تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : واشنطن ولندن تتحالفان مع الأصولية الشيعية ونظيرتها السنية لإيقاف المد القومي الفارسي ونظيره العربي وإنقاذ مصالحهما في ال


smaa
2012-06-13, 22:24
واشنطن ولندن تتحالفان مع الأصولية الشيعية ونظيرتها السنية لإيقاف المد القومي الفارسي ونظيره العربي وإنقاذ مصالحهما في المنطقة.



بقلم: د.سالم حميد

سيطرت ظاهرة القوميات على المشهد العالمي اعتباراً من خمسينيات القرن الماضي؛ ففي مصر رفع الضباط الأحرار بقيادة جمال عبدالناصر لواء القومية العربية، ورفع محمد مصدق لواء القومية الفارسية في إيران.
وشكلّ مصدق تهديداً للشاه الذي كان يحمي المصالح البريطانية والأمريكية ، ونادى بضرورة تقسيم ثروة النفط على الشعب، ورغم العداء المشترك بين القوميين والأصوليين الشيعة للشاه إلا أن الأصوليين فضلوا التحالف مع الاستخبارات الأميركية في إفشال انقلاب مصدق.
أما عبدالناصر فلم يكن صيداً سهلاً، وتمكن من التصدي للمخططات الأميركية والبريطانية، ونجح في كسب التأييد الشعبي العربي، وحقق شهرة أسطورية على مستوى العالم، لكن طموحاته المعلنة لتصدير الثورة القومية إلى دول الجوار شكلت تهديداً لعدد من الأنظمة العربية، فتحالفت السعودية مع الولايات المتحدة ضد قومية عبدالناصر، وعملت الاستخبارات الأمريكية على دعم مناوئيه من الإقطاعيين والأثرياء المصريين الذين سلبهم عبدالناصر ممتلكاتهم باسم الاشتراكية.
انبهر العرب الذين خضعت بلدانهم للاستعمارين البريطاني والفرنسي بقومية عبدالناصر، وظهر عبدالناصر في صورة المخلّص لهم، وسلمت سوريا قيادها لثورته وانضوت تحت حكمه دون تأنٍ، واستمر عبدالناصر في إثارة العرب لقلب الأنظمة العربية.
نجحت الناصرية فعلاً في إسقاط الملكية الليبية ليتسلم مقاليد الحكم هناك معمر القذافي، وعززت الثورات في الجزائر واليمن والسودان.
أثار الدخول المصري إلى اليمن حفيظة السعودية التي دخلت في حرب باردة مع مصر، ولكن عبدالناصر تمكن من إحداث شرخ في صفوف العائلة السعودية عندما استمال الأمير طلال بن عبدالعزيز، الذي انشق عن النظام السعودي، مما جعل الحرب الباردة السعودية المصرية نموذجاً مصغراً من الحرب الباردة بين أمريكا وروسيا.
كان الملك فاروق الذي انقلب عليه الضباط الأحرار بقيادة عبدالناصر منغمساً في الملذات، كما كان يبالغ في الاستعلاء، مما أفقده التأييد الشعبي والنخبوي في البلاد، وذلك سهل مهمة الضباط الأحرار في الانقلاب عليه، خصوصاً مع تخلي جماعة الإخوان المسلمين عن دعمه.
وكانت الاستخبارات الأميركية على علم بخطة الضباط الأحرار لخلع الملك، لكنها آثرت الوقوف على الحياد رغبة منها في التحالف مع القادة الجدد الذين بدوا أكثر قدرة على حماية مصالحها.
تمكن الرئيس الأميركي روزفلت من اقناع النخبة السياسية في بلاده بضرورة إزاحة الملك فاروق على أمل إقامة علاقات أفضل مع الضباط الأحرار، ولكن النتائج جاءت مخيبة لآماله.
أثارت تهديدات عبدالناصر المستمرة بإغلاق قناة السويس، قلق لندن وواشنطن، وحاولت بريطانيا ترتيب انقلاب ضد عبدالناصر ولكنها فشلت، لكنهما وجدا ضالتهما في جماعة الإخوان المسلمين التي كانت من القوة بحيث يعول عليها في مواجهة عبدالناصر، خصوصاً مع تغلغلها في المفاصل العسكرية للدولة المصرية، بل إن بعض الضباط الأحرار مثل محمد نجيب وأنور السادات كانوا من الإخوان.
