منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - ملاحم المقاومة الإسلامية ضد الكيان الصهيوني .
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-06-22, 18:59   رقم المشاركة : 61
معلومات العضو
الزمزوم
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية الزمزوم
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

عدوان تموز من خمسة محاور
بقلم سماحة الشيخ ماهر حمود(*)

لقد كان عدوان تموز أو انتصار تموز الإلهي (كما سماه سماحة أمين المقاومة وقائدها الرائد السيد حسن نصر الله حفظه المولى)، لقد كان هذا النصر الإلهي المؤزر المبين محطة فارقة في تاريخنا المعاصر، ومن حيثما تطلعنا اليه ومن أي زاوية كان، فسنرى أنه كان كذلك بلسان اصدقائنا أو اعدائنا. ويكفي قول الشاعر في ذلك:
شمائل قد شهد العدو بفضلها والفضل ما شهدت به الأعداء
إن كان هنالك من لا يرى هذا النصر وأثره على الأمة ككل فهذا شأنه، فهو واحد من اثنين: إما جاهل غشيت عيناه فلم يستطع أن يرى الحقائق، وإما حاقد يكابر ويعاند ويغالب قناعته ونفسه، كما فعل الكفار مع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، بل كما فعل الكفار مع جميع الأنبياء قبله، فوصفهم تعالى بقوله:
(قد نعلم أنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون). الأنعام 16.
فليس اصرار الكافر أو الجاحد او المعاند على أمر ما يعني انه مقتنع بذلك، ولكن له أسبابه التي يعرفها من يقرأ بعينين ويسمع بأذنين ويعقل بقلبين (كما تقول العرب للواعي والفاهم). ولنحاول أن نرى كيف انعكس هذا النصر على كل المحاور.
أولاً: لبنانياً: لقد كان الموقف المسيء والمؤلم الذي أصرّ عليه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، التركيز على أن سبب الحرب كان خرق حزب الله للخط الأزرق ومخالفة قوانين اللعبة، وخطف الجنديين الاسرائيليين من داخل حدود فلسطين المحتلة.. ولقد كانت هذه الذريعة التي صدقها بعض اللبنانيين وكرروها بشكل مستمر خلال العدوان وبعده، بل حتى بعد عام من الانتصار، أي في الذكرى الأولى للانتصار، أيضاً على لسان الرئيس السنيورة.. لقد كان هذا الموقف الذريعة من أشد ما آلم المقاومين وجمهور المقاومة، ولا شك أنه جعل الكثيرين يحملون حزب الله المسؤولية الكاملة عن نتائج هذا العدوان. ولقد رأينا كيف كان استقبال النازحين من مناطق العدوان الى المناطق الآمنة، قد غطى الناحية الاجتماعية والانسانية بشكل معقول، الا ان الموقف السياسي جاء ليطعن المقاومة في ظهرها ويعرقل سعيها ويفت في عضدها، خاصة عندما انبرى فريق من اللبنانيين فاجتمعوا في فندق البريستول وطالبوا بنزع سلاح المقاومة والعدوان مستمر والمقاومة صامدة والانتصارات تتوالى بإذن الله تعالى. لقد كان هذا الموقف قمة "الخيانة" للمقاومة وحضيض المواقف التي لا يمكن أن تكون مقبولة بأي شكل من الأشكال، وجاءت الصياغة للقرار الدولي المقدم والذي سُمي في ما بعد القرار 1701، حيث وافقت أطراف دولية رئيسة على تعبير عدم الظهور المسلح جنوب الليطاني، فيما أصرّ فريق الحكومة اللبنانية على لفظة نزع سلاح المقاومة جنوب الليطاني.
