تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : [جمع] كلام أهل العلم حول الولاء والبراء وحب الكافر


تصفية وتربية
2012-06-13, 21:10
بسم الله الرحمن الرحيم
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فهذا جمع يسير لكلام بعض أهل العلم حول مسألة الولاء والبراء وحب أهل الكفر لأجل دنياهم والاِغترار بأخلاقهم. أسأل الله أن ينفع به

الولاء والبراء
لفضيلة الشيخ
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله -
المقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد:
فإنه بعد محبة الله ورسوله تجب محبة أولياء الله ومعاداة أعدائه.
فمن أصول العقيدة الإسلامية أنه يجب على كل مسلم يدين بهذه العقيدة أن يوالي أهلها ويعادي أعداءها فيحب أهل التوحيد والإخلاص ويواليهم، ويبغض أهل الإشراك ويعاديهم، وذلك من ملة إبراهيم والذين معه، الذين أمرنا بالاقتداء بهم، حيث يقول سبحانه وتعالى : {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاءٌ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} (1).
وهو من دين محمد عليه الصلاة والسلام. قال تعالى : {لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (2).
وهذه في تحريم موالاة أهل الكتاب خصوصًا. وقال في تحريم موالاة الكفار عمومًا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} (3).
بل لقد حرَّم على المؤمن موالاة الكفار ولو كانوا من أقرب الناس إليه نسبًا، قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (3).
وقال تعالى: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} (4).
وقد جهل كثير من الناس هذا الأصل العظيم، حتى لقد سمعت بعض المنتسبين إلى العلم والدعوة في إذاعة عربية يقول عن النصارى إنهم إخواننا، ويا لها من كلمة خطيرة.
وكما أن الله سبحانه حرَّم موالاة الكفار أعداء العقيدة الإسلامية فقد أوجب سبحانه موالاة المؤمنين محبتهم، قال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ، وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} (5).
وقال تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} (6).
وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (7).
فالمؤمنون إخوة في الدين والعقيدة وإن تباعدت أنسابهم وأوطانهم وأزمانهم قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (8).
فالمؤمنون من أول الخليقة إلى آخرها مهما تباعدت أوطانهم وامتدت أزمانهم إخوة متحابون يقتدى آخرهم بأولهم ويدعون بعضهم لبعض ويستغفر بعضهم لبعض.

وللولاء والبراء مظاهر تدل عليهما:
أولاً : من مظاهر موالاة الكفار
1ـ التشبه بهم في الملبس والكلام وغيرهما:
لأن التشبه بهم في الملبس والكلام وغيرهما يدل على محبة المتشبه به، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من تشبه بقوم فهو منهم".
فيحرم التشبه بالكفار فيما هو من خصائصهم من عاداتهم، وعباداتهم، سمتهم وأخلاقهم كحلق اللحى، وإطالة الشوارب، والرطانة بلغتهم إلا عند الحاجة، وفي هيئة اللباس، والأكل والشرب وغير ذلك.
2 ـ الإقامة في بلادهم وعدم الانتقال منها إلى بلد المسلمين لأجل الفرار بالدين:
لأن الهجرة بهذا المعنى، ولهذا الغرض واجبة على المسلم. لأن إقامته في بلاد الكفر تدل على موالاة الكافرين – ومن هنا حرَّم الله إقامة المسلم بين الكفار إذا كان يقدر على الهجرة، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا، إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً، فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا} (1).
فلم يعذر الله في الإقامة في بلاد الكفار إلا المستضعفين الذين لا يستطيعون الهجرة. وكذلك من كان في إقامته مصلحة دينية كالدعوة إلى الله ونشر الإسلام في بلادهم.
3 ـ السفر إلى بلادهم لغرض النزهة ومتعة النفس.
والسفر إلى بلاد الكفار مُحرَّم إلا عند الضرورة – كالعلاج والتجارة والتعليم للتخصصات النافعة التي لا يمكن الحصول عليها إلا بالسفر إليهم – فيجوز بقدر الحاجة، وإذا انتهت الحاجة وجب الرجوع إلى بلاد المسلمين.
ويشترط كذلك لجواز هذا السفر أن يكون مُظهِرًا لدينه معتزًا بإسلامه مبتعدًا عن مواطن الشر، حذرًا من دسائس الأعداء ومكائدهم، وكذلك يجوز السفر أو يجب إلى بلادهم إذا كان لأجل الدعوة إلى الله ونشر الإسلام.
4 ـ إعانتهم ومناصرتهم على المسلمين ومدحهم والذب عنهم.
وهذا – من نواقض الإسلام وأسباب الردة – نعوذ بالله من ذلك.
5 ـ الاستعانة بهم والثقة بهم وتوليتهم المناصب التي فيها أسرار المسلمين واتخاذهم بطانة ومستشارين.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ، هَاأَنتُمْ أُوْلاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ، إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا} (2).
فهذه الآيات الكريمة تشرح دخائل الكفار وما يكنونه نحو المسلمين من بغض وما يدبرونه ضدهم من مكر وخيانة وما يحبونه من مضرة المسلمين وإيصال الأذى إليهم بكل وسيلة، وأنهم يستغلون ثقة المسلمين بهم فيخططون للإضرار بهم والنيل منهم.
روى الإمام أحمد عن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – قال: قلت لعمر –رضي الله عنه-: لي كاتب نصراني، قال: مالك قاتلك الله، أما سمعت قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (1). ألا اتخذت حنيفًا، قلت يا أمير المؤمنين لي كتابته وله دينه، قال: لا أكرمهم إذ أهانهم الله، ولا أعزهم إذ أذلهم الله، ولا أدنيهم وقد أقصاهم الله.
وروى الإمام أحمد ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى بدر فتبعه رجل من المشركين فلحقه عند الحرة، فقال: إني أردت أن أتبعك وأصيب معك، قال: تؤمن بالله ورسوله؟ قال: لا. قال: ارجع فلن أستعين بمشرك.
ومن هذه النصوص يتبين لنا تحريم تولية الكفار أعمال المسلمين التي يتمكنون بواسطتها من الاطلاع على أحوال المسلمين وأسرارهم ويكيدون لهم بإلحاق الضرر بهم.
ومن هذا ما وقع في هذا الزمان من استقدام الكفار إلى بلاد المسلمين – بلاد الحرمين الشريفين – وجعلهم عمالاً وسائقين ومستخدمين، ومربين في البيوت وخلطهم مع العوائل، أو خلطهم مع المسلمين في بلادهم.
6 ـ التأريخ بتاريخهم خصوصًا التاريخ الذي يعبر عن طقوسهم وأعيادهم كالتاريخ الميلادي.
والذي هو عبارة عن ذكرت مولد المسيح عليه السلام، والذي ابتدعوه من أنفسهم وليس هو من دين المسيح عليه السلام، فاستعمال هذا التاريخ فيه مشاركة في إحياء شعارهم وعيدهم.
ولتجنب هذا لما أراد الصحابة – رضي الله عنهم – وضع تاريخ للمسلمين في عهد الخليفة عمر – رضي الله عنه – عدلوا عن تواريخ الكفار وأرّخوا بهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم مما يدل على وجوب مخالفة الكفار في هذا وفي غيره مما هو من خصائصهم – والله المستعان.
7 ـ مشاركتهم في أعيادهم أو مساعدتهم في إقامتهم أو تهنئتهم بمناسبتها أو حضور إقامتها.
وقد فسر قوله سبحانه وتعالى: { وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ}(2).
أي ومن صفات عباد الرحمن أنهم لا يحضرون أعيان الكفار.
8 ـ مدحهم والإشادة بما هم عليه من المدنية والحضارة والإعجاب بأخلاقهم ومهاراتهم دون نظر إلى عقائدهم الباطلة ودينهم الفاسد.
قال تعالى: {لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرُ وَأَبْقَى} (3).
وليس معنى ذلك أن المسلمين لا يتخذون أسباب القوة من تعلم الصناعات ومقومات الاقتصاد المباح والأساليب العسكرية بل ذلك مطلوب، قال تعالى: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} (4).

