farestlemcen
2012-06-13, 07:29
فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى واحذروا أسباب سخط الله وعقابه وتوبوا إلى ربكم بالرجوع عن معصيته إلى طاعته ومن أساب سخطه إلى بلوغ مرضاته توبوا إلى ربكم توبة نصوحا فإن التوبة تجب ما قبلها إن التوبة ليست قولا باللسان ولكنها قول باللسان وخضوع بالقلب بالجنان وعمل بطاعة الله تعالى بالأركان ولهذا لا بد أن يحدث الإنسان ندما على ما مضى من المعصية على ما مضى من المعصية
فإن كانت المعصية بترك واجب بادر إلى فعله إذا كان يمكن قضاؤه وإن لم يمكن قضاؤه صار كفعل المحرم بأن يندم على ما حصل منه ويعزم على أن لا يعود إلى مثل هذا العمل في المستقبل أيها المسلمون لقد تكلمنا في الجمعة الماضية عن حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أتخذ الفيء دولا والأمانة مغنما والزكاة مغرما وتعلم لغير الدين وأطاع الرجل امرأته وعق أمه وأدنى صديقه وأقصى أباه وظهرت الأصوات في المساجد وساد القبيلة فاسقهم وكان زعيم القوم أرذلهم وأكرم الرجل مخافة شره وظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور ولعن آخر هذه الأمة أولها فارتقبوا عند ذلك ريحا حمراء وزلزلة وخسفا ومسخا وقذفا وآيات؛ وآيات تتابع كنظام انقطع سلكه فتتابع)
وذكرنا أن هذا الحديث وإن كان ضعيف السند لكن له شواهد له شاهد من الحديث وشاهد من الواقع وتكلمنا عن هذه الخصال عن تسع عن عشر خصال منها
أما الخصلة الحادية عشرة فأن يكون زعيم القوم أرذلهم وزعيم القوم هو رئيسهم الذي يرجعون إليه سواء كان رئيسا عاما أم رئيسا خاصا وكان الذي ينبغي للرئيس أن يكون أعلى قومه دينا وخلقا ورجولة وشهامة ولكن تنعكس الأمور فيكون رئيس القوم أرذل القوم وأدناهم وأحطهم قدرا وأحطهم قدرا في نفس الواقع وإن كانوا قد يجلونه ويجعلونه زعيما لهم
أما الخصلة الحادية عشر الثانية عشرة فأن يكرم الرجل مخافة شره فلا يكرم الرجل لأنه أهل للإكرام في دينه أو خلقه أو جاهه أو إحسانه إلى الناس بل هو خال عن ذلك كله لكنه رجل شرير لكنه رجل شرير معتد أثيم مؤذ لعباد الله عز وجل فيكرمه الناس مخافة لشره مخافة لشره وعدوانه ولا شك أن مثل هذا الرجل لا يستحق أن يكرم وإكرام الناس له لا يدل على أنهم يحبونه ولكنه يدل أنهم يدفعون بذلك شره
أما الخصلة الثالثة عشرة فهي ظهور القينات والمعازف والقينات المغنيات والمعازف آلات العزف والطرب أيها المسلمون هكذا جاء في الحديث ظهرت القينات والمعازف ولا ريب ولا ريب أننا في زمن ظهرت فيه القينات والمعازف ظهورا فاحشا ما ظهرت مثله قط فيما نعلم وهذا الظهور وإن كان قد وإن كان قد ظهر في صدر سابق لكنه لم يكن بهذا الشيوع والزيوع لأنه فيما سبق يكون محصورا على المكان الذي ظهرت فيه هذه القينات والمعازف أما الآن فإنها تظهر في كل بيت وفي كل خيمة وفي كل مكان والإنسان سائر والإنسان نازل والإنسان مقيم والإنسان مسافر والإنسان في بيته والإنسان في دكانه والإنسان في سوقه في كل مكان ظهرت القينات والمعازف على أيدي رجال لا يعرفون ما جاء في الشرع أو يتجاهلون ذلك أو يتبعون لتسهيلات ذهب إليها بعض العلماء غلطا أيها المسلمون إننا بظهور هذه المعازف لعلى خطر عظيم لأن