منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - خمر العقول ممائل و مضاهي فانظر إلى النشوان عند شرابه
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-05-23, 06:03   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله تعالى_

في "الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان"( ص 250 - 254 - دار المنهاج بالرياض )، وهو في "مجموعة الفتاوى" ( 6 / 11 / 163 - 165 - دار الوفاء ) :
(ومِنْ أعظم ما يقوِّى الأحوال الشيطانية سماعُ الغناء والملاهي، وهو سماع المشركين، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏35‏]‏، قال ابن عباس وابن عمر ـ رضي الله عنهم ـ وغيرهما من السلف‏:‏ "
‏التصدية: التصفيق باليد، و‏المكاء‏: مثل الصفير"، فكان المشركون يتخذون هذا عبادةً، وأما النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فعبادتهم ما أمر الله به مِنَ الصلاة والقراءة والذكر ونحو ذلك، والاجتماعات الشرعية، ولم يجتمع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه على استماع غناء قط لا بكف ولا بدف، ولا تواجد(1) ولا سقطت بردته، بل كل ذلك كذب باتفاق أهل العلم بحديثه‏.‏
وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا اجتمعوا أمروا واحدًا منهم أن يقرأ، والباقون يستمعون، وكان عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يقول لأبي موسى الأشعري‏:‏ ذكرنا ربنا، فيقرأ وهم يستمعون‏، ومر النبي صلى الله عليه وسلم بأبي موسى الأشعري وهو يقرأ فقال له‏:‏ ‏(‏مررت بك البارحة وأنت تقرأ، فجعلت أستمع لقراءتك‏)‏ فقال‏:‏ لو علمت أنك تستمع لحبرته لك تحبيرًا ‏(2).‏أي‏:‏ لحسنته لك تحسينًا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏زينوا القرآن بأصواتكم‏)‏‏.‏ وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لله أشد أذنًا ـ أي‏:‏ استماعًا ـ إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته‏)‏‏.‏
وقال صلى الله عليه وسلم لابن مسعود‏:‏‏(‏اقرأ عليَّ القرآن‏)‏ فقال‏:‏ أأقرأ عليك وعليك أنزل ‏؟‏ فقال‏:‏ ‏(‏إني أحب أن أسمعه من غيري‏)‏ فقرأت عليه سورة النساء، حتى انتـهيت إلى هـذه الآية‏:‏ ‏{‏فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيدًا‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏41‏]‏ قال‏:"‏حسبك"‏، فإذا عيناه تذرفان من البكاء‏.‏

ومثل هذا السماع هو سماع النبيين وأتباعهم، كما ذكره الله في القرآن فقال‏:‏‏{
‏أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا‏}‏‏[‏ مريم‏:‏ 58‏]‏، وقال في أهل المعرفة‏:‏ ‏{
‏وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏83‏]‏‏.‏
ومدح سبحانه أهل هذا السماع بما يحصل لهم من زيادة الإيمان واقشعرار الجلد ودمع العين فقال تعالى‏:‏‏{‏اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ‏}‏‏[‏الزمر‏:‏23‏]‏، وقال تعالى‏:‏‏{‏إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 2-4‏]‏‏.‏
وأما السماع المحدث، سماع الكف والدف والقضيب(3)، فلم يكن الصحابة والتابعون لهم بإحسان وسائر الأكابر من أئمة الدين يجعلون هذا طريقًا إلى الله -تبارك وتعالى-، ولا يعدونه من القُرَبِ والطاعات، بل يعدونه من البدع المذمومة، حتى قال الشافعي‏:‏ "خلفت ببغداد شيئًا أحدثته الزنادقة يسمونه التغبير يصدون به الناس عن القرآن".
وأولياء الله العارفون يعرفون ذلك، ويعلمون أن للشيطان فيه نصيبًا وافرًا، ولهذا تاب منه خيار من حضره منهم‏.

ومن كان أبعد عن المعرفة وعن كمال ولاية الله كان نصيب الشيطان فيه أكثر.
وهو بمنزلة الخمر، بل هو يؤثر في النفوس أعظم من تأثير الخمر؛ ولهذا إذا قويت سكرة أهله نزلت عليهم الشياطين، وتكلمت على ألسنة بعضهم، وحملت بعضهم في الهواء، وقد تحصل بينهم عداوة، كما تحصل بين شُرَّاب الخمر، فتكون شياطين أحدهم أقوى من شياطين الآخر فيقتلونه.

ويظن الجهّال أن هذا من كرامات أولياء الله المتقين، وإنما هذا مُبعِدٌ لصاحبه عن الله، وهو من أحوال الشياطين، فإن قتل المسلم لا يحل إلا بما أحله الله، فكيف يكون قتل المعصوم مما يكرم الله به أولياءه؟! وإنما غاية الكرامة لزوم الاستقامة، فلم يكرم الله عبدًا بمثل أن يعينه على ما يحبه ويرضاه، ويزيده مما يقربه إليه، و يرفع به درجته‏)اهـ.

https://www.helloniceworld.com/%D8%A7...1e880f8dd.html



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
(1) الوجد عند الصوفية : ما يصادف القلب ويرد عليه بلا تكلُّف وتصنُّع، فإذا وصل إلى وجود الحق فَقَدَ العبد أوصاف البشرية؛ لأنه لا بقاء للبشرية عند ظهور سلطان الحقيقة. فالتوحيد بداية والوجود نهاية ، والوجد واسطة بينهما.[انظر ( ص 29 ) ].
(2) قال الشيخ صالح آل الشيخ _حفظه الله_ في "التَّعْلِيقَاتُ الحِسَان على الفرقان بين أولياء الرحـمن وأولياء الشيطان " ( ص 177 ) : (. . .الرياء هذا بحسب النفس؛ يعني مثلا قد أُحسِّن قراءتي بالقرآن لأجل أنْ يقال قراءته جيدة هذا رياء، وقد أحسِّن قراءتي بالقرآن وأتباكى أو أبكي لأجل أنْ يتأثر السامع هذا مشروع "إقرأوا القرأن وابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا"(أ)،"زينوا القرآن بأصواتكم"النية هي المدار، وأبوموسى الأشعري رضي الله عنه يريد أن تكون قراءته أعظم تأثيرا للنبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنه إذا كان حدث للنبي عليه الصلاة والسلام خشوع وتعظيم وعبادة حين سماعه لأبي موسى فله هو أجره فهو يريد هذا الأجر العظيم الذي حصل بسببه لأفضل الخلق عليه الصلاة والسلام).
(3) في "مجموعة الفتاوى" (القصب).
----------------
(أ) قال أبو عبد الرحمن: "ضعيف" انظر "ضعيف الترغيب والترهيب" ( 877 ، و 2178 )، و"صحيح الترغيب"( 3328 ).










رد مع اقتباس