وهذه المنافع والأسرار الكونية هي في الأصل للمسلمين، قال تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (1).
وقال تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} (2).
وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} (3).
فالواجب أن يكون المسلمون سباقين إلى استغلال هذه المنافع وهذه الطاقات، ولا يستجدون الكفار في الحصول عليها، بل أن يكون لهم مصانع وتقنيات.
9 ـ التسمي بأسمائهم:
بحيث يسمي بعض المسلمين أبنائهم وبناتهم بأسماء أجنبية ويتركون أسماء آبائهم، وأمهاتهم وأجدادهم وجداتهم والأسماء المعروفة في مجتمعهم. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "خير الأسماء عبد الله وعبد الرحمن" وسبب تغيير الأسماء فقد وجد جيل يحمل أسماء غريبة، مما يسبب الانفصال بين هذا الجيل والأجيال السابقة ويقطع التعارف بين الأسر التي كانت تعرف بأسمائها الخاصة.
10 ـ الاستغفار لهم والترحم عليهم.
وقد حرَّم الله ذلك بقوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} (4). لأن هذا يتضمن حبهم وتصحيح ما هم عليه.

ثانيًا : من مظاهر موالاة المؤمنين
1 ـ الهجرة إلى بلاد المسلمين وهجر بلاد الكافرين.
والهجرة هي الانتقال من بلاد الكفار إلى بلاد المسلمين لأجل الفرار بالدين.
والهجرة بهذا المعنى ولأجل هذا الغرض واجبة وباقية إلى طلوع الشمس من مغربها عند قيام الساعة، وقد تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين، فتحرم على المسلم الإقامة في بلاد الكفار إلا إذا كان لا يستطيع الهجرة منها. أو كان في إقامته مصلحة دينية كالدعوة إلى الله ونشر الإسلام. قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا، إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً، فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا}(5).
2 ـ مناصرة المسلمين ومعاونتهم بالنفس والمال واللسان فيما يحتاجون إليه في دينهم ودنياهم.
قال تعالى : { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْض ٍ}(6).
وقال تعالى: { وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ }(7).

3 ـ التألم لألمهم والسرور بسرورهم.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مثل المسلمين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا وشبك بين أصابعه صلى الله عليه وسلم".
4 ـ النصح لهم ومحبة الخير لهم وعدم غشهم وخديعتهم.
قال صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".
وقال: "المسلم أخو المسلم لا يحقره ولا يخذله ولا يسلمه، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه".
وقال عليه الصلاة والسلام: "لا تباغضوا ولا تدابروا ولا تناجشوا ولا يبع بعضهم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا".
5 ـ احترامهم وتوقيرهم وعدم تنقصهم وعيبهم.
قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ}(1).
6 ـ أن يكون معهم في حال العسر واليسر والشدة والرخاء.
بخلاف أهل النفاق الذين يكونون مع المؤمنين في حالة اليسر والرخاء ويتخلون عنهم في حال الشدة.
قال تعالى: { الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللَّهِ قَالُواْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ}(2).
7 ـ زيارتهم ومحبة الالتقاء بهم والاجتماع معهم.
وفي الحديث القدسي: (وجبت محبتي للمتزاورين فيَّ). وفي حديث آخر: (أن رجلاً زار أخًا له في الله فأرصد الله على مدرجته ملكًا – فسأله أين تريد؟ قال أزور أخًا لي في الله، قل: هل لك عليه من نعمة تربها عليه، قال لا: غير أني أحببته في الله، قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه).
8 ـ احترام حقوقهم.
فلا يبيع على بيعهم ولا يسوم على سومهم ولا يخطب على خطبتهم ولا يتعرض لما سبقوا إليه من المباحات.
قال صلى الله عليه وسلم: "ألا لا يبع الرجل على بيع أخيه ولا يخطب على خطبته". وفي رواية: "ولا يسم على سومه".
9 ـ الرفق بضعفائهم.
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا". وقال عليه الصلاة والسلام: "هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم".
وقال تعالى: { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}(1).
10 ـ الدعاء لهم والاستغفار لهم.
قال تعالى: { وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}(2).
وقال سبحانه: { رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ}(3).

تــنــبـيه :
وأما قوله تعالى: { لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}(4).
فمعناه أن من كف أذاه من الكفار فلم يقاتل المسلمين ولم يخرجهم من ديارهم فإن المسلمين يقابلون ذلك بمكافأته بالإحسان والعدل معه في التعامل الدنيوي ولا يحبونه بقلوبهم لأن الله قال: {أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ}.
ولم يقل توالونهم وتحبونهم.
ونظير هذا قوله تعالى في الوالدين الكافرين: { وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ}(5).
وقد جاءت أم أسماء إليها تطلب صلتها وهي كافرة فاستأذنت أسماء رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في ذلك فقال لها: "صِلِي أمك" وقد قال الله تعالى: { لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ}(6).
فالصلة والمكافأة الدنيوية شيء، والمودة شيء آخر.
ولأن في الصلة وحسن المعاملة ترغيبًا للكافر في الإسلام فهما من وسائل الدعوة بخلاف المودة والموالاة فهما يدلان على إقرار الكافر على ما هو عليه والرضى عنه وذلك يسبب عدم دعوته إلى الإسلام.
وكذلك تحريم موالاة الكفار لا تعني تحريم التعامل معهم بالتجارة المباحة واستيراد البضائع والمصنوعات النافعة والاستفادة من خبراتهم ومخترعاتهم.
فالنبي – صلى الله عليه وسلم- استأجر ابن أريقط الليثي ليدله على الطريق وهو كافر واستدان من بعض اليهود.
وما زال المسلمون يستوردون البضائع والمصنوعات من الكفار وهذا من باب الشراء منهم بالثمن وليس لهم علينا فيه فضل ومِنَّة.
وليس هو من أسباب محبتهم وموالاتهم، فإن الله أوجب محبة المؤمنين وموالاتهم وبغض الكافرين ومعاداتهم.
قال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَـئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (7).
إلى قوله تعالى: { وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} (1).
قال الحافظ ابن كثير: ومعنى قوله: {إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} أي إن لم تجانبوا المشركين وتوالوا المؤمنين وإلا وقعت فتنة في الناس وهو التباس الأمر واختلاط المؤمنين بالكافرين فيقع بين الناس فساد منتشر عريض طويل..] انتهى.. قلت : وهذا ما حصل في هذا الزمان والله المستعان.

أقسام الناس فيما يجب في حقهم من الولاء والبراء

الناس في الولاء والبراء على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: من يحب محبة خالصة لا معادة معها
وهم المؤمنون الخلّص من الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين.
وفي مقدمتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه تجب محبته أعظم من محبة النفس والولد والوالد والناس أجمعين.
ثم زوجاته أمهات المؤمنين وأهل بيته الطيبين وصاحبته الكرام – خصوصًا الخلفاء الراشدين وبقية العشرة والمهاجرين والأنصار وأهل بدر وأهل بيعة الرضوان ثم بقية الصحابة – رضي الله عنهم – أجمعين.
ثم التابعين والقرون المفضلة وسلف هذه الأمة وأئمتها – كالأئمة الأربعة.
قال تعالى: { وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }(2).
ولا يبغض الصحابة وسلف هذه الأمة من في قلبه إيمان.
وإنما يبغضهم أهل الزيغ والنفاق وأعداء الإسلام كالرافضة والخوارج نسأل الله العافية.

القسم الثاني: من يبغض ويعادي بغضًا ومعاداة خالصين لا محبة ولا موالاة معهما
وهم الكفار الخلص من الكفار والمشركين والمنافقين والمرتدين والملحدين على اختلاف أجناسهم.
كما قال تعالى: { لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} (3).
وقال تعالى عائبًا على بني إسرائيل: { تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ، وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَـكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } (4).

القسم الثالث: من يحب من وجه ويبغض من وجه
فتجتمع فيه المحبة والعداوة وهم عصاة المؤمنين. يحبون لما فيهم من الإيمان ويبغضون لما فيهم من المعصية التي هي دون الكفر والشرك.
ومحبتهم تقتضي مناصحتهم والإنكار عليهم. فلا يجوز السكوت على معاصيهم بل ينكر عليهم ويؤمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وتقام عليهم الحدود والتعزيرات حتى يكفوا عن معاصيهم ويتوبوا من سيئاتهم.
ولكن لا يبغضون بغضًا خالصًا ويتبرأ منهم كما تقوله الخوارج في مرتكب الكبيرة التي هي دون الشرك.
ولا يحبون ويوالون حبًا وموالاة خالصين كما تقوله المرجئة بل يعتدل في شأنهم على ما ذكرنا كما هو مذهب أهل السنة والجماعة.
والحب في الله والبغض في الله أوثق عرى الإيمان، والمرء مع من أحب يوم القيامة كما في الحديث.
وقد تغير الوضع وصار غالب موالاة الناس ومعاداتهم لأجل الدنيا فمن كان عنده طمع من مطامع الدنيا والوه وإن كان عدوًّا لله ولرسوله ولدين المسلمين.
ومن لم يكن عنده طمع من مطامع الدنيا عادوه ولو كان وليًّا لله ولرسوله عند أدنى سبب وضايقوه واحتقروه.
وقد قال عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما -: "من أحب في الله وأبغض في الله ووالى في الله وعادى في الله فإنما تنال ولاية الله بذلك، وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا وذلك لا يجدي على أهله شيئًا"(1).
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى قال: من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب".(2).
وأشد الناس محاربة لله من عادى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبهم وتنقصهم.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: "الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضًا، فمن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه".(3).
وقد صارت معاداة الصحابة وسبهم دينًا وعقيدة عند بعض الطوائف الضالة.
نعوذ بالله من غضبه وأليم عقابه، ونسأله العفو والعافية، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه.