أتت الثور بمحمد نجيب رئيساً أولاً لمصر في العهد الجمهوري، وجمال عبدالناصر نائباً له بمباركة أميركية وبريطانية، لكن عبدالناصر كان يتمتع بنفوذ أكبر مما تخيلته واشنطن ولندن، وكان صاحب السلطة الحقيقية على أرض الواقع.
بعد الثورة بعام أي 1953، حظر حكام مصر الجدد جميع الأحزاب السياسية باستثناء الإخوان المسلمين لدورهم الكبير في الثورة.
تجنب عبدالناصر الصدام مع الإخوان في بادئ الأمر إلا أنه لم يكن قادراً على الانسجام ايديولوجياً معهم، فقد كان يريد إقامة دولة علمانية بينما أصر الإخوان على أسلمة الدولة، وإعاقة الخطط الناصرية للإصلاح الزراعي والتعليمي.
بدأت حرب عبدالناصر مع الإخوان عام 1954، بتنحية محمد نجيب، ثم أصدر مرسوماً يقضي بحظر الجماعة واعتبارها خارجة عن القانون، وحاولت الولايات المتحدة وبريطانيا دعم الإخوان، وأقنعت السعودية بتمويلهم، فقام عبدالناصر بالرد عليهم بتأميم الصناعات والأعمال التجارية الكبرى وعلى رأسها قناة السويس.
نجحت الولايات المتحدة في تشكيل خلايا سرية في مصر تعمل ضد عبدالناصر، وأقنعت الإخوان المسلمين بالتعاون مع جماعات إيرانية شيعية متشددة، كان إحدى ثمارها تشكيل خلية "فدائيي الإسلام" التي تزعمها الإيراني نواب الصفوي، والذي زار القاهرة عام 1954 بهدف التنسيق مع جماعة الإخوان بمباركة أميركية.
أسفر التعاون الإيراني الإخواني عن ما يشبه الانتفاضة الشعبية ضد عبدالناصر، لكنه نجح في التصدي لها باعتقال عدد من زعامات الإخوان ومحاكمتهم وشحب الجنسية المصرية من خمسة منهم، من بينهم سعيد رمضان صهر حسن البنا، الذي كانت الولايات المتحدة استقبلته استقبال الملوك العام السابق 1953.
رتبت الاستخبارات البريطانية لاغتيال عبدالناصر، وكلفت أحد عناصر الإخوان بتنفيذ مخطط اغتيال فاشل في 26 اكتوبر 1954 بإطلاق النار عليه من مسافة قريبة، وتم اعتقال الفاعل.
واستمرت المحاولات البريطانية طيلة الخمسينيات متخذة أشكالاً شتى، من دس السم في الطعام أو الشراب أو في السجائر أو السهام القاتلة، وكل تلك المحاولات كان ينفذها أعضاء في جماعة الإخوان، وجميعها باءت بالفشل.
انتقم عبدالناصر باعتقال نحو ألف عضو من الإخوان، ونفذ في بعضهم أحكام الإعدام شنقاً، بالإضافة إلى مصادرة أملاكهم، واستغل عبدالناصر وجود بعض ضباط الاستخبارات النازية السابقين في مصر وقام بتجنيدهم ضمن الاستخبارات المصرية لتعقب الجماعة، في خطوة ذكية تمكن بفضلها من التصدي للمخططات الأميركية والبريطانية.
لم تجد بريطانيا مناصاً من شن الحرب رسمياً على عبدالناصر إثر تأميمه قناة السويس، فشكلت تحالفاً ثلاثياً مع فرنسا وإسرائيل عام 1956، وبدأت حربها ضد مصر التي عُرفت بـ "العدوان الثلاثي".
كانت بريطانيا قبل تلك الحرب قد اجتمعت مع رموز الإخوان في جنيف لترتيب معارضة سرية ضد عبدالناصر في أوروبا وإقامة حكومة جديدة إخوانية في المنفى، وكان الإخوان في غاية التأهب من أجل الانقضاض على السلطة بعد العدوان الثلاثي، ولكن الولايات المتحدة كان لها رأي آخر في ذلك الأمر، ففضلت إعطاء عبدالناصر فرصة أخرى لبناء علاقات جديدة قائمة على مصالح وتسوية طويلة الأمد، ولكن الولايات المتحدة لم تتخل مع ذلك عن دعم الأصولية الإسلامية واحتضانها.
