بسم الله الرحمن الرحيم يسرّ موقع ميراث الأنبياء أن يقدّم لكم تسجيلاً لكلمة بعنوان:«التحذيرات المدنية من القنوات الفضائية» ألقاها فضيلة الشيخ الدّكتور: محمد بن هادي المدخلي –حفظه الله تعالى- ليلة الخميس 19 من شهر جمادى الآخرة من عام 1433هـ في «جامع الأميرة حصة» بمدينة جدّة. نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفع بها الجميع. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمد الهادي الأمين المبعوث رحمة للعالمين حُجّةً على خلق الله أجمعين صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدّين. أمّا بعد: فيا أيّها الإخوة: إن شاء الله لا أطيل عليكم لاسيّما وأنتم قد حضرتم المحاضرة التي ألقاها صاحب الفضيلة الشّيخ: فؤاد العمري جزاه الله خيرًا وبارك فيه وفيكم أجمعين، وأعلم أنّ في هذا شيء من الإثقال عليكم فاحتملوا وإن شاء الله لا أطيل، ولو علمتُ أنّ الكلمة قبلها كلمة ما وافقت على ذلك ولكن الحمد لله على كلّ حال. والموضوع الذي أحبُّ أن أتكلّم معكم فيه معشر الإخوة والأبناء معشر الأخوات والبنات موضوع مهمٌّ جدًّا موضوع ابتلينا به في هذه الآونة ذلكم الموضوع لا يكاد ينجو منه إلاّ من كتب الله له من نجاء ألا وهو: «الفضائيات وما أدراك ما الفضائيات» فإنّ الكلام قبل مدّة حينما جاء هذا البث المباشر كان منصبًّا على التحذير من الفضائيات لما تبثّه من الانحلال الخُلُقي والفساد الذي أدّى في بلد الغرب أو بلاد الغرب إلى كلّ شرٍّ ورذيلة، فكان أكثر النّظر في التّحذير منصبًّا على هذا الجانب جانب الفسق والانحلال الخُلُقي، ثمّ لمّا بدأ غزو الفضائيات تسابق إليها أصحاب المبادئ كلّ صاحب مبدإ يريد أن ينشر مبدأه وكلّ صاحب دعوة يريد أن ينشر دعوته وكلّ صاحب نِحلة يريد أن ينشر نِحلته، فالكفّار الأصليون لهم محطّات في هذا لا تُعدُّ ولا تُحصى تسعى لارتداد المسلمين عن دينهم وقد أفلحوا في هذا الجانب في البلدان الجاهلة المجتمعات الإسلامية الجاهلة، وساند هؤلاء وللأسف من حيث لا يشعرون بعض ضُلاّل أُمّة محمد –صلّى الله عليه وسلّم- باسم الدّعوة إلى «حُرّيّة الرّأي» و«حُرّيّة التّعبير» و«حُرّيّة الاعتقاد» فسهّلوا للنّاس فتح باب الرّدّة والدّخول فيه -عياذًا بالله من ذلك- فنسمع بين الفينة والفينة من يرتدّ ويتنصّر أو يرتدّ ويُلحد والأمر ليس بخفيٍّ عليكم معشر الإخوة الكرام إذ السّاحة تعُجُّ بذلك، وتطوّر الأمر فتسابق أهل البدع والضّلالات فغزوا مجتمعاتنا معشر الإخوة ففُتحت لهم المحطّات الفضائية وجيّشوا الجيوش لها فأمطروا أمّة الإسلام بِوابل من الشُّبه العظيمة التي تُشكّكهم في دينهم وتساعدهم على الانحراف. فمحطّات فضائية متعدّدة رافضيّة تنشر مذهب الرّفض تكفير أصحاب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- والطّعن فيهم والحكم عليهم بأنّهم ارتدّوا إلاّ نفرًا قليلاً والطّعن في أمّهات المؤمنين أزواج رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- ولاسيّما الصّدّيقة بنت الصّدّيق العفيفة الطاهرة المُبرّأة ممّا رماها به رأس المنافقين عبد الله بن أُبيّ بن سلول –لعنه الله- أبد الآباد فورثه هؤلاء الفُجّار فتولّوا القيام على هذا الباب ولعلّكم سمعتم ما صار في العام الماضي وقبله من كلام على أمّنا زوج رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- الطّاهرة العفيفة فراش خير الأنبياء –صلوات الله وسلامه عليه-، فهؤلاء يجهدون وللأسف تجد من أمة الإسلام من يستمع لهم بدعوى أنّ له عقل وله فهم يُميّز به بين الغثّ والسّمين وهذه الدّعوى غير صحيحة فإنّ القلوب ضعيفة والشّبه خطّافة وقد رأينا من أجابهم فارتدّ عن دين الإسلام الصحيح ودخل في مذهب الرّفض من العالَمين العربي والإسلامي بل ومن الأقلّيّات الإسلاميّة في العالَم الغربي ورأيناهم وهم يُلقّنونه البراءة من أبي بكر وعمر –رضي الله تعالى عنهما- سيّدا هذه الأمة بعد نبيّها –صلّى الله عليه وسلّم- وللأسف هذه القنوات يُستمع لها. وقنواتٌ أخرى باسم