31...
وإلى كل مزكوم الأنف عن عطر جهاد العلماء الربانيين من أمته : أسوق لهم المواقف والأقوال التالية لعله يعتبر !!!..
مع العلم بأني لا أدعوا المسلمين ليكونوا خوارج يُكفرون أعيان الناس بغير دليل ولا حُجة !!!.. ومع العلم أيضا ًأني
من أول مَن يدافع عن العلماء إذا سكتوا - أو أ ُسكتوا - مُرغمين على الظلم أو ترك مظلوم لتلافي فتنة ًقد تجر
من خلفها فتنة ًلا تندمل .. ولي في لك موضوع باسم ( إماطة اللثام عن موقف العلماء في الصمت والكلام ) ..
>>
فهذا الإمام مالك رحمه الله قد سُجن وعُذب كما جاء في (العلل ص 186) لأنه كان يقول بعدم انعقاد بيعة
المُكره أو المُجبر !!!..
>>
وكان يقول أيضا ًرحمه الله وكما في (تاريخ الذهبي 9 /331) :
" ضُربت فيما ضُرب فيه ابن المسيب ومحمد بن المنكدر وربيعة !!.. ولا خير فيمَن لا يؤذى في هذا الأمر " !
>>
وقد روى الطبري رحمه الله (4 /515) كيف حُبس سفيان الثوري وابن جريج وعباد بن كثير : لأنهم ناوءوا
سياسة أبي جعفر المنصور ولم يتابعوه في غيه وظلمه كما فعل إخواننا هداهم الله !!!!..
>>
وفي (سير أعلام النبلاء 7 /125) يقول الإمام الذهبي رحمه الله عن العلماء الساكتين عن الحق مع القدرة :
" قد كان عبد الله بن علي : ملكا جبارا : سفاكا للدماء : صعب المراس .. ومع هذا : فالإمام الأوزاعي يصدعه
بمُر الحق كما ترى !!!.. لا كخلق ٍمن علماء السوء الذين يُحسنون للأمراء ما يقتحمون به من الظلم والعسف !!..
ويقلبون لهم الباطل حقا ً- قاتلهم الله - : أو يسكتون مع القدرة على بيان الحق " !!!..
>>
بل وهذا أحمد بن نصر الخزاعي رحمه الله : قد بايعه الناس على خلع الخليفة الواثق القائل بخلق القرآن :
واستعد أحمد لذلك بالفعل - هذا الخليفة قال بخلق القرآن فقط : فما منزلته بجوار طواغيت اليوم ؟ - ولكن :
ظـُفر به للأسف الشديد فصُلب فمات .. فيقول عنه ابن كثير رحمه الله في (البداية والنهاية 10/ 317) :
" رحمه الله وأكرم مثواه ..! كان من أئمة السنة : من أكابر العلماء العاملين .. ختم الله له بالشهادة " !!!..
نقرأ هذا :
والمتعالمين المتفيهقة يرمون قتلى الثورات تارة بالسفه وتارة بالانتحار لا الشهادة وتارة بالجهل في الدين !!!..
ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم !!!..
>>
وقد ذكر الجصاص رحمه الله كيف خلع كبار التابعين بيعة عبد الملك بن مروان ونابذوا الحجاج بالسيف :
يقول :
" وقد كان الحسن البصري وسعيد بن جبير والشعبي وسائر التَابعين : يأخذون أَرزاقهم من أيدي هؤلاء
الظلمة : لا على أَنهم كانوا يتولونهم : ولا يرون إمامتهم .. وإِنما : كانوا يأْخذونها على أَنها حقوقا ًلهم في
أَيدي قوم ٍفجرة (يقصد جواز ذلك كما يجوز تقاضي المسلم أجره على عمله من كافر أو مبتدع) ..
وكيف يكون ذلك على وجه موالاتهم : وقد ضربوا وجه الحجاج بالسيف !!.. وخرج عليه من القرَاء (أي
العلماء والفقهاء) : أربعة آلاف رجل : هم خيار التابعين وفقهاؤهم !!.. فَقَاتلوه مع عبد الرحمن بن محمد
بن الأشعث بالأهواز .. ثمَ بالبصرة .. ثمَ بدير الجماجم : من ناحية الفرات بقرب الكوفة .. وهم خالعون
لعبد الملك بن مروان : لاعنون لهم .. متبرئون منهم " !!!..