تصفية وتربية
2012-06-13, 21:12
السؤال:
ما هو الولاء والبراء؟
الإجابة:
البراء والولاء لله سبحانه: أن يتبرأ الإنسان من كل ما تبرأ الله منه كما قال سبحانه وتعالى: {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً}، وهذا مع القوم المشركين كما قال سبحانه: {وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله}.
فيجب على كل مؤمن أن يتبرأ من كل مشرك وكافر. فهذا في الأشخاص.
وكذلك يجب على المسلم أن يتبرأ من كل عملٍ لا يرضي الله ورسوله وإن لم يكن كفراً، كالفسوق والعصيان كما قال سبحانه: {ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون}.
وإذا كان مؤمن عنده إيمان وعنده معصية، فنواليه على إيمانه، ونكرهه على معاصيه، وهذا يجري في حياتنا، فقد تأخذ الدواء الكريه الطعم وأنت كاره لطعمه، وأنت مع ذلك راغب فيه لأن فيه شفاء من المرض.
وبعض الناس يكره المؤمن العاصي أكثر مما يكره الكافر، وهذا من العجب وهو قلب للحقائق، فالكافر عدو لله ولرسوله وللمؤمنين ويجب علينا أن نكرهه من كل قلوبنا {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة}، {يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين. فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده}، فيصل المطيع وإن عظمت معصيته قوله تعالى فيمن قتل مؤمناً عمداً: {فمن عُفِيَ له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان}، فجعل الله القاتل عمداً أخاً للمقتول مع أن القتل -قتل المؤمن عمداً- من أعظم الكبائر، وقوله تعالى في الطائفتين المقتتلتين من المؤمنين: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما}، إلى قوله: {إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم}، فلم يخرج الله الطائفتين المقتتلتين من الإيمان ولا من الأخوة الإيمانية.
فإن كان في الهجر مصلحة أو زوال مفسدة بحيث يكون رادعاً لغير العاصي عن المعصية أو موجباً لإقلاع العاصي عن معصيته كان الهجر حينئذٍ جائزاً بل مطلوباً طلباً لازماً أو مرغباً فيه حسب عظم المعصية التي هجر من أجلها. ودليل ذلك قصة كعب بن مالك وصاحبيه رضي الله عنهم وهم الثلاثة الذين خلِّفوا، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهجرهم ونهى عن تكليمهم فاجتنبهم الناس، حتى إن كعباً رضي الله عنه دخل على ابن عمه أبي قتادة رضي الله عنه وهو أحب الناس إليه فسلم عليه فلم يرد عليه السلام.
فصار بهذا الهجر من المصلحة العظيمة لهؤلاء الثلاثة من الرجوع إلى الله عز وجل والتوبة النصوح والابتلاء العظيم ولغيرهم من المسلمين ما ترجحت به مصلحة الهجر على مصلحة الوصل.
أما اليوم فإن كثيراً من أهل المعاصي لا يزيدهم الهجر إلاّ مكابرة وتمادياً في معصيتهم ونفوراً وتنفيراً عن أهل العلم والإيمان فلا يكون في هجرهم فائدة لهم ولا لغيرهم.
وعلى هذا فنقول: إن الهجر دواء يستعمل حيث كان فيه الشفاء، وأما إذا لم يكن فيه شفاء أو كان فيه إشفاء وهو الهلاك فلا يستعمل.
فأحوال الهجر ثلاث:
إما أن تترجح مصلحته فيكون مطلوباً.
وإما أن تترجح مفسدته فينهى عنه بلا شك.
وإما أن لا يترجح هذا ولا هذا فالأقرب النهي عنه لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة".
أما الكفار المرتدون فيجب هجرهم والبعد عنهم وأن لا يجالسوا ولا يواكلوا، وذلك إذا قام الإنسان بنصحهم ودعوتهم إلى الرجوع إلى الإسلام فأبوا، وذلك لأن المرتد لا يقر على ردته بل يدعى إلى الرجوع إلى ما خرج منه فإن أبى وجب قتله، وإذا قتل على ردته فإنه لا يغسل، ولا يكفن، ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين، وإنما يرمى بثيابه ورجس دمه في حفرة بعيداً عن المقابر الإسلامية في مكان غير مملوك.
وأما الكفار غير المرتدين فلهم حق القرابة إن كانوا من ذوي القربى كما قال تعالى: {وآت ذا القربى حقه}، وقال في الأبوين الكافرين المشركين: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلي}.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلدالاول - باب الولاء والبراء

تصفية وتربية
2012-06-13, 21:15
مسائل متعلّقة بالولاء والبراء، للعلامة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله.

يقول الشيخ: فهذه المسألة تتعلق بعداوة الكفار وعدم، وهي لا تقتضي أننا نقاطع الكفّار في الأمور والمنافع الدنيوية، بل نستثني من ذلك أمور:
الأوّل: أنه مع بغضنا لهم وعداوتنا لهم يجب أن ندعوهم إلى الله سبحانه وتعالى، يجب أن ندعوهم إلى الله ولا نتركهم ونقول: هؤلاء أعداء الله وأعداؤنا.
يجب علينا أن ندعوهم إلى الله لعل الله أن يهديهم، فإن لم يستجيبوا فإنا نقاتلهم مع القدرة،
فإما أن يدخلوا في الإسلام، وإما أن يبذلوا الجزية إن كانوا من اليهود والنصارى أو المجوس، وهم صاغرون ويخضعون لحكم الإسلام، ويتركون على ما هم عليه.
لكن بشرط:
1. دفع الجزية
2. خضوعهم لحكم الإسلام
أما إن كانوا غير كتابيين وغير مجوس ففي أخذ الجزية منهم خلاف بين العلماء.
الثانية: لا ما نع من مهدانة الكفّار عند الحاجة، إذا احتاج المسلمون لمهادنتهم لكون المسلمين لا يقدرون على قتالهم، ويخشى على المسلمين من شرهم، لا بأس بالمهادنة إلى أن يقوى المسلمين على قتالهم أو إذا طلبوا هم المهادنة http://www.noor-alyaqeen.com/vb/imgcache/4356.imgcache.gifوإن جنحوا للسلم فاجنح لهاhttp://www.noor-alyaqeen.com/vb/imgcache/4357.imgcache.gif [الأنفال:61]
فيهادنون لكن ليس هدنة دائمة إنما هدنة مؤقتة مؤجلة إلى أجل حسب رأي إمام المسلمين لما فيه من المصلحة.
الثالثة: لا مانع من مكافئتهم على الإحسان إذا أحسنوا للمسلمين، لا مانع أن يكافؤوا على إحسانهم،قال الله تعالى: http://www.noor-alyaqeen.com/vb/imgcache/4356.imgcache.gifلا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إنّ الله يحب المقسطينhttp://www.noor-alyaqeen.com/vb/imgcache/4357.imgcache.gif[الممتحنة:8]
الرابعة: الوالد الكافر يجب على ولده المسلم أن يبرّه، لكنه لا يطيعه في الكفر لقوله تعالى: http://www.noor-alyaqeen.com/vb/imgcache/4356.imgcache.gifووصّينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إليّ المصيرhttp://www.noor-alyaqeen.com/vb/imgcache/4358.imgcache.gifوإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إليّhttp://www.noor-alyaqeen.com/vb/imgcache/4357.imgcache.gif [لقمان:14-15]
الوالد له حق وإن كان كافراً، لكن لا تحبه المحبة القلبيّة، بل تكافئة على تربيته لك، وأنه والد، وله حق تكافئه على ذلك.
الخامسة: تبادل التجارة معهم والشراء مهنم، شراء الحاجات منهم واستيراد البضائع والأسلحة منهم بالثمن لا بأس بذلك،
[وقد كان النبي صلى الله عليه وسلّم يتعامل مع الكفّار، وكذلك عامل أهل خيبر وهم يهود على أن يزرعوا الأرض بجزء مما يخرج منها]
ليس هذا من الموالاة والمحبّة، وإنما هو تبادل مصالح.
يجب أن نعرف هذه الأمور، وأنها لا تدخل في الموالاة وليس منهياً عنها.
كذلك الاستدانة منهم، النبي صلى الله عليه وآله وسلم استدان من اليهودي طعاماً، ورهن درعه عنده ومات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بطعام اشتراه لأهله.
لا مانع من هذا، لأن هذه أمور دنيوية ومصالح ولا تدل على المحبّة والمودة في القلوب.
فلا بد أن نفرق بين هذا وهذا، لأن بعض الناس إذا سمع نصوص العداوة للكفار وعدم محبتهم، قد يفهم أنه لا يتعامل معهم، ولا يتصل بهم نهائياً، وأن تكون مقاطعة نهائيّة.
لا!!! هذا محدد بأحكام وبحدود وبشروط معروفة عند أهل العلم مأخوذة من كتاب الله وسنة رسوله http://www.noor-alyaqeen.com/vb/imgcache/4359.imgcache.gif.
السادسة: أباح الله التزوج من نساء أهل الكتاب بشرط:
[أن يكنّ عفيفات في أعراضهن، وأباح الله لنا أكل ذبائحهم]
السابعة: لا بأس بإجابة دعوتهم، وأكل طعامهم المباح كما فعل النبي http://www.noor-alyaqeen.com/vb/imgcache/4359.imgcache.gif
الثامنة: الإحسان إلى الجيران من الكفّار، لأنهم لهم حق الجوار.
التاسعة: لا يجوز ظلمهم قال تعالى http://www.noor-alyaqeen.com/vb/imgcache/4356.imgcache.gifولا يجرمنّكم شنئان قومٍ على ألاّ تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوىhttp://www.noor-alyaqeen.com/vb/imgcache/4357.imgcache.gif [المائدة:8] اهـ
من كتاب الأصول الثلاثة ص66-67-68-69