كان محمد مصدق سبق جمال عبدالناصر في قضية التأميم؛ إذ أنه بمجرد توليه رئاسة الوزراء عام 1951 قام بتأميم شركة النفط الإيرانية البريطانية، ليوجه بذلك ضربة قاصمة لبريطانيا التي كانت تعتمد على النفط الإيراني بشكل كبير لتزويد اساطيلها الحربية واحتياجاتها الاستهلاكية.
قررت بريطانيا التحالف مع الأصوليين الشيعة لإسقاط حكم مصدق بوساطة استخبارية أميركية، وهذا ما تم عام 1953، وقام الشاه بإلغاء قرار التأميم مقابل الحفاظ على عرشه.
وقدمت الاستخبارات الأميركية والبريطانية الرشى للملالي آيات الله لحشدهم ضد مصدق، وكان زعيم الإخوان في إيران آية الله سيد أبوالقاسم كاشاني هو من أطلق شرارة المعارضة ضده، في تجربة استنسخت لاحقاً في مصر.
كان كاشاني هو المعلم الروحي لآية الله الخميني، وكان الخميني يقود المظاهرات في شوارع طهران، ومن الغريب أن يقوم الخميني بالاستيلاء على السلطة عام 1979 رغم انه كان مخلصاً ظاهرياً في البداية للشاه، مما يدل على مدى التشابه في الفكر الأصولي الشيعي والإخواني من حيث الانتهازية.
كان الشاه رضا بهلوي يرغب في إنشاء جمهورية علمانية وفق النموذج التركي ولكن آيات الله وعلى رأسهم كاشاني عارضوا الفكرة وأصرّوا على المملكة، تمهيداً للاستيلاء على السلطة، بإبعاد أي منافسين آخرين، ولم يدرك الشاه أن الأميركيين والغرب عموماً سيتخلون عنه بسهولة لاحقاً.
أعلن كاشاني الحرب رسمياً على الشاه عام 1939 عندما قام الشاه بحظر ممارسات الشيعة الدينية القائمة على اللطم والتطبير، على اعتبار أنها طقوس مروعة، وكان أيضاً ألغى الحجاب في عشرينيات القرن الماضي.
تمكن الملالي من استحداث نموذج ثوري فاعل استلهمه لاحقاً الإخوان المسلمون في مصر لدى تشكيلهم تنظيم "فدائيي الإسلام" بزعامة نواب الصفوي، كما عمدوا إلى اغتيال عدد من المسؤولين الإيرانيين، وحاولوا اغتيال الشاه نفسه، وكانت بريطانيا تستخدم هؤلاء الأصوليين للضغط على الشاه وإجباره على تنفيذ مطالبها، إذ أغدقت الاستخبارات البريطانية عليهم الأموال عبر بعض التجار المكلفين بمهمة إيصالها إلى آيات الله الإيرانية.
كاد تأميم مصدق للنفط الإيراني أن يتسبب في غزو بريطاني لإيران تماماً كما حدث لاحقاً في العدوان الثلاثي على مصر 1956، ولكن الولايات المتحدة هي من طالبت بريطانيا بالتروي واستخدام سلاح الأصولية بدلاً من القيام بعمل عسكري، وبالفعل نجحت الفكرة وتم عزل مصدق.
ومع انضمام كاشاني إلى الحلفاء الغربيين ازداد النفوذ الأمريكي البريطاني في إيران وتم تعزيز قوة كاشاني بالسلاح والمال وتم تشجيعه على رفع مستوى الأصولية الإسلامية وكذلك العمليات السرية، بالإضافة إلى التواصل مع العديد من الشخصيات الدينية الإيرانية مثل آية الله بوروجردي وآية الله بهبهاني لتعزيز سيطرتهم وحركاتهم في إيران.
استمات الشاه هو وجهاز استخباراته "السافاك" من أجل الدفاع عن عرشه، ولكن الولايات المتحدة وبريطانيا كانتا عازمتين على عزله، وعقدتا آمالهما على التحالف مع الخميني الذي خيب ظنهما لاحقاً.
يمكن القول وفقاً لذلك أن واشنطن ولندن تتحملان مسؤولية زراعة الورم السرطاني الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، وتسهيل مهمة الخميني الذي عاش في مدينة قُم لمدة عشر سنوات في توحيد العناصر الدينية الشيعية ضد الشاه في ستينات القرن الماضي.
