صحيح البخاري-كتاب الجهاد والسير - باب قتل الصبيان في الحرب 2851 عن نافع أن عبد اللهرضي الله عنه أخبره (أن امرأة وجدت في بعض مغازي النبي صلى الله عليه وسلم مقتولة فأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان) -باب قتل النساء في الحرب 2852 عن نافع عن ابن عمررضي الله عنهما قال وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان) -باب أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري: 2850 عن الصعب بن جثامة رضي الله عنهم قال ( مر بي النبي صلى الله عليه وسلم بالأبواء أو بودان وسئل عن أهل الدار يبيتون من المشركين فيصاب من نسائهم وذراريهم قال هم منهم وسمعته يقول لا حمى إلا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم) ( باب أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري ) حكم تبييتهم مع أهلهم أي هل يجوز ذلك أم لا ؟ ومعنى البيات المراد في الحديث أن يغار على الكفار بالليل بحيث لا يميز بين أفرادهم . وليس المراد إباحة قتلهم بطريق القصد إليهم ، بل المراد إذا لم يمكن الوصول إلى الآباء إلا بوطء الذرية فإذا أصيبوا لاختلاطهم بهم جاز قتلهم . وكان الزهري إذا حدث بهذا الحديث قال : وأخبرني ابن كعب بن مالك عن عمه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث إلى ابن أبي الحقيق نهى عن قتل النساء والصبيان "وكأن الزهري أشار بذلك إلى نسخ حديث الصعب . وقال مالك والأوزاعي : لا يجوز قتل النساء والصبيان بحال حتى لو تترس أهل الحرب بالنساء والصبيان أو تحصنوا بحصن أو سفينة وجعلوا معهم النساء والصبيان لم يجز رميهم ولا تحريقهم . وقد أخرج ابن حبان في حديث الصعب زيادة في آخره : ثم نهى عنهم يوم حنين ، وهي مدرجة في حديث الصعب ، وذلك بين في سنن أبي داود فإنه قال في آخره : قال سفيان قال الزهري : ثم (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك عن قتل النساء والصبيان ) ويؤيد كون النهي في غزوة حنين ما سيأتي في حديث رياح بن الربيع الآتي " فقال لأحدهم :" الحق خالدا فقل له لا تقتل ذرية ولا عسيفا" ، وخالد أول مشاهده مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة الفتح ، وفي ذلك العام كانت غزوة حنين . وأخرج الطبراني في " الأوسط " من حديث ابن عمر قال :" لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة أتي بامرأة مقتولة فقال ما كانت هذه تقاتل ونهى) فذكر الحديث. وأخرج أبو داود في " المراسيل " عن عكرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأة مقتولة بالطائف فقال ألم أنه عن قتل النساء ، من صاحبها ؟) فقال رجل : أنا يا رسول الله أردفتها فأرادت أن تصرعني فتقتلني فقتلتها ، فأمر بها أن توارى) ويحتمل في هذه التعدد . والذي جنح إليه غيرهم الجمع بين الحديثين كما تقدمت الإشارة إليه ، وهو قول الشافعي والكوفيين ، وقالوا : إذا قاتلت المرأة - هل يجوز قتلها؟ - جاز قتلها . وقال ابن حبيب من المالكية : لا يجوز القصد إلى قتلها إلا إن باشرت القتل وقصدت إليه . قال : وكذلك الصبي المراهق . ويؤيد قول الجمهور ما أخرجه أبو داود والنسائي وابن حبان من حديث رياح بن الربيع التميمي قال: " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ، فرأى الناس مجتمعين ، فرأى امرأة مقتولة فقال : ما كانت هذه لتقاتل " فإن مفهومه أنها لو قاتلت لقتلت. واتفق الجميع كما نقل ابن بطال وغيره على منع القصد إلى قتل النساء والولدان ، أما النساء فلضعفهن ، وأما الولدان فلقصورهم عن فعل الكفر ، ولما في استبقائهم جميعا من الانتفاع بهم إما بالرق أو بالفداء فيمن يجوز أن يفادى به ، وحكى الحازمي قولا بجواز قتل النساء والصبيان على ظاهر حديث الصعب ، وزعم أنه ناسخ لأحاديث النهي ، وهو غريب ، وسيأتي الكلام على قتل المرأة المرتدة في كتاب القصاص . وفي الحديث دليل على جواز العمل بالعام حتى يرد الخاص ، لأن الصحابة تمسكوا بالعمومات الدالة على قتل أهل الشرك ، ثم نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان فخص ذلك العموم ، ويحتمل أن يستدل به على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة . [كتاب فتح الباري (باختصار) من موقع الإسلام]