قال الشيخ حمود الشعبي : (( .... كما أن عند غيره من الأخطاء التي لم تقدح في منزلتهم وعلى سبيل المثال ابن حجر والنووي وابن الجوزي وابن حزم، فهؤلاء لهم أخطاء في العقيدة إلا أن أخطاءهم لم تجعل أحدا من أبناء الأمة ولا أعلامها يمتنع من الاستفادة منهم أو يهضمهم حقهم وينكر فضائلهم ، فهم أئمة إلا فيما أخطئوا فيه، وهذا الحال مع سيد رحمه الله ... ))
قلت أبو محمد :
أولا : لا يمكن الجمع بين المفكر سيد قطب وبين من ذكر هنا من الأئمة الأعلام ولا يمكن المقارنة ، وهذا يعرفه كل من عنده مشاركة في هذه العلوم التي هم من أصحاب المشاركة فيها وليس سيد قطب كذلك .
الثاني : نحن لو تركنا الاستفادة من كتب سيد قطب ـ رحمه الله ـ لن تكون هناك كبير مشكلة ولن نحتاج إليها في مجال الشريعة أصلاً .
الثالث : من ذكر من الأئمة نبه وحذر من الأخطاء التي وقوعوا فيها وقيل بصراحة ما في كتبهم من الخطأ ، وهذا معروف جداً .
الرابع : الأئمة السابق ذكرهم ليس لهم من منهج خاص أو طريقة خاصة في الدعوة وليس لهم من أتباع في ما ذهبوا إليه ، فوجب التنبيه أكثر ما يكون على هذا المنهج وهذه الطريقة وعلى أخطاء صاحبه أو أصحابها .
أما قولك يا شيخ حمود :
((...فأخطاؤه لم تقدح في أصل منهجه ودعوته لتوحيد الحاكمية وتعبيد الناس لربهم .... ))
فأقول :
نعم أخطاء سيد قطب ـ رحمه الله ـ لا تقدح في أصل منهجه ودعوته ، ولكنها تقدح عند أهل السنة والجماعة وهي مجموعة من الطوام في كل كتبه ، ولو لم تكن كذلك فهؤلاء العلماء الذين ردوا عليه ظالمين له ـ رحمه الله ـ فتنبه لهذا فإنه مهم جداً .
أقول والقول الصحيح ما قلت أنت حفظك الله :
((....فكل من حقق ما يجب تحقيقه من أصل الدين، ينظر بعد ذلك في سائر منهجه فإن كان خطؤه أكثر من صوابه وشره يغلب على نفعه فإنه يهمل قوله وتطوى كتبه ولا تروى .... )) أ.هـ
قلت أبو محمد :
نعم والله هذا هو الذي يجب أن يكون ويحصل في كتب سيد قطب ـ رحمه الله ـ فإنه : ( كثر خطؤه ، وصوابه قليل ، وشره يغلب على نفعه ، فإنه يجب أن تهمل كتبه وتطوى ولا تروى ) حتى لا تتمزق الأمة أكثر من ذلك .وفي النهاية نعود إلى ما وعدنا به في البداية :
نتعرف على منهج سيد قطب في العقيدة ، فنعرف هل منهج المفكر سيد قطب رحمه الله في العقيدة منهج صحيح الذي يعرف في الوسط السلفي بـ (( العقيدة السلفية الصحيحة )) ، أم أنه رحمه الله يخالفهم في ذلك ؟ وهل هذه المخالفة في جانب واحد بحيث يسهل القول فيها أو يسهل الرد عليها أم لا ؟ وهل هذه الأخطاء في كتاب واحد من كتب سيد قطب رحمه الله أم هي منتشرة في كل كتبه ؟ وهل للقائمين على طباعة كتب سيد قطب دور في تصفية كتبه رحمه الله أم لا ؟ وهل يجب بيان أخطاء سيد قطب أم لا ؟ وهل بيان الخطأ يعد طعن في شخص الرجل أم لا ؟ وهل للسكوت على الخطأ مضار أم لا ؟ و ما هو الضرر من السكوت ؟
الجواب عن هذه الأسئلة يحتاج إلى مجلد ضخم جداً بحيث يستوعب فيه كل أخطاء سيد قطب ـ رحمه الله ـ ولكن للبيان فقط نختصر الجواب فنقول وعلى الله نتوكل وبه نستعين فنقول :
أن الذي ينظر في عقيدة المفكر الأستاذ سيد قطب ـ رحمه الله ـ بوسطية و يحكم على منهجه ـ رحمه الله ـ يقول أن الأستاذ كان جهله بعقيدة أهل السنة واضح جداً لكل ذي عقل ولكل منصف .
فهو رحمه الله كان يخالف أهل السنة في كثير من مسائل العقيدة مثل :
صفة الاستواء والعلو والفوقية كل هذه الصفات يحرفها سيد قطب ـ رحمه الله ـ وغيرها معها . أنظر (( المورد العذب الزلال في التنبيه على أخطاء الظلال )) ( ص 68 ، 76 ، 285 ) . وانظر كذلك : (( براءة علماء الأمة )) ( ص 83 ) .
وسيد ـ رحمه الله ـ يقول في حق رسول الله ونبيه موسى عليه الصلاة والسلام :
(( 1 ـ لنأخذ موسى ؛ إنه نموذج للزعيم المندفع العصبي المزاج .... ))
هذا هو أدب سيد قطب ـ رحمه الله ـ مع رسول الله موسى عليه الصلاة والسلام .
وقال سيد قطب عند قوله تعالى : ( وكلم الله موسى تكليماً ) ، (( .. لا نعلم إلا أنه كان كلاماً ، ولكن ما طبيعته ؟ كيف تم ؟ بأية حاسة أو قوة كان موسى يتلقاه ؟ كل ذلك غيب لم يحدثنا عنه القرآن وليس وراء القرآن في هذا الباب إلا أساطير لا تستند إلى برهان ... ))
قلت أبو محمد :
هل هذه عقيدة أهل السنة في هذه المسألة ؟ لا والله ليست هذه عقيدة أهل السنة بل ، هذا نفى لصفة الكلام لله تبارك وتعالى بطريقة غريبة وعجيبة ورمي جميع الحجج الباهرة بعيداً جداً عن مقام الاحتجاج ، وهذا وحده يكفي ليعلم به مدى بعد الرجل عن عقيدة أهل السنة والجماعة السلفيين .
قال فضيلة الأخ الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف ـ حفظه الله ـ في كتابه (( صفات الله عز وجل )) ( ص 216 ) :
(( يعتقد أهل السنة والجماعة أن الله عز وجل يتكلم ويقول ويتحدث وينادي ، وأن كلامه بصوت وحروف ، وأن القرآن كلامه ، منزل غير مخلوق ، وكلام الله صفة ذاتية اختيارية .
الدليل من الكتاب :
1) قوله تعالى : ( وكلم اللهُ مُوسى تكليماً )
ثم ذكر الشيخ أربعة أدلة أخرى من الكتاب ومن ثم قال :
الدليل من السنة :
1) حديث احتجاج آدم وموسى وفيه : (( ... قال آدم : يا موسى ! اصطفاك الله بكلامه )) . رواه البخاري ( 6614 ) ، ومسلم ( 2652 ) .انتهت