المعازف تصد عن ذكر الله وعن الصلاة وتوجب أن يتعلق القلب بغير الله عز وجل كما هو مشاهد فإن من الناس الذين ابتلوا بسماع هذه المعازف تكاد تجدهم يمشون في السوق وحدهم وهم يضربون يقلبون أيديهم كأنما يضربون على العود وبما تسمع لبعضهم وربما تسمع لقولهم صوتا في الأغنية التي يدق عليها وهما وخيالا أيها المسلمون لقد ظهرت القينات والمعازف في زمننا ظهورا فاحشا ظهرت ظهرت ظهورا مسموعا بالآذان ومشهودا بالعيان في كل وقت وفي كل مكان في البيت والسوق والدكان وفي وقت الصلاة ومع الآذان حتى صارت المعازف متعة كثير من الناس ومنتهى أنسهم أنس بما يصرفهم عن ذكر الله ونسوا ما خلقوا له من عبادة الله وتعلقت قلوبهم بمعصية الله وسيجدون غب هذا الأنس وحشه وبعد هذا التعلق انقطاعا وزوالا إنهم ليس بينهم وبين الوحشة التي يجدونها غب هذا الأنس وليس بينهم وبين هذا الانقطاع الذي يجدونه بعد الاتصال إلا أن تخرج أجوا إلا أن تخرج أرواحهم من أجوافهم وما أسرع هذا وما أقربه ولعل الإنسان منهم يخرج من بيته ولا يرجع إليه أو يدخل في بيته ثم لا يخرج منه ولعل الواحد منهم تغرب عليه الشمس ولا تطلع إلا وهو في قبره أو تطلع عليه و لا تغرب إلا وهو في قبره فكيف يرضى الإنسان العاقل أن يكون قلبه متعلقا بهذه المعازف ثم يموت عن قرب لعله يحرم أن يختم له بالتوحيد بسبب تعلقه بهذا الأمر وإن الإنسان إذا تعلق بشيء من أمور الدنيا تعلقا كاملا فإنه قد يعاقب بسوء الخاتمة ذكر ابن القيم رحمه الله ذكر ابن القيم رحمه الله أن رجلا كان مشغوفا في التجارة وكان يتعامل بالربا ويبيع بالربا فلما حضرته الوفاة قالوا له قل لا إله إلا الله وجعلوا كلما يلقنونه كلمة التوحيد يقول بعدها وجعلوا كلما يلقنونه كلمة التوحيد يقول بعد هذا التلقين العشر أحد عشر العشر أحد عشر العشر أحد عشر ولم يستطع أن ينطق بكلمة التوحيد نعوذ بالله من سوء الخاتمة
ونسأل الله أن يحسن لنا ولكم الخاتمة وأن يختم لنا بالإيمان والتوحيد أيها المسلمون إن الحليم من الرجال ليقف حيران أمام هذا الانسياب الجارف إلى آلات اللهو والمعازف وأمام هذا التغير السريع في مجتمعنا يجلس الواحد من رجل أو امرأة ليستمع إلى صوت مغني أو مغنية أو يشاهد صورته غير مبال بذلك وكأنه يقف أمام شيء مباح أيها المسلمون إن الحليم ليقف حيران لا يدري أشيء ران على القلوب حتى التبس الأمر عليها وغشى بصائرها ما يمنع الرؤيا فصارت لا ترى الحق وشكت في تحريم ذلك أم شيء أزاغ القلوب فانصرفت عن الحق مع علمها به وارتكبت المعصية على بصيرة هما أمران أحلاهما مر أيها المسلمون إن كل من عرف نصوص كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يشك في تحريم المعازف حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرنها بالزنا والخمر والحرير ففي صحيح البخاري عن أبي عامر أو أبي مالك الأشعري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحرى والحرير والخمر والمعازف ولينزلن أقوام إلى جنب علم أي إلى جنب جبل يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم لحاجة يعني الفقير فيقولون ارجع إلينا غدا فيبيتهم الله ويضعوا العلم ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة )
قال أبن القيم رحمه الله تلميذ شيخ الإسلام ابن تيميه وناهيك بهما أستاذا وتلميذا قال رحمه الله بيان تحريم رسول الله صلى الله عليه وسلم الصريح لآلات اللهو والمعازف ثم ساق الأحاديث الدالة على ذلك وهي كثيرة إن شئتم أن ترجعوا إليها تجدوها في كتابه إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان أيها المسلمون لقد كنا إلى زمن قريب ننكر آلات اللهو وتكسر أمام المساجد بعد صلاة الجمعة إتلافا لها ومنعا لانتشارها فصار الوضع إلى ما ترون فلا أدري أنزل وحي بحلها لكم فهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين أم هي التبعية لأكثر الناس بلا روية فاقرأوا إن شئتم قول الله عز وجل (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) (الأنعام:116) فاللهم عفوا اللهم عفوا اللهم عفوا اللهم مغفرة اللهم مغفرة اللهم مغفرة اللهم هداية اللهم هداية اللهم هداية اللهم صلاحا واصلاحا اللهم صلاحا واصلاحا اللهم صلاحا واصلاحا اللهم أصلح ولاة أمورنا وأصلح رعيتنا اللهم اجعلنا ممن يستمعون الأحسن ويتبعونه اللهم اجعلنا ممن يستمعون الأحسن فيتبعونه إنك على كل شيء قدير أما الخصلة الرابعة عشر فهي شرب الخمور وهي المسكرات من أي نوع كانت قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو أعلم الخلق وأنصح الخلق وأفصح الخلق قال صلى الله عليه وسلم: ( كل مسكر خمر) ولقد شربت الخمور ولقد شربت الخمور وكثر شاربوها في البلاد الإسلامية حتى صارت في بعض بلاد المسلمين تباع علنا وتشرب بالأسواق وربما سموها بغير اسمها خداعا وتزيينا في النفوس حتى سموها الشراب الروحي ألا قاتلهم الله ألا قاتلهم الله ألا قاتلهم الله أين المتعة للروح في شراب يسلبها عقلها ثم يعقب تلك السكرة هم وغم لا يزول إلا بالعودة للشرب ثانية وثالثة حتى يقضي على العقل والجسم والروح فأين الشراب الروحي قاتلهم الله أنى يؤفكون أيها المسلمون إن الخمر أم الخبائث وإنه مفتاح كل شر وإن الرجل ليسكر حتى يزني بأمه وحتى يقتل نفسه ولقد نشرت إحدى الصحف في بعض البلاد العربية عن شاب دخل على أمه بعد منتصف الليل وطلب منها أن يزني بها ولكنها أبت عليه لأنه كان سكرانا فطلب منها مرة أخرى فأبت عليه فلما ألح عليها كلما ألح عليها أبت قال لها إما أن تمكنيني من الزنا بك وإما أن أقتل نفسي فأدركتها شفقة الأم فمكنته من نفسها فزنى بأمه ولما أصبح وزال عنه سكر الخمر وعرف ما فعله من الجريمة رأى أنه لا يمكن أن يقابل أمه ولا يمكن أن يعيش بين الناس وهو قد زنا بأمه فصعد إلى محل قضاء الحاجة إلى أنجس مكان في الأرض وصب على نفسه بنزينا وأحرق بنفسه فتأملوا أيها المسلمون هذه القصة رجل شرب ا لخمر وزنا بأمه وقتل نفسه في أخبث مكان من الأرض أيها المسلمون إن المؤمن العاقل لا يمكنه أن يتناول الخمر مع أن نتائجه هذه النتائج بل هي أعظم وأخبث لو لم يكن فيه إلا قول ربنا عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ)(المائدة: من الآية90) رجس من عمله أترضون أن تمارسوا أعمال الشيطان إذا كنتم لا ترضون أن تمارسوا أعمال الشيطان فكيف ترضون أن تمارسوا رجسا من أعمال الشيطان أيها المسلمون إن العاقل المؤمن يكفيه مثل هذه الآية الكريمة ولهذا قال الله عز وجل (فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(المائدة: من الآية90) (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (المائدة:91)
