولَ لِمَن أسلم :
يا يهوديُّ يا نصرانيُّ . قال عطاء : هو كُلُّ شئٍ أخرَجتَ به أخاكَ مِن الإسلام ،.

واعلم أنَّكَ مُحاسَبٌ على كُلِّ كلمةٍ ، بل على كُلِّ حَرفٍ ينطِقُ به لِسانُك ،
قال اللهُ تعالى : ﴿ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ ق/18 ،
وقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم :
(( إنَّ العَبدَ لَيتكلَّمُ بالكلمةِ مِن رضوانِ اللهِ لا يُلقي لها بالاً يَرفعُ اللهُ
بها درجات ،
وإنَّ العَبدَ لَيتكلَّمُ بالكلمةِ مِن سَخَطِ اللهِ لا يُلقي لها بالاً يهوي بها في جَهنَّم ))
رواه البُخاريُّ ، وقال : (( وهل يَكُبُّ الناسَ في النارِ على وجوهِهم – أو قال :
على مَناخِرهم – إلَّا حَصائِدُ ألسنتِهم ))رواه الترمذيُّ وصَحَّحه الألبانيُّ ،
وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( بَحَسْبِ امرئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أخاه المُسلِم ))
مُتَّفَقٌ عليه .


وقـد سُئِلَ عبدُ اللهِ بن المُبارَك عن الرَّجُلِ يقول : حُمَيْدٌ الطويل ، وسُليمانُ الأعمش ،
وحُمَيْدٌ الأعرج ، ومروان الأصغر ؟ فقال :
‹‹ إذا أردتَ صِفَتَهُ ، ولم تُرِد عَيْبَهُ ، فلا بأس›› .

واحـذر – أن تقولَ كلمةً قـد تكونُ سببًا في شقائِكَ
إلى الأبد ، وقـد يدعوا عليكَ مَن عَيَّرتَه ، فيَستجيب اللهُ دُعائَه .

واعلم أنَّ هـذا الشخصَ الذي تُعَيِّرُه قـد يكونُ أعبدَ مِنكَ لله ،
وأعلى مِنكَ مَنزلةً عند اللهِ تعالى ، وقـد يكونُ اللهُ تعالى رَزَقَهُ نعمًا لم يَرْزُقكَ بها
، وقـد يكونُ مِن أهل الجَنَّةِ وأنتَ لا تدري .

واعلم أنَّ اللهَ تعالى قادِرٌ على أنْ يبتلِيَكَ بما ابتلاهُ به ، وقادِرٌ على أنْ يجعلَ
الناسَ يُعَيِّروكَ بشئٍ فيكَ قـد تكونُ غافِلاً عنه ،
وهو سُبحانه قادِرٌ على أنْ ينتقِمَ لهُ مِنك .

فلا تكُن سببًا في إيذاءِ أخيكَ المُسلِم ، فقـد قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :
(( المُسلِمُ مَن سَلِمَ المُسلمون مِن لِسانِهِ ويدِهِ )) مُتَّفَقٌ عليه ،
وقال : (( وإنْ امرؤٌ شَتَمَكَ وعَيَّركَ بما يعلمُ فيكَ ،
فلا تُعَيِّره بما تعلمُ فيه ، فإنَّما وبالُ ذلك عليه ))
رواه أبو داود وصَحَّحه الألبانيُّ، ورُوِيَ أنَّ ابنةً لأبي هُريرة قالت له :
إنَّ الجَواري يُعَيِّرنني ، يَقُلن : إنَّ أباكِ لا يُحَلِّيكِ الذَّهَب ، فقال :
‹‹ إنَّ أبي لا يُحَلِّيني الذَّهَب ، يَخشَى علَيَّ منَ اللَّهَب ›› .

وقـد قيل : سعادةُ المَرءِ أنْ يَشتغِلَ بعُيوبِ نَفْسِهِ عن عيوبِ غيرِهِ .

وقال الشَّاعِـر :

لا تَكشِفَنَّ مساوي الناسِ ما سَتَروا .. فيَهتِكُ اللهُ سترًا عن مَساويكا
واذكُـــــر مَحاسنَ ما فيهم إذا ذُكِـــروا .. ولا تَعِبْ أحـــدًا منهــم بما فيكـا

وأخيــرًا ، أقولُ لَكَ أخي في الله : إذا رأيتَ مُبتلَىً بشئٍ في نَفْسِهِ أو في أهلِهِ ،
فلا تُعَيِّره بذلك ، بل ادعُ له ، واحمد اللهَ تعالى على
ما أنتَ فيه مِنَ النّعم ، فقـد يكونُ ما أنتَ فيه مِن صِحَّةٍ وغِنَىً وجاهٍ وغيره
ابتلاءً واختبارًا مِنَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ .

واذكُـر قولَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :
(( مَن رأى منكم مُبتَلَىً فقال : الحمدُ للهِ الذي عافاني مِمَّا ابتلاكَ به ،
وفَضَّلني على كثيرٍ مِمَّن خَلَقَ تفضيلاً ، لم يُصبه ذلك البَلاء ))
رواه الترمذيُّ وصَحَّحه الألبانيُّ

نسأل اللـــه العفو والعافيــــه








 


رد مع اقتباس