32...
أقول : وبالطبع المواقف السابقة هي مجرد أمثلة (ولم أذكر فعل الحسين ولا ابن الزبير رضي الله عنهما) ..
فالقيام في وجه الظلم الغاشم والقتلة الفجرة :
هو فطرة إنسانية قبل أن يكون شعيرة دينية مأمور بها عند الاستطاعة !!!.. ومهما حاول الخانعون ليّ عنقها !
وأما بالنسبة لجواز التظاهر السلمي - أي الاجتماع لتوصيل كلمة الرعية للحاكم علنا ًبعد أن سد أبوابه دونها -
فقد شوهه أيضا ًهؤلاء المتعالمين المتفيهقة بأشنع التشويهات !!!..
فلم يراعوا قِدم تطبيقه في أهل الإسلام من الرعيل الأول وقد كانت تأتي الوفود جماعات لأمير المؤمنين لتشتكي
تارة ًظلما ًوأخرى فقرا ًوحاجة !!!.. ولم يراعوا تأصيلها الفقهي فخلطوا الحابل بالنابل جهلا ًأو عمدا ً:
ليصدوا المظلومين حتى عن قول الـ آآآآه !!!!..
وبلغ من سوء فهمهم وتأويلهم الفاسد لقواعد الشرع وفقهه الذي لا يجيدونه : أنهم صنفوا المظاهرات على أنها
من المعلوم تحريمه كأصل من أصول الدين : وعليه طبق بعضهم على المنادين بها المقولة الشهيرة :
" ليتها ما زنت : ولا تصدقت " !!!.. يريدون بذلك وصف سفاهة المنادي بالمظاهرات وتشبيهه بالتي أرادت
أن تتصدق فلم تجد مالا ً: فزنت لكي تتصدق من مال الزنا !!!!..
وإلى هؤلاء المتفيهقة المتعالمين : أنقل لهم هذه الفتوى بتمامها - كمثال فقط - من موقع الإسلام ويب برقم :
5844 : تصنيف قضايا سياسية .. حيث جاءهم السؤال التالي :
" بسم الله الرحمن الرحيم .. فضيلة الشيخ حفظكم الله : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أفتونا مأجورين :
الجالية الإسلامية عندنا في جنوب السويد : قررت أن تقوم بمظاهرة تضامناً مع الشعب الفلسطيني .. على أن
تكون المظاهرة سلمية : لإيصال صوت المسلمين إلى الحكومة السويدية : للضغط من أجل إيقاف المجازر في حق
أطفال الشعب الفلسطيني .. فما حكم مثل هذه المظاهرات ؟.. ونحيطكم علماً أن مثل هذه المظاهرات لها دور
كبير وفعال لإيصال صوت المسلمين إلى السياسيين : للضغط على حكومة الصهاينة من أجل ايقاف المجازر في
حق الأطفال في فلسطين .. أفتونا جزاكم الله خير الجزاء " ..
فكانت الإجابــة (وانظروا كيف يقوم الفقيه الحق بتأصيل الأمر شرعا ًوتقسيمه وتفصيله لا مثل هؤلاء) :
" الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد ..
فبارك الله فيكم على مشاعركم النبيلة .. وعاطفتكم الإيمانية .. وحرصكم على التزام أحكام الشرع في المنشط
والمكره .. أما ماسألتم عنه من رغبتكم القيام بمظاهرة : تضامنا مع إخوانكم في فلسطين فإننا نقول :
إن هذه المظاهرات وغيرها من طرائق التعبير عن الرأي وقنوات التأثير على الآخر : هي وسائل : يُتوصل بها إلى
غايات .. وليست غاية في ذاتها .. وما كان على هذا النحو : فإنه يُنظر إليه من جهتين :
الأولى :
من جهة الوسيلة المستخدمة في التعبير عن الغرض : المتوصل بها إلى الغاية : هل هي مأمور بها شرعا ؟ أم مباحة ؟
أم ممنوعة ؟..