أما الخصلة الخامسة عشرة فإن يلعن آخر هذه الأمة أولها اللعن أيها المسلمون إما أن يكون باللفظ وقد وجد من هذه الأمة من يلعن سلف الأمة من يلعن أبا بكر وعمر من يلعن أبا بكر وعمر وعثمان وجد في هذه الأمة الذين ينتسبون إلى الإسلام من يلعنون أبا بكر وعمر ويقولون إنهما ماتا على النفاق والظلم وإنهما مخلدان في نار جهنم نعوذ بالله نعوذ بالله من انقلاب الأمور نعوذ بالله من أن يلعن آخر هذه الأمة أولها أيها المسلمون إنه وجد من الناس الذين ينتسبون إلى الإسلام
من يلعنون أبا بكر وعمر وعثمان إنه وجد من يلعن هؤلاء وغيرهم من الصحابة بلفظ اللعن وإما أن يكون اللعن معناه القدح في السلف الصالح وذمهم وذم طريقتهم واعتقاد أنها طريق الرجعية لا تصلح لهذا العصر وقد وجد هذا كثيرا وجد هذا كثيرا في كثير من الناس من يقدحون في السلف يقدحون في علمهم يقدحون في طريقتهم يقولون إن هذه الطرق التي يمشي عليها السلف الصالح إنها طرق رجعية لا يمكن أن يصلح بها الناس في هذا الزمن ولا شك أن من طبع الله على قلبه فسيقول مثل هذا أو أعظم ألم تسمعوا إلى قول الله عز وجل (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (القلم:15) إذا تتلى عليه آيات الله كلام الله عز وجل الذي هو أنفع الكلام وأحسن الكلام وأصدق الكلام وأجل الكلام وأعظم الكلام إذا تلي عليه قال هذه أساطير الأولين هذه سواليف هذه كما يقول العامة سباحين ليس لها حقيقة ولا أصل يقول الله عز وجل مكذبا لهذا القول (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (المطففين:14) إن المعاصي إذا رانت على القلب صار لا يرى الحق حقا ولا الباطل باطلا بل صار يرى الباطل حقا والحق باطلا اللهم طهر قلوبنا من أرجاسها اللهم طهر قلوبنا من أرجاسها يا رب العالمين أيها المسلمون إن هذا الحديث كما رأيتم يشهد له ما وقع في زماننا هذا فاحذروا ما حذركم منه النبي صلى الله عليه وسلم إن هذه الخصال إذا حصلت فإن الناس مهددون بهذه العقوبة بريح عاصفة حمراء تحمل الرمال وتدمر المساكن وبزلزلة تصدع الأرض وتفسد العمران وبخسف تتغير به معالم الأرض وتزول بها جبال عن أماكنها وبمسخ يمسخ به الإنسان قردا وخنزيرا وبقذف بحجارة من السماء كما أرسل على قوم لوط وبآيات أخر من العقوبة من حروب طاحنة وسيول جارفة وغير ذلك ومن أعظمها اختلاف القلوب وتفرق الأمة حتى يكون كل حزب بما لديهم فرحون فاتقوا الله عباد الله (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (لأنفال:25) اللهم إنا نسألك إنا نسألك في مقامنا هذا ونحن ننتظر فريضة من فرائضك التي فرضت علينا والتي مننت علينا بتسهيلها في قلوبنا حتى قمنا بها فلك الحمد و الشكر أولا وآخرا اللهم إنا نسألك في هذا المقام أن تجنبنا أسباب سخطك وعقابك اللهم جنبنا أسباب سخطك وعقابك اللهم أغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا ولمن نحبه فيك ولجميع المسلمين اللهم صلى وسلم وبارك على محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخليله أرسله الله تعالى رحمة للعالمين فبلغ رسالة ربه ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده وترك أمته على محجة بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