تصفية وتربية
2012-06-13, 21:24
السؤال:
متى تكون موالاة المشركين كفراً أكبر مخرج من الملة ؟ ومتى تكون ذنباً وكبيرة من كبائر الذنوب ؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فالموالاة أقسام وأنواع منها المكفر ومنا المفسق، وثمة أمور يتوهم البعض أنها من الموالاة وليس الأمر كذلك.
معنى الموالاة والتولي
الموالاة مأخوذة من الفعل: والى يوالي موالاة، وهي بمعنى النصرة والتأييد.
قال تعالى: {وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}[البقرة:257]، وقال تعالى في سورة المائدة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {51}، وقال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ {55} وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ {56} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {57}
والآيات في الموالاة كثيرة.
وكلها بمعنى النصرة والتأييد، فأمر تعالى بمحبة المؤمنين ونصرتهم، ونهى عن محبة الكفار ونصرتهم.
قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب -رحمهُ اللهُ-: عن الموالاة «هي لازم الحب، وهي النُّصرة، والإكرام والاحترام، والكون مع المحبوبين باطناً وظاهراً»().
وما ذكره الشيخ سليمان -رحمهُ اللهُ- هو الموالاة التامة التي من صرفها لله ورسوله والمؤمنين كان مؤمناً تام الإيمان، ومن صرفها للمشركين كان مشركاً مثلهم.
وأما التولي: فهو مأخوذ من الفعل «تولَّى»، وقد ورد في القرآن على أحوال عديدة أذكرها إجمالاً:
1- أن تتعدى كلمة «تولى» بنفسها: تولى فلانٌ فلاناً أي ناصره وأيده.
وتأتي بمعنى: اتبعه وأطاعه، قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ}[الحج:4]، وقال: {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ}[النحل:100].
وتأتي بمعنى: قام بالأمر، ومنه قوله تعالى: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[النور:11].
2- أن تتعدى بحرف الجر «إلى» كقوله تعالى: {ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ}[القصص:24] أي: انصرف إليه.
3-أن تتعدى بحرف الجر «عن» قال تعالى {ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ}[النمل:28] أي: ابتعد واستأخر.
4- أن تكون لازمة فتأتي بمعنى: «عصى»، وبمعنى «أعرض»، قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا}[الفتح:17]، وقال: {وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ}[هود:52].
فمما سبق يتبين أن الموالاة والتولي بينهما اشتراك في اللفظ وفي المعنى لذلك اختلف العلماء هل هما بمعنى واحد ولها نفس الحكم ؟ أم بينهما اختلاف؟
هل هناك فرق بين الموالاة والتولي؟
الذي عليه أكثر العلماء أن الموالاة مثل التولي تشمل المحبة والنصرة والتأييد، وقد تكون الموالاة بدون محبة، وقد يكون التولي بدون محبة.
فجعلوا الموالاة والتولي بمعنى واحد وأقسامهما واحدة: منها المكفرة ومنها المفسقة.
ومن العلماء من خصَّ التولي بأحد أنواع الموالاة وهي الموالاة التامة، فكل تولٍ فهو موالاة، ولي كل موالاة تولياً.
أقسام الموالاة
تنقسم الموالاة إلى قسمين:
موالاة مكفِّرة، وموالاة محرَّمة لا تخرج من الملة.
فالموالاة المكفرة هي التامة التي تكون مشتملة على حب دين الكفار، وحب ظهور على المسلمين أو العمل على ذلك.
ولها صور:
الصورة الأولى: محبة الكفار لدينهم في الباطن مع إظهار العداوة لهم في الظاهر، فهذه موالاة مكفرة، وهي ما كان عليه المنافقون وهذه من صور التولي المخرج من الملة عند من يفرق بين الموالاة والتولي.
وإن كان المنافقون قد أظهروا موالاة الكفار بعذر واهٍ وهو مخافة أن تدور عليهم الدوائر، متغافلين عن التوكل على الله والاعتماد عليه بسبب ما في قلوبهم من مرض النفاق.
قال تعالى: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ}[المائدة:52]
قال ابن جرير الطبري -رحمهُ اللهُ-: «لا شك أن الآية نزلت في منافق كان يوالي يهود أو نصارى خوفا على نفسه من دوائر الدهر لأن الآية التي بعد هذه تدل على ذلك وذلك قوله: {فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة}»().
وسئل الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن -رحمهُم اللهُ- عن الفرق بين الموالاة والتولي، فأجاب: «التولي كفر يخرج من الملة، وهو كالذب عنهم وإعانتهم بالمال والبدن والرأي، والموالاة كبيرة من كبائر الذنوب، كبل الدواة أو بري القلم أو التبشش لهم، أو رفع الصوت لهم»().
فالذي يذب عن الكفار، ويساعدهم بماله وبدنه ورأيه فلا شك في كفره لأنه مظاهر للمشركين على المسلمين، ولأنه -أيضاً- لا يقوم بذلك إلا وهو يحب دينهم أو يبغض دين المسلمين فتكون الموالاة هنا تامة.
قال شيخ الإسلام -رحمهُ اللهُ-: « فبين سبحانه وتعالى أن الإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه مستلزم لعدم ولايتهم، فثبوت ولايتهم يوجب عدم الإيمان لأن عدم اللازم يقتضي عدم الملزوم».
وقال -رحمهُ اللهُ-: « فإنَّ الموالاة موجبها التعاون والتناصر».
ولأن إعانة الكفار بالرأي دون مظاهرة أو محبة دينهم من الموالاة المحرمة وليست من الموالاة المكفرة بإجماع أهل السنة كما تضمنه كلام الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن -رحمهُم اللهُ-.
وبين الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف -رحمهُ اللهُ- أن مساعدتهم ببري القلم أو بَلِّ الدواة -وهي مساعدة إما بالبدن، وإما بالمال-: من الموالاة المحرمة وليست المكفرة لأن هذه الأمور لا تستلزم محبة دينهم، وليست من المظاهرة بل قد تكون بسبب محبتهم المحبة الدنيوية.
الصورة الثانية: محبة الكفار، والرغبة فيهم وفي دينهم، باطناً وظاهراً فهذا كفر صريح، وهذه هي الموالاة التامة، وهي التولي عند من يفرق بين الموالاة والتولي.
قال ابن القيم -رحمهُ اللهُ-: «أنه سبحانه قد حكم ولا أحسن من حكمه أنه من تولى اليهود والنصارى فهو منهم {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[المائدة:51] فإذا كان أولياؤهم منهم بنص القرآن كان لهم حكمهم، وهذا عام خص منه من يتولاهم ودخل في دينهم بعد التزام الإسلام، فإنه لا يقر ولا تقبل منه الجزية بل إما الإسلام أو السيف فإنه مرتد بالنص والإجماع، ولا يصح إلحاق من دخل في دينهم من الكفار قبل التزام الإسلام بمن دخل فيه من المسلمين»().
فجعل ابن القيم -رحمهُ اللهُ- توليهم هو الدخول في دينهم سواء كان يهودياً أو نصرانياً، ولكن ليس له حكم أهل الكتاب الأصليين، بل هو مرتد، وقد وضحه الإمام ابن القيم -رحمهُ اللهُ- بعده مباشرة، حيث قال -رحمهُ اللهُ-: « يوضحه الوجه السادس: أن من دان بدينهم من الكفار بعد نزول الفرقان فقد انتقل من دينه إلى دين خير منه وإن كانا جميعاً باطلين، وأما المسلم فإنه قد انتقل من دين الحق إلى الدين الباطل بعد إقراره بصحة ما كان عليه وبطلان ما انتقل إليه فلا يُقَرُّ».
فابن القيم -رحمهُ اللهُ- يجعل التولي هنا هو الموالاة التامة المشتملة على محبة دين الكفار. فتنبه.
قال الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ -رحمهُ اللهُ-: « وأما قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[ المائدة: 51]، وقوله: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[المجادلة:22]، وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[المائدة:57] فقد فسرته السنة، وقيدته وخصته بالموالاة المطلقة العامة.
وأصل: الموالاة، هو: الحب والنصرة، والصداقة ودون ذلك: مراتب متعددة؛ ولكل ذنب: حظه وقسطه، من الوعيد والذم؛ وهذا عند السلف الراسخين في العلم من الصحابة والتابعين معروف في هذا الباب وفى غيره وإنما أشكال الأمر، وخفيت المعاني، والتبست الأحكام على خلوف من العجم والمولدين الذين لا دراية لهم بهذا الشأن ولا مممارسة لهم بمعاني السنة والقرآن».
وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن-رحمهُ اللهُ-: «وأما إيواؤهم ونقض العهد لهم، ومظاهرتهم ومعاونتهم، والاستبشار بنصرهم، وموالاة وليهم، ومعاداة عدوهم من أهل الإسلام: فكل هذه الأمور زائدة على الإقامة بين أظهرهم، وكل عمل من هذه الأعمال قد توعد الله عليه بالعذاب والخلود فيه وسلب الإيمان، وحلول السخط به وغير ذلك ما هو مضمون الآيات المحكمات التي قد تقدمت».
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: «السؤال الثامن من الفتوى رقم (4246):
س8: ما معنى قوله -تعالى-: {لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ الله عَلَيْهِمْ} [الممتحنة:13] وما معنى الولاية معهم؟ وهل تكون الولاية أن تذهب إليهم وتحدثهم وتكلمهم وتضحك معهم؟
ج8: نهى الله تعالى المؤمنين أن يوالوا اليهود وغيرهم من الكفار ولاء ود ومحبة وإخاء ونصرة، وأن يتخذوهم بطانة ولو كانوا غير محاربين للمسلمين؛ قال -تعالى-: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بالله وَاليَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ الله وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} الآية [المجادلة:22]، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ البَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ} إلى أن قال -سبحانه-: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ الله بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}[آل عمران:118-120] وما في معناها من نصوص الكتاب والسنة، ولم ينه الله تعالى المؤمنين عن مقابلة معروف غير الحربيين بالمعروف أو تبادل المنافع المباحة معهم من بيع وشراء وقبول الهدايا والهبات، قال -تعالى-: {لا يَنْهَاكُمُ الله عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ الله يُحِبُّ المُقْسِطِينَ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ الله عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[الممتحنة:8-9].
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نائب رئيس اللجنة عبد الرزاق عفيفي
عضو عبد الله بن غديان
عضو عبد الله بن قعود »().
وجاء فيها أيضاً: «س5: ما هي حدود الموالاة التي يكفر صاحبها وتخرجه من الملة، حيث نسمع أن من أكل مع المشرك أو جلس معه أو استضاء بنوره ولو برى لهم قلمًا أو قدم لهم محبرة فهو مشرك، وكثيرًا ما نتعامل مع اليهود والنصارى نتيجة التواجد والمواطنة في مكان واحد، فما هي حدود الموالاة المخرجة من الملة؟ وما هي الكتب الموضحة ذلك بالتفصيل؟ وهل الموالاة من شروط لا إله إلا الله؟.