أما على الصعيد الشعبي والتعاطف الكامل مع المقاومة فإن كل هذه الترهات لم تغير الموقف الشعبي، وجاءت خطب السيد نصر الله حفظه المولى كالماء يروي العطشان: محطات بارزة تروي العطاشى وتوضح الرؤية وتشد العزم، ويكفي بعد كل هذا التهويل الداخلي ان جاء تقرير فينوغراد الاسرائيلي ليتجاهل تماماً خطف الجنديين وانتهاك الخط الأزرق وما الى ذلك، وأكد عملياً ونصاً ما قاله سماحة الامين العام: ان هذا العدوان كان قد خطط له وكان مقرراً له أن ينفذ في الخريف وعلى حين غرة، فجاءت عملية خطف الجنديين ثم العدوان لتقرّب موعد المعركة والمقاومة مستنفرة واعية.. ولو ترك الأمر للتوقيت الاسرائيلي لأُخذت المقاومة على حين غرة.
ثانياً: عربياً: أيضاً ومن نفس المنظور وبتكامل واضح خرج الموقف السعودي سريعاً بعد العدوان ليتهم المقاومة بأنها تقوم بمغامرة غير محسوبة النتائج. وكان واضحاً أن هذا الموقف كان قد رتب له بشكل واضح تماماً، مع فوارق بالأحجام وبعض الأسماء والتفاصيل، كما كان العرب جميعاً يعلمون أن القرار قد اتخذ لإنهاء المقاومة الفلسطينية في العام 1982، وأعدت العدة لاستقبال هذا القرار وكان العرب جميعاً تقريباً وعاء لهذا القرار وحاضناً له، وسارت الأمور كما خطط لها وقتها. الموقف السعودي ثم المصري والعربي بشكل عام جاء سريعاً ليؤكد ان الأمر كان قد خطط له ودبر بليل، وأبلغ المعنيون به وكان على العرب ان ينتظروا النتائج الحاسمة للقرار الاسرائيلي باجتثاث المقاومة في لبنان، كما أُخرجت المقاومة الفلسطينية من بيروت، ولكن خاب ظنهم، والحمد لله رب العالمين انتصرت المقاومة بحول الله تعالى.
ثالثاً: أميركياً: كان من الواضح والكل يعلم ذلك ويؤكده ان الاميركي كان صاحب القرار الرئيسي في هذه الحرب، ورأينا (غونداليزا رايس) تأتي في أول العدوان وتجتمع مع قيادات 14 آذار في عوكر لتقول لهم: اطمئنوا، النتائج محسومة، لن يعود هنالك مقاومة بعد الآن، القضية تحتاج الى أسبوع على الأكثر، المطلوب فقط الانتظار.. وسارت الأمور على عكس وعود الشيطان.. فإذا الأسبوع يصبح اسبوعين وإذا الأسبوعان يصبحان ثلاثة، وهكذا حتى وصلنا الى 33 يوماً من الصمود والتصدي والبطولات ليعلن العدو الاسرائيلي ومن خلفه الاميركي عجزه عن الاستمرار في المعركة.
أجمع المراقبون أن كل الحروب الاسرائيلية كانت تحصل بالقرار الاسرائيلي بالتنسيق مع الادارة الاميركية، اما هذه الحرب بالذات فكانت بقرار أميركي وتنفيذ اسرائيلي، على الأقل من حيث اطالة أمدها واستمرارها كل هذا الوقت، فقد كان واضحاً ان الاسرائيلي رغب في وقف العدوان بعد اسبوع من بدايته، ولكن الاميركي ضغط عليه واستمر العدوان طوال الأيام المعروفة. كان الاميركي يخشى على (سمعته) بين حلفائه، ولكنه لم ينقذها، والحمد لله رب العالمين، وكان النصر للمقاومة نصراً على الاسرائيلي وعلى الاميركي معاً، ومن معهما بالتأكيد.