فإن كانت المعصية بترك واجب بادر إلى فعله إذا كان يمكن قضاؤه وإن لم يمكن قضاؤه صار كفعل المحرم بأن يندم على ما حصل منه ويعزم على أن لا يعود إلى مثل هذا العمل في المستقبل أيها المسلمون لقد تكلمنا في الجمعة الماضية عن حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أتخذ الفيء دولا والأمانة مغنما والزكاة مغرما وتعلم لغير الدين وأطاع الرجل امرأته وعق أمه وأدنى صديقه وأقصى أباه وظهرت الأصوات في المساجد وساد القبيلة فاسقهم وكان زعيم القوم أرذلهم وأكرم الرجل مخافة شره وظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور ولعن آخر هذه الأمة أولها فارتقبوا عند ذلك ريحا حمراء وزلزلة وخسفا ومسخا وقذفا وآيات؛ وآيات تتابع كنظام انقطع سلكه فتتابع)
وذكرنا أن هذا الحديث وإن كان ضعيف السند لكن له شواهد له شاهد من الحديث وشاهد من الواقع وتكلمنا عن هذه الخصال عن تسع عن عشر خصال منها
أما الخصلة الحادية عشرة فأن يكون زعيم القوم أرذلهم وزعيم القوم هو رئيسهم الذي يرجعون إليه سواء كان رئيسا عاما أم رئيسا خاصا وكان الذي ينبغي للرئيس أن يكون أعلى قومه دينا وخلقا ورجولة وشهامة ولكن تنعكس الأمور فيكون رئيس القوم أرذل القوم وأدناهم وأحطهم قدرا وأحطهم قدرا في نفس الواقع وإن كانوا قد يجلونه ويجعلونه زعيما لهم
أما الخصلة الحادية عشر الثانية عشرة فأن يكرم الرجل مخافة شره فلا يكرم الرجل لأنه أهل للإكرام في دينه أو خلقه أو جاهه أو إحسانه إلى الناس بل هو خال عن ذلك كله لكنه رجل شرير لكنه رجل شرير معتد أثيم مؤذ لعباد الله عز وجل فيكرمه الناس مخافة لشره مخافة لشره وعدوانه ولا شك أن مثل هذا الرجل لا يستحق أن يكرم وإكرام الناس له لا يدل على أنهم يحبونه ولكنه يدل أنهم يدفعون بذلك شره
أما الخصلة الثالثة عشرة فهي ظهور القينات والمعازف والقينات المغنيات والمعازف آلات العزف والطرب أيها المسلمون هكذا جاء في الحديث ظهرت القينات والمعازف ولا ريب ولا ريب أننا في زمن ظهرت فيه القينات والمعازف ظهورا فاحشا ما ظهرت مثله قط فيما نعلم وهذا الظهور وإن كان قد وإن كان قد ظهر في صدر سابق لكنه لم يكن بهذا الشيوع والزيوع لأنه فيما سبق يكون محصورا على المكان الذي ظهرت فيه هذه القينات والمعازف أما الآن فإنها تظهر في كل بيت وفي كل خيمة وفي كل مكان والإنسان سائر والإنسان نازل والإنسان مقيم والإنسان مسافر والإنسان في بيته والإنسان في دكانه والإنسان في سوقه في كل مكان ظهرت القينات والمعازف على أيدي رجال لا يعرفون ما جاء في الشرع أو يتجاهلون ذلك أو يتبعون لتسهيلات ذهب إليها بعض العلماء غلطا أيها المسلمون إننا بظهور هذه المعازف لعلى خطر عظيم لأن المعازف تصد عن ذكر الله وعن الصلاة وتوجب أن يتعلق القلب بغير الله عز وجل كما هو مشاهد فإن من الناس الذين ابتلوا بسماع هذه المعازف تكاد تجدهم يمشون في السوق وحدهم وهم يضربون يقلبون أيديهم كأنما يضربون على العود