ورغم تنازلات الشاه الكثيرة للولايات المتحدة وشركاتها النفطية، في مقابل تعزيز جيشه، إلا أن الشاه لم يكن راغباً في تقاسم السلطة مع أي طرف آخر مهما كانت توجهاته الفكرية، وهذا ما دفع بالأصوليين إلى الاستيلاء عليها بالقوة.
أما جمال عبدالناصر فقد خرج منتصراً من حرب السويس، وانتقم من الإخوان بطردهم ونفيهم وإعدامهم، وإثر تلك الهزيمة الأميركية أمام عبدالناصر، قررت واشنطن الاستعانة بالسعودية من أجل وقف عبدالناصر، وهذا ما سنفصل فيه الحلقة المقبلة.

smaa
2012-06-13, 22:26
كانت الخلايا السرية لتنظيم الإخوان المسلمين في مصر تتكون من مجموعات يبلغ عدد أفرادها من خمسة إلى سبعة أعضاء، يخضعون مسبقاً لتدريبات عسكرية، ثم يوجهون للانضمام في منظمات أخرى معنية في مختلف الشؤون الحياتية، ومنها الدينية والرياضية والشبابية، أي أن تنظيم الإخوان كان متغلغلاً في كافة شؤون حياة المصريين.
من جهتها، أثنت بريطانيا، عبر سفارتها في القاهرة، على هذا النمو الإخواني الكبير، وكانت على تواصل مستمر مع جماعة الإخوان.
ومن مظاهر قوة جماعة الإخوان، أنها هي من قامت باختيار رئيس الوزراء المصري بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث تم اختيار إسماعيل صدقي باشا، الموالي لها، والذي قدم لها بدوره معسكرات التدريب العسكري، وذلك بسبب حالة الحرب المشتعلة ما بين الحكومة المصرية والشيوعيين، التي اقتضت الاستعانة بالإخوان.
الرئيس المصري الأسبق أنور السادات، كان أحد أعضاء حركة الإخوان، ثم انضم إلى جمال عبدالناصر عام 1949 في تنظيم "الضباط المصريين الأحرار"، واستطاع هذا التنظيم الاستيلاء على الحكم وإلغاء عهد الملكية في مصر، وهو العهد الذي عاش فيه المصريون أجمل أيامهم قبل استيلاء العسكر على الحكم.
ورغم دعم الملك فاروق غير المحدود لهم، آثر الإخوان التنكر لفضله والتخلي عنه، مع العلم أن تنظيم الضباط الأحرار نفسه كان يضم عدداً من الإخوان، وكان أنور السادات هو الوسيط ما بين الجماعة والضباط الأحرار.
يُذكر أن السادات تم اختياره شخصياً من قبل حسن البنا عام 1945 ليكون عضواً في الضباط الأحرار، هذا بالإضافة إلى ضباط آخرين. ولكن جمال عبدالناصر لم يدرك مدى خطورة الإخوانيات إلا في الخمسينات، عندما علم أن للإخوان علاقات مباشرة مع الاستخبارات البريطانية والأميركية والسوفيتية والفرنسية.
القضية الفلسطينية، كانت الورقة الرابحة بالنسبة للجماعة، واكتسبوا الزخم لدعوتهم بفضلها، إذ لعبت الحروب العربية اليهودية دوراً في تفشي الفوضى في الوطن العربي بعد هزيمة الجيوش العربية أمام إسرائيل، بينما ظل الإخوان مستمرين في بناء وحداتهم الشبه عسكرية والمدعومة من بعض الدول العربية، وكانت القضية الفلسطينية الدعاية التي استغلاها الإخوان لترويج أنفسهم سعياً وراء السلطة.
وظل البريطانيون يدعمون إخوان مصر ويعززون علاقاتهم بنظرائهم في الوطن العربي، وخير مثال على ذلك مفتي القدس أمين الحسيني، الذي يعود تاريخ تعاونه مع الإخوان بوساطة انكليزية إلى العام 1935 عندما تم ترتيب لقاء بينه وبين عبدالرحمن شقيق حسن البنا، وتم الاتفاق بينهما على تعزيز الأصولية الإسلامية بمباركة بريطانية بهدف القضاء على القومية العربية أو أية قوى عربية أخرى كالشيوعية أو اليسارية أو العلمانية.
والغريب أن إسرائيل هي الأخرى دخلت الساحة الأصولية وقررت دعم الحركات الإسلامية للقضاء على القومية العربية، نظراً لخطورة الدعوة القومية على أمنها، وبسبب هذا التخوف كانت الجماعة تحقق قفزات متتالية، ونجح سيد رمضان، صهر حسن البنا، في تشكيل أفرع للإخوان في فلسطين والأردن ولبنان وسوريا، بدعوى الإعداد لمحاربة إسرائيل، وذلك ما لم يتم!
يُعرف عن أمين الحسيني كرهه لليهود، وسبق للزعيم النازي ادولف هتلر استقباله لدعم القضية الفلسطينية، ويُذكر أنه درس في الجامع الأزهر، ولكنه فشل في إكمال دراسته، ثم عمل مترجماً لوكالة رويترز للأخبار في القدس، وتعرض للاعتقال عام 1920، ولكن البريطانيين اطلقوا سراحه، ثم قاموا بترقيته وتعيينه مفتياً للقدس رغم أنه لا يتمتع بمؤهلات علمية!
بل أن البريطانيين قاموا بتزوير الانتخابات بقصد تعيينه مفتياً عام 1921، ولكنه اقيل من هذا المنصب عام 1937 بعد اكتشاف علاقته مع النازية الألمانية، ولكن البريطانيين سرعان ما قاموا إثر الإقالة بإنشاء "المجلس الإسلامي الأعلى" عام 1938 وعينوه رئيساً عليها، وكان المجلس مسؤولاً عن الأوقاف الإسلامية.
وسبق للحسيني إقامة مؤتمر إسلامي في القدس عام 1931 بدعم مباشر من جماعة الإخوان، ثم سافر إلى بلدان عدة لجمع المال وحشد الدعم، وقبل ذلك كان مسؤولاً في برلين عن النشرات الألمانية الدعائية المؤيدة لهم في منطقة الشرق الأوسط، كما ساهم في تأسيس شبكة من الجواسيس، كان أغلبهم من البوسنيين المسلمين، ولكنه غادر ألمانيا بعد انهزامها في الحرب، وذهب إلى فرنسا، لكن البريطانيين قرروا استغلال نفوذه ودعايته السياسية بدلاً من اعتقاله، فأرسلوه إلى مصر عام 1946 في ضيافة الملك فاروق.
من المهام التي أوكلتها الاستخبارات البريطانية للحسيني الاشراف على محطة الشرق الأدنى الإذاعية، وقد انبهر البريطانيون بكفاءة الحسيني في حشد عواطف الناس، وفي العام نفسه قام الحسيني وحسن البنا بتشكيل قوات شبه عسكرية تحت مسمى "المنقذين"، بلغ تعدادها نحو 10 آلاف فرد مسلح، وفي عام 1947 عاد الحسيني إلى غزة ليعلن قيام الدولة الفلسطينية وينصّب نفسه رئيساً لها.
لكن الحسيني لم يهنأ كثيراً بذلك التنصيب بعد هزيمة الجيوش العربية 1948 أمام إسرائيل، فقام الإخوان على الفور باستغلال الهزيمة لإشاعة الفوضى والخراب في مصر، لتنتهي سنوات العسل بين الملك وبين الإخوان الذين فضلوا الانقلاب عليه.
أعلن الملك حظر تنظيم الإخوان، فكانت ردة الفعل الإخوانية عنيفة، وقاموا باغتيال رئيس الحكومة المصرية محمود فهمي النقراشي باشا في العام نفسه 1948، فقرر الملك الانتقام بترتيب عملية اغتيال حسن البنا وذلك في يناير 1949.
عملية اغتيال البنا لم تؤدِّ إلى إنهاء الحركة الإخوانية، لأنها حركة ذات أساس قوي، وضعها البنا بأذرع أخطبوط؛ إن قطعت له ذراعاً فسيضربك بأخرى، وقام الإخوان فوراً بتعيين حسن إسماعيل الهضيبي مرشداً أعلى، فقام بتقوية علاقاته مع جميع أجزاء الهيكل السياسي المصري وتحديداً حركة الضباط الأحرار، والتي تمكنت بفضل الدعم الإخواني من إنهاء الملكية المصرية عام 1952.