الإسلام والإسلاميّين تبثّ البدع والشّبهات وتُشكّك في العقائد والأساسيات في ديننا نحن المسلمين؛ فكانوا عونًا لأهل الانحراف الأصلي من الكفرة الفجرة والملاحدة فربما سمعتم عن المنتدى لليبيراليّين السّعوديّين وهؤلاء الفجرة أثرهم عظيم على من قلّت بضاعته في الدّين والعلم حتّى خرج علينا من يتطاول على ربّنا تبارك وتعالى ونبيّنا –صلّى الله عليه وسلّم- من أبنائنا بين المسجدين في الحجاز ثمرة الاستماع إلى هؤلاء والإصغاء لكلامهم، فهؤلاء من يتسمّون بالإسلامييّن لهم قنوات لا تُعدّ ولا تُحصى والمُتكلّمون فيها كثير لا كثّرهم الله ويظهرون للنّاس في زيّ أهل العلم وهم أهل علم بالضّلالة معشر الإخوة والأبناء يُزيّنون للناس الانحراف والنّاس لا يعرفون حقائق هؤلاء وما ينطوون عليهم فيستمعون لهم فتعلق الشّبه بقلوبهم –نسأل الله العافية والسّلامة- وإذا بك إذا جلست في كثير من المجتمعات واللّقاءات والمنتديات تسمع الحديث على ألسنة العامة قال الشّيخ فلان وقال الشّيخ فلان تسمعه وإذا هي أقوال الخوارج وأقوال جهم بن صفوان وعمرو بن عبيد المعتزلي وواصل بن عطاء والبسطامي والحلاّج ومن كان على شاكلتهم فيحرفون الناس بها. وقنوات أخرى تزعم أنّها تسعى إلى تصفية الرّوح وتربية الأرواح قنوات صوفيّة إذا نظرت فيها وإذا بها من الانحراف ما يمجّه أحيانًا من به خبل في عقله فضلاً عن العقلاء رقص ودفوف ويقولون: هذا هو الذّكر؛ رجال ونساء في الحلق ويقولون هذه هي الحضارات وخذ من هذا القبيل ممّا لا يُعدٌّ ولا يُحصى وهو موجود ولهذه القنوات أيضًا متابعون، ثمّ نسمع من بني جلدتنا من الذين يتحدّثون بألسنتنا من يفتح الباب على مصراعيه ويدعو الناس إلى ترك الإسلام وأن يختاروا ما يشاؤون تكفر يقول أكفر بس لا تكون سيّئ أدب لا تسبّ ديني ولا تسبّ النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- ولك أن تكفر الله يقول:﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ شوف الكذب على الله تبارك وتعالى، وتسمعه تارةً يقول: أنا لا أومن بحدّ الرّدّة الذي جاء عن رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- حيث يقول في الحديث الصّحيحلا يحلّ دم امرئ مسلم إلاّ بإحدى ثلاث: الثيّب الزّاني، والنّفس بالنّفس، والتّارك لدينه المفارق للجماعة) فهذا الثّالث نصّ فيه رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- على إهدار دم هذا المسلم الذي ارتدّ وأباح دمه –صلّى الله عليه وسلّم- ويقول عليه الصّلاة والسّلاممن بدّل دينه فاقتلوه) يقول: أنا لا أومن بحدّ الرّدّة؛ من كفر بشيء ممّا جاء به رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- فهو كافر بإجماع العلماء تجد هذا في الفضائيات ومن أبناء جلدتنا يتحدّثون بألسنتنا ويقال عنه: الدّاعية وصدق الله تبارك وتعالى في هؤلاء :﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ القِيَامَةِ لاَ يُنْصَرُونَ﴾ فهذا وأمثاله من الدعاة إلى نار جهنّم الذين حذّرنا رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- منهم لأنّ من أجابهم إلى ما دعوا طرحوه في جهنّم والعياذ بالله والنّاس يسمعون، فأصبحنا الآن نسمع ونرى ونقرأ في الصّحف من هؤلاء المُجرمين الدّعوة إلى «حُرّية الدّين»؛ قبل كانوا يقولون: «حُرّيّة الرّأي» يسترونه قليلاً «حُرّيّة الكلمة»«حُرّيّة التّعبير» الآن انفلت الزّمام «حُرّيّة التّديّن»«حُرّيّة الاعتقاد» فيا لله العجب وهذا موجود؛ ويوجد هذا الباطل العظيم في هذه القنوات التي يُزعم لها أنّها إسلامية فأصبحنا نسمع ذلك. معشر الإخوان: إنّ هذا الأمر الخطير الذي ابتلينا به أعظم والله من الأمر الأوّل وهو الفسق، وذلك أنّ الفاسق لا ينسب فسقه إلى الإسلام ولا إلى الدّين؛ إذا عصا قال: أدع الله لنا بالهداية؛ أمّا صاحب البدعة فإنّه يستميت في سبيل نشرها ونصرتها ويكتسح كلّ من أراد أن يقف في وجهه، ونحن في هذا الزمان معشر الإخوة الحضور قلّ الفقهاء جدًّا قلَّ عُلماء الشّريعة الصّادقون النّاصحون جدًّا