رابعاً: اسرائيلياً: يكفي أن نقرأ الاسم الاسرائيلي لهذه الحروب حتى نعلم أهميتها بالنسبة الى الكيان الصهيوني.. حرب لبنان الثانية، يعني ان الاسرائيلي لا يعتبر اجتياح 1978 ولا عدوان 1993 (تصفية الحساب) ولا (عناقيد الغضب في 1996) ولا أي عملية اخرى، لا يعتبر شيئاً من كل ذلك على أهميته القصوى، لا يعتبرها حروباً، بل لعلها عمليات محدودة ومعارك "جانبية").. انه يعتبر اذن ان اجتياح 1982 ثم عدوان تموز ـ آب 1996 هما الحربان اللتان خاضهما العدو الاسرائيلي في لبنان، وأن يقول العدو هذا بنفسه معنى ذلك أنه حضر لهذه الحروب وسخر لها قواه كلها، ولكنه فشل. معنى ذلك ان على المراقب ان يعي حجم هذا الانتصار بالمقدار الذي عول عليه العدو نفسه، فهل من مدكر؟
طبعاً.. من المؤكد ـ والله أعلم ـ ان هذه الحرب "الثانية" سُميت كذلك اسرائيلياً لأنه كان مخططاً لها ان تقسم الجنوب من محور الطيبة وادي الحجير لتحاصر المقاومة وتُصفى بشكل كامل. ومن الواضح اذن ان الانتصار البري على العدوان في وادي الحجير كان امراً عظيماً جداً لأنه قضى على الهدف الاسرائيلي الرئيسي على ما يبدو.
وهنا لا بد من اشارة الى الشعار الدائم للمقاومة المأخوذ من القرآن الكريم: (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى).. الأنفال 17
لقد قدر الله للمقاومين الأبطال أن يحصلوا على هذا السلاح البسيط (صاروخ الكورنيت) وقاذف 27 على ما يقولون، هذا السلاح الذي لا يخطئ تقريباً والذي لم يحسب له العدو أي حساب، فكان ما كان من مجزرة الدبابات وكانت ضربة قاسمة للعدوان، ولسنا بحاجة الى ان ندخل بجدل حول عدد الدبابات التي دمرت في يوم واحد، فلقد تم سحبها كلها، ولكن المؤكد ان هذه المعركة قضت على أي أمل اسرائيلي في التقدم العسكري بالآلات والجحافل، فيه كان المقاومون الأبطال في مارون الراس وبنت جبيل يقومون بواجبهم الكامل في صد المشاة الاسرائيليين، وكان صموداً رائعاً ربانياً ملائكياً، حيث شهد عددا من جنود العدو بأنهم رؤوا فرساناً بيضاً على جياد بيضاء يقاتلون بالسيوف مع المقاومين، وليس ذلك على الله بعزيز.
لعل بعضنا لم ينتبه الى أهمية ان يسمى العدو عدوان تموز "حرب لبنان الثانية"، فلننتبه الى ذلك.
خامساً: فلسطينياً: برأينا المتواضع ان نصر تموز لم يكتمل الا بانتصار المقاومة في فلسطين في نهاية العام 2008 وبداية 2009، حرب 22 يوماً هذا النصر المؤزر المبين الذي يكمل انتصار لبنان ويعطيه البعد المطلوب عقيدياً وسياسياً واستراتيجياً، حيث يتكرر السيناريو من حيث التواطؤ العربي والاميركي والاوروبي، ومن حيث تصديق الذرائع الاسرائيلية، ومن حيث تثبيط عزائم المقاومين الخ.
انه هناك فارق تفصيلي، فإذا كان عدوان تموز على لبنان قد تم بأمر اميركي وتنفيذ اسرائيلي وتواطؤ عربي، فإن العدوان على غزة كان بقرار اسرائيلي ـ عربي مشترك وبتنفيذ عربي ـ اسرائيلي مشترك، حيث كان اغلاق معبر رفح وسائر المعابر مع مصر حرباً حقيقية معلنة لا تقل ضراوة عن القصف والغارات والمواجهات، كما قوطع مؤتمر الدوحة الذي كان من شأنه أن يخفف قليلاً من المعاناة الفلسطينية، وتوقف العدوان العسكري الاسرائيلي، ولا يزال العدوان العربي مستمراً بإغلاق المعابر.