ج5: موالاة الكفار التي يكفر بها من والاهم هي: محبتهم، ونصرتهم على المسلمين، لا مجرد التعامل معهم بالعدل، ولا مخالطتهم لدعوتهم للإسلام، ولا غشيان مجالسهم والسفر إليهم للبلاغ ونشر الإسلام.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نائب رئيس اللجنة عبد الرزاق عفيفي
عضو عبد الله بن غديان
عضو عبد الله بن قعود »().
وقال العلامة محمد الأمين الشنقيطي -رحمهُ اللهُ-: «ويفهم من ظواهر هذه الآيات أن من تولى الكفار عمداً اختياراً رغبة فيهم أنه كافر مثلهم»().
الصورة الثالثة: ومحبتهم لدنياهم وتقديمهم ورفعهم، ومودتهم، والتشبه بهم في اللباس والعادات ونحوه مما لا يكون شركاً أو كفراً، ومشاركتهم في أعيادهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهُ اللهُ-: «وهذا الحديث –يعني حديث: ((ومن تشبه بقوم فهو منهم))()- أقل أحواله أنَّهُ يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[ المائدة: 51]، وهو نظير ما سنذكره عن عبد الله بن عمرو أنه قال: «من بَنَى بأرض المشركين وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت حشر معهم يوم القيامة»، فقد يحمل هذا على التشبه المطلق فإنه يوجب الكفر، ويقتضي تحريم أبعاض ذلك، وقد يحمل على أنه صار منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه فإن كان كفراً أو معصيةً أو شعاراً للكفر أو للمعصية كان حكمه كذلك.
وبكل حال فهو يقتضي التشبه بهم بعلة كونه تشبهاً، والتشبه يعم من فعل الشيء لأجل أنهم فعلوه -وهو نادر-، ومن تَبِعَ غيره في فعلٍ لغرض له في ذلك إذا كان أصل الفعل مأخوذا عن ذلك الغير.
فأما من فعل الشيء واتفق أن الغير فعله أيضاً ولم يأخذه أحدهما عن صاحبه ففي كون هذا تشبهاً نظر، لكن قد يُنْهَى عن هذا لئلا يكون ذريعة إلى التشبه، ولما فيه من المخالفة، كما أمر بصبغ اللحى وإعفائها، وإحفاء الشوارب مع أن قوله صلى الله عليه وسلم: ((غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود)) دليل على أن التشبه بهم يحصل بغير قصد منا ولا فعل، بل بمجرد ترك تغيير ما خلق فينا، وهذا أبلغ من الموافقة الفعلية الاتفاقية».
وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ -رحمهُ اللهُ-: «وأما إلحاق الوعيد المترتب على بعض الذنوب والكبائر فقد يمنع منه مانع في حق المعين كحب الله ورسوله... إلى قوله: وتأمل قصة حاطب بن أبي بلتعة وما فيها من الفوائد، ففعل حاطب نوع من الموالاة بدليل سبب نزول الآية في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} الآية[الممتحنة:1]، فدخل حاطب في المخاطبة باسم الإيمان ووصفه به ولم يكفر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خلوا سبيله))»().
فبين -رحمهُ اللهُ- أن فعل حاطب رضي الله عنه نوع من الموالاة المحرمة، وهي غير مكفرة.
هذه أهم صور الموالاة وكلها محرمة، وبعضها كفر وردة كما سبق بيانه.
وهناك صور عديدة يظن الجهال والخوارج أنها من الموالاة وليس الأمر كذلك، كالتعامل معهم بالبر والإحسان، ورد السلام إذا سلَّموا، والزواج من النساء الكتابيات، والمشاركة معهم في البيع والشراء والتجارة والإجارة ونحو ذلك مما أباحه الله.
وكذلك اتقاء شرهم ودفع بلائهم ببعض المصانعة ليس هذا من الموالاة التي نهى الله عنها.
قال الشيخ صالح آل الشيخ - حفظه الله تعالى -: «عندنا في الشرع، وعند أئمة التوحيد، لفظان لهما معنيان يلتبس أحدهما بالآخر عند كثيرين:
الأول: التولي.
الثاني: الموالاة.
التولي: مكفر.
الموالاة غير جائزة
والثالث: الاستعانة بالكافر واستئجاره : جائزة بشروطها.
فهذه ثلاث مسائل:
أما التولي: فهو الذي نزل فيه قول الله جل وعلا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[المائدة:51].
وضابط التولي: هو نصرة الكافر على المسلم وقت حرب المسلم والكافر، قاصداً ظهور الكفار على المسلمين.
فأصل التولي: المحبة التامة، أو النصرة للكافر على المسلم، فمن أحب الكافر لدينه، فهذا قد تولاه تولياً، وهذا كفر.
وأما موالاة الكفار: فهي مودتهم، ومحبتهم لدنياهم وتقديمهم ورفعهم وهي فسق وليست كفراً. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} إلى قوله: {وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}[الممتحنة:1].
قال أهل العلم: ناداهم باسم الإيمان، وقد دخل في النداء من ألقى المودة للكفار، فدل على أن فعله ليس كفراً، بل ضلال عن سواء السبيل؛ وذلك لأنه ألقى المودة وأسر لهم؛ لأجل الدنيا، لا شكاً في الدين.
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن صنع ذلك: «ما حملك على ما صنعت» ؟
قال: والله ما بي إلا أن أكون مؤمناً بالله ورسوله، أردت أن تكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالي».
فمن هذا يتبين: أن مودة الكافر والميل له لأجل دنياه ليس كفراً إذا كان أصل الإيمان والاطمئنان به حاصلاً لمن كان منه نوع موالاة.
وأما الاستعانة بالكافر أو استئجاره: فهذا قال أهل العلم بجوازه في أحوال مختلفة، يفتي أهل العلم في كل حال، وفي كل واقعة بما يرونه يصح أن يفتى به»().
وقال أيضاً - حفظه الله تعالى -: «عقد الإيمان يقتضي موالاة الإيمان والبراءة من الكفر لقوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ.وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}[المائدة:55-56]، وعقد الإيمان يقتضي البراءة من المعبودات والآلهة المختلفة ومن عبادتهم لقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ. إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ. وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}[الزخرف:26-28].
فأساس الإيمان هو الولاء للإيمان والبراءة من الكفر وعبادة غير الله جل وعلا، ويتضمن ذلك موالاة أهل الإيمان والبراءة من أهل الكفر على اختلافهم مللهم.
هذه الموالاة منها ما يكون للدنيا، ومنها ما يكون للدين، فإذا كانت للدنيا فليست بمخرجة من الدين، ومما قد يكون في بعض الأنواع من الموالاة في الدنيا: من الإكرام أو البشاشة أو الدعوة أو المخالطة ما قد يكون مأذوناً به ما لم يكن في القلب مودة لهذا الأمر، من مثل ما يفعله الرجل مع زوجته النصرانية، ومن مثل ما يفعله الابن مع أبيه غير المسلم، ونحو ذلك مما فيه إكرام وعمل في الظاهر، ولكن مع عدم المودة الدينية في الباطن، فإذا كانت الموالاة للدنيا فإنها غير جائزة إلا في ما استثني كما ذكرنا في حال الزوج مع الزوجة أو الابن مع أبيه مما يقتضي معاملة وبراً وسكوناً ونحو ذلك.
أما القسم الثاني: فأن تكون الموالاة للدنيا ولكن ليس لجهة قرابة وإنما لجهة مصلحة بحتة في أمر الدنيا وإن فرط في أمر دينه، فهذه موالاة غير مكفرة؛ لأنها في أمر الدنيا، وهذه التي نزل فيها قول الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} ()، وهنا أثبت أنهم ألقوا بالمودة وناداهم باسم الإيمان، قال جمع من أهل العلم: مناداة من ألقى المودة باسم الإيمان دل على أن فعله لم يخرجه من اسم الإيمان.
هذا مقتضى استفصال النبي صلى الله عليه وسلم من حاطب رضي الله عنه حيث قال له في القصة المعروفة: ((يا حاطب ما حملك على هذا؟)) - يعني: أن أفشى سر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبين أن حمله عليه الدنيا وليس الدين.
القسم الثالث: موالاة الكافر لدينه، يواليه ويحبه ويوده وينصره؛ لأجل ما عليه من الشرك ومن الوثنية ونحو ذلك، يعني محبة لدينه، فهذا مثله، هذا موالاة مكفرة؛ لأجل ذلك، والإيمان الكامل ينتفي مع مطلق موالاة غير المؤمن؛ لأن موالاة غير المؤمن بمودته ومحبته ونحو ذلك منافية للإيمان الواجب لقول الله جل وعلا: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}().
أما مظاهرة المشركين وإعانتهم على المسلمين هذا من نواقض الإسلام، كما هو مقرر في كتب فقه الحنابلة، وذكره العلماء - ومنهم: شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – : في النواقض العشر الناقض الثاني.
وهذا الناقض مبني على أمرين:
الأول: المظاهرة.
والثاني: الإعانة.
قال: (مظاهرة المشركين وإعانتهم على المسلمين).
والمظاهرة: أن يتخذ أو أن يجعل طائفة من المسلمين أنفسهم ظهراً للكافرين، يحملونهم فيما لو أراد طائفة من المؤمنين أن يقعوا فيهم، يحمونهم، وينصرونهم، ويحمون ظهورهم وبيضتهم.
هذا مظاهرة بمعنى أنه صار ظهراً لهم.
قول الشيخ - رحمه الله -: (مظاهرة المشركين وإعانتهم على المسلمين) مركبة من أمرين:
المظاهرة، بأن يكون ظهراً لهم، بأي عمل، أي يكون ظهراً يدفع عنهم ويقف معهم ويضرب المسلمين؛ لأجل حماية هؤلاء.
وأما الثاني: فإعانة المشرك على المسلم، فضابطها أن يعني قاصداً ظهور الكفر على الإسلام؛ لأن مطلق الإعانة غير مكفرة؛ لأن حاطب رضي الله عنه حصل منه إعانة لهم، إعانة المشركين على الرسول صلى الله عليه وسلم بنوع من العمل، والإعانة بكتابة سر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسير إليهم لكن النبي صلى الله عليه وسلم استفصل منه، فدل على أن الإعانة تحتاج إلى استفصال، والله جل وعلا قال في مطلق العمل هذا {وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}() لكن ليس بمكفر إلا بقصد، فلما أجاب حاطب بأنه لم يكن قصده ظهور الكفر على الإسلام قال: يا رسول الله، ما فعلت هذا رغبة في الكفر بعد الإسلام، ولكن ما من أحد من أصحابك إلا له يد يدفع بها عن أهله وماله، وليس لي يد في مكة، فأردت أن يكون لي بذلك يد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله اطلع إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم))().
وحاطب τ فعل أمرين:
الأمر الأول: ما استفصل فيه وهي مسألة: هل فعله قاصداً ظهور الكفر على الإسلام، ومحبة للكفر على الإسلام ؟ لو فعل ذلك لكان مكفراً ولم يكن حضوره لأهل بدر غافراً لذنبه؛ لأنه يكون خارجاً عن أمر الدين.
الأمر الثاني: أنه حصل منه نوع إعانة لهم، وهذا الفعل فيه ضلال وذنب والله جل وعلا قال: {تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} إلى قوله: {وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} إلى قوله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} () أي في إبراهيم ومن معه.
وهذا يدل على أن الاستفصال في هذه المسألة ظاهر، فالإعانة فيها استفصال، وأما المظاهرة بأن يكون ظهراً لهم ويدفع عنهم ويدرأ عنهم ما يأتيهم ويدخل معهم ضد المسلمين في حال حربهم لهم هذا من نواقض الإسلام التي بينها أهل العلم().
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