>> فإن كان مأمورا بها : فلا شك في جواز استخدامها .. وذلك مثل : المشي لشهود الصلاة في المسجد مع جماعة
المسلمين .. أو السعي في طلب الرزق .. أو زيارة الأقارب والأرحام .. أو في الدعوة إلى الله .. ونحو ذلك ..
>> وإن كانت الوسيلة ممنوعة : فإن كان منع تحريم : فإنه يحرم اتخاذها أو التوصل بها إلى أي غاية .. حتى وإن
كانت الغاية مطلوبة شرعا (وعلى هذا تنطبق مقولة ليتها ما زنت ولا تصدقت) .. وذلك كمن يسرق ليتصدق !!
أو يودع ماله بفائدة بنكية للتبرع بهذه الفائدة في المشاريع الخيرية !! أو يُنشىء مشروعا سياحيا في بلاد المسلمين :
تمارس فيه الرذيلة : ويُباع فيه الخمر : ويُجلب إليه العاهرات .. بغرض التجارة !!.. ونحو ذلك .. فهذا ونحوه :
لا يُلتفت فيه إلى الغاية .. لأن الطريق الموصل إليها : ممنوع في ذاته ..
>> فإن كانت ممنوعة منع كراهة : فإنه يُكره اتخاذها تبعا لذلك ..
>> وإن كانت الوسيلة مباحة : فهذه مسألة اختلفت فيها أنظار أهل العلم بين مُجيز ومانع ..
ومستمسك المانعين أنهم : جعلوا الوسائل تعبدية : فلا يتجاوز فيها المنصوص أو المقيس عليه ..
والصواب - إن شاء الله تعالى - أن الوسائل - وهي الطرق إلى المقاصد - غير منحصرة .. وأنها : تأخذ حكم
مقاصدها .. وأن النظر في الوسائل يكون من جهة : هل هي ممنوعة أو لا ؟.. وليس : هل هي مأمور بها أو لا ؟!
أي أننا في باب الوسائل ننظر :
هل نهى الشارع عن هذه الوسيلة أو لا ؟.. ولا نحتاج إلى البحث في : هل أمر بها الشارع أو لا ؟!!.. بل يكفي في
الوسائل أن يكون الشارع : قد أباحها أو سكت عنها ...
الثانية :
من جهة المقاصد .. وذلك أننا لانحكم للوسائل ـ على التفصيل السابق ـ بحكم منفصل عن الغاية المقصودة من
ورائها !!.. لأنه قد تقرر أن الوسائل : لها أحكام المقاصد .. فإذا كان القصد : مطلوبا شرعا : والغاية : مأمورا بها
من حيث هي : فإنه يُشرع التوصل والتوسل إليها بكل وسيلة غير ممنوعة شرعا .. فنصرة المسلم المظلوم : مطلوبة
شرعا !!.. قال تعالى : (وإن استنصروكم في الدين : فعليكم النصر… ) [الأنفال: 72] .. وقال عليه الصلاة
والسلام : "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم : مثل الجسد .. إذا اشتكى منه عضو : تداعى له سائر
الجسد بالسهر والحمى" متفق عليه .. فكل وسيلة قديمة أو مستحدثة غير ممنوعة شرعا ويغلب على الظن أنها تحقق
المقصود لنصرة المظلوم : ورفع الظلم أو تخفيفه : فإنها جائزة .. بل : مأمور بها بحسب مالها من أثر ..
ومعلوم أن الشعوب :
لها طرائق مختلفة في التعبير عن آرائها .. والشرع : لا يمنع من استخدام تلك الطرائق .. ولا يحصر معتنقيه على
وسائل بعينها .. وليس مع مَن ادعى غير ذلك : حُجة نقلية ولا عقلية !!!.. بل مقاصد الشرع وقواعده : ووقائع
تاريخ المسلمين في الصدر الأول : تشهد بخلاف ذلك ..
إذا تقرر هذا : فإننا لا نرى مانعا من تنظيم المظاهرات والاحتجاجات على المذابح التي يتعرض لها إخواننا في فلسطين
وغيرها من بلاد المسلمين .. فإن هذا أضعف الإيمان .. وأقل الواجب .. والله المستعان .. وهو حسبنا ونعم الوكيل ..