وبما تسمع لبعضهم وربما تسمع لقولهم صوتا في الأغنية التي يدق عليها وهما وخيالا أيها المسلمون لقد ظهرت القينات والمعازف في زمننا ظهورا فاحشا ظهرت ظهرت ظهورا مسموعا بالآذان ومشهودا بالعيان في كل وقت وفي كل مكان في البيت والسوق والدكان وفي وقت الصلاة ومع الآذان حتى صارت المعازف متعة كثير من الناس ومنتهى أنسهم أنس بما يصرفهم عن ذكر الله ونسوا ما خلقوا له من عبادة الله وتعلقت قلوبهم بمعصية الله وسيجدون غب هذا الأنس وحشه وبعد هذا التعلق انقطاعا وزوالا إنهم ليس بينهم وبين الوحشة التي يجدونها غب هذا الأنس وليس بينهم وبين هذا الانقطاع الذي يجدونه بعد الاتصال إلا أن تخرج أجوا إلا أن تخرج أرواحهم من أجوافهم وما أسرع هذا وما أقربه ولعل الإنسان منهم يخرج من بيته ولا يرجع إليه أو يدخل في بيته ثم لا يخرج منه ولعل الواحد منهم تغرب عليه الشمس ولا تطلع إلا وهو في قبره أو تطلع عليه و لا تغرب إلا وهو في قبره فكيف يرضى الإنسان العاقل أن يكون قلبه متعلقا بهذه المعازف ثم يموت عن قرب لعله يحرم أن يختم له بالتوحيد بسبب تعلقه بهذا الأمر وإن الإنسان إذا تعلق بشيء من أمور الدنيا تعلقا كاملا فإنه قد يعاقب بسوء الخاتمة ذكر ابن القيم رحمه الله ذكر ابن القيم رحمه الله أن رجلا كان مشغوفا في التجارة وكان يتعامل بالربا ويبيع بالربا فلما حضرته الوفاة قالوا له قل لا إله إلا الله وجعلوا كلما يلقنونه كلمة التوحيد يقول بعدها وجعلوا كلما يلقنونه كلمة التوحيد يقول بعد هذا التلقين العشر أحد عشر العشر أحد عشر العشر أحد عشر ولم يستطع أن ينطق بكلمة التوحيد نعوذ بالله من سوء الخاتمة
ونسأل الله أن يحسن لنا ولكم الخاتمة وأن يختم لنا بالإيمان والتوحيد أيها المسلمون إن الحليم من الرجال ليقف حيران أمام هذا الانسياب الجارف إلى آلات اللهو والمعازف وأمام هذا التغير السريع في مجتمعنا يجلس الواحد من رجل أو امرأة ليستمع إلى صوت مغني أو مغنية أو يشاهد صورته غير مبال بذلك وكأنه يقف أمام شيء مباح أيها المسلمون إن الحليم ليقف حيران لا يدري أشيء ران على القلوب حتى التبس الأمر عليها وغشى بصائرها ما يمنع الرؤيا فصارت لا ترى الحق وشكت في تحريم ذلك أم شيء أزاغ القلوب فانصرفت عن الحق مع علمها به وارتكبت المعصية على بصيرة هما أمران أحلاهما مر أيها المسلمون إن كل من عرف نصوص كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يشك في تحريم المعازف حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرنها بالزنا والخمر والحرير ففي صحيح البخاري عن أبي عامر أو أبي مالك الأشعري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحرى والحرير والخمر والمعازف ولينزلن أقوام إلى جنب علم أي إلى جنب جبل يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم لحاجة يعني الفقير فيقولون ارجع إلينا غدا فيبيتهم الله ويضعوا العلم ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة )
قال أبن القيم رحمه الله تلميذ شيخ الإسلام ابن تيميه وناهيك بهما أستاذا وتلميذا قال رحمه الله بيان تحريم رسول الله صلى الله عليه وسلم الصريح لآلات اللهو والمعازف ثم ساق الأحاديث الدالة على ذلك وهي كثيرة إن شئتم أن ترجعوا إليها تجدوها في كتابه إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان أيها المسلمون لقد كنا إلى زمن قريب ننكر آلات اللهو وتكسر أمام المساجد بعد صلاة الجمعة إتلافا لها ومنعا لانتشارها فصار الوضع إلى ما ترون فلا أدري أنزل وحي بحلها لكم فهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين أم هي التبعية لأكثر الناس بلا روية فاقرأوا إن شئتم قول الله عز وجل (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) (الأنعام:116) فاللهم عفوا اللهم عفوا اللهم عفوا اللهم مغفرة اللهم مغفرة اللهم مغفرة اللهم هداية اللهم هداية اللهم هداية اللهم صلاحا واصلاحا اللهم صلاحا واصلاحا اللهم صلاحا واصلاحا اللهم أصلح ولاة أمورنا وأصلح رعيتنا اللهم اجعلنا ممن يستمعون الأحسن ويتبعونه اللهم اجعلنا ممن يستمعون الأحسن فيتبعونه إنك على كل شيء قدير أما الخصلة الرابعة عشر فهي شرب الخمور وهي المسكرات من أي نوع كانت قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو أعلم الخلق وأنصح الخلق وأفصح الخلق قال صلى الله عليه وسلم: ( كل مسكر خمر) ولقد شربت الخمور ولقد شربت الخمور وكثر شاربوها في البلاد الإسلامية حتى صارت في بعض بلاد المسلمين تباع علنا وتشرب بالأسواق وربما سموها بغير اسمها خداعا وتزيينا في النفوس حتى سموها الشراب الروحي ألا قاتلهم الله ألا قاتلهم الله ألا قاتلهم الله أين المتعة للروح في شراب يسلبها عقلها ثم يعقب تلك السكرة هم وغم لا يزول إلا بالعودة للشرب ثانية وثالثة حتى يقضي على العقل والجسم والروح فأين الشراب الروحي قاتلهم الله أنى يؤفكون أيها المسلمون إن الخمر أم الخبائث وإنه مفتاح كل شر وإن الرجل ليسكر حتى يزني بأمه وحتى يقتل نفسه ولقد نشرت إحدى الصحف في بعض البلاد العربية عن شاب دخل على أمه بعد منتصف الليل وطلب منها أن يزني بها ولكنها أبت عليه لأنه كان سكرانا فطلب منها مرة أخرى فأبت عليه فلما ألح عليها كلما ألح عليها أبت قال لها إما أن تمكنيني من الزنا بك وإما أن أقتل نفسي فأدركتها شفقة الأم فمكنته من نفسها فزنى بأمه ولما أصبح وزال عنه سكر الخمر وعرف ما فعله من الجريمة رأى أنه لا يمكن أن يقابل أمه ولا يمكن أن يعيش بين الناس وهو قد زنا بأمه فصعد إلى محل قضاء الحاجة إلى أنجس مكان في الأرض وصب على نفسه بنزينا وأحرق بنفسه فتأملوا أيها المسلمون هذه القصة رجل شرب ا لخمر وزنا بأمه وقتل نفسه في أخبث مكان من الأرض أيها المسلمون إن المؤمن العاقل لا يمكنه أن يتناول الخمر مع أن نتائجه هذه النتائج بل هي أعظم وأخبث لو لم يكن فيه إلا قول ربنا عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ)(المائدة: من الآية90) رجس من عمله أترضون أن تمارسوا أعمال الشيطان إذا كنتم لا ترضون أن تمارسوا أعمال الشيطان فكيف ترضون أن تمارسوا رجسا من أعمال الشيطان أيها المسلمون إن العاقل المؤمن يكفيه مثل هذه الآية الكريمة ولهذا قال الله عز وجل (فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(المائدة: من الآية90) (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (المائدة:91)