وهنالك بعض التشكيك في انتصار المقاومة في لبنان، فأي تشكيك يمكن ان ينال الانتصار في غزة حيث يريد الانتصار في غزة عن انتصار لبنان بأمور هامة:
1 ـ رقعة الأرض الفلسطينية منبسطة مكشوفة، وفي لبنان جبال ووديان وأنفاق الخ..
2 ـ رقعة الأرض الفلسطينية محدودة، ورقعة الأرض في لبنان أوسع.
3 ـ كانت المقاومة في لبنان تتمتع بخيط دعم معقول برغم القصف الاسرائيلي وقطع الجسور، ولكن المقاومة في غزة محاصرة من قبل العدوان بسنوات.
4 – لقد حوربت المقاومة في لبنان من زاوية مذهبية وحوصرت بهذا الشعار، وكان الحصار عاملاً مساعداً للعدو وفي غزة، وليس هنالك من حصار مذهبي وإن كانوا قد حاولوا افتعاله وأفلحوا جزئياً وليس بشكل كبير.
5 – وفوارق اخرى لا يفترض الحديث عنها:
بالتأكيد ودون أدنى شك لقد كان انتصار غزة تتمة لانتصار لبنان، هذا نقرأه في التحليل الاسرائيلي وفي الموقف العربي وفي نفوس المقاومين الذين اعتبروا أنفسهم شيئاً واحداً في مارون الراس كما في الشجاعية، وفي بنت جبيل كما في بيت حانون، المقاومة مذهبنا والجهاد سبيلنا والاسلام يجمعنا ولن يفلحوا في شق صفنا باذن الله.
أتصور أن من يقرأ هذه القراءة المتأنية من هذه المحاور الخمسة لا يمكن الا ان يعي أهمية هذا الانتصار المدوي الذي يجب أن نضعه في سياقه التاريخي والعقيدي السليم، حيث لا يمكن اعتبار أي معركة مع العدو الصهيوني الذي يجب أن نضعه في سياقه التاريخي والعقيدي السليم، حيث لا يمكن اعتبار أي معركة مع العدو الصهيوني منفصلة عن الوعد الرباني القاطع بزوال اسرائيل ودخول المسلمين الى المسجد كما دخلوه أول مرة. وبكلام الحجر منفصلة عن الوعد الرباني القاطع بزوال "اسرائيل" ودخول المسلمين الى المسجد كما دخلوه أول مرة، وبكلام الحجر والشجر في المعركة الفاصلة المرتقبة التي نص عليها القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة والتي توافق العقيدة الصهيونية ـ التلمودية ـ التوراتية الجازمة بأن الكيان الصهيوني يعمر ما بين 40 الى 80 عاماً على الأكثر.
هذه جرعات من الوعي تصب في عقول ونفوس المؤمنين من أمتنا الذين يعتقدون فعلاً بالقرآن أنه كلام الله الحق وجرعات من التأكيد على الخوف الاسرائيلي الدائم والمستمر من الكيان الصهيوني. وبالتأكيد لقد اكتمل هذا الانتصار المزدوج لبنان ـ غزة بوقوف الرئيس أحمدي نجاد على منبر الأمم المتحدة ليعلن من هنالك من حيث أعطيت "اسرائيل" الشرعية الدولية المزعومة ليعطي لانتصارات المقاومة في فلسطين ولبنان البعد العقيدي العميق والبعيد ويصبه في قالب سياسي دولي معاصر.
هكذا نفهم انتصار تموز ومن كان يراه من زاويته الضيقة ومن موقعه المتخاذل ومن خلال استسلامه للضعف العربي والقوة الاسرائيلي ـ الاميركية المتفوقة، فنحيله الى قوله تعالى:
(انهم يرونه بعيداً ونراه قريباً) المعارج 6 – 7 صدق الله العظيم.
(*)إمام وخطيب مسجد القدس في صيدا









 


رد مع اقتباس