والله أعلم " ...
33...
أقول : ولم نعهد في مظاهرات المظلومين الذين لم يسأل عنهم أحد في بلادنا : أنهم خرجوا بسلاح قط !!..
ولم نعهد أنهم خرجوا على صالحي الأمة يكفرونهم أو يقاتلونهم كما فعل القتلة الملاعين لعثمان وعلي رضي الله عنهما
ولا عرفنا فيهم ما عُرف بعد من صفات الخوارج !!!.. ومع ذلك :
فسوف أذهب معكم لأبعد من ذلك فأقول :
فسأفترض - مجرد فرض فقط تنزلا ًمع المخالف لمستوى عقله وفهمه المغلوط - أقول : فسنفترض أنهم خوارج !
فهل تعلمون قول أهل العلم في أمثالهم إذا كان خروجهم هو على الحكام المتجبرين الظلمة ؟!!!..
أظن أن لا !!!..
34...
جاء في كتاب (فيض القدير 3/ 697) في تقسيم مَن يخرج على الحاكم :
" هم قسمان .. قسمٌ : خرجوا غضبا للدين : من أجل جور الولاة : وترك عملهم بالسيرة النبوية !!.. فهؤلاء :
أهل حق !!!.. ومنهم الحسين بن عليّ !!.. وأهل المدينة في الحرة !!.. والقراء الذين خرجوا على الحجاج !!..
وقسمٌ : خرجوا لطلب الملك فقط : وهم البغاة " !!!..
35...
وهذا ابن حزم رحمه الله يُنكر على مَن يقول بإجماع الأمة على حرمة الخروج على الظالم !!.. ومؤكدا ًعلى أن
أفاضل الصحابة : وأكابر التابعين : وخيار المسلمين : خرجوا على الظالم .. يقول في (مراتب الإجماع ص199) :
" وقد عُلم أن أفاضل الصحابة : وبقية الناس يوم الحرة : خرجوا على يزيد بن معاوية !!.. وأن ابن الزبير ومَن
تبعه من خيار المسلمين : خرجوا عليه أيضا ً!!.. وأن الحسن البصري وأكابر التابعين : خرجوا على الحجاج
بسيوفهم !!!.. أترى هؤلاء كفروا " ؟؟!!!..
36...
ولأن علماء السنة بشر : ويفهمون كم هو شاذ أن يخرج أحد المتعالمين المتفيهقين ليُطالب المسلمين بما ليس
في طاقة البشر ولا مقدورهم ولا حتى في منطق صغيرهم ولا كبيرهم : فقد حرم هؤلاء العلماء الأكابر القتال
تحت راية الحاكم الظالم : ضد مَن يخرج عليه يطالب بحقه !!!!..
يقول ابن حجر رحمه الله في (فتح الباري 12/ 286) :
" إلا أن الجميع : يُحرمون القتال مع أئمة الجور : ضد مَن خرج عليهم من آهل الحق " !!!..
37...
وبمثل هذا الفهم أيضا ً: قد فهموا من زيادة حديث " ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك " : الانبطاح التام من
المظلوم للظالم وعدم الشكاية والدفع عن نفسه ما يستطيع : فضلا ًعن المجاهرة بالسوء من القول لمَن ظـُلم !
فهذا فقط في عالم الماكينات والأجهزة الآلية وليس في عالم البشر لمَن له أدنى ذرة عقل وفقه ويُفكر فيما يقوله
ويأمر الناس به !!!.. إذ : لم يُعهد في دين الله عز وجل أن يأمر الناس بما ليس في طاقة البشر ولا يستسيغه أي
عقل بأي وجهٍ من وجوه الشرع أو المنطق !!!!...
وفي هذا يقول ابن حجر أيضا ًرحمه الله :
" وأما مَن خرج عن طاعة إمام جائر : أراد الغلبة على ماله أو نفسه أو أهله : فهو معذور !!.. ولا يحل قتاله !!..
