سنة مجتمع لا سنة فرد
إن الآية ، حين تبين هذه السنة ، تبين أنها ، سنَّة اجتماعية لا سنَّة فردية ، بمعنى أن كلمة « بقوم » تعني الجمع أو الجماعة التي يطلق عليها أمَّة ، أو مجتمع . ولعلنا نبين معنى المجتمع إن شاء الله في المستقبل .
ولا يفهم من الآية ، قصد فرد معين، بدليل أن الله لم يقل (إن الله لا يغير ما بإنسان حتى يغير ما بنفسه)، ولا ما يدل على شخص فرد، سواء كان رجلاً أم امرأة، مؤمناً كان أم كافراً. وإنما الحديث عن قوم، عن مجتمع، له خصائصه بما يشمل الرجال والنساء، الصغار والكبار، بكل محتويات القوم أو المجتمع المعين أو الأمة.
لا بد أن يتم التغيير ضمن نسبة محددة في النفوس ليتم تغيير الواقع
وينتج عن هذه الملاحظة، أنه لا يشترط أن يغير الله ما بشخص إذا غير ما بنفسه. كما أنه لا يشترط أيضاً أنه لا يغير الله بالشخص إن غير ما بنفسه، لأن البحث ليس عن شخص معين ، وإنما البحث عن مجتمع بمعناه الخاص، أي باعتباره كياناً واحداً. إذ أن الفرد، يمكن أن يتغير ما به في بعض الجوانب، إن غير ما بنفسه، ولكن ذلك ليس دائماً في كل الأمور ، فهناك أمور خاصة بالمجتمع، لابد من تغييرها، حتى ينال الفرد نصيبه من هذا التغيير. وعلى هذا يكون مضمون الآية (إن الله لا يغير ما بقوم) – ما بمجتمع أو كيان اجتماعي – حتى يغير ها المجتمع، أو الكيان الاجتماعي، ما بأنفسهم. وبهذا نرجو أن نكون قد نبهنا إلى هذه الملاحظة التي سنحتاج إليها أثناء البحث، لأنه يترتب عليها أمور، قد يحدث بدونها اختلاط وعدم وضوح، ويتوقف في قبول النتائج التي نريد أن نصل إليها.
من كتاب "حتى يغيروا ما بأنفسهم" للشيخ جودت سعيد