أما الخصلة الخامسة عشرة فإن يلعن آخر هذه الأمة أولها اللعن أيها المسلمون إما أن يكون باللفظ وقد وجد من هذه الأمة من يلعن سلف الأمة من يلعن أبا بكر وعمر من يلعن أبا بكر وعمر وعثمان وجد في هذه الأمة الذين ينتسبون إلى الإسلام من يلعنون أبا بكر وعمر ويقولون إنهما ماتا على النفاق والظلم وإنهما مخلدان في نار جهنم نعوذ بالله نعوذ بالله من انقلاب الأمور نعوذ بالله من أن يلعن آخر هذه الأمة أولها أيها المسلمون إنه وجد من الناس الذين ينتسبون إلى الإسلام
من يلعنون أبا بكر وعمر وعثمان إنه وجد من يلعن هؤلاء وغيرهم من الصحابة بلفظ اللعن وإما أن يكون اللعن معناه القدح في السلف الصالح وذمهم وذم طريقتهم واعتقاد أنها طريق الرجعية لا تصلح لهذا العصر وقد وجد هذا كثيرا وجد هذا كثيرا في كثير من الناس من يقدحون في السلف يقدحون في علمهم يقدحون في طريقتهم يقولون إن هذه الطرق التي يمشي عليها السلف الصالح إنها طرق رجعية لا يمكن أن يصلح بها الناس في هذا الزمن ولا شك أن من طبع الله على قلبه فسيقول مثل هذا أو أعظم ألم تسمعوا إلى قول الله عز وجل (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (القلم:15) إذا تتلى عليه آيات الله كلام الله عز وجل الذي هو أنفع الكلام وأحسن الكلام وأصدق الكلام وأجل الكلام وأعظم الكلام إذا تلي عليه قال هذه أساطير الأولين هذه سواليف هذه كما يقول العامة سباحين ليس لها حقيقة ولا أصل يقول الله عز وجل مكذبا لهذا القول (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (المطففين:14) إن المعاصي إذا رانت على القلب صار لا يرى الحق حقا ولا الباطل باطلا بل صار يرى الباطل حقا والحق باطلا اللهم طهر قلوبنا من أرجاسها اللهم طهر قلوبنا من أرجاسها يا رب العالمين أيها المسلمون إن هذا الحديث كما رأيتم يشهد له ما وقع في زماننا هذا فاحذروا ما حذركم منه النبي صلى الله عليه وسلم إن هذه الخصال إذا حصلت فإن الناس مهددون بهذه العقوبة بريح عاصفة حمراء تحمل الرمال وتدمر المساكن وبزلزلة تصدع الأرض وتفسد العمران وبخسف تتغير به معالم الأرض وتزول بها جبال عن أماكنها وبمسخ يمسخ به الإنسان قردا وخنزيرا وبقذف بحجارة من السماء كما أرسل على قوم لوط وبآيات أخر من العقوبة من حروب طاحنة وسيول جارفة وغير ذلك ومن أعظمها اختلاف القلوب وتفرق الأمة حتى يكون كل حزب بما لديهم فرحون فاتقوا الله عباد الله (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (لأنفال:25) اللهم إنا نسألك إنا نسألك في مقامنا هذا ونحن ننتظر فريضة من فرائضك التي فرضت علينا والتي مننت علينا بتسهيلها في قلوبنا حتى قمنا بها فلك الحمد و الشكر أولا وآخرا اللهم إنا نسألك في هذا المقام أن تجنبنا أسباب سخطك وعقابك اللهم جنبنا أسباب سخطك وعقابك اللهم أغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا ولمن نحبه فيك ولجميع المسلمين اللهم صلى وسلم وبارك على محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخليله أرسله الله تعالى رحمة للعالمين فبلغ رسالة ربه ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده وترك أمته على محجة بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .