منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الرق في الاسلام
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-05-17, 13:48   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
البربهاري
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

المبحث الثالث: أدب التعامل بين الرقيق والسيد:



1- تعامل السيد مع المملوك:


ومع أن هذا العبد مملوك الرقبة إلا أن الشريعة أوصت بإكرامه والأدب في معاملته حتى لا يشعر بشيء من التنقص والاحتقار.
وهناك توجيهات كثيرة يذكرها العلماء في: (باب: الإحسان إلى المملوك)، منها الوصية الربانية العامة وهي قوله تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم).
يمكن ذكر بعض هذه الآداب والتوجيهات بالتفصيل فمنها:
1- أن الشارع اعتبر الإخوة بين المالك والرقيق لا زالت قائمة:
عن المعرور بن سويد قال: رأيت أبا ذر رضي الله عنه وعليه حلة وعلى غلامه (أي: مملوكه) مثلها، فسألته عن ذلك، فذكر أنه قد ساب رجلاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعيره بأمه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنك امرؤ فيك جاهلية هم إخوانكم وخولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم) متفق عليه.
2- عدم تكليفه ما لا يطيق، فإن كلفه فعليه أن يعينه:
لحديث أبي ذر المتقدم.
قال النووي في "شرح مسلم": (وأجمع العلماء على أنه لا يجوز أن يكلفه من العمل مالا يطيقه فإن كان ذلك لزمه إعانته بنفسه أو بغيره).
3- أن يأكل معك مما تأكل، وتلبسه مما تلبس:
لحديث أبي ذر المتقدم، ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه، فإن لم يجلسه معه، فليناوله لقمة أو لقمتين أو أكلة أو أكلتين، فإنه ولي علاجه) رواه البخاري.
والأُكلة - بضم الهمزة -: هي اللقمة.
4- المنع من ضربه إلا بالطرق الشرعية:
أ- روى مسلم في "صحيحه" عن زاذان أبي عمر قال: أتيت ابن عمر وقد أعتق مملوكاً قال: فأخذ من الأرض عوداً أو شيئاً فقال: ما فيه من الأجر ما يسوى هذا إلا أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته أن يعتقه).
ب- وروى مسلم في "صحيحه" أيضاً عن معاوية بن سويد قال: لطمت مولى لنا فهربت، ثم جئت قبيل الظهر فصليت خلف أبي - وهو سويد بن مقرن - فدعاه ودعاني ثم قال امتثل منه، فعفا ثم قال: كنا بني مقرن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لنا إلا خادمة واحدة، فلطمها أحدنا فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (أعتقوها) قالوا ليس لهم خادم غيرها قال: (فليستخدموها فإذا استغنوا عنها فليخلوا سبيلها).
ج- وروى كذلك عن أبي مسعود البدري قال: كنت أضرب غلاماً لي بالسوط فسمعت صوتا من خلفي (اعلم أبا مسعود) فلم أفهم الصوت من الغضب قال: فلما دنا مني إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يقول: اعلم أبا مسعود اعلم أبا مسعود قال فألقيت السوط من يدي فقال: "أعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام" قال فقلت لا أضرب مملوكا بعده أبداً).
وفي رواية له: (فقلت يا رسول الله: هو حر لوجه الله، فقال: أما لو لم تفعل للفحتك النار أو لمستك النار).
المنع من التمثيل به:
روى أحمد وغيره عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن زنباعاً أبا روح وجد غلاماً له مع جاريته فقطع ذكره وجدع أنفه، فأتى العبد النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما حملك على ما فعلت ؟ قال: فعل كذا كذا قال: اذهب فأنت حر).
وقد حسنه الشيخ الألباني في "الإرواء" برقم: (1744).
قال الشنقيطي بعد كلام متقدم: (مع أنه لم يسلبهم حقوق الإنسانية سلباً كلياً، فأوجب على مالكيهم الرفق والإحسان إليهم، وأن يطعموهم مما يطعمون، ويكسوهم مما يلبسون، ولا يكلفوهم من العمل ما لا يطيقون، وإن كلفوهم أعانوهم، كما هو معروف في السنة الواردة عنه صلى الله عليه وسلم، مع الإيصاء عليهم في القرآن، كما في قوله تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى" إلى قوله: "وما ملكت أيمانكم") أ.هـ
قارن أيها القارئ الكريم بين هذه الأخلاق العظيمة وبين ما يجري في سجون المحتلين لأراضي المسلمين من أصناف التعذيب وألوان الأذى، ولاسيما في سجون هذه الدول التي تتبجح بالعدل وحقوق الإنسان، ستعرف بعدها عظم الفارق بين الطريقتين.