أسامة بن عطايا العتيبي -حفظه الله-

تصفية وتربية
2012-06-13, 21:27
السؤال:
علمنا بأن من أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله، فما معنى الحب في الله، وما معنى البغض في الله؟
الجواب:
الحب في الله أن تحب من أجل الله-تبارك وتعالى-؛ لأنك رأيته ذا تقوى وإيمان فتحبه في الله، وتبغض في الله لأنك رأيته كافراً عاصياً لله فتبغضه في الله، أو عاصياً وإن مسلماً فتبغضه بقدر ما عنده من المعاصي، هكذا المؤمن يتسع قلبه لهذا أو هذا يحب في الله أهل الإيمان والتقوى، ويبغض في الله أهل الكفر والشرور والمعاصي، ويكون قلبه متسعاً لهذا وهذا, وإذا كان الرجل في خير وشر كالمسلم العاصي أحبه من أجل إسلامه وأبغضه من أجل ما عنده من المعاصي, فيكون فيه الأمران الشعبتان شعبة الحب والبغض, فأهل الإيمان وأهل الاستقامة يحبهم حباً كاملاً, وأهل الكفر يبغضهم بغضاً كاملاً، وصاحب الشائبتين صاحب المعاصي يحبه على قدر ما عنده من الإيمان والإسلام, ويبغضه على قدر ما عنده من المعاصي والمخالفات.
الشيخ بن باز -رحمه الله-