وله أن يدفع عن نفسه وماله وأهله : بقدر طاقته " !!!!..
أقول :
سبحان الله العظيم .. وهل هذا إلا ما ناديت به من قبل وأخبرت ؟!!!..
وإلا : ماذا تتوقعون ردا ًللفعل في وجه ولي أمر : يسرق وينهب ؟.. ويُعذب بغير تحقيق ولا دليل ولا بينة ؟..
ويغتصب رجاله العفيفات ؟.. ويسجن ويعتقل خيار الأمة وشبابها بغير بينة ولا جرم ؟.. ويحارب الدين وكل داع ٍ
إلى الخير ؟.. ويُقرب ويرفع كل فاسق ومنافق ونصراني ومنقوص الدين وكل داع ٍإلى الشر ؟.. ويوالي أعداء الله
من اليهود نصرة ًلهم على إخواننا المسلمين في غزة حتى يحصرهم العدو ويبديهم بكل دم بارد بأبشع الوسائل ؟..
هل تريدون المزيد أم يكفي هذا لإنعاش ذاكرة الغافلين المتفيهقين المتعالمين ؟؟!!!..
< ووالله أعرف أحد هؤلاء : وهو مصري تعرض لظلم هنا في السعودية من كفيله : من وقف ٍللأجور ونحوه
حتى ضاق بهم العيش : فوصل به الأمر وكما أخبرني هو نفسه ساعتها : أنه فكر في أخذ سكين وقتله !!..
وأقول : إذا كان هذا حال أحدهم عند وقوعه عمليا ًفيما يُبدع مَن يقوم به نظريا ً!!!.. فماذا يفعل مَن قـُتل
فلذة كبده بغير جريرة ولا ذنب غير مجرد الاشتباه ؟!!.. وماذا يفعل مَن اغتـُصبت زوجته أو ابنته ؟!!..
وماذا يفعل مَن شردوه من عمله فصار هو وزوجته وأولاده عالة يتكفف الناس على كبر سنه إلخ إلخ إلخ ؟ >
38...
ويقول ابن حجر أيضا ًرحمه الله في (فتح الباري 19/ 389) :
" قال الإمام عليّ عن الخوارج : إِنْ خالفوا إماما ًعدلا ً: فقاتلوهم !!!.. وإن خالفوا إماما ًجائرا ً: فلا تقاتلوهم :
فإن لهم مقالا ً" !!!؟؟..
39...
ويقول ابن القاسم رحمه الله :
" ولو دخلوا مدينة : لا يريدون إلا الإمام وحده : فلا تقاتلوهم إذا كان الإمام جائرا ظالما " !!!...
وسُـئل الإمام مالك رحمه الله عن الحاكم إذا قام مَن يريد إزالة ملكه : هل يجب الدفاع عنه ؟.. فقال :
" أما مثل عمر بن عبد العزيز : فنعم (أي نعم للدفاع عنه أمام مَن أراد الخروج عليه) .. وأما غيره : فلا !!..
ودعه وما يريد !!.. فينتقم الله من ظالم بظالم (أي إذا كان هذا الآخر ظالما ًهو أيضا ً) :
ثم ينتقم الله منهما جميعا " !!!..
العقد المنظم بحاشية تبصرة الحكام 2/ 195 ...
40...
ولا أعرف والله ماذا يقال بعد كل ذلك ...؟!
نعم .. لقد فوت الظالمون على الشيخ حازم الذي زلزل حال الفسقة والمنافقين والعلمانيين وإسرائيل وأمريكا !
وكفى بها علامة ًوالله لمَن له عقل يحمل همّ الدين : أن يرى أنه الوحيد الذي تكالب عليه كل أعداء الدين
بكل ضراوتهم وخبثهم ودهائهم ؟!!.. لأنه الوحيد الذي لا خلفية ورائه ولا أجندة متوقعة ولا حزب يُفاوض
على الدين معه : إلا أن الرجل حمل هم الدين وتطبيق شرع الله بحكمة الوقت التي تقتضيها ..
فالتف حوله من شتى توجهات السلفيين أنفسهم في مصر : إلا هؤلاء : وحزبيون أرادوه طائعا ًلهم : فشذوا !