كما كان لسيد رمضان دور مهم في بقاء الحركة الإخوانية بعد اغتيال البنا ودعم المرشد الجديد، إذ قام بتقوية علاقاته الخارجية للحصول على الدعم المالي السخي من بعض الدول العربية خاصة السعودية، التي كانت تخشى الشيوعية هي الأخرى، وكان البنا قبل اغتياله معتاداً على الذهاب إلى السعودية من أجل المال.
من جهة ثانية، كان الدبلوماسيون الأميركيون في مصر والسعودية على اتصالات دائمة مع الإخوان، وهذا ليس بالأمر المستغرب بعد أن وصل عدد الإخوان في مصر وخارجها إلى ملايين الأعضاء، وانجذبت الولايات المتحدة لهم بسبب مناهضتهم للحركة الشيوعية "الملحدة".
سبق أن ذكرنا في الحلقة الأولى من هذه السلسلة أن الولايات المتحدة كانت ضعيفة أكاديمياً بعد الحرب العالمية الثانية في شؤون الشرق الأوسط، فكانت الاستخبارات الأميركية تعمل على توظيف المتمكنين من اللغة العربية كضباط استخبارات على الطريقة البريطانية، ونظراً لتعرض جميع دول الخليج العربي للاحتلال البريطاني باستثناء السعودية، فقد كانت نقطة الارتكاز الأميركية في المنطقة اثناء الحرب الباردة هي السعودية، وثانياً من أجل النفط السعودي، حيث تم توقيع أول اتفاقية نفطية بين السعودية والولايات المتحدة عام 1933.
وقد لعب دور الوسيط العميل البريطاني المعروف بعبدالله فيلبي، واسمه الحقيقي هو هاري سانت جون بريدجر، وتحوله إلى الإسلام لم يكن إلا ظاهرياً فقط من أجل تحقيق غاياته، فمعروف عنه انه كان ملحداً عندما درس في جامعة كمبريدج، واستطاع على مدى السنوات اللاحقة تحقيق العديد من المكاسب المادية من أعمال تجارية، فكان أول وكيل لسيارات فورد الأميركية في السعودية، ووكيلاً لشركة النفط "ستاندر اويل اوف كاليفورنيا"، هذا بخلاف العطاءات المجزية التي منحه إياها الملك عبدالعزيز.
وفي ظل التنافس البريطاني الأميركي على نفط الشرق الأوسط، وافقت بريطانيا على تنازلها عن النفط السعودي لأميركا شريطة استحواذها وحدها على نفط الخليج والعراق وإيران.
عمل سيد رمضان بإخلاص وتفانٍ من أجل الحركة الإخوانية، خاصة بعد استيلاء جمال عبدالناصر للسلطة في مصر، وكانت السعودية أحد أهم الداعمين له، وذلك بعد بروز السعودية بعد الثروة النفطية كقوة إقليمية منافس لمصر في المنطقة العربية، كما قامت الولايات المتحدة هي الأخرى بتعزيز دور سيد رمضان، وقام الرئيس الأميركي دوايت ايزنهاور باستقباله في البيت الأبيض عام 1953، وكان رمضان حينها يبلغ من العمر 27 عاماً فقط، وتوفي عام 1995 في سويسرا.
من المرجح أن سيد رمضان وُلد عام 1926، وفي عام 1946 قام حسن البنا بتعيينه سكرتيراً شخصياً، وكذلك محرراً في جريدة "الشهاب" الإخوانية، ثم توطدت علاقته أكثر بالبنا وأصبح اكثر قرباً منه بعد زواجه من ابنته، وفي عام 1945 سافر إلى القدس ولاحقاً إلى عمّان ودمشق وبيروت من أجل افتتاح فروع مراكز الإخوانيات في تلك المدن.
وتعتبر حركة "حماس" الفلسطينية أول مركز إخواني يتم افتتاحه في القدس عام 1945، مع العلم أن اسم "حماس" لم يتم اعتماده لمقر الإخوان الفلسطيني إلا في حلول ثمانينات القرن الماضي، وفي العام 1947 وصل عدد مكاتب الإخوان في فلسطين إلى 25 مكتباً، وبلغ عدد افراده نحو 20 ألف فرد، وكل ذلك في فترة قصيرة بسبب دهاء سيد رمضان.