تصفية وتربية
2012-06-13, 21:28
السؤال :
ما حكم حب الكفار ؟ وتقليدهم وكيف يكون الولاء والبراء ؟
الجواب :
هذا السؤال ينبغي أن يفهم ينبغي أن نفرق بين حب الكفار وبين التعامل مع الكفار. حب الكفار وولائهم حرام وقد يؤدي إلى الكفر لكن التعامل مع الكفار شيء واقع في تاريخنا وقد كان في المدينة النبوية يوجد منافقون ويهود وهل النبي – عليه الصلاة والسلام – والصحابة يتعاملون معهم أم لا ؟ أكثر أولئك منهم الصاغة ومنهم الحدادون المسلون يتعاملون معهم في البيع والشراء وفي أن يصنعوا لهم ما يحتاجون من الحلي وغير ذلك قد يقرضون ويستقرضون منهم حتى النبي – عليه الصلاة والسلام – والتعامل معهم والاستعانة بأسلحتهم والاستعانة بخبرتهم والاستعانة بذواتهم عند الحاجة والاضطرار أمر مشروع قديما وحديثا ولا ينكر ذلك إلا الجاهل .

تفريغ محاضرة المستقبل لهذا الدين ، لمحمد أمان الجامي رحمه الله

تصفية وتربية
2012-06-13, 21:30
السؤال:
ما حكم مودة الكفار وتفضيلهم على المسلمين؟
الإجابة:
لا شك أن الذي يوادّ الكفار أكثر من المسلمين قد فعل محرماً عظيماً، فإنه يجب أن يحب المسلمين وأن يحب لهم ما يحب لنفسه، أما أن يود أعداء الله أكثر من المسلمين فهذا خطر عظيم وحرام عليه، بل لا يجوز أن يودهم ولو أقل من المسلمين لقوله تعالى: {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون}.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلدالاول - باب الولاء والبراء.

تصفية وتربية
2012-06-13, 21:31
السؤال:
ما حكم موالاة الكفار؟
الإجابة:
موالاة الكفار بالموادة والمناصرة واتخاذهم بطانة: حرام منهي عنها بنص القرآن الكريم، قال الله تعالى: {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله}، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزواً ولعباً من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين}، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين}، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً}.

وأخبر أنه إذا لم يكن المؤمنون بعضهم أولياء بعض، والذين كفروا بعضهم أولياء بعض ويتميز هؤلاء عن هؤلاء، فإنها تكون فتنة في الأرض وفساد كبير.

ولا ينبغي أبداً أن يثق المؤمن بغير المؤمن مهما أظهر من المودة وأبدى من النصح فإن الله تعالى يقول عنهم: {ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء}، ويقول سبحانه لنبيه: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم}، والواجب على المؤمن أن يعتمد على الله في تنفيذ شرعه، وألا تأخذه فيه لومة لائم، وألا يخاف من أعدائه فقد قال الله تعالى: {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين}، وقال تعالى: {فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين}، وقال سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم حكيم}، والله الموفق.
ـــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلدالاول - باب الولاء والبراء .

تصفية وتربية
2012-06-13, 21:33
السؤال:
هل هناك فرق بين من يحب الكفار لدينهم ومن يحب بعض الكفار لدنياهم ؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
نعم هناك فرق.
محبة الكفار لدينهم كفرٌ وردة عن دين الإسلام.
ومحبة الكفار لدنياهم إن كان ذلك ميلاً طبيعياً وليس محبة فهذا لا يكون كفراً بل في تحريمه نظر إذا كان المراد به الميل الطبيعي.
فإن الإنسان المسلم يحب أباه الكافر حباً طبيعياً ولا يكون ذلك محرماً لكن المحبة الدينية إنما تكون لأهل الإسلام والطاعة.
ولكن قد يتطور الميل الطبيعي إلى مودة ومحبة يقدم بها الكافر على أخيه المسلم في بعض الأحوال مما ينقلها من محبة طبيعية إلى موالاة محرمة.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
الشيخ أسامة بن عطايا العتيبي حفظه الله

تصفية وتربية
2012-06-13, 21:39
السؤال:

نلاحظ تناقضاً كبيراً بين المسلمين في القول والعمل، فالمسلمون الذين يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويعتادون المساجد ويؤدن الفرائض نجد من بعضهم سلوكاً يختلف عن سلوك أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم-، وعندما يسافر أحد من الناس إلى أوروبا التي أصبحت بلا دين، بعد أن تركت تعاليم الكنيسة يعود المسافر ويقول: لقد رأيت أخلاقاً أفضل من أخلاق المسلمين، فبماذا توجهون أمثال هؤلاء؟الجواب:

أولاً: لا يجوز السفر إلى بلاد أهل الشرك؛ لأن السفر إليهم من أسباب الضلالة, ومن أسباب الرجوع عن الدين، ومن أسباب استماع شبههم وضلالاتهم وكيدهم للإسلام وربما ضل بأسبابهم وما يلقون عليه من الشبه, فلا يجوز للمسلم أن يسافر إلى بلاد أهل الشرك ولا للإقامة بينهم لما في هذا من الخطر العظيم, ولما يلقونه من الشبه, ولما يراه من الفساد العظيم هناك من الشركيات, والزنا, واللواط ,وسائر المعاصي الكثيرة, فربما تأثر بها وزاغ قلبه بأسباب ذلك، ولهذا قال-عليه الصلاة والسلام-: (أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين لا تراءى نارهما), وقد روي عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من جامع مشرك أو سكن معه فهو مثله)، فيجب على المسلم أن يحذر السفر إلى بلاد أهل الشرك، والإقامة بينهم لا للتجارة ولا غيرها, فيجب الحذر ولا سيما في هذه الأوقات التي كثر فيها الشر, والفساد وانتشر فيها الكفر والإلحاد, فينبغي الحذر اللهم أن يكون ذا علم وذا بصيرة يدعو إلى الله، ويعلم الناس الخير, ويرشدهم إلى الحق فهذا معذور؛ لأنه يدعو إلى الله ويظهر دينه فهو نافع هناك، وقد يهدي الله على يده جماً غفيراً, أما الجاهل والذي ليس عنده بصيرة في دينه, فهذا يجب عليه الحذر وألا يسافر, أما كونه يغتر بأخلاقهم وأعمالهم فهذا من جملة الفساد الذي يخشى منه، وقد اغتروا بهم من جهة ما عندهم من صناعات, أو اختراعات, أو أشياء أخرى فيما بينهم اغتر هذا المسكين الجاهل الذي لا يعرف الإسلام, ولا أحكام الإسلام, وإنما يعرف بعض المسلمين, وبعض المسلمين عندهم أخلاق سيئة عندهم كذب, عندهم ربا، عندهم زنا، عندهم مسكر، ليس كل مسلم متحفظاً تاركاً لما حرم الله عليه، فقد يغتر هذا المسكين الذي سافر إلى بلاد الشرك ويرى عند بعض أولئك شيئاً من أخلاق دنيوية معيشية فيغتر بها, فيجب الحذر من السفر إليهم والإقامة بينهم, ويجب على المسلم أن يتصل بدينه, ويتمسك بدينه, ويكثر من قراءة القرآن وتدبر القرآن حتى يعرف دين الله، وهكذا يتبصر في سيرة النبي- صلى الله عليه وسلم-, وسيرة أصحابه الذين هم خير الخلق بعد الأنبياء حتى يعرف أعمالهم الطيبة, وسيرتهم الحميدة, وجهادهم الصادق, فيعلم أنهم هم أهل الخير, وهم القدوة, وهم السادة, وهم الذين الذي ينبغي التأسي بهم والسير على منهاجهم ,وإذا خالفهم من بعدهم من المسلمين في بعض الأخلاق فاللوم على من خالفهم, وتنكب طريقهم فعليك يا عبد الله أن تسلك الطريق المعروف الذي سلكه النبي -صلى الله عليه وسلم- وسلكه أصحابه في الأخلاق, والأعمال, والسيرة ولا تغتر بمن حاد عن طريقهم من المسلمين أو غيرهم، نسأل الله السلامة.
الشيخ بن باز -رحمه الله-

الواثق
2012-06-13, 22:03
جزاكم الله خيرا.....وبارك الله فيكم

محمد جديدي التبسي
2012-06-13, 22:05
جزاكم الله خيرا
موضوع قيّم فعلا
سأحاول قراءته كاملا في الغد بإذن الله
وفقكم الله وسدّد خطاكم ورزقكم العلم النافع والعمل الصالح

معاذ1
2012-06-13, 22:39
بارك الله اخت الم الفراق على الموضوع المهم في زمن اعجاب بعض المسلمين بالكفار اكثر

من اعجابهم ببني جلدتهم وملتهم .

مهاجرة إلى ربي
2012-06-13, 22:46
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا أخية
ولنا عودة للقراءة فالموضوع مهم جدا
حفظكِ الله ورعاكِ

توفيق43
2012-06-13, 23:07
إستدعاء الكفار للسعودية و تمكينهم من أرض الإسلام و تفضيلهم على جيش مسلم أتُعد براء أم موالاة للكفار؟؟؟؟

محمد جديدي التبسي
2012-06-14, 11:53
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شدتني كثيرا كلمات العلامة ابن باز رحمه الله وجمعنا به في جنته
والشكر لك على هذا الجمع القيّم لكلام أهل العلم
وجدت هذا بالأمس من خلال بحث بسيط وهو كلام للشيخ محمد بازمول حفظه الله

المرجع: الولاء والبراء : صفحة:13

إن قيل: هل يجوز أن يحب المسلم الكافر لغير دينه واعتقاده؟
نعم، يجوز له ذلك، وليس هذا من القسم الأول من الموالاة التي تُخرج من الملة، والدليل قوله تعالى
اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنين والمحصنات من الذين أوتو الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين ـ المائدة:5 ومحل الإستدلال هو قوله تعالى
والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب ووجه الإستدلال أن الله تعالى أباح للمسلمين التزوج بالكتابيات المحصنات، ومعلوم أن عشرة الرجل لزوجه لا تخلو من نوع الحب والمودة تقع بين الرجل والمرأة، فلما أباح الله تعالى نكاح الكتابيات، مع أنه لا يخلو مما ذُكر، دل على أن هذا ليس من الموالاة المُخرجة من الملة، ولذلك ضُبطت الموالاة المخرجة من الملة بأنها حب للدين والإعتقاد الذي عليه الكافر.

ربما استدلال الشيخ -حفظه الله- يدل على المحبة الطبيعية التي أشير إليها في كلام أهل العلم الذي نقلته في السابق والتي ينبغي أن لا تُجاوز الحد حتى لا تكون موالاة للدين التي هي كفر أو موالاة للدنيا التي هي فسق
والله أعلم
استفدت كثيرا من الموضوع جزاكم الله خيرا

mahmoudb69
2012-06-14, 18:37
بارك الله فيك شكرا جــــزييييـــلااااااااا.

سيأ للحج و العمرة
2012-06-14, 22:13
السلام عليكم


جزاكم الرحمن اعالي الجنان

توفيق43
2012-06-15, 20:31
إستدعاء الكفار للسعودية بموافقة علماء السعودية و تمكينهم من أرض الإسلام و تفضيلهم على جيش مسلم أتُعد براء أم موالاة للكفار؟؟؟؟

** موحدة 02 **
2012-06-16, 07:29
السلام عليكم
موضوع ملم و شامل و مفهوم لكل ذي لب
بوركت اختي و نور الله دربك بطلب العلم

توفيق43
2012-06-16, 11:43
لا أحد يرد على التناقض الصارخ

إستدعاء الكفار للسعودية بموافقة علماء السعودية و تمكينهم من أرض الإسلام و تفضيلهم على جيش مسلم أتُعد براء أم موالاة للكفار؟؟؟؟

حائرة1
2012-06-16, 14:42
بارك الله فيكم

تصفية وتربية
2012-06-17, 14:01
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجدت هذا بالأمس من خلال بحث بسيط وهو كلام للشيخ محمد بازمول حفظه الله

ربما استدلال الشيخ -حفظه الله- يدل على المحبة الطبيعية التي أشير إليها في كلام أهل العلم الذي نقلته في السابق والتي ينبغي أن لا تُجاوز الحد حتى لا تكون موالاة للدين التي هي كفر أو موالاة للدنيا التي هي فسق
والله أعلم
استفدت كثيرا من الموضوع جزاكم الله خيرا







وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم على المرور وعلى الفائِدة الطيِّبة وجزى الله الشيخ بازمول خير الجزاء، الظاهر والله أعلم أن المقصود من كلام الشيخ هي المحبة الطبيعية كالتي بين الزوج وزوجته والولد وأبيه أو أمه.
ولشيخ حفظه الله- في كتابه الولاء والبراء تفصيل طيِّب لا يختلف عمّا جاء في بقيّة كلام أهل العلم، أنقله للفائدة:
ينقسم الناس في الولاء والبراء إلى ثلاثةأقسام:
القسم الأول: من له المُوالاة الخالصة من العداوة والبغضاء، وهم المؤمنون الخُلص، من الأنبياء والصالحين والشهداء، وحسُن أولئك رفيقا.
القسم الثاني: من يتبرأ منهم براءً خالصاً من المُوالاة الشرعية لهم، وهم الكفار بأنواعهم، من مشرك، ومنافق، وزنديق،ومُلحد، ومرتد، وغيرهم.
القسم الثالث: من لهُ الموالاة من وجه دون وجه، وهم أصحاب المعاصي غير المُكفرة من أهل الإسلام، فإنهم يُحبّون لإسلامهم، ويُبغضُون لمعاصيهم، بُغضاً ليس كبغض الكافر، فيُحبون منوجه ويعادوْن من وجه.
فمن حُبهم: مناصحتهم، وأمرهم بالمعروف، ونهيُهم عن المنكر.
ومن معاداتهم: هجرهم، وترك أهلالفضل الصلاة عليهم.
الولاء للكفار على قسمين:
القسم الأول: الموالاة للكفار التي يخرج صاحبها عن المِلة، فيصير كافراً بعد أن كان مسلماً، وهذا هو التوَلي، وقد قال تعالى: {يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين} المائدة:51ـ.وقال تعالى: {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا ءاباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم} المجادلة:22ـ.
وضابط هذه المُوالاة: أن تكون محبة ونُصرة من أجل دين الكُفار وعقيدتهم، فمن أحب الكافر لِدينه أو عقيدته، أو نصر الكافر لدينه أو عقيدته، فقد وقعَ في هذا القسم من المُوالاة التي ينتقض بها إسلامه، ويبطُل بها عمله.
القسم الثاني : المُوالاة الظاهرة للكفار، فهو يتعامل معهم في الأمور الظاهرة، في البيع والشراء، ويزورهم ويزوروه، ويتبادل معهم الهدايا، ونحو ذلك، وهذه الموالاة لا تُخرج من المِلة.
وتارة تكون جائزة: كالإحسان إلى الكافر غير الحربي، كما قال تعالى {لا ينهاكم الله عن الذين لم يُقاتلوكم في الدين ولم يُخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين} الممتحنة: 8 ـ.
وتارة تكون مُحرمة: كالتشبه بهم فيما هو من خصائصهم، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [من تشبه بقوم فهو منهم] رواه أبو داود وصححه الألباني في إرواء الغليل.
وتارة تكون مُستحبة : كالإحسان إلى الكافر لاستئلافه ودعوته إلى الإسلام.
وتارة تكون واجبة : كالبر بالوالدين الكافرين أو أحدهما، قالتعالى: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهماوصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتمتعملون} لقمان:15ـ .
وتارة تكون مكروهة: كاستخدام الخادم الكافر مع وُجود المسلم يُغني عنه.
ويدُل لهذا النوعمن الموالاة قوله تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فيالدين ولم يُخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ـ8ـإنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا علىإخراجكم أن توَلوْهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون} الممتحنة:8،9ـ.
وهذه الآية شملت القسمين، مع مُلاحظة أن الذين قاتلونا في الدين وأخرجونا من ديارنا ـ وهم الحربيون ـ لا مانع شرعاً أن ندخل معهم في صُلح وهُدنة إذا رأى ولي الأمر ذلك، كما فعل رسولالله صلى الله عليه وسلم ذلك مع كفار قريش في صُلح الحديبية.

محمد جديدي التبسي
2012-06-17, 14:23
نعم بارك الله فيكم على التوضيح

ahmedabdikarim
2012-06-17, 14:38
بارك الله فيك

تصفية وتربية
2013-06-15, 17:56
يُرفع لعلّه يُفِيد من اغتر ببلاد الكُفر

mohprod
2013-06-15, 19:00
جزاك الله خير