ونعم ... لسنا نحن مَن نبكي على اللبن المسكوب ... ولا مَن يقول لو كان كذا لكان كذا وكذا ...
ولكنا لن نعدم أن نكون من الذين يتعلمون من أخطائهم : ويُبينون للناس أخطاءهم وأخطاء مَن يغترون بعلمهم
لما لم ينظروا في ضحالة فقههم !!!..
فهؤلاء المتعالمون المتفيهقون قد نشأوا على علم الجرح والتعديل فلم يتقبلوه بعدالته وأصوله التي منها غمس
سيئات الصالحين القليلة في حسناتهم الكثيرة !!!.. والتي منها التماس حسن التأويل للمعذور منهم - وأي عذر
لرجل ٍيحمل هم تطبيق الشريعة في هذا العصر الذي تكالب فيه أعداء الداخل والخارج وانقلبت فيه بالإعلام
الكاذب موازين الحق والباطل وصار المسلمون في حال الجاهلية الثانية بدينهم !! - أقول :
يا ليتهم أخذوا من علم الجرح والتعديل عدالته واستقامته ولكنهم للأسف - ولقلة فقه شيوخهم من جهة : وقلة
فقه وعلم طلاب علمهم من الجهة الأخرى - :
اختزلوا كل هذا العلم الجليل في كيفية التربص لاصطياد الأخطاء : الهفوة والنقير والقطمير !!!..
وأنا هنا أعترف بأمر : أدعوا الله عز وجل أن يتجاوز عني فيه .. وأن يغفر لي ما قدمته وكنت أحسبني أ ُحسن
صنعا ً!!!..
فمع علمي التام بأنه هناك من مشاهير الشيوخ والدعاة : مَن ظهر ضلاله وباطل آرائه وفتاويه حتى صارت أكثر
مما يُطمس أو يؤول أو يُسكت عليه وإلا صار ذلك خيانة ًلأمانة العلم وبيان المُضلين !!!..
ولكن - وهذا ما أطلب من الله عليه الغفران - : قد قضيت فترة ًفي تلك الفتنة وهي : انتقاص عالم عامل للحق
والشرع والدين : ببضعة أخطاء - مُقلدا ًفي ذلك من خالطتهم من هؤلاء المتعالمين المتفيهقة - : ولم أكن ألتمس
لهؤلاء عذرا ًولا تأويلا ً!!!.. بل - وهذه هي القاصمة التي تفضح حقيقة كل طاعن - : لم أكن أتتبع كل علم
العالم وكتبه لأرى : هل ما آخذه عليه من خطأ : هو كما فهمت أم يناقضه بالصواب من مواضع أخرى من كتبه الكثير :
وأن ما وقفت عليه هو ربما زلة لسان أو خطأ في وقت سابق لتصويبه لنفسه ؟!!!..
حيث من البديهي أن أي عالم في الدنيا : هو يجهل أيضا ًبعض الأشياء : وقد يختلط عليه كلامه في موقف ما أو لكبر سن !
أقول :
فهذه هي نصيحتي لكل أخ : أو شيخ : أو طالب علم ...
التريث التريث في الحكم على الناس - وخاصة ًالشيوخ والعلماء المشهود لهم بالعمل والصلاح ولا نزكيهم على الله -
فمَن يعمل بالفعل في مجال الدعوة والإصلاح : ويقف على حقيقة مشقاتهما من بذل الوقت والجهد : وترك راحة
الأبدان ونعيم العيش : ومجالسة الأهل والأولاد .... إلخ :
يعرف كم هو من التطفيف والتدليس أن يؤاخذ أمثال هؤلاء بالخطأ الواحد أو الأخطاء القليلة ومنها الغير مقصودات هنا وهناك !
فطبيعي جدا ًأنه مَن لا يتحرك كثيرا ً: لن يُخطيء بالطبع .. وأما مَن كثر تحركه في سبيل الله علما ًوعملا ًوقولا ًوفعلا ً:
فهو معرض للخطأ : ولم يدع لنفسه العصمة ولم يدعيها له أحد !!!!..