ولم يكتفِ رمضان بالعواصم العربية، بل اتجه أيضاً إلى الدول الإسلامية ومنها باكستان، حيث نجح في تأسيس حركة إخوانية باكستانية بزعامة أصولي اسمه أبوالأعلى المودودي، ونال رمضان الكثير من المساحة الإعلامية الباكستانية وعاش هناك بعد اغتيال البنا، ولم يعد إلى مصر إلا في العام 1950، ولكن قبل عودته إلى مصر كان رمضان قد نجح في تأسيس كتيبة عسكرية من الطلبة الأصوليين تحت اسم "تنظيم الطلبة المسلمين"، وعلى مستوى الأردن وفلسطين نجح رمضان في تأسيس حركة شبيهة تحت اسم "حزب التحرير الإسلامي"، وتوسع في الانتشار في الأردن إلى أن اصبح مقره الرئيس في ألمانيا.
نجاحات سيد رمضان المتعددة هي ما شجع الولايات المتحدة على ضرورة استمالته واتخاذه حليفاً لها، واستقباله استقبال الملوك في البيت الأبيض عام 1953، وكذلك سويسرا هي الأخرى احتضنت رمضان ووافقت بمباركة أميركية في تأسيس مركزه الإسلامي في جنيف ستينات القرن الماضي، وذلك بسبب مواقفه المناهضة للشيوعية والتي تحاربها سويسرا أيضاً.
ولكن الفرحة الأوروبية الأميركية لم تكتمل؛ فبسقوط الملكية في العراق خمسينات القرن الماضي وتحولها نحو الشيوعية، وكذلك نجاح جمال عبدالناصر في إذاعة "صوت العرب"، والتي استطاع من خلالها تجييش مشاعر العرب واستهبالهم والاستخفاف بعقولهم البسيطة وجرهم نحو القومية التي استحسنها العرب عموماً، وشكلت خطراً على الهيمنة الاوروبية الأميركية على الوطن العربي عبر الإخوان المسلمين.
السياسة الإخوانية أيضاً لم تكن بتلك السهولة كي تنهزم، خاصة وأن المال كان يأتيها من الشمال والشرق والغرب، فكان التنظيم الإخواني يعمل على جذب فئة الطلبة من أصحاب التخصصات العلمية والإدارية، ليصوروا لهم أن السياسة الأميركية ذات قيم دينية بينما السياسة السوفييتية إنما سياسة ملحدة، وكانت الأصولية الإسلامية عبارة عن سلاح حاربت به الولايات المتحدة عدوها اللدود الاتحاد السوفييتي.
وعمل الإعلام الأميركي في الخمسينات على تصوير بلاده على أنها دولة تقية دينية، بينما يضطهد الاتحاد السوفييتي الدين واتباعه.
كانت الولايات المتحدة تنطلق بشكل أعمى لمحاربة الشيوعية بالإسلام السياسي، وها هي اليوم تشرب السم نفسه الذي صنعته بيدها! فكان بإمكانها محاربة الشيوعية باستحداث وسائل أخرى دون الحاجة إلى استخدام الدين، ولكنها استخدمت أخطر أداة على وجه الأرض ألا وهي "الإخوانيات".
د.سالم حميد

عبد الله-1
2012-06-13, 22:55
الذي تعلمناه ممن لديهم علم هو أن أمريكا وإيران وإسرائيل دولة واحدة.

smaa
2012-06-13, 23:00
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:

«والعَجَب من قومٍ أرادوا نصرَ الشرع بعقولهم الناقصة، وأَقْيِسَتِهِم الفاسدة، فكان ما فعلوه مَمَرًّا جَرَّأَ الملحدين أعداءَ الدِّين عليه، فلا الإسلامَ نصروا، ولا الأعداءَ كسروا».

reda_2008
2012-06-20, 23:48
لما كان الفرعون مبارك ينتهك اعراض الشعب المصري و يدلهم و يعاملهم معاملة العبيد لمادا لم نسمع لاصواتكم و اليوم اصبح الاخوان المسلمون فيهم كل هده الشرور و العيوب

بحان الله

مبارك و ال سسعود وهم عملاء مع مرتبة الشرف لاسرائيل و امريكا كانوا من اشد الناس على الاخوان الملمين خوفا على حبيبتهم اسرائيل

انا اتمنى ان ينتصر الاخوان في مصر و ان يساعدوا اخوانهم في غزة

وحسبي الله و نعم الوكيل في العملاء و ادنابهم