وأخيرا ً:
ما شعور أولئك المخذلين المثبطين الآن : وعوام المسلمين وشيوخهم يأبون إلا ترشيح مَن يتوسمون فيه الأقرب تطبيقا ً
لشرع الله ؟!!!...
فهل كان الأفضل هو :
الوقوف مع الشيخ حازم - والذي أحسبه أعذر نفسه أمام الله بالمناسبة - ؟!!!..
أم ترك أحد الفلول أعداء الله ورسوله والشرع من لصوص مبارك وزبانيته وملأه السابقين ؟؟..
أم ترشيح مَن يرفعون تمثيلهم للإلتزام الإسلامي : ولديهم من الطوام ما هو أكثر مما نقدتم فيه الشيخ حازم بكثير ؟!
أم أنكم - وكعادتكم - ترون أن السلامة وعدم الخطأ : هما في الجلوس بغير حركة !!!..
وعلى هذا - وبالقياس - ترون أن عليا ًرضي الله عنه وحزبه أخطأوا إذ لم يأخذوا جانب المعتزلين للفتنة ؟!!!!..
وأ ُبشر طلبة العلم الوهميين الذين اغتنموا هذه المحنة في مصر وانشغال العلماء والشيوخ بها :
فتجرأوا أكثر وأكثر على طعن هذا وذاك منتصرين لشيخهم قليل الفقه : ليظهروه في صورة عالم العصر وشيخ المحنة
( الوحيد ) الذي لا يُخطيء ولم يشذ عن السلفية منذ 30 عاما ً- حسب قوله - : أبشرهم بأنه :
لن يلبثوا قليلا ًحتى يبعث الله لهم مَن يُعامل شيخهم قليل الفقه ويُبرز أخطائه للناس :
بمثل ما فعله هو وطلبته مع الآخرين !!!..
فهو ليس بمعصوم كما يرفعه طلابه ويظنون .. بل لديه من الأخطاء - : والتدليسات لمداراة تلك الأخطاء - :
ما سيظهره الله تعالى وبنشره .. وكما تدين تدان ...
هذا كان الختام ...
وأما مسك الختام : فهما هذان النقلان اللذان وقف عليهما أخ ٌحبيب من كلام ابن القيم
رحمه الله تعالى : فأحببت أن أنقلهما للفائدة إذ يقول في مقدمة النونية :
" وكفى بالعبد عمىً وخذلاناً : أن يرى عساكر الإيمان : وجنود السنة والقرآن : وقد لبسوا للحرب لأمته : وأعدوا
له عدته : وأخذوا مصافهم : ووقفوا مواقفهم : وقد حمى الوطيس : ودارت رحى الحرب : واشتد القتال : وتنادت
الأقران النزال النزال وهو : في الملجأ والمغارات !!.. والمدخل مع الخوالف كمين !!.. وإذا ساعد القدر : وعزم على
الخروج : قعد فوق التل مع الناظرين !!.. ينظر لمن الدائر : ليكون إليهم من المتحيزين !!.. ثم يأتيهم وهو يقسم بالله
جهد أيمانه : أني معكم : وكنت أتمنى أن تكونوا أنتم الغالبين " !!!..
ويقول أيضا ًرحمه الله تعالى في إعلام الموقعين في شرح أن الجزاء من جنس العمل :
" ولذلك .. كان الجزاء مماثلا للعمل : من جنسه في الخير والشر !!.. فمَن ستر مسلما : ستره الله .. ومَن يسر على
معسر : يسر الله عليه في الدنيا والآخرة !!.. ومَن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا : نفس الله عنه كربة من كرب
يوم القيامة !!!.. ومَن أقال نادما ً: أقال الله عثرته يوم القيامة !!.. ومَن تتبع عورة أخيه : تتبع الله عورته !!.. ومَن ضار
مسلما ً: ضار الله به !!.. ومَن شاق : شاق الله عليه !!.. ومَن خذل مسلما ًفي موضع يحب نصرته فيه : خذله الله في
موضع يحب نصرته فيه !!!.... فهذا شرع الله : وقدره : ووحيه : وثوابه : وعقابه : كله قائم بهذا الأصل " !!!..